أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم محمد - وانقلب السحر على الساحر















المزيد.....


وانقلب السحر على الساحر


كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1449 - 2006 / 2 / 2 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنها الديمقراطية ، بمفرداتها المعروفة ، والتي لم يبتكرها بوش وحلفاءه ، انها الحرية والاختيار كحق من حقوق البشر ، والتي ولدتهم امهاتهم احرارآ ، هكذا هي تولد مع الانسان ، غريزة بشرية لاحدود لها ، تُرشدها الحياة والعائلة والمجتمع ، وتضفي عليها الانظمة الفوقية أُطرها وقواعدها لضبطها وتنظيمها لمصلحة المجتمع .

هكذا ارادها الانسان منذ القدم ، اراد البحث عن العدالة في الحكم وفي صيرورة وآلية القرار الذي يدير الدولة والمجتمع ، وعبرت هذه المجتمعات عن تلك الحاجة بكفاحها ودعواتها للتحرر والانعتاق من الاستغلال والاستعمار والاحتلال ، لتمسك بناصية مستقبلها السياسي والاقتصادي الوطني المستقل والحر .

لم يكن الشعب الفلسطيني بعيدآ عن هذه الأرادة الانسانية ، بل كانت هذه الأرادة ملازمةً لهُ في نضاله وكفاحه الطويل والمتعرج والمعقد ، في البحث عن الهوية والارض والوطن ، والذي احسن تجسيدها وتجسيمها بصورٍ تاريخيةٍ مختلفة في محطات كفاحه وجهاده الكثيرة ، فكان التنوع الفكري والسياسي والحركي ، وحيثيات كفاحه العسكري المعقد المتداخل مع بناء اطره السياسية الوطنية ، والتي عرقتها التجارب والمحن ، وصقلتها السنين مع متغيرات السياسة والموازين والمواقف ، لتصبح قضية هذا الشعب اساس المعادلة السياسية في منطقتنا من حيث السلم والحرب .
تأهل هذا الشعب لأن يخوض التجربة الديمقراطية بخطواتها الأولى في الانتخاب والاختيار ، وبكل بساطة ونجاح ، فكانت الانتخابات الاولى للمجلس التشريعي وانتخابات الرئاسة بعد رحيل الرئيس عرفات ، وها هو الشعب الفلسطيني يخوض استفتاءا انتخابيآ جديدآ نظيفآ نزيهآ خالي من التزوير ، ناصعآ في نجاحه وشفافيته وتحت نظر العالم والمراقبين الدوليين ، فلا غرابة ان يشيد كارتر وبيلد بهذه الانتخابات ، ويهنأ بوش على مضض الرئيس عباس على نجاحها ، والأهم من هذا وذاك هو اعتراف المنافس الخاسر (فتح) بخسارته وتهنئة حماس بفوزها.

جاءت هذه الانتخابات في ظروف نتائج تداعيات السياسة الاسرائيلية الرامية لتصفية قضية الشعب الفلسطيني ، وانسداد افق الحلول السياسية ، إلا بما يتناسب والاهداف والمصالح الاسرائيلية والمدعومة امريكيآ بمجمل سياستها تجاه العالم العربي والاسلامي ، وفي ظل مناخ اقليمي تسيطر على أجواءه سياسة القطب الواحد بأملاءاتها وتداخلاتها وتهديداتها واحتلالها لعمق استراتيجي عربي ، ليرسم عناوين واسماء وخارطةً جديدة للمنطقة ، تكون القضية الفلسطينية والعراقية ابرز عناوينها في الصياغات الامريكية والاسرائيلية .

أن ميزة هذه الانتخابات المجلجلة ، والتي اذهلت الكثيرين بنتائجها الكاسحة والمعبرة عن الأرادة الشعبية الفلسطينية ، هي رفع حماس الى دفة السلطة والقيادة التمثيلية لهذا الشعب ، وبالتالي فقد تجلت ارادة الرفض لجوهر السياسة الراعية لعملية السلام طويلة العمر ، ولمنطق الرضوخ للأملاءات ، وهي في ذات الوقت اول تجربة عربية ناصعة في الاختيار الحر ، حيث ستتحول هذه التجربة الى نموذجٍ ، لها تأثيرها في دعوة الاصلاحات المطلوبة في بلداننا العربية .

لقد عكس الموقف الدولي ، خاصة الامريكي والاوربي من نتائج الانتخابات الفلسطينية ، طبيعة السياسات الازدواجية في مراميها العلنية والسرية ، وزيف أدعاءات الاصلاح و الديمقراطية ، كونها غطاء لتمرير وتكريس مشاريعها الاقليمية المتضاربة مع تطلعات شعوب هذه المنطقة .
لقد كان وجه الرئيس بوش وتلعثمه في الحديث عن الانتخابات الفلسطينية اصدق تعبيرآ عن الامتعاض من هذه الانتخابات ونتائجها ، والتي اصر شخصيآ على اجرائها في موعدها لأعتباراتٍ داخلية ، وبعد ان كان الرئيس محمود عباس يرغب بتأجيلها ، لأسبابٍ داخلية ايظآ ، حيث هدد بقطع المساعدات الامريكية عن الشعب الفلسطيني وبمعاقبة هذا الشعب على اختياره ، اما سولانا فكان اكثر مباشرة عندما اشار الى انهم سوف لا يتعاملون مع منظمة أرهابية جاءت بها هذه الانتخابات ، اما بعض الدول الاوربية فبدأت بطرح شروطها للتعامل مع الحكومة الفلسطينية المقبلة ، وهي بحد ذاتها تعبر عن روحية الابتزاز السياسي وعقلية السياسة المتناغمة مع الادارة الامريكية وتوجهاتها الاقليمية .

