أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - محمد مسافير - دعارة مشروعة!














المزيد.....

دعارة مشروعة!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5560 - 2017 / 6 / 23 - 02:48
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    


تتحلى كعادتها بما تيسر من الزينة، تضع الأحمر القاتم على شفتيها، والأبيض الناصع على وجنتيها، ثم تكسر نصاعته ببعض المسحوق المائل إلى الحمرة، تنثره على جبينها وأسفل عينيها الزرقاوتين، ثم تضع الكثير من الكحل على عينيها، تسرح شعرها وتجعله يتدفق على كتفيها كنهر عذب، ترتدي حذاءها ذو الكعب العالي، أسفل تنورة قصيرة جدا تكاد تظهر مؤخرتها بالكامل لحظة الانحناء، ثم قميصا أبيضا يكشف عن سرتها الموشومة برسم تنين ذو جناحين...
تتجه صوب الملهى، ترقص وتغني وتحرك نهديها، علها تغوي مترفا بين الساهرين، تسكر كثيرا ثم تنزوي بركن آخر القاعة...
كان حظها فيما يبدو عقيما تلك الليلة، ربما كان الحضور مأخوذا بالمستجدات السياسية المتسارعة ، ربما أثر الركود الاقتصادي في مزاجهم، أو أنهم بدأوا يقرفون من منظر جسدها الذي ما غاب يوما عن الملهى...
جلست وحيدة والدمع ينفلت من مقلتيها، تذكرت أخاها، وتذكرت التحدي الذي أخذت فيه، أخوها في حاجة إلى ستين ألف درهم كي يضمن الوظيفة، كان شرطا جزافيا، استطاعت توفير أربعين ألفا، ولم تستطع كسب الرهان بعد، كان أخوها هو أمل إنقاذها من شبح الدعارة، فبمدخوله المرتقب، تقول، يمكن أن يغطي مصاريف الأسرة المعدومة، فقد كانت هي من يتكلف بمصاريف الأب المصاب بالسكري وأمها العاجز عن العمل، وأخيها الذي سيتقدم أخيرا إلى الوظيفة بعد طول إنفاق دراسي...
كانت ترسل إليهم آخر كل شهر مبلغا مهما من المال، دون أن يسألوها: من أين لكِ هذا؟ كانت قد أخبرتهم أول الأمر أنها تشتغل نادلة بمقهى أجنبي، وهم يعرفون جيدا متوسط دخل النادل، لكنهم لم يجرؤا يوما على اتهامها أو سؤالها، فقد كانوا يخشون على مورد رزقهم الوحيد...
قاومت المسكينة جميع التحديات، رقصت وبقلبها غصة خانقة، ابتسمت وقلبها يكاد ينفطر، وارت حقيقتها وأظهرت ما يرتضيه الزبائن...
بعد شهرين من الاحتراق والذبول، استطاعت أن تكسب التحدي، سلمت أخاها المبلغ، واستطاع بفضلها ضمان الوظيفة...
عادت إلى قريتها الصغيرة، أملا في الكرامة والبساطة، بعيدا عن نفاق المدينة ولوثها...
توالت الأيام، ثم بدأ يتلى التقرير، مرة على لسان أمها، ومرة على لسان أبيها، ومرة تنطلق شتيمة طائشة من فاه أخيها... بدأت تعير بماضيها:
- لقد وصلتنا أخبارك، أم حسبتها لن تصل؟
- يا قحبة، عيشتينا فالحرام...
رغم ذلك، كانت حريصة على التعقل، لم تكن تبدي أي امتعاض في حضرتهم، ولا أية مقاومة، قالت في نفسها، هي لحظات ثم تنسى، ثم تنتهي وتنطوي إلى الأبد، لكن الأمر ساء كثيرا بعد ذلك...
دخل أخوها إلى البيت متأخرا ومترنحا بفعل الإفراط من السكر، بعد قضاء سمر ليلي مع بعض أصدقاءه، كانت هي موضوعه، استطاعوا إقناعه بأنها عار على العائلة، أيقضها من النوم، ثم بدأ يرسل إليها اللكمات مدرارا، يخنقها، قاومت، استسلمت أخيرا بعد أن تسلمت ضربة قوية على رأسها، كان لا يزال ممسكا بالمزهرية، حين لفظت أنفاسها الأخيرة !



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لف ودوران!
- شذرات نورانية!
- حبيبي دائما!
- الثأر المسلوب!
- سيرتي!
- صناعة الجريمة... الضحية محسن!
- هكذا يريدونك... جارية خنوعة!
- مذكرات حمار!
- إلى المقبلات على الزواج!
- لمحة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية!
- آفاق حراك الريف...
- الإسلام... لله أو للإنسان!
- حداثية من نوع فريد!
- تنويعات سياسية!
- تنويعات في نقد السماء!
- ومن منافع الجهل...
- حيواناتهم وإنساننا!
- ضحية مرتان!
- منطق البلوغ في الدين الإسلامي!
- المرأة ونحن...


المزيد.....




- ألمانيا تعتزم تسليم أوكرانيا طائرات مسيرة مجهزة بالذكاء الاص ...
- مراسلتنا: قتيل بغارة إسرائيلية على سيارة جنوب لبنان
- كيف يحاول أفراد مجتمع الميم-عين في ليبيا النجاة من القمع وال ...
- هلع في أسواق المال.. وترامب يطالب بالدفع مقابل تخفيض الجمارك ...
- قرقاش: شكوى السودان لدى العدل الدولية ضد الإمارات -لعبة سياس ...
- وسائل إعلام: ليس لدى الاتحاد الأوروبي خطة للاجئي أوكرانيا بع ...
- خبيرة: مخبوزات تتضمن بروتينا مستخرجا من الحشرات قد تظهر في ر ...
- تقرير: إسرائيل قلقة من تقارب السودان مع إيران
- -إيواء عتاة المجرمين بكلفة أقل-.. ترامب لا يعارض اقتراح بوكي ...
- -فايننشال تايمز-: نجل رئيس الوزراء الصيني السابق يخضع لتحقيق ...


المزيد.....

- الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي / حسقيل قوجمان
- ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية / صالح الطائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - محمد مسافير - دعارة مشروعة!