|
نور السامرائي / فدعة بصرية
حسناء الرشيد
الحوار المتمدن-العدد: 5538 - 2017 / 6 / 1 - 09:59
المحور:
الادب والفن
(( كواغد / رحلة الألم والدموع ))
كان انطباعي الأول عن ديوانها هو ذاته ما راودني عند قراءتي الثانية له ، فالحزن هو سيد الأجواء ونجدهُ شاخصاً بصورة واضحة بين أبيات قصائد الشاعرة ( نور السامرائي ) فهي تكتب بطريقة تجعل القارئ لقصيدتها يظن أنهُ يصغي لصوت نايٍ يتهدجُ بألحانٍ حزينة قد تنعى الفراق ، الفقد ، الاشتياق الكبير لمن رحلوا وغيرها من الأسباب التي تدعو للحزن والذي يعتبرُ بصمة مميزة أو ربما ماركة مسجلة لديوان شاعرتنا ..
ففي إحدى قصائد ديوانها تصف الشاعرة بعض الأمور اليومية التي نتعايش معها وتضع لها تعريفاتها الخاصة ، كما في :
المغرب ديرم احمر سلهمتله الكاع
أو ..
النجم حفنة نمش بخدود سمرة وضاع
ونجدها تتحدث عن آثار الحزن الواضحة على وجوه النساء عند فقدهن لأحبابهن فتقول :
خراميش الخدود دروب للونات مو دگات عُربية
وتصف المرأة غير المتزوجة بقولها :
يفزز كاغد الجكليت لو طش غيرة العانس
وهي تصف نفسها بهذه الأبيات :
شبيهة غيم چن نفنوف ابيض وانترست تراب
والحزن لا ينتهي عند هذا الحد فــ ( نور) مبدعة في التقاط الصور الحزينة والتي تتكلم فيها عن نفسها في أغلب الأحيان فنراها تقول وهي تندب حالها :
شو بس عالنواعي الصوت متعود
أو ..
صرت شمعة بشليلي ايامي تتبده
أو تقول ..
بچيت هواي واليجهبني يشتم ساجية بردني
وهي تصف روحها بقولها :
أنه بلون الچفن روحي ولا واحد اليفگدني
وللفقدان أثرهُ الكبير بين أبيات قصائدها والذي تشير لهُ بين الحين والآخر :
مجفي لديرة التربان چبير بعيني بس هو ويكل الوادم صغيرة مشه ويه المالهم رده الأسف مر بيه وتعده
وتستمر في الكلام عن أحزانها في قصيدة أخرى فتقول :
چاكوچ السهر حيل اعله جفني اندگ
أو .. روحي تلملمت عبرة اريد اشبع مناشغ كون وابچيني
اعله شباچ الطريق شگد احلهه وتنعگد عيني
ثم تصف اشتياقها الكبير :
بيا اظفر اذا نشتاگ گلولي الگلب ينحك ( وهي صورة رائعة فعلاً )
ثم تعود للكلام عمّن رحلوا ولم يعد هناك من أملٍ في عودتهم :
شيقنع الروح جوه الگاع ولا يدبي اعله گلبي الشك ؟
و ( نور ) ، رغم أنها لازالت شابة في مقتبل العمر ولكنني قرأتُ في أبياتها العديد من الإشارات التي قد تجعل القارئ يضنها امرأةً كبيرةً في السن ، سيدة خبرت الكثير من التجارب وجعلتها الحياة قادرة على مواجهة المصاعب التي قد تحلّ بها فتزيد من صلابتها وقوتها فهي تتقن الحديث بــ ( سوالف العجايز ) بطريقة تجعلني أستمع لكلام الجدات وهو ينبعث من بين أبياتها فيمنح المستمع له دفئاً وطمأنينة ويجعله يشعر أنهُ يواجه امرأة من ( نسوان گبل ، سباعية ومينخاف عليها أبد ) :
كبروني وتوني ياهل لسه مامستورحة العشرين روحي
وهموني الصفنة عيب وبعرفهم كلشي عيب ( وهذه حقيقة نعيش تفاصيلها كنساء ، فعلاً )
عندي واهس وردة چان الشمس من تگبلني اضحك هسه سنطة مكبرة تحس بصفنتي (( وسابحة بريحة عجوز هدوم ونتي )) .. وصف غاية في التميز
چي مره حجاياتي اضمهن خاف تاكلني اذن هذا وهذاك چي مرة اتفشل ضحكتي
وهي تخاطب والدتها وتطالبها بخلع ثياب الحزن ، رغم أنها تعيشه :
يمه ذبي عصابتچ ياميت بعصابة ردّ ( وهذه الصورة تجسيد واضح للمرأة الجنوبية التي ترتدي ثياب الحزن والـ ( عصابة ) تحديداً والـ( شيلة ) كذلك تعتبران من مظاهر الحزن بين النساء الجنوبيات ..
