أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مزاحم مبارك مال الله - ضوء على واقع الوضع الصحي في العراق















المزيد.....



ضوء على واقع الوضع الصحي في العراق


مزاحم مبارك مال الله
(MUZAHIM MUBARAK MALALLA)


الحوار المتمدن-العدد: 5529 - 2017 / 5 / 23 - 10:23
المحور: الطب , والعلوم
    



يعد نظام مراكز الرعاية الصحية الأولية في العراق من الأنظمة العالمية الذي خططت له ونفذته الجهات الصحية العراقية منذ زمن ليس بالقصير بعد ان ثبتت أهميته وفائدته في عدة أتجاهات ومنها: تقديم الخدمات الصحية الأولية للمواطنين،الرصد الوبائي،المسوحات الصحية،الصحة المدرسية أضافة الى تطبيق برامج اللقاحات.
والى جانب ذلك فيوجد في العراق نظام التأمين الصحي في القرى والأرياف والمناطق النائية، وزاد من أهمية الأعتناء بالجانب الصحي ما تم تخطيطه وتنفيذه من نظام العيادات الشعبية والتي تفتح أبوابها أمام مراجعيها ما بعد أوقات الدوام الرسمي الصباحي.
تنتشر في العراق شبكة واسعة من هذه المراكز والعيادات، والعمل فيها ينصب على تقديم خدمات رعاية الحوامل والأطفال وطلاب المدارس والتعامل مع أمراض المواطنين سواء أمراض حادة أو مزمنة. وقد مرت تلك العيادات والمراكز بجملة من الأنقلابات الأجرائية سواء على صعيد تعريفة أجور الكشف وصرف الدواء أوعلى صعيد الدوام فيها أو أستخدامها لنظام الأحالة الى المستشفيات، وغالباً ما تصل لإدارات تلك المراكز والعيادات تعليمات خاصة وعامة تغير وتستحدث وتوجه و..الخ، وأغلب تلك الإجراءات والقرارات هي إدارية ونادراً ما تكون فنية. فتراها مرة تعفي الطلبة من التعريفة، ومرة تحرم الطبيب المعالج من صلاحية منح الأجازة المرضية (بما يزيد عن 72 ساعة) ومرة ترفع أجور الكشف في العيادات الشعبية وأخرى تحصر أجهزة الأشعة بالعيادة الفلانية دون غيرها, ناهيك عن مفردات الأدوية والعلاجات هي الأخرى تعاني من هبوط وأرتفاع كفة توفرها.
ومع كل ذلك فمراكز الرعاية الصحية الأولية عليها أن تستقبل المواطنين ضمن الرقعة الجغرافية (رغم إن عدد مراجعي المراكز متفاوت). والمراجعون يتوزعون بين الحامل التي يُفتح لها سجل المراجعة الشهرية وتعطى لقاح الكزاز ومقويات الحمل ومراقبة كل ما يتعلق بالحمل من وزن وضغط ..الخ وهناك أمر في غاية الأهمية يحتاج الحيطة والأهتمام ألا وهو الحوامل الواقعات تحت دائرة الخطورة أي اللاتي يحتجن الأهتمام والمتابعة وهن (ممن حصل لهن أسقاطات،ذوات دم Rh سالب، اللاتي أجريت لهن عمليات قيصرية، ذوات ضغط الدم المرتفع ...الخ)،والسؤال الذي يطرح نفسه هل الحوامل يلقين الأهتمام من قبل الطبيبة؟علماً أن هذه المراكز لايعمل فيها الأختصاصيون وأنما الممارسون، نستطيع أن نؤكد إن الغالبية العظمى من الحوامل لا يلقين الأهتمام والرعاية المطلوبة والسبب نسبتهن العالية الى كل وحدة رعاية، علماً إن الدافع الأنساني لايكفي لدفع الطبيب للأنغمار والأبداع في عمله بالمركز وأنما هناك الدافع المادي والمعنوي الذي يجب أن يتوفر له ومع إن الطبيب العراقي تحسن راتبه بعد التغيير لكنه لازال بعيداً عن الطموح!
