|
سفر التقتيل : المذابح الصهيونية ضد العرب(1920-2006)
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 5553 - 2017 / 6 / 16 - 20:09
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إن المذابح التي ارتكبتها إسرائيل ضد العرب لم تفرق بين المدنيين والعسكريين ، وعندما ركز الإعلام الغربي علي عدد قليل من هذه المذابح كان يهدف إلي بث الرعب والخوف في نفوس العرب وبخاصة الفلسطينيين . ولعل أشهر هذه المذابح كانت مذبحة"دير ياسين" والتي تم تصوير اليهود فيها علي أنهم وحوش لا ترحم. وعلي استعداد لفعل أي شيء في سبيل تحقيق أهدافهم بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين. فتم الحديث الرهيب عن بقر بطون الحوامل والرهان علي نوع الأجنة داخلها، واستخدام الأطفال أحياء وما إلي ذلك من الأهوال والتي أدت في النهاية إلي نزوح معظم سكان فلسطين عن مدنهم وقراهم. والحقيقة أن المعروف عن المذابح هو ما أود الصهاينة أن يكون معروفًا، ولتحقيق أهدافهم في الترويع والإرهاب؛ حيث إن هناك المئات من المذابح المجهولة والتي لا يقل بعضها وحشية ودموية عن تلك المذابح الشهيرة. ولقد عايش الكاتب بنفسه بعض هذه المذابح ،وذلك عندما كان طفلًا في التاسعة في أعقاب حرب يونيو 1967 ، حيث قام اليهود بقصف مدينته الإسماعيلية لمرات عديدة، كان أشرسها تلك المذبحة الدموية التي حدثت يوم 15 يوليو 1967 وسقط خلالها 362 شهيد معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وأيضا مذبحة بشعة حدثت يوم 27 سبتمبر1967 والتي سقط فيها 182 مدنيا بيت قتيل وجريح.ولقد عايش الكاتب مذبحة أطفال مدرسة بحر البقر ضمن رحلة مدرسية في 10 أبريل 1970 لمشاهدة آثار الغارة الإسرائيلية علي تلك المدرسة. ويؤكد الكاتب أن الأحداث التي شاهدها أو عايشها عبارة عن قطرة من محيط ، ولكنها أكدت له أن العدو الصهيوني ليس مجرد عدو قد يصبح صديقًا في يوم من الأيام – كما حدث بين ألمانيا وبريطانيا أو فرنسا مثلا- لكنه عدو دائم لا تنتهي تلك العداوة إلا بزواله. ولا بد من أجل ذلك أن نظل نتذكر تلك المجاذر التي ارتكبها في العديد من الدول العربية بلا تفريق بين جندي مقاتل أو جندي أسير أو مدني أعزل ، وبلا تفريق بين رجل أو امراة أو طفل أو شيخ عجوز.لقد كنا جميعا ولا تزال أهدافنا أمام آلة الحرب الصهيونية لذلك لا بد أن ننسي أن صراعنا مع هذا العدو الهمجي هو صراع لا حدود له. ويستعرض الكاتب محمد يوسف في كتابه ( سفر التقتيل ) في الباب الأول سلسلة مذابح الصهاينة في البلاد العربية في فلسطين وسورية ومصر والعراق وتونس، وكذا مذابح الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولي والثانية .مذابح كثيرة بشعة تعير عن خسة ونذالة الصهاينة الذين لا يراعون حرمة لدماء الإنسانية...لأن الرحمة نزعت من قلوب لا تعرف الرحمة، ومنهجها القتل ومبدؤها التشريد وعقيدتها الأنا والعنصرية. جاء استعراض الكاتب للمذابح الفلسطينية ما بين عامي(1920-1975) بداية من مذبحة "عيد النبي موسي " في الرابع من أبريل 1920 التي قام بها إرهابيو " الماباي " بالاعتداء علي التجار الفلسطينين وإطلاق النار عليهم بشكل مكثف مما أدي إلي استشهاد 22 وجرح 34 آخرين ،وتتوالي المذابح في البراق وسوق الخضار وسوق حيفا والقدس وقرية بلد الشيخ والشيخ بريك والعباسة وعرب الخصاص والرملة ويازور والربا العربية وفندق سميراميس والحسينية ،ودير ياسين التي كانت له الدوي الأكبر والتأثير علي الفلسطينيين حيث أدت إلي نزوح جماعي للاهالي عن مدنهم وقراهم، وذلك خوفًا من هجمات الإرهابيين الصهاينة . وقد فاخر الإرهابي مناحم بيجن- رئيس وزراء الكيان الصهيوني الأسبق- بهذه المذبحة في مذكراتهحيث قال: "كان لهذه العملية النوعية!! نتائج كبيرة عير متوقعة، حيث أُصيب العرب بعد سماع أخبار دير ياسين بحالة من الهلع الشديد فأخذوا يفرون مذعوربن، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون علي أرض إسرائيل الحالي- يقصد فلسطين المحتلة عام 1948- لم يتبق سوي 165 ألف. وتتوالي المذابح في قالونيا واللجون وطبرية وعين الزيتون وصفد وأبي شوشة وبيت داراس والطنطورة والرملة وجمزو واللد والمجدل والدوايعة وعيليون والحولة وعرب المواسي وغيرها.. قصد منها القضاء علي الفلسطينيين وإنشاء مستوطنات إسرائليية . ويتناول الكاتب في الباب الثاني للمذابح الصهيونية ضد