محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 19:02
المحور:
القضية الفلسطينية
ليس هُناك أشد قسوةً وألماً على المرء من أن يسمع نبأ وفاةِ صديقٍ صدوق ظل وفياً حتى آخر رمق له في هذه الحياة.
الموت حقٌ على كُلِ إنسان، إلا أنه الحقيقة الأقسى والأصعب والأفجع، والتي لا تبقي لنا مجالاً بعدها سوى نبش الذكريات مع الأحبة واستحضارهم.
وللذكريات عندي قدسية أحترمها وأعتزّ بها؛ ولأنّه جزء منها، فسأظل أعتزّ بالأيام التي جمعتنا معاً بما فيها المُرّة في زواريب المخيم.
يحزنني أنه غادر الحياة بعد أن غرق في الصمت ومن دون ان يتعرف على اسمي ولا حتى رسمي.
غادر أبو خليل ابن بلد الشيخ هذه الحياة ولم يغادره يوماً حلم العودة لا في الصحو ولا في المنام. تجرّع حنيناً كابده، ونشيجاً قطع أوصاله، وعطشاً لا يطفئه ماء.
رحل رحلته الأخيرة يوم الثلاثاء 30 أيار (مايو) 2017، تاركاً خلفه هذا الكمّ القاتل من الحنين الخجول والمعادلة التي لم تتحقق؛ لا هو عاد إلى فلسطين ولا هي جاءت إليه!
غادرنا قائد العمل الإنساني في مخيم شاتيلا بصمت كالذي عاشه.. بعد أن كان آخر من يودع الشهداء في مقبرة جامع المخيم. كان جار الشهداء وحارسهم، شهداء الدفاع عن الشرف والكرامة في حرب المخيمات.
ليست زواريب المخيم وحدها من علقت بالذاكرة، إنما طيبة أهل المخيم بساطتهم ومحبتهم لبعضهم، هي جزء من الذاكرة غير المغيبة التي لا يمكن إغفالها.
هذا المخيم الفريد هو أيقونة الحياة، قبل أن يكون مخيم القرار الفلسطيني المقاوم!
تحية إليكم يا أهالي المخيم قبل أن أفقد الذاكرة وقبل أن يتغير إيقاع الكلمات لدي!
الراحل أحمد يوسف خليل النمر ( معروف باسم : أبو خليل الكراد ) مواليد 1936، بلد الشيخ قضاء حيفا – فلسطين.
هو حارس الشهداء في حرب المخيمات، وهو قائد العمل الإنساني في مخيم شاتيلا بلا منازع.
في حرب المخيمات، اندفع بجسده العاري يقيم جدارا واقيا من الموت الهاجم بلا رحمة على أطفال المخيم ونسائه.
هو نموذج للمقاتل الكادح المناضل بصمت، يفتخر بانتمائه للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين.
فكم حدثني عن فلسطين وعن رحلة اللجوء من مخيم إلى مخيم. حكاياته ما زالت عالقة كالوشم في ذاكرتي.
لتخلد روحك في الهدوء والسكينة الأبدية، نم قرير العين فالكل يأتون بعدك، وما هي إلا فترة انتظار بسيطة.
أبا خليل وداعاً!!
إنا لله وإنا اليه راجعون..
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