أما النوع الأخر من المراجعين فهم الأباء والأمهات الذين يحملون أطفالهم الصغار كونهم مشمولين ببرنامج اللقاحات، وهو برنامج عالمي لاجدال عليه وضمن ما مطلوب في منطقة الشرق الأوسط ، والبرنامج يشمل تلقيح الأطفال خلال الأسبوع الأول من الولادة ثم من عمر شهرين وكل شهرين(ثلاث جرعات) ثم بعمر 9 أشهر و1.5 سنة وأربع سنوات وأخيراً بعمر الدخول للمدرسة، فما هي المشاكل:
1. لازال وعي الناس بخصوص اللقاحات دون المستوى وخصوصاً بالمناطق النائية والريفية.
2. عدم توفر اللقاحات بشكل كامل في الكثير من الأيام، أي إن الأهالي يعانون من نقص في أحد أو أكثر من مفردات اللقاح خصوصاً تلك التي تُعطى خلال أشهر 6،4،2.
3. أنقطاع سلسلة التبريد وخصوصاً بالصيف، وذلك بسبب أنقطاع الكهرباء،رغم إن الجهات الصحية وفرت البدائل،فإن انقطاع هذه السلسلة من شأنها أن تتلف اللقاح.
4. عدم أكتراث الأهل باللقاحات، فغالباً ما تمضي فترة ليست قصيرة على المواعيد.
5. الوضع الأمني وتهجير المواطنين ونزوحهم ضيّع الموقف التلقيحي للأطفال فأصبح الأعتماد على ذاكرة الأم والأب وعلى وصف اللقاح لهم بغية معرفة ماذا أخذ الطفل وماذا بقي له من لقاح.
6. ومرة أخرى ولكثرة المراجعين وقلة الأطباء فأيضاً لا يخضع الطفل الى الفحص الطبي قبل أعطائه اللقاح.
النوع الثالث من المراجعين هم الطلاب، وهؤلاء يأتون في ثلاث حالات: الحالة الأولى مرضى حقيقيون وهم قلّة، الحالة الثانية جراء تفشي بعض الأمراض الوبائية وهم حسب موسم إنتشار الأمراض الأنتقالية كألتهاب الكبد الفيروسي أو جدري الماء أو النكاف أو الحصبة ..الخ أما النوع الثالث من الطلاب ويشكلون الغالبية فهم الذين يأتون طلباً للأجازة المرضية كون لديهم أمتحان فيتم تأجيلهم من الامتحان بمجرد أن نمنحهم الأجازة، وأذا ما رفض الطبيب منحهم الأجازة خصوصاً أذا كان أمتحان رئيسي،على أعتبار أنهم متمارضون، فيحصل للطبيب ما لم يخطرعلى باله!!(وهذا ما حصل فعلاً وفي بغداد العاصمة وبأمثلة عديدة).
النوع الأخر من المراجعين هم ذوي الأمراض المعروفة. وبقي نوع ربما غير موجود في البلدان التي تبنت وأسست وطبقّت نظام مراكز الرعاية الصحية، ألا وهو نوع سماسرة الدواء، فأعداد غير قليلة تدعي المرض، وأخرى تأتي لصرف دواء محدد، وأخرى لها علاقات مع العاملين بتلك المراكز،فماازال المواطن العراقي يبحث ويهتم ويتأثر ويعمل بأسلوب الأقرباء والمعارف وهذا من عشيرتي وذاك أبن منطقتي ...الخ.وتجد هؤلاء السماسرة أما يعملون لصالحهم أو لصالح بعض منتسبي المراكز نفسها كون المنتسب لايستطيع أخراج الأدوية معه.
بعض مراكز الرعاية الصحية الأولية نموذجية أي بمعنى فيها أجهزة ومعدات وتسهيلات لاتوجد في المراكز الأخرى أضافة الى سجلات أحصاء الولادات والوفيات.