كان لممارسة الشعب الفلسطيني حقه في الاختيار ، قد كشفت وعرت مرةً اخرى مدعي مشروع الاصلاح والديمقراطية ، ونوع ا لديمقراطيةٍ التي يريدون ؟ وأي نتائج يبتغون ؟ يريدونها معلبةً ومقننةً وبمقاساتٍ تتناسب مع سيادة القطب الواحد ومقتضيات ترتيباته العالمية ، يريدونها مطاطةً قابلةً للترشيد والتنقيح المطلوب ، يريدونها بأليتها ونتائجها متبرقعةً بمتطلبات ليبراليتهم المسخ ، والتي تفتقد الرائحة والطعم ، والموجهة لمجتمعاتنا حصريآ ، يريدونها تؤسس للأستكانة والتخلي عن روح الرفض والمقاومة ، وتدخل في وظيفة الخدمة المباشرة لمشاريع المحافظين الجدد ، لقد انقلب سحرهم عليهم ، وباتوا يتحسسون النهوض وعناصره ، فلجأ وا للتطويق السياسي والاقتصادي ، للمحاصرة والابتزاز.

ان الشعوب تعرف ما تريد ، لذلك فأن الشعب الفلسطيني اجاب العالم ، كما اجابه شعب فنزويلا وشعب بوليفيا والشعب التشيلي ، والذين رفضوا التبعية والأملاءات وتحدوا عنجهية الغباء الامريكي ، واستعلوا على ديمقراطية بوش وادارته ، بديمقراطياتهم وخياراتهم الوطنية والتي نجحت في ايصال من يختارون لسدة الحكم رغم المحاولات الحثيثة للتدخلات والضغوطات الامريكية .
ان نتائج الانتخابات الفلسطينية ، هي ردُ نفسي وعقلي على كلية السياسة الامريكية والاسرائيلية في منطقتنا عامة وتجاه القضية الفلسطينية خاصة ، وهي ليست فشلآ لخيار السلام كما تروج بعض الدوائر الامريكية والاسرائيلية ، بل فشل سياسة الجلد والترويض الامريكية لشعوبنا للقبول بالسلام الأسرائيلي المستند على التهام الأرض والبشر ، ان هذه النتائج هي تجسيد لروح المقاومة المتأصلة لشعب تهان كرامته يوميآ ويسجن في وطنه بكانتونات الحجز والعزل واسوار الفصل والتقسيم .

ان الاختيار الشعبي لحماس مقرون بمطا لب وطنية ، كما كان مطلوبآ من فتح ، فعلى حماس خلع الرداء الحركي واعتمار الرداء الوطني الذي يكرس الوحدة الوطنية وينشد حكومتها التي تضع استراتيجيتها الموحدة لمواجهة استحقاقاتٍ اقليمية ودولية ، تتطلب ، الادراك الدقيق للأهمية الكبيرة لهذا التغيير وتاثيراته العربية والاقليمية ، حيث المراهنة الشعبية العربية اصبحت تميل الى التيارات لاسلامية المعتدلة والمكافحة والمقاومة والتي يجب ان تتقن فن السياسة الى جانب الكفاح المسلح ، وان تؤصل استمزاج الأتزان بين الرؤى العقائدية ومتطلبات العولمة المعقدة وسقوفها السياسية اقليميآ ودوليآ ، وعليه فأن تجربة حزب الله في لبنان والاخوان في مصر وفوز حماس هي عناصر نهوض في الاصلاحات المطلوبة وفي مجال الحريات السياسية والفكرية إلى جانب قوى وطنية مؤدلجة وغير مؤدلجة .
ان هذا التيار الوطني والاسلامي ينبغي ان يعي دوره في التحولات القادمة ، وخاصة مع مأزومية الانظمة الحاكمة وانسداد افاق سياسة الطغمة الامريكية في منطقتنا ، وافتضاح زيف وكذب ادعاءات الديمقراطية والاصلاح ، والتي ربما وبضغط من اليمين المتصهين والمتدين وكذلك من الانظمة التابعة والسائرة في فلكها ، تنقلب على طروحاتها وشعاراتها المعلنة بسياسة مكشوفة تكون اكثرتعبيرا عن غباءًها واستهتارها بمصائر الشعوب وخياراتها الحرة ، فتنقض بنفسها علنآ دعواتها المزيفة ، لتقف مع انظمة الاستبداد ضد تغيرات الاصلاح المطلوبة وطنيآ، وبذلك تعمق من مأزوميتها الاخلاقية والسياسية .



#كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواجهة المؤجلة ومصير المشروع الامريكي
- مشروع ليبرالي عالمي ام ديمقراطية وطنية
- الترشيد الامريكي لتداعيات الانتخابات العراقية
- الليبرالية المسخ
- مأزق الأدارة الحاكمة
- المواجهة المؤجلة
- انهم يقرعون طبول الحرب الاهلية
- الجهد الوطني والغبار المثار
- ماهو قادم
- تماثل ومدلولات من التأريخ
- اخطر المراحل العمل الوطني المسؤوليات والمهمات
- يمين اليسار ويسار ه الوطني الاصيل
- سفر ومحطات / عرض
- الحذر يا شعبنا المدائن بين التوصيف الطائفي والمناطقي
- الامبريالية والفاشية
- السياسة الأمريكية والدم العراقي
- مفخخات العراق ومفخخات لبنان


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم محمد - وانقلب السحر على الساحر