|
نينار - أدونيس
مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 5542 - 2017 / 6 / 5 - 14:06
المحور:
الادب والفن
مظلتان لشخص واحد نينَار ----------- أدونيس مقداد مسعود أتأمل الكلام التالي الذي تثبّته نينار ، أبنة أدونيس :(أعود إلى السؤال الذي كثيراً مايطرحه عليّ الناس : ،،ماالذي تعلّمته من أبيك ؟،، 205) وسؤال الكثرة / الناس ..سأتصدى له بسؤالي أنا الواحد : لإبنة أدونيس : هل هذا الكتاب الحواري لنوال رضا الناس عنك ؟ كإجابة سردية مطبوعة كتابا ً للتحرر من لجاجة الناس حولك ؟ وهكذا يكون تحررك من ملاحقتهم لك ؟! وهل هذا الكتاب محاولة إشهارية بردم المسافة بينهما : الإبنة / الأب ..بمبادرة من نينار ..كأنها تريد التعويض عن غياب الأب في طفولتها ويفاعتها ، غيابه بتوقيت شهرته الشعرية / المعرفية وعلى مستوى العائلة ، فأن أدونيس محض (ظلّ صورةهائلة الأبعاد دون أن يكون ذلك الأب حاضراً، / 10)..وهو من جانب آخر برصد ٍ من إبنته لايتحدث عن نفسه إلا أقل القليل ، وهو يتحدث في السياسة وفي الشعر ، وهنا تشتغل الكاريزما الأدونيسية في بث مرسلاتها نحو الآخر ..(فأنت تمتلك هالة وحضوراً طاغيا يشيع حولك صمت ..ولست بحاجة إلى أن تقول كلمة واحدة . أو حين تحضر فإن حضورك المجرد يملأ المكان ..فأنت حالة فريدة 27).. (*) المسافة هي ورقية المطبوعات في بيت العائلة ، وبشهادتها..(لقد بدأت أبغض الكتب منذ سنّ مبكر ,ففي البيت ،في بيروت كانت الجدران كلها قد غدت مكتبات ./ 205) وأصبح الأب مقرونا بالكتاب ..(وفي كل مرة تكون بيننا في المنزل كان كتاب بين يديك ..وحينما لاتكون موجودا تذكّرني الكتب بغيابك ..)..ومن غرائبية الواقع اليومي اللبناني ستنفتح جهوية جديدة بين نينار وبين الكتب ..التي ستكون متراساً ضد همجية القذيفة والرصاص والهاونات والقنص ..(تطورت علاقتي بالكتب .فخلال الحرب ، وأثناء القصف، كنا نلتجىء إلى الرواق بجوار رفوف ضخمة تمتد على طول الرواق ، صاعدة من الأرضية حتى السقف .هناك عشت تجربة جديدة .كانت هناك كتب ، كنت أراها دوماً ، بحكم العادة في المكان ذاته ، وعلى مستوى نظري. ولم أتمكن إلا مابين عامي 1979و 1986 ،، أي من سن الثامنة حتى الخامسة عشرة،، رؤيتها بسهولة .لقد غدت تلك الكتب متراساً لنا يحمينا من القنابل . كنت أقضي أياما وليالي بطولها في الرواق ، مع بابلو نيرودا،، أعترف بأنني قد عشت ،، ومع نيتشة ،، ماوراء الخير والشر،، ومع مكسيم رودنسون،، العرب،، ومع حنة أرندت ،، أزمة الثقافة ،،..).. (*) الرواق الكتبي هنا بوظيفة رحم تتغذى منه العائلة ويحافظ على بقائها حيّة طوال ساعات تبادل القصف والرشق ، مؤثرية ذلك تكون بمثابة نقلة نوعية بالنسبة لنينار وبشهادتها (منذ بداية هذه التجربة تغيّرت علاقتي بالكتب .فقد تحوّلت من أعداء إلى أصدقاء، إلى حرّاس .كنت أحبها من أجل هذا / 206) شهادة الإبنة : عرفان بالجميل الذي أسدته نضائد الكتب فهذه النضائد الثابتة الساكنة الصامتة الصامدة : هي التي حمت حياتها وحياة العائلة كلها ..ومشهد الكتب الثابتة هو الذي غيّر نظرة الابنة : (أنني كنت عاجزة عن مؤالفتها وتدجينها .فكانت هي من ألفتني وروضتني ..كنت في تلك الفترة عاجزة عن إقامة مسافة بيني وبينها 2007)..ومن جراء ذلك صارت لوجود الكتب في البيت مذاقا آخر (ثم غدت أشياء أليفة، عطوفة ،يُدخل حضورها السكينة إلى نفسي..) وستحاول الابنة وفاءً مع الكتب ،فلا تهجرها في مكانها على الرفوف حين تغادر لبنان ..(جمعت ُ تلك الكتب واصطحبتها معي إلى باريس، لعلّني أقرأها ذات يوم ،) لكن ليس بالوفاء وحدها تحيا الكتب ..(ولكنها ماتزال حتى الآن طلاسم بالنسبة إلي 206).. تغيرت العلاقة مع بقاء الفاصلة (لم أكن قادرة على فتحها ،وقراءتها ، وهكذا فقد خضعت قليلا لسطوتها . ولكّن ذلك كان إيجابيا في النهاية . فقد انتهى حضورها الصامت إلى أن يفرض نفسه 207).. ولنستمع لتعقيب الأب أدونيس على كلام إبنته ..