عامر غانم
الحوار المتمدن-العدد: 5529 - 2017 / 5 / 23 - 20:56
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
,الجمهورية الفاشلة !
أين فشلنا ؟ , و أين تتلخص المشكلة ؟ , ماهي سلسلة القرارات أو الأحداث التي أوصلتنا لما أوصلتنا ؟
قيل ! : لو حاولت عام 2010 أن تتصور أسوء سيناريو يمكن أن يحصل لسوريا فستعجز أن تصل بمخيلتك لأبشع من هكذا مصير أصابنا !
الحقيقة هنا !بأن لابد من كل كارثة أو إخفاق على مستوى دولة أن يرتبط بعوامل موضوعية خارجة عن سيطرة الشعب أو الطبقة الحاكمة, وعامل ذاتي ينبع من قرارات لم يكن يجب أن تُصدر و قرارات كان لابد منها لم ترى النور !
: دعنا نلخص القضية في ثلاث أبعاد من الأكثر موضوعية إلى الأكثر ذاتية !
_في الاطار الواسع!
سوريا الصغرى بمعنى آخر (سوريتنا) هي وحدة جغرافية متكاملة قائمة بذاتها ذات إطار تاريخي و عرقي متكامل يجعلها أمة تامة
وهي أساس لشعوب قامت على أرضها وعاشت وروت بدماء أبنائها أرضها منذ اليوم الذي دخلتها روما وحتى قسمتها الدول الاستعمارية وما بينهما من غزو لايديولوجيات دينية مختلفة كان لها دورها في خلق ارتباطات لهذه الأرض خارج الأسرة السورية !
لا يمكن أن نسطح عقولنا ونحاول أن نعطي تفاسير آنية ومستعجلة لأزمتنا هذه , لأنها ليست قضية سياسية بل بالعمق هي قضية هوية ضائعة على مدى التاريخ , كوننا وهبنا هويتها العريقة ,لأمم وشعوب غازية جعلت من سوريا جزء من بنية كيانها !
فسوريا لم تكن قط يهودية ولا تابعة لاسرائيل الكبرى كما رسمتها اسرائيل في عقول شعبها وليست هي جزء من منظومة اسلامية ولا هي أرض الميعاد وبالطبع ليست جزء من أرض عثمانية ولا مرقدا مقدسا لبعض من البشر لم تبق منها إلا العظام ولاهي شيء من هذا وذلك , يجب علينا أن نقف وقفة حازمة مع ذاتنا بغض النظر عن الاديولوجيات التي تقودنا والتي رضعناها منذ الصغر, و التي هي في بقرارة انفسنا لابد أنها محقة !
الأديان والطوائف والفلسفات و الأديولوجيات التي تمزقنا عن ماهيتنا لها دورها القاتل في رسم واقعنا الحالي وإن غياب أي وعي وطني لدينا يجعل من الانسان السوري, أعلى من أي قضية وأهم من أي فكرة هو ما أوصلنا إلى القاع !
تقديس سوريا كأمة والسوررين كشعب واحد في جغرافيا وَحدة أعراقه ,هو ما يغيب عن مكنوناتنا , هل كانت لتقوم لبيزنطة قائمة لولا سوريا ! هل كان للعرب ما سيطروا عليه لولا سوريا !, هل كان للعثمانيين من امبراطورية لولا سوريا !, ألم ترتبط ازدهارات الشعوب والأمم الدخيلة ارتباطاً عضوياً بمن يحصل على سوريا و أرضها وابداعات شعبها !
آن ألأوان بأن نجعل لتلك البقعة الرائعة من الأرض تهليلاً ومعاملة ترقى لها. فالشعب إن لم يفخر بقوميته الحقيقية لن تقوم له قائمة وسيبقى جزء من شيء. لا ناقة له فيه ولا جمل
_في الاطار الضيق !
لم تلق محاولات انطون سعادة تصحيح المسار الضائع للهوية السورية, صدى داخل دور العبادة و قاعات اجتماعات أحزاب الارتباطات الخارجية بل على العكس كان لمبادئه البسيطة والفعالة وقع مؤلم على من خاف على كرسيه وسلطته أن تهتز. وعندها آن الآوان للقضاء على نهضة, كادت أن تعيد لسوريا وهجها وحدث ماحدث !