المراكز الصحية عموماً تقسم الى وحدات، ومنها وحدة رعاية الأم والطفل، وحدة الصحة المدرسية والعينية والتي تقوم بجولات في المدارس لفحص الطلبة في المدارس والغاية أكتشاف العاهات والأمراض المزمنة والوراثية، وهناك وحدة الأسنان ووحدة الضماد ووحدة الرقابة الصحية ووحدة الأحصاء وغيرها.
المسميات والترتيب الوظيفي شئ والواقع شئ أخر!
ماذا يحدث على أرض الواقع؟
• وحدة الصحة المدرسية في أغلب جولاتها لاتفحص الطلبة بشكل علمي سليم، وأغلب الأحيان يقوم بالجولات معاون طبي أو فاحص بصر وليس الطبيب.
• أما وحدة الأسنان فمعظم كراسي الأسنان عاطلة، الكاربول (بنج الأسنان) في أغلب الأحيان غير موجود، وإن وجد فمحدود الكمية. في مراكز الرعاية الصحية الأولية لا يكترثون لحشوة الأسنان. وغالباً ما يحيلون المريض أما للعيادات الخاصة! أو هو المريض ذاته يحيل نفسه إليهم!! أو يحيلونه الى مراكز الأسنان التخصصية،والتي تشهد الأزدحام والمواعيد البعيدة.
• حدات الضماد الرجالية والنسائية / فكل الأدوات والأوليات التي يستعملونها بائسة
• وحدة الرقابة الصحية، ففي العهد البائد كانت تعاني من الفساد الأداري والمالي، أما ما بعد التغير فقد تضاعف فيها الفساد ووصلت الى حدود لا يمكن تصورها خصوصاً في ظروف غياب القانون، مما جعلها عملياً غائبة عن مهامها الرقابية والتي هي بالحقيقة تمثل روح صحة المجتمع وأنفاسه.
• وحدة الأحصاءات/لاتوجد أحصائيات علمية دقيقة في مراكزنا الصحية وأغلبها عشوائية وغير سليمة، بل وفيها الكثير من (زيف) الأرقام ، مما بعني عملياً غياب قاعدة البيانات التي وفقها يمكن بناء ستراتيجية صحية صحيحة.
العيادات الشعبية /ويستطيع حتى الطبيب الأختصاصي أن يشتغل فيها وتحُسب للأطباء العاملين في هذه العيادات نسبة من أجور كشف المرضى، لذا تشتغل المضاربات!هذا أضافة الى إن من مهام العيادات الشعبية توفير أدوية الأمراض المزمنة كالسكري وأرتفاع ضغط الدم،عجز القلب،الصرع ..الخ والمريض يزود بدفتر الأمراض هذه حسب وصفة الطبيب المشرف على علاجه يُصرف له العلاج ،ليس هذا بمشكل ولكنها تكمن في عدم توفر بعض الأدوية وعدم توفرهذه الأدوية له أسبابه العديدة!!وأغلبها خارجة عن القانون.في الأونة الأخيرة راح المسؤولون عن هذه الأدوية يقومون بعملية ترشيق الحصة الدوائية!!!
والأغرب في كل ذلك فإن العيادات الشعبية في العراق سجلت أنخفاضاً كبيراً بعدد مراحعيها والسبب هو الزيادة التي حصلت بأجور الكشف فيها مقابل خدمات بائسة.
هذا بشكل عام، ولابد من ذكر الكثير من الحقائق السلبة المشتركة الأخرى كالرشوة لعمال التنظيف، وصرف الدواء للمنتسبين دون أستحقاق مرَضي،تسريب الأدوية بطرائق متعددة، وغير ذلك.
ولابد أمن الأشارة الى إنه قد تم تحويل العديد من هذه المراكز الى متاحف لصور الشخصيات والرموز الدينية! فكنّا نعيب على العهد المباد بصورة واحدة لرئيسه أما اليوم فالمراكز والعيادات تعج بعشرات صور الأسبقين والحاضرين.

