|
كأنّه أبي. الفصل الثاني. 3.
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 22:00
المحور:
الادب والفن
تنتظر الحياة روّادها يقبلون عليها أدير ظهري، أرحل عكس الجهة الماضي يأكل جسدي أتقهقر كلّما لاح لي شبحاً العذر ليس في الماضي ولا في الحاضر العذر في خزانة مقفولة، والمفتاح في البحر يلوّح به حوت أبيض هل نهب المفتاح للحوت؟ قد يكون العذر في مكان ما وعلى شخص ما، لكنّني الآن في يوم السّبت وبقي أربعة أيّام على المسرحيّة. لا أحد في المنزل غيري. ذهبت أمي وزوجها في سياحة لبضعة أيام. أعلمتهم بالاحتفال، وسوف يعودون في الوقت المناسب. سوف أقف أمام المرآة الطويلة في الصّالة أحدثّ أحد ما. -هي أنت! لو فرضنا أنّك سوف تظهر أمام جمهور، فأيّ جمهور تختار؟ السّؤال صعب. لكنّه وجيه. أحبّ أن يكون جمهوري يجيد الاستماع والاستمتاع. ما هو الهدف من مسرحيّتك التي سوف تقدمها؟ حقاً! ما هو الهدف؟ كم تبدو أسئلة الشخص في المرآة سخيفة، لكنّني سوف أجيبه. ليس لديّ أهداف محدّدة. أحب أن أتحدّث بالحبّ، وعن مأساتي. توقف! ماهي مأساتك؟ الحقيقة لا أعرف. قد تكون لأنّني كنت بائع صحف في سنّ الطفولة، أو لأنّ أمي دائمة البكاء، أو لأنّني لا أعرف أبي. لا. ليس كل هذا. أفكر اليوم بالعمل، وبميّ فقط. لا مأساة عندي أيها الوغد. وجه كلمة شكر لجمهورك الذي ساهم في إنجاح المسرحيّة . جرّب طريقة دخولك إلى الخشبة. انظر إلى الأمام. ارفع نظرك إلى الأعلى قليلاً. جلّس أكتافك. هكذا جيد. بضع كلمات فقط، فالجمهور لم يأت ليسمع محاضرة. سوف أبدأ. لستُ غريباً عنكم، عندما كنت أؤدي دوري. كنت أشعر أنّي أنتم. مستمرّ في العطاء إلى أن تقولوا كفى. صفِّقوا لي كثيراً كي أكفّ عن الكلام تصفيق. انحناء طيران. . . . سوف أمشي مرفوع الرأس، منتصب القّامة، هذا العالم ملكي. نعم هو ملكي. في أيّ مكان حللت، وتعلمت لغته أصبح جزءاً منه. لدي طاقات كبيرة في هذه اللحظة. أشعر أنّني حققت جزءاً من حلمي. أشعر بالحماس. أشعر بالاختناق أيضاً. أرغب أن يأتي العالم إليّ الآن، وألقي تلك المحاضرة، ويكون الحضور من وسط معيّن. لا أريد الآن. أرغب بغد. عندما يصل الغد إليّ سوف أكون جاهزاً للعبور سأعطيه بعض حماسي وأغطّي قلبي خوفاً عليه من الخروج من صدري عندما يأتي المستقبل سأرقص عارياً كيف سأعرف المستقبل، وكيف يحلّ؟ أسألك يا صاحب السّعادة. هل المستقبل هو الآن؟ . . . سوف أرى جسدي أمام المرآة. يا لك من صعلوك يا هذا! أين هي عضلات البطل؟ كأنّك قادم من مجاعة. لماذا لم تفكّر في تقوية جسدك. البس ثيابك على الفور، ولا ترني نفسك إلا بعد أن تصبح رجلاً. كيف؟ كيف يصبح الإنسان رجلاً؟ هل هناك البعض لا يصبح كذلك؟ بالتأكيد! أنت لم تكن رجلاً. الرّجل يستطيع حمل حبيبته بين ذراعيه والسّير بها ألف ميل. الرّجل يستطيع أن يملآ البيت دفئاً. الرّجل جزء من هذا الوجود مثله مثل أيّ كائن حيّ. أما أنا فلست رجلاً. قضيت عمري في هاجس أبي وخوفاً على مشاعر أمّي فاختبأت في وهم أسمه الحزن على رحيل أبي. فليرحل العالم. هو ليس خطأي، ولست أنا المسؤول. أمامي الكثير حتى أصبح رجلاً. هل أستطيع صنع عضلات قبل المسرحيّة بينما كنت في الغابة رأيت كلبان ذكراً وأنثى يمارسان الجنس. هربي منهما. هل الرّجل هو الذّكر. قد يكون ذكراً ورجلاً أيضاً. احترم ذاتك يا هذا. أوّل شرط للرّجولة هو أن تحترم ذاتك. . . . سوف أذهب إلى ميّ عندما أخرج من باب المنزل علي أن أقفز، ثم أمشي وكأنّني على خشبة المسرح. قبل الخروج سوف أعزف مقطوعة كنت قد تعلمتها على البيانو، أن أراقص ظلّي، أن أجرّب الغناء. عليّ أن أعرف من أنا فحتى الآن لم أكتشف هويتي. هذا شال أمّي تضعه عندما تريد البكاء كي تمسح بأطرافه أنفها ودموعها. لو جربته يمكن أن أصبح أمّي. لا تحضرني أشعار النّدب. من أين تأتي أمّي بها؟ آه يا قبي لا تحزن على مشوا وتركوك. . . تركوك ليش البكي. لا تحبهم . هما ماحبوك. . . ماحبوك يا دمع دخلك لابقا تنهمر من عيوني. . . عيوني لا. ليس هذا ما أريد. أريد أن أؤلف قصيدة ندب يقف بعدها الجمهور مصفقاً وهو يجفف دموعه. . . . تأخرت على ميّ. . عليّ أن أركض كي أصل على الموعد. لم أركض منذ كنت في الثانوية. ما أجمل أن تركض! أفكّر وأنا أركض بجمال هذا العالم سوف أعيش. سوف أتزوّج وأنجب الأطفال لن أتخلى عن أطفالي. سوف أقبّلهم كلّ صباح أيها العالم. أنا رجل حقيقي -توقف يا غريب! ألم ترني؟ تبدو سعيداً عندما تكون سعيداً تتألّق -تعالي أحملك وأدور بك كطفلة صغيرة. أرى الدنيا ورديّة، وأراك الدنيا -من أين أتتك هذه القوة. هذه أوّل مرّة تحقّق حلمي. كنت أحلم برجل يحملني بين ذراعيه، يقول لي أنت الدنيا. أنت هو ذلك الرّجل.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من نصادق، ومن نعادي؟
-
كأنّه أبي. الفصل الثّاني-2-
-
بعض أمراضنا الخفيفة
-
هذا الشّرق- العظيم- يلزمه بعض التّواضع
-
كأنّّه أبي. الفصل الثاني-1-
-
أيا حبّي!
-
كأنّه أبي -5-
-
التّابع والمتبوع
-
كأنّه أبي-4-
-
الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً
-
صفّوا النّية
-
لغة القلم
-
كأنّه أبي-3-
-
كأنّه أبي-2-
-
كأنّه أبي-1-
-
بازر باشي
-
صراع مع الأماكن
-
أحِبّونا دون شروط
-
الشّعب المختار، والمحتار
-
نحن والزّمن
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|