أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (37)















المزيد.....

ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (37)


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5548 - 2017 / 6 / 11 - 10:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كما يؤكد باحثون (1, 2), يفهم ماركس نفسه كعالم اجتماعي؛ ومع ذلك، وكما نوهت مرارا في حلقات سابقة, يمكن القول ان ماركس لم يترك لنا عرضا واضحا ومنسقا لمنهجيته. ونتيجة لهذا فقد تم اعادة تفسيره كثيرا (3) لجعل منهجه يتناسب مع النموذج السائد في العلم في وقتنا. ولهذا اكد معلقون ان ماركس كان بلا شك عالما وضعيا.

ان مصطلح "الوضعية" لا يزال قيد الاستخدام, ولكن هذه الأيام، فإن قلة من الباحثين سيحددون أنفسهم كاتباع للفلسفة الوضعية, ويفضلون تعبيرا بديلا لها, وان كان يدلل على نفس الشئ تقريبا, مثل الوضعية الجديدة او الامبريقية.

يمكن تعريف "الوضعية" بكونها فلسفة العلم التي تعود جذورها بشكل واضح الى بداية نظرية المعرفة (Epistemology) الحديثة, وخصوصا تلك التي تجسدها فلسفة ديفيد هيوم (1711-1776), حيث نضجت لاحقا واكتسبت تسمية "الوضعية المنطقية" في ثلاثينيات القرن العشرين, وكانت, حتى الفترة الاخيرة, قد هيمنت على خطاب العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية على حد سواء.

يعود اصل مصطلح "الوضعية" (كمصطلح "علم الاجتماع", وكما نوهت سابقا), إلى رائد علم الاجتماع اوغست كومت (1798-1857). فقد اعتبر كومت الوضعية كآخر "مرحلة علمية" في تطور "العقل". ولكن الأهم من ذلك، ان كومت وضع أيضا بوضوح, إلى حد ما, الأفكار الرئيسية للفلسفة الوضعية للعلوم (4).

تأثر كومت بالفيلسوف ديفيد هيوم (1711-1776)وكذلك بالفيلسوف عمانوئيل كانط (1724-1804), والذي اشرت اليه في الحلقة السابقة, وخصوصا في كتابه "نقد العقل الخالص". ففي حين قدّم كل من هيوم وكانط نظرية معرفية مختلفة، الا ان كلاهما كانا امبريقيين.

حسب كومت, هنالك ثلاثة خصائص محددة للفلسفة الوضعية:
أولا، أصر كومت على أن الميتافيزيقيا والخيالات لا يمكن أن تكون جزءا من العلم. وهذه كانت ايضا أطروحة كانط الرئيسية والمؤثرة للغاية في كتابه "نقد العقل الخالص". حسب المنهج الوضعي, ينبغي ان يكون العلم تجريبيا, بمعنى أنه يتعامل مع الأفكار التي يمكن التحقق منها عن طريق التجرية وذلك عن طريق اثبات فرضياته, او تكذيبها حسب فيلسوف العلم بوبر الذي اعتبر كلا من الماركسية والتحليل النفسي الفرويدوي علمين مزيفين لأنهما, بزعمه, لا يمكن تكذيب فرضياتهما. وقد ناقشت المشاكل العديدة التي تعتور المنهج الوضعي وكذلك منهج بوبر في تحديد علمية الماركسية والتحليل النفسي من عدمها في مكان آخر (5), فمثلا, يشيرGlymour الى ان منهج فرويد في التحليل النفسي (6) مطابق الى حد كبير لمنهج نيوتن في كتابه الثالث (7). وينبغي التنويه هنا انه من سخرية القدر ان النهج السوفيتي في فلسفة العلم وقتها امتاز بالكثير من التخبط والعشوائية, فهو, حاله حال بوبر, اعتقد ايضا بلاعلمية التحليل النفسي بالرغم من ان بوبر اعتبر الماركسية نفسها علما زائفا. وكان هذا نتيجة, الى حد كبير, لما يسمى العِلِْمانية Scientism التي تساوي بين العلم والعلم الطبيعي, اولا, وتختزل كل المعرفة البشرية الى العلم الطبيعي, ثانيا (8). واني لا يمكنني معالجة فلسفة العلم الماركسية حتى بادنى تفصيل هنا, وساسعى الى فعل ذلك لاحقا.

