|
غزة في انتظار حرب الكهرباء
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 19:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غزة في انتظار حرب الكهرباء تميم منصور لم يكتف محمود عباس ومن حوله بربط مصير القضية الفلسطينية بكل تبعاتها ، بذنب الحلف الأمريكي السعودي المصري الأردني القطري والاماراتي ، بعد أن أودع مصير الشعب بأكمله في أروقة الجامعة العربية برئاسة عميل الموساد وعميل أمريكا أحمد أبو الغيط ، وعفن الأنظمة العربية المستبدة الخانعة . هذا التفريط بمصير أجيال متواصلة ، متعاقبة أصبحت شبه منسية ، ويؤكد بأن عباس وقيادته لم يقرأوا التاريخ ، ولم يتعلموا المواعظ وأخطاء القيادات الفلسطينية السابقة ، بل أقدم عباس على تكرارها والتفريط أكثر بجوانب كثيرة من لب الصراع ولب القضية . القيادات السابقة أجرمت بحق الشعب الفلسطيني عندما حاصرته في نطاق الطائفية والقبلية ، وسكان المدن الافندية ، وسكان الريف ، واليوم أصبح الشعب الفلسطيني بكامله يتقلى على لهيب نيران الصراع الحمساوي الفتحاوي . لا يريد عباس أن يفهم بأنه لا يمكن لشعب مغلوب على أمره أن يتحرر اذا لم يعتمد على قوى وعناصر ثورية ، كما فعل " ماوتسي تونغ " وهو يقاوم ما عرف بجيش الصين الوطنية بقيادة " شان كاي شك " فقد اعتمد على دعم الاتحاد السوفياتي في سنوات الأربعين ، هكذا فعل الثوار في كوبا وانغولا وموزنبيق وفيتنام . اما القيادة الفلسطينية فهي تحلم بتخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال بالاعتماد على قوى عربية رجعية موبوءة بأمراض التخلف والخوف والفقر والتبعية للمحور الأمريكي الإسرائيلي ، هذا ما فعلته القيادات الفلسطينية السابقة بقيادة الحاج أمين الحسيني ، هذا النهج السياسي يعتبر من أهم أسباب إطالة عمر مآسي الشعب الفلسطيني . ان وجود السلطة في رام الله بحد ذاته يعتبر داعماً للإحتلال ، ففي ظل هذه السلطة أصبح الاستيطان واقعاً سياسياً وجغرافياً عنصرياً واستسلامياً ، حتى أن الوزراء في حكومة نتنياهو وعلى رأسهم ليبرمان لا يتورعون عن الافتخار من سياسة ازدياد وتيرة الاستيطان لدرجة أنهم يصرحون باستخفاف ، بأن قيام الدولة الفلسطينية أصبح حلماً لن يتحقق للشعب . في كل هذا السلطة ترفع العلم الأبيض ، علم الاستسلام التام ، مهمتها أصبحت احباط أي تحرك للشعب ، ترفض أي نوع من المقاومة ، من منطلق ان لا جدوى من المقاومة ، المقاومة الحقيقية بالنسبة لها ، المزيد من التعاون مع الاحتلال ، وتدفق مئات آلاف العمال الفلسطينيين لإسرائيل للعمل في مصانعها ومزارعها ، المقاومة بالنسبة لمحمود عباس أصبحت اليوم توفير الرواتب لأكبر عدد من رجال الأمن لقمع المواطنين ، وكم أفواههم ، وجميعنا يعرف أن مصدر هذه الرواتب الدول المانحة التي تدعم الاستيطان وتدعم الاحتلال ، ان سياسة جزرة الدول المانحة وعصا الاحتلال ، حولت الاحتلال الى واقع مرير لا يظهر في الأفق أي خيار آخر . ان فتات الدول المانحة لا تختلف عن وكالة غوث اللاجئين ، ماهي سوى لهايات غيبت اذهان الشعب الفلسطيني عن حقوقه ، واسترداد كرامته وحريته ، هذه اللهايات تحولت الى غشاوة فوق عيون الشعب الفلسطيني ، منعته من رؤية الحقيقة ، وهي أن قيادته الحالية في رام الله جزء من الحلف الذي تقوده أمريكا واتباعها ، هدف هذا الحلف اليوم هو كما يدعي محاربة الإرهاب ، والإرهاب الذي يعنيه قوى وحركات ودول محور المقاومة ، ان سلطة عباس جزء من هذا الحلف ، وحتى يضمن استمرار عضويته بهذا الحلف للحصول على المزيد من فتات الرواتب عليه دعم سياسة هذا الحلف ، في محاربة دول وقوى محور المقاومة ، وما سياسة الأرض المحروقة التي يشارك بها عباس ورجاله ضد حركة حماس وأهالي غزة سوى جزء من دعم سياسة هذا الحلف . ان سياسة هذا الحلف فشلت في ضرب المقاومة اللبنانية ، وفشلت