أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نغم المسلماني - ثورة على الذات














المزيد.....

ثورة على الذات


نغم المسلماني

الحوار المتمدن-العدد: 5529 - 2017 / 5 / 23 - 13:46
المحور: الادب والفن
    


تزاحمت خطى المارة على طريقٍ تمازج هوائه بتراتيل تنبئ بخطب جلل، فما أوثق النقش على اللحد؛ وما أشد القلوب وهي تعصب عينيها عما غدا من رؤى الأحباب.
ما تلك الأصوات التي قصمت ظهر الصمت؟ هل فارقتُ جسدي وحلقتُ في عالم آخر هو أقرب للرفعة؟ أم تراني أقف على طريق الجنة الموعودة؟
كلا.. لم أمت بعد، فما زلتُ أسمع تلك الألحان تنشدها حناجر القلوب، وأتحسس تلك الخيبة التي سرت في جسدي كما السم الزعاف، وكل ذاك التخاذل الذي شد أوصالي إليه مانعا إياها مرافقة من حسنوا الرفقة من الأنبياء والصديقين والصالحين، وكأنها ثورة من الحواس قد ثارت لتوقظ حممي، ثم ابتعد ذلك الهتاف عن مرافئ سمعي " نحن انصار الحسين " وبدأ يخفت شيئا فشيئا حتى تلاشى، ورتل الأبطال لم يبق منه سوى خيالات عسكرية خلف الهواء الذي يقف بتحية إجلال بين الأرض والسماء ويشتعل لهبا من فتيل الواجب.
رحلوا على مرأى بصري وخلفوني دونهم أحمل عبء انكساراتي، عار علي، فذريعة الأهل والأبناء شماعة كانت أولى بجاري " أبا محمد " لو أراد تعليق ثياب تقاعسه عليها، فهو يملك كل دواعي التخاذل، زوجة وخمس بنات وأم طاعنة في السن هزيلة القوى وليس من ولد يشد عضده ويحمل عنه ثقل أيامه، ورغم ذلك رايته للتو يسابق الريح ولا ينظر خوفا من أحداقٍ قد تهزم إصراره.
طأطأت راسي خجلا! فأوهام الأسباب لا تليق بي، فأنا أبن كرب وبلاء، وربيب العشق الحسيني، أنا قطرة من جود العباس وحرف من شجاعة الحر الرياحي.
لم أحتمل مرارة الذل، قل لي بربك، هل يحتمل الذل؟! إذن سأركض الآن مسرعا الى داري؛ ابحث بين ملابسي التي جهزتها لمثل هذا؛ عن نقود ادخرتها ليوم فاقتي.
ها هي زوجتي، رأتني بتلك الثورة العارمة على الذات، فسارعت تسألني عما أبحث؟! شددت على يديها بقوة وأجبتها:
ـــ أنني سألتحق الى جبهة القتال مع أبناء مدينتي، ومن اجل ذلك، ابحث عن ما ادخرته من نقود كي اشتري بها بدلة عسكرية وسلاح.
أوصيتها برعاية الأولاد، وأن تقوي عزيمتها تأهبا لما ستتجرعه بعدي لأنني لن أتوانى عن هدف أصبح محفورا بذاكرتي، كنت أتكلم بسرعة لأسابق اللحظات، فالوقت يمر دون سريعا.
أما زوجتي، وبكامل هدوءها، أخرجت ما تملك من نقود في حقيبتها وأعطها لي قائلة:
ـــ وأنا أوصيك بقراءة سورة الكرسي كي تكون حرزك الأمين، ولا تخف من الموت فلك حياة أخرى خير وأبقى، أما بالنسبة لأطفالك، فلا تقلق عليهم أبدا، فهم وأنا في عين الله التي لا تأخذها سنة ولا نوم.
تفرست وجهها بنظرات الاستغراب، فلم أعهدها بهذه القوة، عندها بادرتني بالإجابة عن سؤال قرأته في ملامح وجهي الذي لا يحترف الكذب.
ـــ نعم، أذهب... فأنا الآن أنظر إليك بعين الزوجة الخائفة من فكرة فقدانك بل أنظر بمرآة الزمن لسيدتي زينب عليها السلام وهي تودع أخوتها وحُماتها، فما أنا من سيدتي زينب ومن أنت من الحسين عليهما السلام، وإلا؛ ما الفائدة من عبارة رددناها كثيرا بلسان الولاية " يا ليتنا كنا معكم "... أذهب.. فأنا لن أمنعك من نصرة الحق وتأدية الواجب، فقد حان وقت الاختبار، وكل منا سيأخذ دوره.

لم اشرد كثيرا بعباراتها سوى أنها أعطتني أسبابا أخرى تدفعني بزخمها صوب الطف الجديد، فمضيت بأبهى حُلة من ثيابي العسكرية وسلاحي الذي اتقد بقوة زندي وفتيل بسالتي، ولم تهرب الهتافات من مرمى سمعي، وروحي لم تهدأ منذ صحوة جهادها حتى لفظت آخر الأنفاس وهي تردد عبارة أغاظت الأعداء" لبيك يا حسين... لبيك يا حسين ".
أنا الشهيد حسين حسن عباس، نثرت جلنار روحي في مدينة تكريت في 21 حزيران 2015 بعد ثورة من الانتصارات، ومن حيث أنا الآن، ما أروع رائحة الفردوس؟ وما أجمل حسن الخاتمة؟



#نغم_المسلماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة السكر
- أكف الرحمة
- أوراق متساقطة
- إشعار بالحياة
- همس
- حلم أزرق
- تستحق الاهتمام
- رحيل
- بقايا نقود
- منزل بلا روح
- شراكة من نوع خاص
- خلف العتمة
- كلمة واحدة لا تكفي
- طوق ذهبي
- اعترافات خفية


المزيد.....




- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نغم المسلماني - ثورة على الذات