ثانيا، رأى كومت أننا يجب أن نتخلى عن البحث عن اسباب للاعتقاد بصيغة ان كبح الفرد (كبح الفرد لمشاعره او افكاره حسب التحليل النفسي) هو السبب المفترض في ان يسلك الفرد السلوك المعين, وذلك لصالح سببية بمفهوم هيوم, اي "علاقات ثابتة من التعاقب والتشابه." لهذا إذا كان الكبح مفهوما علميا, فانه يجب ان يعني شيئا مثل "إذا كان شخص ما يمارس الكبح ويجابه الحالة S (Situation), فانه سلوكه سيكون بهذا الشكل او آخر (Response) R. لذا بمجرد إنشاء علاقة قانونية(؟) بين "S" و "R"، يصبح الكبح فكرة زائدة عن الحاجة, وبذلك تنتفي الحاجة ايضا, وضمنا, الى التحليل النفسي ويصبح هو بذلك لاعلما حسب الفلسفة الوضعية.

ثالثا، في أعقاب ما تقدم، ان تفسير الوقائع هو مجرد إنشاء علاقة بين ظواهر محددة وبعض الحقائق العامة, أو, بعبارة أخرى، استنتاج مثيل من القوانين العامة. وهكذا، لمواصلة المثال، ونحن نشرح سلوك الشخص الذي يكبح مشاعره من خلال العرض أنه في الحالة S وأنه كلما تواجدت الحالة S سيتبعها السلوك R. وهذه النظرية هي التي تم الاعتراف بها ضمنا من قبل العلم السوفيتي الذي ايد تجارب عالم الفسلجة العصبية بافلوف وبحوثه في الانعكاسات المشروطة وغير المشروطة, والتي, اي بحوث بافلوف, شكلت لاحقا الاساس الفسيولوجي-عصبي للمدرسة السلوكية في العلاج النفسي.

تهيمن هذه الأفكار الوضعية على المناقشات المنهجية في علم الاجتماع. فمثلا، تؤكد شافا فرانكفورت-ناشمياس في كتابها "طرق البحث في العلوم الاجتماعية" على التالي (9):
في كثير من الأحيان, ان السمات أو الأحداث الامبريقية التي تمثلها المفاهيم لا يمكن ملاحظتها مباشرة ... في مثل هذه الحالات، أن الوجود الامبريقي لمفهوم (كذا) ينبغي ان يتم الاستدلال عليه. ويتم إجراء استدلالات من هذا النوع بالتعاريف التشغيلية" (ص 31)

والتعاريف التشغيلية بكل بساطة هي:
"إذا تم تطبيق حافز معين (S) على شئ، وإنتج بذلك باستمرار رد الفعل (R)، فإن الشئ له الخاصية (P)" (ص 32). P هنا تشير الى Property (خاصية).
وبالمثل: منذ ديفيد هيوم، اصبح استخدام مفهوم التفسير على انه العلاقة بين الظاهرة المطلوب تفسيرها بظواهر أخرى ضمن قوانين عامة.
يتبع
----------
المصادر
1- Cornforth, M., (1962) Dialectical Materialism, An Introduction: Volume Two, Historical Materialism. Surrey, Unwin Brothers
2. Walker, D. M., (2001) Marx, Methodology and Science. Hampshire, Ashgate
3. McBride, W. L., (1977) The Philosophy of Marx. London, Hutchinson and Co
4. Comte, A., (1877) ‘The Intellectual Character of Positivism.’ In G. Lenzer (ed.) (1998) Auguste Comte and Positivism. London, Transaction Publishers
5. الـماركسـية والتحليل النفسي
http://www.althakafaaljadeda.com/talal_alruba2e.htm
6. Glymour, C. (1974). Freud, Kepler and the Clinical evidence. In: R. Wollheim (Ed.), Freud. New York: Anchor
7- THE THIRD BOOK OF OPTICKS
http://www.newtonproject.ox.ac.uk/view/texts/normalized/NATP00051
8. Scientism
http://www.philosophybasics.com
/branch_scientism.html
9. Research Methods in the Social Sciences
https://www.amazon.com/Research-Methods-Social-Sciences-Frankfort-Nachmias/dp/1429233001



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (36)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (35)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (34)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (33)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (32)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (31)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (30)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (29)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (28)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (27)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (26)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (25)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (24)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (23)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (22)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (21)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (20)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (19)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (18)
- ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (17)


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - ماركس ووايتهيد والميتافيزيقيا والديالكتيك (37)