|
استدراكات في حواف فهم الاسطورة
سعد محمد مهدي غلام
الحوار المتمدن-العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 06:49
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مازال تعريف الاسطورة ضبابياوﻻالإتفاق القياسي يسود لتحديد معياري له. تتنازعة وجهات النظر المتباينة. يتصاعد الخﻻف بينها إلى حد التناقض العميق فكريا وفلسفيا . هناك العديد من الأسباب منها البعد الديني الذي مصدره العقائد وبالذات السماوية والبعد اﻷبستمولوجي المتأتي من الجهل وعدم المتابعة للمنابع وهو مبعثة الاستسهال ومصاعب تحصيل المصادر والدكمائية التي تميز العديد من الناس .بل الخﻻف إكتسح حتى من هم أصحاب أهتمام بالموضوع لعﻻقته بتخصصاتهم؛ مجال عملهم مثل النقاد هناك من زعم إنها الإفراز الخيالي يشوبه التشويش والوهم والبعض قال: إن اﻻساطير هي أحد أعمق منجزات الروح الإنسانية .وهو الخلق الملهم لعقول شاعرية موهوبةسليمة لم تفسح مسارات المعالجات العلميةوطرف ثالث ليست اﻻساطير إﻻ روايات خرافية تطورت من أجل تفسير ماهية الكون ميثيا أو ليجنديا . وطبيعة الكون ومصير الإنسان وهي الأصول للعادات والعقائد وخرج الرابع يمثلة عدد من الباحثين ليقول إنها ذخيرة من دوافع ذات الطابع البدئي لتعين في فهم التطور اﻷنثروبولوجي . أنبرى المنظرون فقالوا أنها نوعا من اللغة الشعريةكما يقول: بول ريكو أما ماكس مولر فيقول :إنه انعكاس ساذج .أما كاسيررفيعدها حقبة بدائية من مراحل التفكير الميتافيزيقي . النقاد العرب وعلماء اﻷنثروبولوجيا متفقون على إنها الجزء الحكائي الملفوظ كﻻميا المصاحب للطقوس البدائية ولعمري في ذلك صائبية علمية مبسطة ونظرة ثاقبةكما نرى. د. احمد كمال قسم اﻻسطورة إلى 1الطقوسي2 التعليلية3الرمزية4التاريخية ويعتبر التعليلية بحث عقلي في أسرار التكوين. لقد وظفت في اﻹبداع كما يقول: فاروق خورشيد في كتابة" اﻻسطورة عند العرب "*على بعد المكان واختﻻف الزمان يلتقي الإنسان بالإنسان * وحقيقة كان من عصور ماقبل اﻹسﻻم استعارات اسطورية مثل وادي عبقروخرافةوغيرها. كان كتاب جيمس فريزر المستودع والمنجم الغني الذي إستوعب غالب الموروث الميثولوجي للشعوب يندر أديبا بعد صدور الكتاب لم يستعن به. الكتاب ذي مجلداته اﻷثني عشر ترجم منه إبراهيم جبرا إبراهيم المجلد الرابع والذي يدعى أدونيس ثم جرى تبني جماعي عربي أثمر عن ترجمة الجزء اﻷول من التلخيص الذي قام فريزر به بإشراف د. أحمد أبو زيد وكان معينا مع سابقه لكبار المبدعين إﻻ بعض من لم يتمكن من الحصول عليها. الرجوع لمدارات اﻻسطورة ومحاولة عكسها على مضامين حديثة أثرى العمل الإبداعي العربي. كما إتفق الغالب الأعظم من النقاد العرب الكبار من مستوى د.أحسان عباس ود.جابر عصفور ،لقد اعتمد معطى اﻻسطورة في سياق صياغات العمل اﻹبداعي واﻹعتماد في صياغاتها الاستعمالية ومنحته النهج الثري إذا حمل موقفا معاصرا كما يقول ،د.