قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5532 - 2017 / 5 / 26 - 20:43
المحور:
المجتمع المدني
مُتخمون ومُعدمون ..
عند سماع آذان المغرب ،يوم غد، أول أيام رمضان، سيجتمع أفراد الأسرة المسلمة حول مائدة إفطار .
فمنهم من ستكون مائدته مُتخمة بأصناف متنوعة مما لذّ وطاب، بينما الغالبية ستجد على مائدتها اليسير مما تيسر ..
ستحتارُ القلة المتخمة ما تأكل ، وستقوم الغالبية المُعدمة عن مائدة إفطارها بنصف معدة خاوية ..
سيتلذذُ ابناء النعمة والمتقلبين في نعمائها بالشراب والحلويات، بينما الغالبية ستكتفي بالماء الملوث وبعض الفاكهة الفاسدة .
لكن النفخة الفاشية الكاذبة ستتحدثُ عن التكافل وموائد الرحمان ...
وستنطلق الجعجعة من الأفواه المُتفذلكة ، عن مشاركة الاغنياء للفقراء في مشاعرهم واحاسيسهم وبطونهم المنتفخة من الجوع ..
لن تجد الغالبية من المسلمين ما تتبلغ به ساعة السحور ، وسيجلس المُتخمون حول موائد المطاعم والفنادق الراقية ليتسحرون ...
لكن المعدمين سيحظون بالتخمة في عدة مجالات ..........
سيحصلون على وجبات هائلة حتى التخمة من الخطب والبرامج الدينية عبر شاشات تلفزيوناتهم والتي ستُجيبُ على كل تساؤلاتهم بما يخص الصيام صحيحه ومُبطلاته.. انها نفس الخطب ونفس البرامج التي كانت في رمضان الماضي وقبل الماضي والذي قبله...لكن مع تغيير الشخصيات والخطباء..
سيتمكن الصائمون المُعدمون من مشاهدة مسلسلات جديدة سخيفة ومكررة بالعشرات..... حتى التخمة .
سيتابع الصائمون المُعدمون، وربات البيوت منهم خاصة، برامج طبخ خاصة برمضان، تقدمها التلفزيونات... لكنهم لن يصنعوها في بيوتهم ،لأن تكلفة الطبق الواحد تُعادل الأُجرة الشهرية لعامل أو موظف من طبقة المعدمين المحظوظين ..
سَيَسيل لعابٌ كثير من الصائمين المعدمين وهم يتخيلون ما يضعهُ المتخمون على موائد إفطارهم ..
وسيبلغُ الغلاء في الأسعار والتلاعب فيها ،حدّه الأقصى في هذا الشهر الفضيل ، فما هو إلا فرصة سانحة للكسب السريع والاستغلال البشع ..
لكن المعدمين سيشبعون من سماع المواعظ التي تحثهم على القناعة والتقشف ..
وسيُتخم المُعدمون من سماع الإكراميات الملكية والرئاسية والتي ستُغدق على الفقراء والمساكين ، ولا يصلهم منها شئ....
وكل رمضان وأنتم بخير ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