في اسقاط النظام الممانع في سوريا ، وفشلت في محاصرة ايران ، وفشلت عسكرياً ضد المقاومة في غزة ، من خلال عدوان سنة 2014 ، والاعتداءات التي سبقته ، باعتراف قادة ومسؤولين إسرائيليين ان العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة كان آخر فرصة لإعادة سلطة فساد رام الله للعودة الى حكم قطاع غزة ، لكن ثبات المقاومة لمدة 55 يوماً أحبط هذا المخطط . فشل هذا المخطط ، وهو اسقاط المقاومة في غزة بقوة السلاح ، دفع الحلف المذكور الى الضغط على عباس وسلطة رام الله لاتباع نهج جديد في التخلص من حركة حماس ، دون تفكير بأن تنظيم حماس العسكري والسياسي ، لا يساوي عدد سكان مخيم جباليا ، أي أن غزة هي غزة الفلسطينية وليست غزة حماس . وحتى يستمر فتات الدول المانحة بالوصول الى افواه ايتام السلطة ، على عباس ان يشارك في تدمير حركة حماس ، حتى لو أدى الى وقوع كوارث إنسانية ، من بين المدنيين في قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2 مليون . خطة سياسة الأرض المحروقة والموت البطيء وسياسة التجويع والقهر التي نوهت اليها صحيفة نتنياهو " إسرائيل اليوم " وعلى عباس تنفيذها ، التضييق على حياة المواطنين في القطاع ، ووقف ضخ نبض الحياة الاقتصادية ، وقطع التيار الكهربائي عن القطاع ، لأن قطع التيار الكهربائي يعني توقف ضخ المياه من الآبار ، ويعني تلويث هذه المياه ، ويعني شل العمل في كافة المستشفيات ، ويعني وقف كافة المصانع التي تخدم بإنتاجها المواطنين . بدأ عباس هذه المخطط بالانتقام من السجناء المحررين ، الذين قضوا سنين طويلة في سجون الاحتلال ، لأنه يعتبرهم عصاة ضد سياسته ، فقد خفض ثلث رواتبهم ، من 1500 شاقل في الشهر أصبح الراتب 1000 شاقل فقط ، لم يتذكر عباس أطفال هؤلاء الابطال الذي شيد قصوره بفضل كفاحهم ونضالهم . بعد ذلك تعمدت سلطته الى تخفيض ميزانيات الكثير من المؤسسات في غزة خاصة وزارتي الاشغال العامة ، والصحة والتربية والتعليم . الخطوة الجديدة التي قام بها عباس بالتعاون مع إسرائيل ، وباعتراف جميع وسائل الاعلام ، إبلاغه سلطة الاحتلال بامتناع سلطته عن دفع اثمان المازوت الذي يستخدم لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة ، وفي مطلع هذا الأسبوع ، طلب عباس من السلطات الاسرائيلية التوقف عن تزويد قطاع غزة بالتيار الكهربائي ، نكاية بحركة حماس ، دون أن يدرك خطورة هذه الخطوة ، وقد سارعت مصر السيسي بأنها سوف توقف تزويد القطاع بالطاقة الكهربائية ، بهذا يكتمل جزء من المؤامرة على جزء هام من أبناء الشعب الفلسطيني ، ان زيادة غليان هذا المرجل الغزاوي سوف يؤدي الى الانفجار ، وبالطبع سيصل انفجاره الى سلطة رام الله . لقد تعودنا أن الانفجارات تصل الى كل مكان وكل زمان ، ولا شيء غريب على وجع وقهر الشعوب حين تنفجر، فكل شيء مباح ما دام الصمت يخيم على القيادة .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
-
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
المزيد.....
-
رئيس وزراء اليابان يخطط لزيارة الولايات المتحدة ولقاء ترامب
...
-
ترامب يعلق على تحطم الطائرة في فيلادلفيا: المزيد من الأرواح
...
-
الدفاعات الروسية تسقط 9 مسيرات أوكرانية غربي البلاد وتدمّر ز
...
-
-فوكس نيوز-: إيران تخفي تطويرها النووي تحت ستار برنامج فضائي
...
-
استخباراتي أمريكي سابق يتحدث عن حرب مع المكسيك -قد تتحول إلى
...
-
OnePlus تكشف عن هاتفها الجديد ومواصفاته المميزة
-
اكتشاف ارتباط بين النظام الغذائي وسرعة الشيخوخة البيولوجية
-
أول هجوم على قوات الاحتلال منذ بدء توغلها في سوريا
-
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
-
جامعة أميركية تعلق عمل مجموعة مؤيدة لفلسطين عامين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|