عبد المنعم تليمه *في "مقدمة نظرية اﻻدب" يقول: أنس داود إن الموقف اﻻسطوري في صميمه شعريا ﻻنه موقف صراع بين اﻹنسان والوجود . يستعير الشاعر المعاصر اﻻسطورة للتعبير عن ذاتية مكبوتة ويعبر بتبرم عن أخطر القضايا ويقدم البديل لعالم متناقض يرفض القهر والصراع ولكشف ما يخفية من إنكسار حضاري مستعينا بالرموزالفنية وتبعث على التامل لدى المتلقي للإستعانة بالنص اﻹبداعي ﻻعادة تشكيل العالم اﻷحسن واستخدام الرواد من أيام البارودي عبر الترجمات والمازني والعقاد للاسطورة . ووجدنا إلياس أبو شبكة يستعير من العهد القديم ما وظفه في قصيدة شمشون واستعار شخصية هرقل وزوجتيهما للمقابلة رغم إخفاقة في المطابقة لحيثيات لم تكن متاحة الكشف عنها حينها . وزكي أبو شادي صرح إن روائع اﻻساطير هي من البدائع يفتقدها العرب وإتضح خطل ذلك عند الكشوف عن موروثات فرعونية ورافيدنية وسورية... لقد طلب أدخالها في المنتج الإبداعي وفي النصوص اﻷدبية وتوالت ترجمات منها للمنفلوطي أو على محمود طه للادباء والشعراء اﻹنكليز والفرنسيين وقد إستعان وإستعار العديد من المبدعين مفردات وأسماء واساطير فكانت محاكاة دﻻليةلشيلي وبودلير وفرلين .اليوت وباوند .... ووجدنا في العراق السياب واستعاراته من اﻷدب اﻻنكليزي مثل أديث ستويل واستعار اساطير ومفردات بثها في نصوصه وكذلك فعلت نازك المﻻئكة في الكوليرا وعبد الوهاب البياتي ووسع استعاراته ليخوض في الموروث اﻹسﻻمي الصوفي للعطار والبسطامي وابن عربي مما ﻻتسعنا في هذه العجالة . استخدام وتوظيف اﻻسطورة والمعطيات الصوفية لها مكانة في توسيع المدى للرؤيا والرؤية فتزود الشعر بمنابع لتعميق الدﻻﻻت واذكاء روح المقارنه والتقاربيات للوقائع المعاصرة او التاريخية كصلب المسيح واستشهاد الحسين بن علي وصلب الحﻻج وغيﻻن .....الخ وقائع ﻻحصر لها ذات مداليل دالية ودﻻﻻت معاصرية يمكن ضخها مع مخزون الموروث الفلكلوري واﻻسطوري المحلي المكتوب والشفاهي ففي موروث بﻻد ميسوبتاميا وسوريا ومصر معطيات كنزوية وكل المتاح العالمي مرورا بالإلياذة واﻷوديسة واﻹنياذة وكتاب الغصن الذهبي . تعمق ثراء النص اﻹبداعي وتوسعت مديات ومدارات الدﻻلة رافقها التطور اللغوي السوسوري كل هذا منح المبدع والمتلقي معينات لم تكن متاحة ورغم تقدم النقود وتوافرالنقاد الذين له اﻹلمام بالمعينات الحديثة للغة والميثولوجية .ولكن بقي عدد من النقاد عاجزا عن مواكبة تطور الحراك الحداثوي للإبداع وحتى بعد ظهور النت وما يقدمه بقي البعض عاجزا لدوكمائيته الذهنية وعدم مﻻحقة التطور وعدم اﻹستعانة بالمصادر أو المتابعة المضنية الكترونيا .يحدث التنوير والتطوير عندما يتناول النصوص النقد الثري لناقد لديه مخزونه المعرفي الأبستمولوجي الواسع الطيف .ذلك يعينه على استيعاب وهظم وفهم اﻹشارات الموحية للنصوص وادراك مدلوﻻت الدوال المستخدمة استثماريا أواستعاريا أوتاويليا أو اشارويا أو رمزيا . ولكن القصورية والمقصرية والتصلب الذي ﻻتناسب مهنة النقد فالعقدية والجذرية والاصرارية تمنع امكانيات التطور يرافق ذلك الجهل والنكوص والكسل تحول دون البحث عن أصول الرموز واﻻساطير بل وجدنا من يقود جبهة معارضة يجمع حولة كل القاصرين .إن عدم فهمنا أو لو لنا وجهة نظر مخالفة ذلك ليس مدعاة لشن الحرب والتجهيل والتعمية للإبداع وسائله واساليبه واستخداماته المتباينة وإﻻ فهو اتباعي وليس ابداعيا بالتﻻقح التاريخي واﻹنساني والمعرفي يتطلب العقول المتنورة لفهم اﻹبداع الحداثوي. ومنه التوسع في علم الكلمات والمصطلحات والرموز واﻻساطير لمواكبة العصر فمفردة رمزية واسطورية تعوض عن جملة بﻻغية هذا ما توصلت إليه علوم اللغة والنقود، إن لم تواكب التطور فإنها ﻻتعيق حسب وإنما تؤخر اﻹبداع إن كان نقادا يستخدمون بﻻغة قديمة وأدوات التناول النقدي التي أكل الدهر عليها وشرب عقبة كأداء بوجه الحداثة .