المستشفيات
في العراق نوعان حكومية وغير حكومية (ويطلق الناس عليها مستشفيات خاصة أو أهلية)،والمستشفيات الحكومية بعضها عامة وأخرى تخصصية، والمستشفى العام هو الذي يحوي على أغلب فروع الطب (الجراحة وفروعها،الباطنية وفروعها،النسائية والتوليد،أطفال...)،أما التخصصية فهي المتخصصة بأحد فروع الطب، مثلاً مستشفى الأطفال أو النسائية والتوليد ..الخ ومع ذلك فالمأخوذ على تلك المستشفيات مايلي :ـ
1. بقى عددها أقل من الأحتياج وفق منظورالتخطيط الأستراتيجي للبلد.
2. عدد المستشفيات التخصصية لايستوعب أعداد المرضى.
3. الملاحظ إن أغلب المستشفيات تتمركز في العاصمة بغداد وبالذاتً التخصصية منها( كمستشفى أبن الهيثم للعيون،مستشفى العقم وأطفال الأنابيب،الواسطي للجراحة التجميلية،الرشاد للأمراض العقلية،أبن رشد لمعالجة المدمنين،أبن الخطيب للحميات،أبن زهر للأمراض الخاصة أبن النفيس لجراحة القلب والأوعية الدموية، الطب والأشعاع الذري وغيرها)
4. أغلب المستشفيات أستغلت أو وضعت تحت خدمة الجيش أبّان الحرب العراقية الأيرانية، مما أستهلكها وقلل من كفائتها.
5. كل المستشفيات لم يجر تحديثها وبقيت على ماهي عليه وبالتالي لم تعد تساير الأحتياجات الصحية للمواطنين.
6. سوء التوزيع الجغرافي لهذه المستشفيات،واغلب تلك المستشفيات التي أنشأها النظام السابق سخرّت لخدمة أغراضه الدعائية فتم الأستعراض بها سواء بالموقع أو بالتسمية، فكل المستشفيات الرئيسة في المحافظات وصِمت بأسم رأس النظام (الأن أستبدلت بأسماء أخرى/وسواء سابقاً أو لاحقاً لازالت التسميات بعيدة عن الجماعية الوطنية إن صح التعبير).أما الأن فلم يتم إنشاء مستشفيات ذات صفات نوعية متطورة أو متغيرة سواء بالبناء أو الأجهزة أو المعدات وبما يتناسب مع ما يجري بالعالم المتقدم.
و المستشفيات العراقية كانت تعاني ولازالت من:ـ
1. الأختناقات الشديدة بسبب طاقاتها الأستيعابية المحدودة.
2. قِدم البنايات رغم وجود بعض الحملات الأعمارية،علماً إن هذه الحملات قد طالتها أيدي الفساد والعبث بالمال العام.
3. العدد المحدود من الأجهزة الطبية التشخيصية مما يجعل المرضى ينتظرون دورهم بالفحص والتشخيص أشهر عديدة.
4. غياب الأدامة والتطوير.
5. الغالبية العظمى من هذه المستشفيات تفتقر الى الحد الأدنى من النظافة،وهذا ما يضيف عبء أساسي ويزيد من سوداوية الصورة،وأسباب ذلك يمكن أجمالها بما يلي :ـ
• قلة الكادر الخدمي.
• أغلب شغيلة الخدمات في هذه المستشفيات(والمؤسسات الصحية عموماً)هم أمييون ولايمتلكون الوعي الصحي والبيئي.
• ضعف المتابعة.
• ثقافة المواطنين بشكل عام ووعيهم بهذا الموضوع.
6. قِدم الأجهزة وعطل العديد منها.
7. نقص حاد بالكادر الطبي الوسطي.
8. نقص حاد بعدد الأطباء والطبيبات عموماً والأختصاصيين خصوصاً وتحديداً بسبب هجرة أعداد غير قليلة منهم.
9. هبوط مستوى أداء الأسعاف الفوري من ناحية عدد السيارات وكذلك من جانب المستوى الفني والتقني للمسعفين.
