أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الشعر السوري على أبواب المدن














المزيد.....

الشعر السوري على أبواب المدن


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1450 - 2006 / 2 / 3 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


1 – النثر المتعثر بين نَظمَين


المهمّ أولا ً أن نطرح السؤال المقلق التالي :
هل المدن العربية مدنا ً حقا ً ؟ أم أنها استعارات تنتمي إلى الحقل العمراني بموازاة الاستعارات الأخرى على جميع الصعد . ؟
ما من مدينة عربية إلا في صورها الملتقطة من الجو . وما من مصفوفة عمرانية عربية تنتمي إلى هذا العصر بمفهوم الفاعل في محيطه الكوني .

وهل بالإرادة وحدها , في حال وعيها وتوفرها , يمكن الانتقال إلى مرتبة الكائن المديني ؟ !
إن الذاكرة الحاضرة والمتأهبة , إضافة إلى التكوين النفسي المنجز , والتقاليد ما قبل المدينية , التي تحكم بصفتها نسقا ً مقرّرا ً أعلى , كلها عوامل تجعل من الإرادة مجرّد رغبة تحتاج إلى الكثير من العوامل المؤازرة في سبيلها إلى التحقّق .

فالمدينية في مجتمع ما قبل مدني , مجرّد ادعاء له جذر الحلم وممكناته . إذ كيف يمكن للمرء أن يكون مدينيا ً وبدويا ً في الآن ! وكيف له أن يكون مدينيا ً وفلاحا ً في الآن ! مع التأكيد على أن صفة ( بدوي ) أو ( فلاح ) فيما نقصده هو تكوين نفسي , أي بنية شخصية , وليس تصنيفا ً بيئيا ً أو جغرافيا ً .

( الشعر السوري على أبواب المدن )
أجده العنوان المناسب , أو أعتقد ذلك , للبحث في الكثير من مظاهر الفصام و الارتكاس التي تسم الحقل الثقافي العربي عموما ً , والتي تتجلى بأوضح صوَرها في المنجز الشعري , إذا استبعدنا الطبيعة وعناصرها عن اللزوم الشَرطي في النص الشعري .
مرّة تحدّث الشاعر السوري ( منذر مصري ) عن ريفية المفردة الشعرية العربية . كنا أربعة مهتمين بالشأن الأدبي , إن لم أقل الثقافي . منذر مصري ( شاعر ورسام ) – نضال جديد ( قاص وروائي ) – حسين عجيب ( شاعر وكاتب ) – ياسر اسكيف ( شاعر وناقد ) . والمكان الذي جمعنا هو مطعم ( القصر) في منطقة ( عين الدلب ) قريبا ً من مدينة ( جبلة ) .
لقد جاء قول منذر بمثابة القطعة الناقصة في لوحة فسيفسائية كنت أعمل على استكمالها دون جدوى . لوحة بدأ اهتمامي بها بعد قراءة المجموعة الشعرية ( أعالي الحنين ) للشاعر السوري( صقر عليشي ) وإجراء حلقة حوار بخصوصها في المشغل الثقافي لجمعيّة العاديات في جبلة . وزاد هذا الاهتمام يعد قراءة ( قصائد أندروميدا ) للشاعر السوري ( حازم العظمة ) بالتزامن مع ( لا ) للشاعر السوري عمر البحرة .

لا أظنني مبتكرا ً إذ أقول بأن اللغة تعبير خالص عن سوية حضارية لجماعة بشرية . ولا أظنني مجدّفا ً . وفي هذه الحالة أجدني متسائلا ً عن شبه الغياب للمفردة المدينية في النص الشعري السوري . حتى في الكتابات الشعرية لمن يفترض بأنهم أبناء مدن , ونتاج تقاليد مدنية . وبهذا الخصوص فقد سيطرت إجابات محدودة فيما قدّم النقد الأدبي العربي تتلخص كلها في مقولة واحدة تفيد بأن اللجوء إلى عناصر الطبيعة ومفرداتها هو اختيار للنقاء والبراءة والفطرة في مواجهة الزيف والإلغاء والتغريب الذي تمارسه المدينة بحقّ الأفراد , وخاصّة المرهفين والمبدعين منهم . ومن ناحيتي أجد في هذه المقولة استعارة أخرى تخصّ الحقل الأدبي هذه المرّة . فهذا الكلام قيل عن مدن تنغلق على مراكزها مؤكدة الانفصال عما لا تنتمي إليه . وليس عن مدن ٍ لا ينتمي اليها سوى جزء ضئيل من قاطنيها .