ونراها ترثي صديقتها ( وجدان النقيب ) بطريقة مؤلمة للغاية :
حبال الصوت لو مرها الهضم ترخه گطعت كل دگم قمصان شفتي وطلعت الصرخة
ألف ياحيف من خدچ غطاه التراب عرفت قيمتچ ناسچ ..
أما رحيل والدها فقد أشارت شاعرتنا لهذا الموضوع بطريقة ملفتة للانتباه في أغلب قصائدها :
أبوي اليوم عرضت صورته بعيني أو ..
واشمن بس عطر مگفاه من ايدي انوخذ سكته مشه ولا عينه دارتلي ولا خلاني ودعته بعده زغير توه اندل لحيته الشيب يملك الموت مو وكته ( ومن منّا لم تمر كل تلك الصور أمام عينيه وهو يذكر رحيل أحبابه ؟ ) ..
والحديث عن( العجائز ) لاينتهي :
وين الگه سمل صرة عيوز وبيها اصر روحي واسلت ذيالها وبيها اعگد جروحي ( يا للأمنيات الحزينة ).
أما قصيدة ( كواغد ) والتي سُميّ الديوان على إسمها فهي من القصائد المثيرة للانتباه حقاً فقد كتبتها الشاعرة برمزية عالية ويستطيع القارئ لها أن يلامس تلك الموسيقى الحزينة المليئة بالتحدي في ذات الوقت والتي طبعت آثارها الواضحة بين سطور الأبيات :
الگاع نار وانت جدمينك كواغد والكواغد ترجف من الخوف لو مرها اللهيب
و ..
لا تمد شوفك مهد للگاطع كماط المحنة طفل روحك لاتعلمها على الماي الغريب
وتسترسل بالوصف فتقول :
وانت ماتدري النهر قاصة جبيرة أمنت مفتاحها ابير السحاب وانت ماتدري الجبل راس الصحاري من تذبحه الريح يطشر تراب
أو ..
چم شمس بخيوطها انوخذت اسيرة ؟ ( صورة رائعة حقاً )
وشاعرتنا لم تغفل الكلام عن القضية الحسينية أبداً فهي تقول في إحدى قصائدها :
يارقية هواي ترفه حبال خشنة شلون تلتف اعله اديها
وتكمل وصف هذه الصور المفجعة فتقول :
حسين فوگ العمد واستورح بچيها
وتقول كذلك ..
چيموا برواحنا بدال الحطب ( وكأنها شكوى مؤلمة )
وتصف الطفل الرضيع كذلك :
والطفل دلاعته حرورة سهم والهوه تگطع گلايد فوگ جيده ورفرفت روحه علم
وهي كذلك تصف السيدة زينب عليها السلام في إحدى قصائدها فتقول في الكلام عن سترها وعفافها :
طاسة عيون شكبرها تبدت اعله خيالها
أو . ..
