مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)
الحوار المتمدن-العدد: 5530 - 2017 / 5 / 24 - 22:53
المحور:
الادب والفن
)ثرثرة قلب(
ثرثر يا قلبي، فإني ها هنا أخرس لا اسمعك.
ثرثر ما بدا لك، فلن يردد صداك الجبل الذي آواني.
ولن تحفل بثرثرتك اشباح مقبرة (كرى كور) في السكينية.
ثرثر بأحلامك صباح مساء، ودعني اترقب قدوم الفجر وحدي.
في احلامك ترافق ذات عيون سوداء تارة، وتغرق في بحور ذات عيون عسلية تارة اخرى، وأنا لا ارى سوى سبية تصرخ.
ثرثر يا قلبي، ثرثر ما بدا لك، فإني لا اسمعك.
أنت يا قلبي تتكلم عن مواعيدك في الليالي الصيفية، وأنا ساكت ارتجف، وأنشد الدفء في ليالي الشتاء الكافرة.
تتكلم عن بتلات الورد، والزنابق الملونة الطافية في البحيرات الهادئة، وأنا ابحث عن كسرة خبز يابسة.
تغنّي للقمر في آب، وأنا اشكو من شمس آب.
تتباهى برقصاتك ودبكاتك، وضوع الدهون والعطور عليك، وأنا أجثو داعيا ألا يضل المزيد من الموتى دروب مقابرهم.
تتكلم عن شرابك وأنخابك، وتتبجح بعربدتك، واتأسف لتأخري في تقديم آخر قطرة ماء في زمزميتي لطفل قضى نحبه عطشا.
تسعد بالفرح وتثرثر عنه، واحزن من الترح ونفسي تنقبض واسكت عنه، ففي الأفراح القلوب تغني، وأنت رقصة صاخبة يا قلبي، وأنا قبر صامت.
كنت مثلك بالأمس، شقيّقة تتمايل مع نسيم نيسان، واليوم أنا ثلج يغطي الشقائق.
بالأمس كنت شجرة تين مثمرة ضاربة جذورها في قلب الأرض لا تمر غادة إلا وذاقت حلاوة ثماري، واليوم تراني قرمة بلوط مقطوعة لا يعمل فيها النار في هذا البرد.
أنت تثرثر لنجوم بعيدة، وأنا اشكو من شمس حارقة، فأنت يا قلبي لا تهمك حقيقة الشمس، وأنا لا يهمني سطوع النجوم البعيدة.
دعنا نتحاكم يا قلبي دون أن نتصالح، فماذا جنيت من رقص الزهور حواليك؟ وماذا جنيت من رائحة الأشلاء حواليّ؟
أنت تتبع حلما، وأنا اجاري واقعا، فلا احلامك تتحقق، ولا واقعي يتغير.
هذا زمني الهرم الذي توقفت فيه عن الترحال، وهو زمنك الذي تعيش فيه على الوهم، فلا أنت تقر بفشلك وتريني كفّك الخاوية، ولا أنا أقوم لأريك نفسي الخاوية.
إني جالس ها هنا، وأنت تطارد هنا وهناك.
ثرثر يا قلبي ولوّن سماءك بأقواس قزح، ودعني أغادر هذا الميناء الخرب.
بعد افتراقنا سيأتي يوم لن يسألني أحد عنك، ولن يدر بخلد أحدهم أن يسألك عني.
عند ذاك نكون قد خدمنا الناس بابتعادنا عنهم أنا وأنت.
استمر بثرثرتك لأواصل صمتي أيها القلب الثرثار.
*******
#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)
Murad_Hakrash#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