وعموماً فالعمل في المستشفيات الحكومية يمكن أيجازه كما يلي،حيث توجد وحدة التذاكر،فيتم قطع تذكرة فحص وعلاج للمريض وحتى هذه الوحدة لم تسلم من الفساد المالي (علماً قد شهدت تعريفة المراجعة وفتح الأضابير وأجور الفحوصات أرتفاعاً غير مبرر بل يتقاطع مع ما ورد بالدستور) .يراجع المريض الى القسم أو الشعبة المعنية ليجد طبيباً مقيماً دورياً(حديث التخرج)يجلس في غرفة الفحص الأولي/ وهنا تكمن الخطورة إذ لايجوز أستقبال المريض وهو في حالة طارئة من قبل طبيب لازال تحت التدريب/ وهناك وحدات وأقسام وشعب بهذه المستشفيات،قسم الطوارئ(طوارئ جراحية،باطنية،نسائية)والذي عانى في السنوات الأخيرة الكثيروالكثير بسبب الوضع الأمني المتردي،فدماء ضحايا الأنفجارات الأرهابية منتشرة في الممرات وأحياناً على الحيطان،عربات نقل المصابين قليلة وكراسي نقل المرضى المتحركة أقل،أما المصابون بالأزمات القلبية والتنفسية فهم يعانون من نقص بالأوكسجين أو بأجهزة المراقبة.
ولابد من التوقف عند بعض المحطات:
1. المريض أو ذووه يعانون الأمَرَين حينما يدخلون المستشفى ،فليس من السهل أن يتم فحص المريض وأعطائه العلاج اللازم او أدخاله المستشفى وذلك بسبب الزخم نهاراً والمزاج المُتعب للكادر الطبي والصحي ليلاً.
2. وأذا قرر الطبيب أجراء التخطيط الكهربائي لقلب المريض أو التحليل الفلاني أو أخذ أشعة ..الخ فما تكون الصورة :
• المريض يتعب أكثر مما هو متعب جراء حالته المرضية وذلك بسبب الأزدحام على الشعبة المعنية،فهو مجبر على الأنتظار.
• أغلب نتائج التحاليل والأجراءات الأخرى تتأخر،فتجد المراجع قد قضى كل النهار وهو لم ينجز ما يمكن أن يريحه.
• وهنا ايضاً لم ينجو المريض من شِباك السماسرة وذوي النفوس الضعيفة فيتم الأبتزاز وبشتى الوسائل والأساليب.
3. أما اذا قرر الأطباء أدخال هذا المريض أو تلك المريضة الى أحدى الردهات،فالصورة ستكون أقرب الى ما سأذكره هنا(رغم خصوصية كل ردهة):ـ
• يصطدم المريض بروائح تلك الردهات وبوضعها البيئي والصحي والأسباب تكمن في:ـ
أ ) عدم جدية تعقيم وتنظيف الردهات
ب) كثرة الراقدين بالردهة الواحدة
ج) كثرة زوار المرضى
د)وجود مرافقين(مرافق واحد على اقل تقدير لكل مريض)وبالنتيجة فالعدد سيكون مضاعف،ومن أهم أسباب عدم أطمأنان المريض العراقي وأهله تركه لوحده بالردهة هو قلة أهتمام الكادر الصحي والخدمي بالمريض وأحياناً أهمال المريض.
هـ)أعداد ليست قليلة من المرافقين أو الزوار يتناولون الطعام في الردهات.
4. أغلب الردهات فيها من يعمل على أجبار المواطن على دفع مبالغ أزاء خدمات معينة أو من أجل توفير المادة الفلانية أو العلاج الفلاني،(ومثال ذلك:المتاجرة بالكانيولات التي تستخدم بالوريد،ونفس الشئ بالنسبة للسرنجات وكذلك الضمادات ...الخ)
5. وفي حالة أحتياج المريض الى وسائل تشخيصية محددة كالرنين المغناطيسي أو المفراز أو الأشعة ..الخ فالواقع يقول الأتي :ـ
• عطل الجهاز المعني أو إنه غير موجود أصلاً مما يعني أما نقل المريض الى مستشفى أخر أو إنه يُجبر على عمل الفحص خارج المستشفى ولكنه باهض الثمن.
