|
عذراً أيها الوزير : لكم نزاهتكم ، و لنا مفسدتنا الكبرى .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 21:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقال إن العامل الأهم في هزيمة تركيا أمام دول الحلفاء هو : أن قائد الجيش العثماني كان ينقصه الاحتراف ، و يفتفد الخبرة و الكفاءة ، و سبب اختياره لهذا المنصب هو أن والدته كانت طباخة الخليفة العثماني . كم تعيسٌ أنت أيها الشرق البائس ، فأنت علمتنا أن لاختيار المسؤول شرط وحيد ، هو التبعية للقوي ، أما الكفاءة و الخبرة فهي محض هراءٍ . يجلس على الكرسي لتقوية نفوذ السيد ، بالتجسس على العباد و التلصص عليهم ، دون أن يرتقي جانباً ، أو جزءاً يسيراً مما أنيط به من مسؤوليته تجاه العامة .
يشعر بالعظمة ، فيمارس الجبروت و العنجهية ، و يسقط القناع عن وجهه الخفي ، و يحدث تغييرات جذرية في سلوكه نحو الأسوء ، و يفهم المنصب بطريقةٍ عكسيةٍ ليجعل المواطنين في خدمته ، و لسيده عبيداً . يهجر دوره في حماية المصالح العامة لينتقل إلى مصالح أشخاصٍ أقوياء ، و التفكير بذهنية ضيق الأفق ، و يتعامل بقسوةٍ لإقصاء الناجح ، أو تهميش دوره الفاعل .
لهذا المسؤول البائس كم يمتلئه إشفاقي . فهو في بحر الغرور غارقٌ ، و بين أحراج الفشل تائهٌ ، و بتكليف المهام الجماعية عاجزٌ عن تنفيذها ، و إن أنجز بعضاً منها فلأنه ارتشى . و إن بادرك بلطفٍ فسلوكه مخدوعٌ ، من كلماته ينقط عسلاً مغشوشاً . خطاباته مليئةٌ بوعودٍ خلبيةٍ ، مهرجاناته ليس فيها سوى التصفيق الكاذبُ . للعباد خادمٌ متمردٌ ، و لسيده عبدٌ يلهث ، كما في بيع الهمم و المبادئ مبدعٌ . الرافض للمساومة معه داخل الزنازين رازحٌ . الأصوات المضادة من حناجرها تستأصل ، و لأجل المال و السلطة منبطحٌ ، فإلى نسق الحكام يرتزق .
خططه الاقتصادية معلقةٌ إلى أجلٍ غير مسمى ، و الوضع المعيشي في تراجعٍ دائمٍ ، و إلى ما دون نقطة الصفر . و حبذا لو يصمت ، لكنه يعاند ، و يختلق الأعداء الوهميين تنصلاً من المسؤولية بذريعة أنه مستهدفٌ لتشويه سمعته . في الأوقات العادية من الخطأ الاعتماد عليه ، فكيف في الحروب و الأزمات ؟!
يسعى جاهداً لتدمير الناقد لسياسته و الحالم بواقعٍ أفضل و الراغب للعباد بمباهج الحياة .... فيلصق به تهمة التواطؤ مع قوى خارجيةٍ لأنه أشار إلى مواطن الخلل و الفساد بموضوعيةٍ و حسن نيةٍ ، فيزج به في غياهب السجون ، أو يفرض عليه إقامةً جبريةً لمنعه من أن يبرح من مربعٍ مخصصٍ له . و إن تشجع فتجاوز مربعه سَيُطْرَدُ منفياً إلى أرضٍ نائيةٍ ، لأنه لم يرضخ للضغوط ، و رفض الانصياع للأجهزة الأمنية .
و إن كان الناقد مثقفاً فالعيون عليه محاطٌ ، و الرقابة عليه لا تيأس . لأن قلمه لوخط على السطور باستقامةٍ سيلعن من تسولت له نفسه بأن الكرسي غايةٌ في حد ذاته ، و ليس لخدمة الرعية ، كما أن هو و الكرسي لا ينقسمان ، فسوف يجرفه مع الكرسي كطوفانٍ جن جنونه .
