|
نصيحة من كاتب عربي إلى الملك محمد السادس
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 02:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نصيحة من كاتب عربي إلى الملك محمد السادس
خاطرة مروان صباح / في عهد عمر بن الخطاب ، استوعبت دولته كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الإمبراطورية البيزنطية ، ويشير التاريخ ، عندما تولى ابن الخطاب الحكم ، صعد إلى منبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من أجل تحديد برنامجه المستقبلي ، وكان قد ألقى خطبته التى تحولت مع مرور الزمن ، إلى أساس من أسس المنطق ، وأثناء صعوده إلى المنبر ، توقف عمر عند درجة التى كان قد اعتاد النبي الوقوف عليها ، ثم تركها وترجل درجة ، وأيضاً فعل ذلك ، حيث كان ابو بكر الصديق يقف ، تركها وانخفض درجة ، وقال مقولته الشهيرة ، هذا المكان الذي يليق بك يا ابن الخطاب ، في المقابل ، نجد عمامات ، قد تكاد تلامس السماء ، تقف اليوم على منابر ، أطول من برج ايفل ، رغم أنها ، تُخطىء بالنحو ، وعلمها لا يرتقي إلى مستوى طفل في دولة ابن الخطاب ، فأي حال أنت به أيها عربي ، أهو انحطاط ، بالتأكيد انحطاط ، ومن جانب أخر ، يؤكد التاريخ ، بأن الناحية المعيشية للخطاب ، تكاد تنطق أغلب نُخيلات المدينة ، بأن عمر كان يستظل تحتها ، ويخلد إلى النوم .
في الحقيقة ، وكوني عربي مسلم ، أجد أحياناً ، أنني أخجل من هويتي ، عندما اُشاهد مظاهر ، كتلك التى يمارسها ملك المغرب ، رئيس وزراء ووزراء يقفون أمام الملك محمد السادس ، ينحنون ، كأنهم يركعون ، وهناك من يُقبل يده بطريقة مذلة لا تليق بالأدميين ، حتى لو افترضنا ، مجرد إفتراض ، أنهم عبيد ، فالمسألة ، مسألة سلوك إنساني ، لأن ، أصل الفكرة التى ينتمي إليها المسلمون ، بما فيهم الملك ذاته ، إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، أي أن ، المعنى الجوهري للفكرة، إخراجهم من الجهل الذي يؤدي بالإنسان إلى الذل والانحطاط ، فكيف من الممكن أن يصدق المرء ، بأن ، هؤلاء الوزراء أصحاب علم ، أبداً ، لأن ، وظيفة العلم ، رفع مِنْ شأن صاحبه ، فكيف يمكن لملك عربي ، أن يقبل هذه الأفعال ، رغم أن ، نسبه يعود إلى الحسن المثنى ، هل المثنى شبيه جده ، كما تذكر كتب التاريخ ، يقبل إهانة الناس واستعبادهم ، أبداً .
الشيء بشيء يذكر ، تاريخياً ، كان الملك الراحل الحسين بن طلال ، في مواقف مثل هذه ، على الفور ، يسحب يده ويتمتم بصوت خافض ، بقوله إستغفر الله العظيم ، لم يسمح على الإطلاق لأحد تقبيل يده ، وفي حادثة ، مازالت تحتفظها ذاكرتي جيداً ، كنتُ بعد الشروق عام 1994م ، خارج من مسجد الطباع متجهاً إلى إشارة السيفوي ، لمحتُ من طرف عيني سيارة اصطفت إلى جانب سيارتي ، وشعرت ، أن هناك رجل ، بلحية بيضاء ، يرتدي على رأسه غترة حمراء وعقال ، ينظر إتجاهي ، في اللحظة الأولى ، توقعت أنه يعرفني شخصياً ويريد إلقاء التحية عليّ ، فإلتفت إليه ، لأجد أنه الملك حسين ، بابتسامته العريضة ، فألقيت التحية وأنزلت نافذة السيارة ، وقلت ، السلام عليكم ، فقال وعليك السلام ، ثم نظر إلى رجل الحماية الذي يقود السيارة ، وأمره بفتح النافذة ، ثم قال ، الله يصبحك بالخير يا ابني ، فقلت ، ما أجمل أن يقف الملك عند الإشارة الحمراء ، هنا ، توارت ابتسامته ، وقال لي ، بصوت ممتزج بالجهوري والرخامة ، وظيفتي كخادم هذه الأمة أن أراقب تنفيذ القانون ، فكيف لي أن أُخالفه ، ثم تبسم وقال ، حفظك الله ، وانطلقت السيارة والذي لفت انتباهي ، كانت بمفردها .