• وأذا كان الجهاز شغّال فهذا يعني الأنتظار المؤذي،وربما وبعد أنتظار طويل يقول له المسؤول إن الأفلام الشعاعية نفذت، أو طاقة الجهاز لهذا اليوم أنتهت وغيرها من التبريرات التي لادخل للمواطن فيها.
• أما في الشفتات الليلية فنادراً ما يكون الطبيب المختص متواجد، ففي أغلب الأحيان يعتمدون على الكادر المساعد.(وأذا أحتجت أي شئ فأخبرني، هكذا يوصي الطبيب معاونه!!)
6. وفي حالة أحتياج المريض إجراء عملية فأن رحلة العذاب الحقيقية ستبدأ معه ومع أهله أبتداءً من تحضير قناني الدم وأنتهاءً بالوصفات الطبية التي يتم تحريرها لغرض شراء الأدوية من خارج المستشفى لعدم توفرها!!
ملاحظات خاصة عن ردهات خاصة
1. ردهات الأطفال تعيش أوضاع مزرية حقاً ففي الشتاء تكثر أمراض المسالك التنفسية فتجد طفلين أو أكثر يشتركان بنفس قناع الأوكسجين الذي يوضع على الأنف والفم،أو يضعون أكثر من طفل في خيمة الأوكسجين والبخار!!،أما بالصيف فحالات الأسهال كثيرة جداً بحيث كل طفلين أو أكثر يستلقون على سرير واحد وأنابيب السوائل الوريدية تتدلى من قنانيها الى أجسادهم الطرية،الروائح كريهة والذباب ينتشر بحرية في هذه الردهات،والأمهات لايجدن الأماكن المخصصة لتجفيف غسيل أطفالهن المرضى سوى الشبابيك وأبواب الردهات وغيرها.
2. ردهات النساء لاتقل سوءاً عن ردهات الأطفال وخصوصاً صالات الولادة فأوضاعها لاتليق بالأنسان وجُل هم العاملات في هذه الردهات هو أخذ البقاشيش من ذوي اللاتي ولدن!!
3. أما ردهات الحروق فالمصاب يحتاج الى رعاية وعناية خاصتين،وحقيقة الأمر فأن الكثير من المصابين بغض النظر عن درجة ونسبة الحرق يموتون جراء التسمم الدموي الذي في أغلب الأحيان يحصل من داخل المستشفيات،علماً إن ردهات الحروق لها خصوصية خاصة بالتعقيم والتعفير.
4. أما ردهات ذوي الأحتياجات الخاصة(من المتخلفين والمعتوهين) فالصورة الأنسانية تختفي تماماً من ناحية الأهمال وقساوة التعامل.
5. وما يخص صالات العمليات فيكفينا أن نسمع أو نعرف بالصدفة إن الصالة الفلانية مغلقة لوجود جرثومة فيها!!
وأمورٌ أخرى
1. تفتقر أغلب المستشفيات الى البناء المعماري الذي يسهّل أنسيابية الدخول والخروج منها وأليها.
2. هناك العديد من اللوحات الأرشادية ذات الطابع التوجيهي للألتزام ولكنها بعيدة كل البعد عن التطبيق،ومثال ذات أيام وأوقات الزيارات.
3. المريض المحظوظ هو مَن له شخص قريب أو معرفة يعمل بالمستشفى، فلايعاني من ويلات الأنتظار أو الأهمال.
4. مطابخ المستشفيات لاتطبق الحد الأدنى من الشروط الصحية.
5. أغلب المستشفيات إن لم تكن جميعها تأوي القطط وأحياناً الكلاب،أما الجرذان فلامستشفى تخلو منها رغم كل وسائل المكافحة.