العسكريين والمدنيين في ساحات القتال. وكشف النقاب عن اعترافات عدد كبير من الضباط والجنود الصهاينة الذين شاركوا في حربي 1956 و1967 بارتكاب عدد كبير من المذابح ضد الأسري العسكريين المصريين والعرب، وكذلك المدنيين الذي تصادف وجودهم في أماكن القتال. وظل سؤال يتردد حول السبب الذي يدفع هؤلاء المجرمين بالاعتراف بجرائمهم.. وجاء الجواب علي لسان الباحث البريطاني اليهودي" باتريك باترسون" لإذاعة ال" بي بي سي" البريطانية عندما قال: "إن الديانة اليهودية تقر سلوك الاعتراف للتطهير، وأعتقد أن الجنرالات في الجيش الإسرائيلي أرادوا باعترافاتهم تلك هذا التطهر ويتطهروا. ونجد عددًا كبيرًا من حاخامات الديانة اليهودية في إسرائيل وخارجها قد أثنوا علي المجرمين من جنرالات وجنود الجيش الصهيوني باعتبارهم أبطال قوميين ؛لأنهم طبقوا تعاليم الديانة اليهودية، والتي تحث كل يهودي مخلص علي قتل الأغيار خاصة في حالات الحرب. ويشير الكاتب إلي أن الحكومة المصرية كانت علي علم كامل بالمذابح، ولكنها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر لم ترد الإعلان عنها؛لأن ذلك كان مضرًا جدًا بالجيش المصري والذي كان طوال هذا العهد في حالة حرب مع الكيان الصهيوني. وفي كتاب " ملفات السويس" يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل إن عدد القتلي المصريين قد يصل في حرب 1956 إلي الألفين مؤكدًا أن القيادة المصرية في ذلك الوقت- عبد الناصر وعبد الحكيم عامر- قد اتفقا علي ترك قوة عسكرية صغيرة قوامها ستة كتائب في سيناء بعد الانسحاب، وكان هؤلاء يقدر عددهم ب2500 جندي وضابط، وقد أُبيدوا-عدا قلة قليلة- علي أيدي الصهاينة علي الرغم من أنهم كانوا أسري حرب. وتكشفت مذابح الأسري المصرين خلال أحداث حرب 1967 عندما اعترف ضابط يهودي في الأسبوع الأول من أغسطس 1995 ويُدعي" مردخاي براون" بارتكاب عمليات قتل وتعذيب وإبادة جماعية ،والتي قام بها مع ضباط وجنود آخرين. وتعترف الصحافة الإسرائيلية بتلك المذابح عندما نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية تحقيقًا مطولًا حول مذابح الأسري في حرب 1956 . وينتهي الكتاب بالباب الثالث الذي تناول فيه الكاتب جرائم الصهيونية أمام لجنة التحقيق الدولية التي تشكلت بناء علي قرار مجلس الامن الدولي الصادر في نهاية عام 1968 ، وقد حددت اللجنة بالاستماع إلب إفادة الذين لديهم أدلة وشواهد عن تعرضهم لإجراءات تتنافي وحقوق الإنسان والقانون الدولي بالنسبة لوضع سكان الأراضي المحتلة من قبل دولة أخري ،وأوكلت هذه اللجنة مهمة زيارة الأراضي العربية المحتلة والتحقيق في الأوضاع هناك، وأعلنت إسرائيل مقاطعتها لها وأكدت بأنها لن تسمح لأعضائها بالدخول إلي الأراضي العربية المحتلة إلا إذا سمحت الدول العربية بالتحقيق في أوضاع اليهود من مواطنيها. وأمام هذا الموقف المتعنت من إسرائيل قررت لجنة التحقيق الدولية أن يقتصر مجال عملها علي مقر الأمم المتحدة ، ومقر الأمم المتحدة الفرعي بجنيف، وزيارة البلاد العربية التي احتلت إسرائيل أراضيها. وعلي هذا الأساس، بدأت اللجنة الدولية أعمالها. ففي مقر نيويورك استمعت إلي تقارير عدد من الوفود العربية، ودرست وثائق وصور عن جرائم السلطات الاسرائيلية وعن أعمال القصف والتخريب التي قامت بها الطائرات والقوات الاسرائيلية.
#عطا_درغام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عادات الزواج في بلاد النوبة
-
الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية
-
التحرر الوطني : القضية المصرية في المرحلة الأخيرة
-
مصر في الأساطير العربية
-
المواطنة في الفكر الإسلامي
-
الأرمن في القدس عبر التاريخ
-
التحليل النفسي للجنون
-
محاكمة ألف ليلة وليلة
-
المسألة الكردية: الوهم والحقيقة
-
أسود سيناء
-
فنون الحياة
-
الدكتور سيد فليفل رائد الدراسات الإقريقية
-
القرصنة في البحر المتوسط في العصر العثماني: دراسة تاريخية وث
...
-
الولايات المتحدة الأمريكية والقضية الأرمنية 1915 -1923
-
حب الوطن بين غياب الوعي وتزييف الواقع
-
البانجو خطر يهدد الشباب
-
المسرح والسلطة في مصر من منتصف القرن التاسع عشر وحتي ثورة 19
...
-
فلسطين في المسرح المصري: قراءة في النص الدرامي
-
التعليم في مفترق الطرق
-
التعليم الصناعي ..إلي أين...؟
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|