وظيفة الكاتب ، نصح الحاكم والنظام والمجتمع ، وإذا، الكاتب تنازل عن هذه المهمة ، يصبح بركب المهرجين ، ومن هذا المنطلق ، أنصح الملك محمد السادس ، بعمل مراجعة شاملة للبرتوكول المكلي المعمول به ، لأن الدنيا تصلح بالكفر والعدل ولا تصلح بالايمان والظلم ، وقد قال رسولنا الكريم ، عن هذه الأفعال ، يفعلها الأعاجم مع ملوكهم وأنا رجل منكم ، أي لا يصلح فعلها معه ، وأيضاً من عمل الكاتب ، تقديم المقارنات ، فعندما أُشاهد ولي عهدكم ، كيف يتعامل معه رجال كبار في العمر ، أخجل وأشعر بحجم الذل الذي يلتف حول رقابهم ، في المقابل ، أراقب حفيد الملك حسين ، وولي عهد الملك عبدالله الثاني ، على الأخص ، في مشاركاته الشعبية ، أجده ، رغم أنه عسكري ، إلا أنه ، يقصد في مشيه ، كأنه يمشي فوق السيوف ، خجلاً من أن يجرح مشاعر من حوله ، ويلتفه تواضع يأسر من حوله .
وهنا ، لا بد من التذكير أو الاحرى التصحيح ، بأن النسب ، لا يعني أبداً ، الصعود على بؤس الناس بقدر ما هو تكليف ومسؤولية ، بل الأصل منه ، إخراج الناس من البؤس والجهل إلى العلم والأنسنة ، ورفع من كرامة الإنسان ، لأن ، من شروط الإنسان ، أن يكون آدمي ، والآدمي ، لا يفعل سوى أفعال تضيف للأنسنة ، لا تنقص منها ، وهنا أيضاً ، من حق المرء ، أن يتخيل مشهد من مشاهد القيامة ، عندما ينادي المنادي ، يا حسن المثنى تقدم ، بالطبع ، سيأتي بعلمه وأعماله وتأتي سلالته ، بأعمالها ، حسب رأيك ، ما هي الأعمال ، التى ستأتي سلالته بها ، تقبيل الايدي والركوع وتجويع وإهانة الناس ، لقد سبقنا ابن الخطاب بقوله ، بئس الوالي أنا، إن شبعتُ والنَّاس جياعاً، وألحقها بوضع معادلة ارتباطية ، عزة المسلم بالإسلام ، أي ممارسة قيمه ، وقال النبي الكريم ، لأبنته فاطمة ، اخاف يوم القيامية ، تأتي الناس بأعمالها وانت تأتي بنسبك ، يوم لا انساب ، وقال محمود درويش في قصيدة ، الهوية ، أبي من أسرة المحراث / لا من سادة نجب / وجدي كان فلاحاً / بلا حسب ولا نسب / يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب / وبيتي كوخ ناطور / من الأعواد والقصب / فهل ترضيك منزلتي / انا إسم بلا لقب ، وأخيراً ، لا يوجد خلاف ، إن أردت ، أن تسير على السجاد الأحمر ، لكن ، لا تمشي على ألم الشعب ، لأن ، العزة يعني القوة ، والذل يعني الإنهيار وتراجع الدولة .والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة الفلسطينية بين التجميد والتحجيم
-
الضحية والنجاة
-
لماذا إبراهيم دون الآخرين .
-
مروان صباح / ابو محمود الصباح ، صلاح خلف ، محمود درويش ، ابو
...
-
الهتيف والسحيج والعريف
-
حذف الأصل لصالح الصدى .
-
هي والمرآة
-
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
-
الصحفي والطوبرجي والمقاتل
-
أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم
-
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
-
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|