6. لايمكن مناقشة فقرة(المرافق الصحية)فهي ليست بصحية على الأطلاق وأنما مرافق وبائية،مرافق مَرَضية، مرافق بؤر التلوث والتدني الحضاري،فأغلب البنايات قديمة وشبكات الصرف الصحي فيها متآكلة.

أما المستشفيات الخاصة أو الأهلية أو غير الحكومية فهذه لها عالمها الخاص في جني الأموال الطائلة من المرضى وأصبحت في الكثير من الأحيان سبباً في تخلي العديد من المؤهلين وذوي الخبرة عن وظائفهم الحكومية.
أغلب هذه المستشفيات جراحية(ولادة،كسور،عيون، جراحة عامة)ويتم ادخال المرضى أليها من خلال القنوات التالية :ـ
1. مراجعة المريض أو المريضة الى الطبيب أو الطبيبة مباشرة الى عياداتهم وفي داخل غرف الفحص الخاصة بهؤلاء الأختصاصيين والأختصاصيات تتم الصفقة،ولمّا كان المواطن يدرك المأساة التي سيتعرض لها في المستشفى الحكومي ثم وهو يمتلك بعض المال فلا بأس أن يضحي بأي شئ من أجل حياته.
2. إحالة المريض من داخل المستشفى الحكومي وذلك أما برغبة المريض(حالات نادرة)أو عن طريق الأيحاء أو الأيعاز أو السمسرة!
3. وهناك حالات يتم فيها مراجعة المريض مباشرة الى هذه المستشفيات كالولادة مثلاً ،أو أي حالة طوارئ.
والأمر الغريب في هذه المستشفيات وخاصة التي فيها جناح خاص بالتوليد هو كثرة النساء اللاتي يتم احالتهن الى صالات العمليات لأجراء العملية القيصرية،(واقصد النساء اللاتي أما بكر أو ولدن سابقاً ولادات طبيعية).


لنتوقف قليلاً عند هذه الظاهرة :ـ
كثير من الأخوات اللاتي على وشك الولادة أو أحسسن بآلام الولادة يذهبن الى هذه المستشفى الخاصة أو تلك ،ولكن وبعد فترة وجيزة لاتتجاوز ساعة أو ساعتين يتفاجئن بأحالتهن الى صالة العمليات بحجة عدم حصول التوسع أو الجنين سيختنق ، او الطفل نازل على مقعده أو..أو الخ من الأسباب الوجيهة !! التي تدعو علمياً الى أجراء العملية القيصرية، وذوي المريضة لاحول لهم ولا قوّة سوى أنهم يمتثلون الى الأوامر مطأطئين الرؤوس دافعين الفلوس !!!
هذا لايعني عدم وجود حالات تستحق العملية(وأسبابها معروفة علمياً) ولكن علينا بالحقائق التالية :
1. أفساح المجال أمام البكر لتلد ولادة طبيعية دون اللجوء الى العملية.
2. التي لها ولادات سابقة طبيعية لماذا تحال وعلى وجه السرعة الى صالة العمليات؟
3. الولادة الطبيعية تؤول الى بقاشيش الولادة فقط، أما العمليات فالبقاشيش مضاعفة، واذا كان المولود ذكراً فثلاثة أضعاف!علماً إن (مافيا) المستشفيات الأهلية يستقرأون مرافقي المريضة ويفسرون مشاعرهم وأحاسيسهم،فأذا عرفوا إن الحامل لديها بنات وتريد ولداً فالأتاوة ستكون مضاعفة وهكذا!
والصفة المشتركة بين هذه المستشفيات والمستشفيات الحكومية هي أنها جميعاً مرتبطة بمصرف دم أو أثنين في بغداد(مثلاً)، وإليكم أن تتخيلوا معاناة ذوي المريض او المريضة في إحضار الدم المطلوب .
