كاتب حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5561 - 2017 / 6 / 24 - 11:15
المحور:
الادب والفن
استيقظ فتلمس الفراش الناعم و المخدة المطرزة ذات الألوان الزاهية فوق سرير وثير. يفرك عينيه و يتلمس أطرافه . تغمره سعادة تظهر في تفتح أسارير وجهه بابتسامة طفل في حضن والدته. يحدث نفسه بفرح مشوب بالدهشة و يجول ببصره في زوايا الغرفة المزخرفة. يقصد النافذة المطلة على روضة صغيرة فيملأ رئتيه بالهواء الممزوج برائحة العبق .. يرهف سمعه كأنه ينوي تحديد مصدر صوت خافث يتداعى من بعيد. - نوض, نوض ... يالاه روح اخرج من هنا.. يستيقظ مذعورا ثم يستجمع قواه و يهم بالمغادرة. يمسك قطع الكارتون بيمناه, يدخل قدميه الدقيقتين في خفيه السوداوين المهترئين يظهر بهما آثار روث. يزفر مثل جريح ثم يترك المكان و أشعة الشمس الدافئة تنسل من بين السحب الصافية لتعلن بداية يوم جديد . كيف لهذا الصوت المزعج أن ينتزعه من عالمه الممتع؟ ماذا لو أمهله لحظات في هذا النعيم الذي يجود به ظلام الليل وصمت الموتى؟ على مرمى حجر من مرقده توجد حاوية أزبال يقصدها كل صباح لينازع القطط و الكلاب السائبة على ما قد يكون وليمة تغنيه عن البحث في مكان آخر. يستفرد بالحاوية ليتفنن في التنقيب لساعات حتى ليرى من بعيد و كأنه كومة من الأزبال يحوم حولها الذباب. يجمع غنيمته في كيس أسود يحكم إغلاقه و يقصد مكانا آخر .. لا يلفت أنظار المارة لشدة تعودهم على مصادفته يوميا, فإن لم يكن قرب حاوية القمامة في فترات الصباح ففي جنبات المقبرة في فترة الغروب استعدادا للدخول في عوالم الليل الحاملة لكل معاني الحياة الراغدة... يدخل المقبرة متسللا كحية مع بداية نداء صلوات المساء يفترش قطع الكارتون ثم بخفة قط يجعل خفيه في موضع رأسه فيستلقي تاركا نظراته تسبح في السماء المرصعة بالنجوم عسى أن تجود عليه بحلم يذهب كل ما جاد به يومه من شقاء. تثاقلت عيناه تتاءب بعمق مرة بعد أخرى ثم غفى فبدا و كأنه بقايا كلب نافق . فوق صدره تشابكت أصابعه فشرعت تهتز مع كل زفرة. بعد هنيهة طفق يصدر أصواتا توحي بأنه ترك هذه الأرض و غادر هذا العالم. دخل عالمه الأخر مرعوبا عندما تهيأ له أنه يرأى أشكال أدميين متجهمين و يسمع صراخ مفزع...
#كاتب_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