لم يكن أسوء من الاغتيال السياسي لانطون سعاده إلا الانشقاقات في بنية الحزب والتي لم تجلب إلا أشباه القوميين من قيادات خانعة بعثية الجوف انهزامية الهوى ! . بدلاً من التطوير والنشر و التوعية ,جرّت بابناء حزبها في تحالفات خاسرة مع قيادات سياسية فاشلة و مرتبطة جعلت من الحزب شريكاً في تدهور الحالة الاجتماعية والسياسية للأمة السورية على مدى السنيين ليس فقط كونه رفع -متمثلاً بقياداته- راية الاستسلام والشروع تارة الى العنف وتارة آخرى لتقبيل الايادي والخنوع على حساب القضية بل ايضاً نتيجة التقوقع بالحزب ضمن كانتونات طائفية عائلية ضيقة سلبت منه روح التوحيد والاطار الجامع وافقدتنا ما كاد أن يكون نواة للتوحد على أساس التاريخ والأرض ينفع أبناءه وأبناء أبنائه
_في صلب القضية السورية الحديثة :
قامت انتفاضة الشعب وحملة رايته في البداية مجموعة من الناس ذات الأبعاد والنوايا المختلفة تجمعوا على فكرة بأن النظام البعثي بفساده وقمعه آن له أن يولي الدرب أو يصلح ما يصلح إن فلح ,ولن يفلح !
لم تكن هناك قيادة ولا نهج ولا إطار سياسي يجمع البشر ضمن هذه الحركة الشعبوية وافتقرت للأهداف و التنسيق ولكنها توحدت على فكرة (كفى). وذلك قبل أن تسبح في بحر الفوضى واللاوعي ! وهناك بالمقابل كان للطرف الأخر نهج وهدف واضح( لا تنازلات ولا حلول) ولكنه رغم ذلك افتقر حتى لأدنى متطلبات القيادة وكان الغباء السمة الأبرز للثلة الحاكمة و الأفرع التابعة لها ففشل اعلامياً وفشل شعبوياً واجتماعياً وسياسياً وخلق عنفاً لم يستعد له و أشعل فتيلاً بمجتمع لا يعرف ماهي السياسة! بل يعرف فقد كيف يرد! وهكذا ولت البلد كعجلة ترميها من سفح جبل لايزيد الوقت إلا سرعة تدهورها
اديولوجيات وطوائف ونفوذ هنا وتدخلات هناك, حرب مقدسة عند البعض وحرب بالوكالة عند البعض الأخر وكله .على حساب الإنسان السوري
من المسؤول ؟ : عندما يصبح قتل السوري عندك اهون من قتل السعودي و الايراني وعندما يكون الحجر لديك أغلى من الإنسان وبضعة كلمات وأفكار ينطقها تساوي عندك حياته فأعلم أنك أمام مشكلة هوية وماهية مفقودة وبوصلة لا تعمل !
ما الحل ؟
قد تكون هناك حياة أخرى أبدية ولكلًّ الحرية التامة في السعي لها ضمن الاطار الشخصي ولكن ما نعلمه بالتأكيد هو أن لنا هنا حياة ولأبنائنا من بعدنا كما كان لأجدادنا أصحاب الأرض من قبلنا لذا علينا السعي لجعل هذه البقعة من الأرض منزلنا وقبرنا نتشبث بها ونجعل من الانسان السوري الذي عليها والذي هو انا وانت اعلى واسمى من اي اديولوجيا و قضية بل هو القضية الأم , وطالما سعينا بحق لزرع تلك الأفكار فينا و بأبنائنا قد نجد الطريق نحو النور وطالما اعتزينا بتاريخنا الحقيقي كأصحاب أرض بغض النظر عن ديننا وتربيتنا ستبقى لنا اليد العليا في الأمة ولن تستطيع الدول الطامعة أن تستغل عواطفنا بل ودعني أقولها غبائنا ! في حروب نحن خاسروها !
تحيا الأمة وحياك أخي السوري!
#عامر_غانم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