لذا فينتهج نحوه سياسة التدمير و إفراغه من عزيمة التعبير بحريةٍ ، أو احتوائه بالإغراء و منحه المكاسب ، و إغداقه بالعطايا و المناصب الرفيعة . فإما أن يلوذ بالصمت درءاً للأمان و السلام ، و يغض الطرف عما يحدث .... و إما يرضخ للتهديد فيقف في صفه ليبرر الفساد و القمع و التعذيب و مصادرة الحريات و الاستيلاء على أملاك الناس و الدولة على حدٍ سواء . فينهال عليه بوابلٍ من المديح و الإطراء و التمجيد مقابل المكاسب أعلاه . و إما أن يضع إصبعه على مكامن الخلل و الداء ... فيجد الدواء ، فحينها لا يجد نفسه إلا و هو ماثلٌ بين يدي جلادٍ يستجوبه ليوقع به .
أما المسؤول الناجح العصي على المغريات التي لا تستطيع اختراق نفسه الكريمة ، فهو الذي يملك ضميراً يقظاً ، و انتماؤه للوطن كاملٌ ، و يعلم أن المنصب زائلٌ ، و هو جالسٌ على الكرسي ليقدم خدمةً ، و للناس منفعةً ... فيضع برنامجاً و خطة عملٍ لفترةٍ زمنيةٍ محدودةٍ ، فإن لم ينفذ برنامجه ، أو لم ينجز خطته عليه تقديم استقالته و يعترف بفشله بكل شجاعةٍ . فحينئذٍ يحظى بالاحترام عكس الفاشل المتجبر المذل المتشبث بالكرسي لآخر العمر . منذ سنواتٍ أقدم وزير التعليم الياباني استقالته عندما شاهد صوراً لبعض الطلبة اليابانيين و هم يمزقون كتبهم المدرسية ، فاعتبر ذلك دليلاً على فشله في سياسة التعليم . باستقالته أقدم الوزير الياباني على فعلٍ لا يليق بشرقنا المنحوس ، و لمسؤولينا كله شذوذٌ و عملٌ منحوسٌ ( وَيْ فكيف يهجر الوزير كرسيه طوعاً ؟؟؟!!!! ) على عكس الفاشلين الخائبين الخالدين في مناصبهم لبلداننا ، و العاشقين لكراسيِّهم عشقاً أبدياً . و علاوةً على ذلك يرى كل ناجحٍ حوله تهديداً لخيبته ، فينبش عن سلبياته لنشر الشائعات حوله ، و إن لم يجد ما يعيبه اختلق القصص المحبوكة ، و روجها بلذةٍ و استمتاعٍ . و في اصطناع المعوقات يراوغ و يتفنن ، و على من يخالفه متحاملٌ ، و لبرامج التطوير معطلٌ ، و على كل متجددٍ متآلبٌ . فعذراً أيها الوزير لقد فعلت ما أنكره عليك وزراؤنا ، و يمقته المتربعون على عروش السلطة في ربوع أوطاننا .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
-
إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
-
عن الحياة غائبون
-
أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
-
صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
-
ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
-
صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
-
البطالة في المخيمات آفةٌ تولد الآفات .
-
كاليستوقراطيون بلا وميضٍ .
-
نفوسٌ تخرُّ هابطةً
-
هربنا من الدب ، فوقعنا في الجب .
-
هل المرأة ناكرةٌ للجميل ؟
-
اللعنة ترقص على ضمائر بائعي الذمم
-
الوطن أكبر من الجميع ، والأبقى
-
الأول من أيار فضاءٌ متنفسٌ للبروليتاريا
-
وصمة عارٍ على جبين الغرب قبل المملكة السعودية
-
عثور أردوغان على مبتغاه بتغذية الماضي حلمٌ زائلٌ
-
في تعلم فنون النسيان فاشلةٌ
-
إخفاق الطفل وفشله مسؤولية الجميع
-
نسائم مروج الماضي أغوتني
المزيد.....
-
أمريكا تعلن عن مساعدات إلى لبنان بقيمة 157 مليون دولار
-
ترامب يقول إن على إسرائيل -ضرب- المنشآت النووية الإيرانية
-
-حزب الله- يكشف حقيقة صور طلبها نتنياهو وكلفت إسرائيل عشرات
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن يؤكد عدم جدوى إرسال الأسلحة الغربية
...
-
مسيرات في عمّان تضامنا مع فلسطين ولبنان
-
-بلومبيرغ-: البنتاغون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأ
...
-
اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن نفقات ا
...
-
باسيل يحدد -سبيلا- لـ-انتصار- حزب الله ويؤكد أن المشكلة ليس
...
-
غارات إسرائيلية عقب إنذارات جديدة لسكان الضاحية الجنوبية في
...
-
فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللب
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|