المدينية والمواطنة صفتان متلازمتان . ومن تلازمهما تتشكل النزعة الفردية , والروح الفردية , نتيجة لتعرف الذات بذاتها بعيدا ً عن المرجعيات . والجدران التي ترتفع بين البشر , والتي يهجوها الشعراء بمرارة وحرقة , هي التي ستوحدهم في الساحة العامة , كإرادات وليس كولاءات .
المخاض المديني , وألم التشكّل , ملمحان شبه مفقودان في النص الشعري السوري . ومثلهما الاحتفال بما لا تمنحه غير المدينة . ويمكن الادعاء بأنني قد تلمّست وأظهرت بعضا ً من هذين الملمحين في كتابي الصادر حديثا ً ( الحداثة المعطوبة وإعادة إنتاج المثال ) عند بعض الشعراء السوريين ( منذر مصري – لقمان ديركي – حسين عجيب ... ) لكنّ هذا لا يغيّر من أن لذلك الفقدان سمة العموميّة .
وهنا أجدني ميّالا ً , دون إدراكي لمدى التوفيق في هذا الميل , لجعل فكرة ( الادعاء النثري ) واحدة من هموم هذا البحث لما تقدمه من مقاربة وتقاطع مع سائر الادعاءات الأخرى في حقول العمل الفكري والاجتماعي والسياسي . وفكرة الادعاء النثري تتلخص هنا بوهم الحاجة , وليس حقيقيتها , الذي يقود بدوره إلى وهم إشباعها . فالمقابلة بين النظم والنثر ليست مسألة فنية حصرية الخصوصية , ودائرتها تتسع لتطال دور الإشباع في تحوّل الظواهر , أو اختراقها وتحويلها .

لقد مثّل النثر الأوربي ارتدادا ً , من وجهة نظر تاريخية / زمنية , ومجاراة ً , مارسها الفني , لنثر الحياة بشكل عام .
وأما النثر العربي فما زال , بطريقة ما , نثرا ً خادعا ً . وهو في حقيقته نزوع إلى المشاركة في تحقيق النظم المماثل , أو المشابه , لذاك الذي نثره الأوربيون . وبهذا يرقى مستوى الادعاء فيه إلى حدوده القصوى . وفي الوقت ذاته يتصدى لبعثرة نظم ميتافيزيقي مفترَض لا يتجسّد كنظام حياة معاشة . وهنا تتبدى , بكارثيّة ومأساوية , محنة هذا النثر المتعثر بين نَظمين .



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم تشبه’ الوردة’ سكينا ً , أو ملعقة ً
- بورنولوجيا / كسواد ِ غيمة ٍ مجروح ٍ بلهب
- بورنولوجيا / كعدم ٍ بين َ جوهرين
- تصحيح خطأ الوعي
- بورنولوجيا / في رتق الذكورة
- بورنولوجيا / أنفاس غرفة باردة
- من وضعيّة الرامي منبطحا ً
- خدام ومجلس الشعب السوري
- الشاهد الملك - خدام يستيقظ متأخرا ً
- مساحات للشبهة
- عابر كغريب مالح
- المعارضة السورية , بصحونها الفارغة , على أبواب السلطة
- مرارات
- سوريا .. ميليس ... الأبهق* تحت شمس الظهيرة
- أظنّكَ تفهمني
- سنن العابر
- هبوط الحواسّ
- الديموقراطية : بين هشاشة المفهوم والواقع المتخلّف
- .....كأنما أصابعك ِ
- قصائد أندروميدا - اعادة انتاج البدء تأسيسا ً على عناصر الوعي


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - الشعر السوري على أبواب المدن