خاف يعثر صوتها بذن الغريب الصرخة حدر الثوب حطتها بقفص
وفي إحدى قصائدها تتكلم الشاعرة عن حال تلك الطفلة اليتيمة التي لا معيل لها :
تجر جر بعباة امها يمه اشريلي هذا وهذا اريدن صبغ اظافر كون مامجيوس اريدن صبغ اظافر كون وردي وبي شذر متروس
ثم تختم كلامها عنها فتقول :
اليتيم هواي بعيونه الحلم منفوس
ولشهداء الكرادة حصتهم من قصائدها فنراها تصفهم بقولها :
يالمطشر ضحك شبان شابر طولهم دخان حلمهم چان كشخة عيد ما حسبالهم بالعيد تكشخ بيهم الحيطان ( وكأنها قامت بتجسيد الحادثة كلها بهذه الأبيات ) ..
وقافلة أحزانها لاتنتهي بها عند شهداء الحشد الشعبي فهي لن تكون أول محطاتها ولا آخرها حتى بل هي محطةٌ بين عدة محطات فتلك المرأة التي رحل وحيدها عنها تكلمت عنها ( نور ) بطريقة موجعة للروح حقاً فهي ترد على من أخبرها برحيله عن طريق اتصالٍ هاتفي فتقول :
يمه اسم الله طاري الموت خله بعيد دحط سماعتك بذنه اريد ايهيس الحرگة
ثم تكمل كلامها :
يبزر گليبي خُم ريتي وشالة نفس ما تلگه ( وهذا بالفعل هو حال من فقد أحد احباءه )
و تستمر في ندبها :
زغير انت ييمه اشّفت توجع چلمة التفگه وحچت چم سالفه بصدرك والچيلات بعد امك خذت چم وذرة من كترك
و ..
ناوشني كتر من چفنك الباهت اصرّن بي نعاويي
وهو ولدها فلا بد من أن تنعاه بوجع كبير ..
يبو لون الحلو شبدل بياضك دم ؟
أو .. أوصل الزيج لجدامي لمن ينجاب طاريه يربي ادعيت سبع سنين يله بحظني حطيته ( ويا للوجع الكبير !! )
ورغم حزنها لكن الأم لا تستطيع استيعاب فكرة الموت أبداً فنراها تُصبّر نفسها ببعض الأمنيات المستحيلة :
أريد بحظني احط راسه وانعيله واريد افرش عباتي بگبره لو حطوه واتچيله يهلبت من ونيني ايفز يرد للبيت بلكي وياي من يستورح الشيلة
وليت الأموات يعودون حقاً لفعلنا كل ما في وسعنا لأجل تحقيق هذا الأمر ، ولكن وكما تقول هي وصف حال بنات جنسها :
واحنه وحدتنه الفگد كاسر ظهرها هلال معووج بگفاها ..
ورغم أن رحلة الأحزان والدموع في استمرار ولم يُكتب لها أن تنتهي بعد ، لكن الإبداع أيضاً مستمر ولن يقف عند حدٍ معين وسيكون ديوان شاعرتنا الجديد والذي أنتظرهُ بفارغ الصبر دليلاً ملموساً آخر على ما ذكرتُ من كلام فأنا حقاً أعوّلُ عليها كثيراً كامرأةٍ مبدعة وكشاعرةٍ اتخذت لنفسها خطاً شعرياً خاصاً بها لوحدها .
بقلمي / حسناء الرشيد
#حسناء_الرشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(( قراءة في قصيدة من جيل البنفسج ))
-
ميثم فالح .. قصيدة بغدادية ناضجة
-
(( حسن عاشور بلم شعري على ضفاف كارون ))
-
(( إلحاد ))
-
(( اللادينية : أسباب - تاريخ ))
-
- أيما صباح .. قيثارة الناصرية -
-
صالون النواب الثقافي / خطوة في طريق إنجاح الشعر الشعبي
-
إلحاد
-
مهم للغاية
-
(( صرخة ))
-
{ رسالتي الأخيرة .......إليه }
-
{ ترانيمٌ حائرة }
-
{ رسالةٌ ........ في الانتظار }
-
( دموعٌ .... تنزفُ بمرارة )
-
{ موعدٌ ...... معه }
-
{ تراتيلٌ ... لدموعٍ لم تجفّ بعد }
-
{ هواجس ..... قبل الرحيل }
-
{ سمفونية المطر }
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|