أحمد عصيد
الحوار المتمدن-العدد: 5551 - 2017 / 6 / 14 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بمسيرة الأحد المنصرم بالرباط، عادت عقارب الساعة إلى الموعد الذي توقفت عنده خلال حراك 20 فبراير، فبعد سنوات من الإحباط وصراع الأمل واليأس، وجد الناس أنفسهم من جديد ملزمين بالعودة إلى المنطلق الأول والأصلي، القائل إن المشكل ليس مشكل مشاريع لم تتم، ولا مشكل شاب سقط في حاوية الأزبال، ولا مطالب جزئية للريف أو سوس أو أية منطقة أخرى من مناطق المغرب المنسي، إنه مشكل الفساد البنيوي القائم على استبداد مشرعن.
لم تقم السلطة بسبب غطرستها بتسوية المشاكل الصغرى والجزئية، لأنها تعتبر ذلك تنازلا وضعفا، وتعتبر أن "هيبتها" هي في فرض الأمر الواقع على الناس، ولهذا كان بديهيا أن يعود الناس إلى المشكل الأكبر، الذي هو جوهر النظام وطبيعته.
لقد نجحت السلطة بخطاب 9 مارس 2011 في توجيه اهتمام المحتجين نحو الوثيقة الدستورية، بعد أن كان شعار الشارع المغربي هو "إسقاط الاستبداد والفساد"، وانصب اهتمام قادة الحراك الفبرايري بعد الخطاب المذكور على مناقشة مضمون الدستور المرتقب، والذي تمت مراجعته بخطوط حمراء لم يتبينها المتظاهرون إلا في الأسبوعين الأخيرين قبل الاستفتاء، وما حدث هو أن مراجعة الدستور لم تنه غلواء الفساد ولا جبروت الاستبداد، حيث استمر النسق السياسي في تدبير شؤونه بنفس منطقه القديم متجاهلا كليا نص الدستور، كما أن الذين دخلوا الانتخابات وفازوا برئاسة الحكومة آنذاك سرعان ما تشاركوا مع المفسدين، وشرعوا في محاولة التحالف مع الاستبداد، ولم ينقلبوا إلى التشكي منه إلا عندما يئسوا من أن يقبل بهم حلفاء طيعين، ذلك أن أسلوب الاستبداد هو التخلص من خدامه عندما يكون قد امتص عصارتهم وأفرغ بطاريتهم بالكامل.
إنه إذن عود على بدء، عاد الناس إلى الشعار المشترك "إسقاط الاستبداد والفساد"، وصارت خمس سنوات أشبه بسراب أو سديم عابر، وهو أمر طبيعي، ففي غياب الترسيخ الديمقراطي الذي لا يتم إلا بالحسم النهائي في الاختيارات الكبرى، تكون الأمور من الهشاشة بحيث يتعذر اتخاذها أساسا للبناء واستعادة الثقة.
#أحمد_عصيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