(لقد رفضت ِ تلك الكتب ، ثم انتهيت ِ إلى قبولها، من دون قراءتها .قبلت ِ فكرة الكتاب لامضمونه . ولكن ، لماذا لم تنظري إلى الكتاب بوصفه رؤية أو بوصفه موقفا؟).. يستمر الحوار بين أدونيس وإبنته فنعرف من الإبنة صراحتها المطلقة الجميلة الجريئة ، تتمنى أن يكون بيت عائلتها يأتلف مع بيوتات زميلاتها (حينما كنت صغيرة ، كنت لاأطيق رؤية الكتب ، واشعر بالخجل أمام رفاقي في الصف من ذلك الركام الهائل من الكتب في نزلنا....وكنت إذا ما دعوتهم إلى المنزل، تمنيت أن تختفي جميع الكتب واللوحات عن الجدران 209).. ..أنها تريد حيزا يتشابه مع بيوتات زميلاتها في المدرسة وحسب قولها (لم أكن أملك في المنزل حيزاً كافيا يشبهني / 210).. (*) جماليات الصراحة : بسعة لافة في مقدمة الكتاب : (عزمت ُ على إجراء هذا الحوار مع والدي ، أدونيس ، لأنّني كنت بحاجة إلى معرفته ، وإلى قضاء بعض الوقت معه على الأخص .كنت أودّ أن يحدّ ثني في أمور شتّى ، وأن يجيب عن أسئلة أطرحها بوصفي ،،ابنة ،، ابنته ،وليس بوصفي صحفية ، أو مثقّفة ، أو كاتبة 9)..تحاول الإبنة إستعاد الأب من خلال إعادته لسنواته العائلية الأولى لكن يجيد التملص وإدعاء النسيان !! (ن : حدّثني عن المزيد من علاقتك بإخوتك وأخواتك ، هل كانوا يغارون منك ؟ وأنت ،هل كنت تغار منهم ؟ هل كنتم تتشاجرون ؟ هل كنت تسلك سلوك زعيم للعائلة أم سلوك ولد من أولادها ؟/ 38).. كان ممكن لهذا السؤال المتشعب أن يحصل على فصل من الإجابات السييرية لكن أدونيس محق حزمة الاسئلة بجواب قاس : (لاهذا ولاذاك ) !! ونفس رد فعل ستكون اجابة أدونيس على السؤال التالي :(ماذا كنت تفعل ؟ تشتغل في الحقول ؟ تقول جدّتي بأنه كان لك طبع غضوب، وأنك كنت تهتاج وتثور أعصابك بسبب أو بدون سبب ، فتلجأ إلى اقتلاع المزروعات قصداً..) سيجيب أدونيس بإقتضاب : (ماعدت ُ أتذكر تلك الفترة ) وكذلك حين تسأله إبنته ..(هل يمكنك التحدث عن سنوات فقرك ؟) ثم تحاول تذكيره بنصائحه التي كان يسديها لها ثم تتوسل الإبنة بوالدها ..(إذن ، ولمرة واحدة ربما ، حدّثني بتفصيل أكبر ، أو حدثني في العمق ، عن هذا الجزع الذي مافارقني في يوم من الأيام ) وستحصل الابنة على إجابة عادية كما في المرتين السابقتين ..(يصعب عليّ كثيراً الحديث عن ذلك ، ولكن ماقلته ُ حينذاك مستمد ّ من التجربة المعيشة ..).. *نينار أسبر/ أحاديث مع والدي أدونيس / ترجمة حسن عودة / دار الساقي /بيروت / ط1/ 2010
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أرجوحة بدرية البشر.... ومدام بوفاري
-
كريم عبد - سامي القريني : من خلال صفاء ذياب
-
ياحيدر خضير الكعبي
-
بساطيل عراقية : الشاعر مقداد مسعود يؤرشف مدونة المؤرخ شعرا
-
قدح برتقال + اللحن الختامي لبحيرة البجع ..(الكتابة والحياة)
...
-
مدرجات السواد.. لدى الشاعر كريم جخيور
-
أنادي ..هبوبي عبد الرزاق ..وأعني حسن كنهير : (ذاكرة أرانجا)
...
-
الشاعرة بلقيس خالد : تحصد المياه لترّبي الأشجار
-
الموتود وعين الشمس / الروائي محمد حسن علوان ..في (موت صغير)
-
شبهة الكتابة : تأنيثها..
-
رسالة من الشاعر كاظم الحجاج إلى مقداد مسعود
-
مجيد الموسوي : شاعرٌ بين مقامين
-
عندما يضيء صفير الشاعر ليل العالم... مقداد مسعود في( بصفيري
...
-
الشاعر عصام العلي : يبتكر مطراً
-
عصام العلي : شاعر بذاكرة سمكة
-
قراءة أولى ..في رواية (رصاصة في الرأس) للدكتورة إخلاص باقر ا
...
-
روائية في الطريق الصحيح. الدكتورة إخلاص باقر النجار
-
صعودك في نهار
-
زيت اللوز . بسمة الخطيب ..في روايتها (برتقال مر)
-
جهوية الأمل - الحنين ..في (سيدة الوهم) المجموعة القصصية للقا
...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|