أن المراحل التي مرت بأوغسطينوس هي ما يمر بها العقل المتاخر للمبدع والناقد والمتلقي فالتدرج الﻻهوتي من الوثنية إلى المانوية إلى المسيحية. ومن الفهم الدكمائي إلى إفﻻطون وسقراط ثم إفلوطين وصوﻻ إلى اﻹشراقات التي اكتشفها في ميتافيزيقيا الﻻهوت المسيحي.قادته ليكون معبرا لتطور السكوﻻستيكية التي وجدت أوجها عند اﻷكويني يؤسف أن بعضنا ﻻزال في تلكم المرحلة والتي اساليبنا العربية اﻹسﻻمية متفوقة عليها بمراحل .من يستعين بالمدرسية لفهم النصوص ويغفل فهم ابن رشد على سبيل المثال هوكمن يستعين بالسيمياء لحل معادﻻت في الكيمياء واﻷكثر غرابة إن كل النقاد بدون استثناء أن يعلموا أوﻻيعلموا فإنهم يمارسون معالجاتهم تبعا لمنهج أولمدرسة من منتجات الغرب الكافر. ولكن هناك من يغطي على قصوريته بدعاوى اﻻصولية واﻷخﻻص للموروث وهو ﻻيدري أن نصف مدينة الحلة القديمة في العراق بنيت من طابوق مدينة بابل التاريخية. ﻻن الناس لم تكن تعلم ما هو التاريخ وما أهمية بابل وإنها هي التي كما يفعل نابش القبر السومري لسرقة محتوياته وتهريبها .اليوم هكذا يتعامل البعض مع الموروث اﻻسطوري المحلي والعالمي دون دراية بقيمته البشرية وأهميته اﻹبداعية فهي دعوة ﻹثراء النفوس بالموروث البشري إنطﻻقا من المحلي ولوﻻ ذلك لتعثر فهم قصيدة نثرية حديثة استخدمت اﻻسطورة جزئيا.... ----------------؛؛؛ المصادر: اﻻسطورة والنموذج البدائي/وليم ويميزات اﻻساطير/د. احمد كمال زكي اﻻسطورة في الشعر المعاصر/اسعد رزوق اﻻسطورة في الشعر العربي/د.انس داود نظرية اﻻدب/اوستن وارين اﻻسطورة والرمز/جبرا ابراهيم جبرا ادونيس /جيمس فريزر اساطير العالم القديم /ط.صمويل كريمر مقدمة في نظرية اﻻدب/د. عبد المنعم تليمة الانسان والزمن في التراث/د.نبيلة ابراهيم الشعر الحر في العراق /يوسف الصائغ الرموز عند بدر شاكر السياب/محي الدين محمد مات الطائروبقيت اﻻغنية/محمد الماغوط شجر الغابة الحجري/طراد الكبيسي الغابة والفصول/طراد الكبيسي ادباء معاصرون/رجاء النقاش اتجاهات حركة الشعر الحر/حسن توفيق الرحلة الثامنة/جبرا ابراهيم جبرا في الرؤية الشعرية المعاصرة/احمد نصيف الجنابي البحث عن معنى/عبد الواحد لؤلؤة ويكون التجاوز/محمد الجزائري الشعر العربي المعاصر/عز الدين اسماعيل قضيةالشعر الجديد/محمد النويهي في التركيب اللغوي للشعر العراقي المعاصر/مالك المطلبي علم اللغة العام/فردينان دي سوسور كتاب ارسطو في الشعر/د. شكري محمد عياد اﻻعترافات/القديس اوغسطينسو
#سعد_محمد_مهدي_غلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زكيبة صبار
-
تنور تموز
-
الآمبراطورية الأمريكية والتغيرات الجيو بوليتكية /2
-
الإ مبراطورية الأمريكية والتغيرات الجيوبوليتيكية /1
-
احفورة منفرض
-
ما كتمته شهرزاد فضحه الصمت
-
مقتبسات محاضر سجل شرطة /1-(تفجيرات إرهابية )
-
خاتمة مطالعات في الشعر الحر بأنواعه -لمقاربة التقعيد لقصيدة
...
-
*طوق غار * ***سوناتا جالديران قلب القمر***
-
اقضت مضجعي :لينة حدباء
-
مطالعات في الشعرالحر بأنواعه -مقاربة التقعيد لقصيدة النثر /2
-
مطالعات في الشعر الحر بأنواعه -لمقاربة التقعيد لقصيدة النثر
...
-
سهوب الناصرة وجدان
-
مدخل فهم البوطيقا
-
اوتار ليلية
-
أوراق عابر الحدود صفراء
-
استهلالات نقود النقد
-
حظيت بسفر الإياب
-
جفوة الأرباب يباب أثداء تحشفت
-
نواعير ضريرة
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|