بقيت أشياء يجب أن نعرفها :ـ
1. المستشفيات الحكومية تعاني بين فترة وأخرى من أزمة أو شحة مواد التخدير أو الخيوط الجراحية أو مواد علاجية(ومثال ذلك مستشفى الأشعاع والطب الذري فيما يخص العلاجات الخاصة ، مستشفيات الأطفال فيما يخص الأوكسجين) أو تشخيصية(ومثال ذلك مستشفى أمراض القلب فغالباً ما تنضب المادة التلوينية) أو بعض المواد الأولية الأخرى.
2. ردهات ذوي المناعة الهابطة لايتمتعون بأجواء طبية علمية للحفاظ على حيواتهم .
3. بعض مواد مسكنات الألم ما بعد العمليات كمادة البثدين لاتصل الى المريض بسبب التسرب الدوائي،وهذه الظاهرة موجودة بالمحافظات أكثر مما هي بالعاصمة، فالسبب أما الأدمان أو أستخدامها في العيادات الخاصة وتحديداً في محلات ذوي(ذكوراً وإناثاً) المهن الصحية الذين يمارسون مهنتهم ما بعد الدوام الرسمي.

رغم وجود بعض التغيرات الأيجابية لكنها غير محسوسة، ورغم وجود العديد من الكوادر الطبية والصحية والخدمية والأدارية التي تمتلك الحرص والأجتهاد في العمل لكن غير الحريصين وذوي الدوافع الذاتية ما زالوا هم السائدين،ورغم التغير الأيجابي الملموس على المرتبات الشهرية لمنتسبي المؤسسات الصحية عموماً إلاّ إن الأداء لازال دون المستوى المطلوب.
ومع كل ذلك فلابد من إتمام تسليط حزم الضوء والأضواء على الواقع المر الذي تعيشه مؤسساتنا الصحية.
ولا نغالي أذا ما قلنا إن المواطن مجبر على مراجعة هذه المؤسسات ولأسباب شرحناها أنفاً والمواطن حينما يمتنع عن مراجعة المؤسسات الحكومية أملاً في أن يجد مبتغاه في المؤسسات غير الحكومية إلاً إنه يصاب بخيبة الأمل مرة ثانية.
كل المستشفيات وكما بينا موجودة في المدن الرئيسة ،وهذا يعني بُعد العديد من المستشفيات عن الأرياف والمناطق الزراعية، وهذا يتجلى في المحافظات ،فهناك مستوصفات فرعية في تلك المناطقة الريفية ولكنها لاتفي بالغرض للحالات المستعصية أو الطارئة الحادة ، فيضطر الطبيب المتواجد في تلك المستوصفات الى أحالة مريضه الى مستشفى المدينة عسى أن يتم أنقاذه، هذا فيما لو توفرت واسطة النقل.
الصور المأساوية المشتركة بين المستشفيات:
1. الأسرّة والشراشف والأغطية الخاصة بالمرضى تعاني من الأهمال رغم وجود وحدة التنظيف والغسيل،فالكثير منها قديمة وذات رائحة كريهة وبعضها ممزق، لذا فالمواطن يضطر الى جلب ما يحتاجه من بيته.
2. السماح (رغم وجود تعليمات واضحة تمنع ذلك)بجلب الأطعمة والأشربة الى داخل الغرف والردهات مما يزيد من أحتماليات التلوث والمناظر غير اللائقة.
3. لايتم الألتزام بشروط مبيت مرافقي المرضى، فمن جانب تتم وفق المحسوبية والمنسوبية ومن جانب أخر فالخافرون(وخصوصاً الممرضات)يسهلون أمر هؤلاء المرافقين ليتخلصوا أو يخففوا من عبء مراقبة شؤون المرضى وتحديداً في الليل.
4. في المستشفيات الخاصة لايقدمون على أي أجراء للمريض ما لم يدفع مرافقوه التأمينات!!تخيلوا حياة أنسان مقابل تأمينات.
5. ماهو الواقع العملي ـ الفعلي لمستشفياتنا ضمن الظروف الأمنية الصعبة وعند حصول موجة التفجيرات الأرهابية؟
• الطاقة الأستيعابية محدودة، والأمكانات البشرية والتكنولوجية أيضاً محدودة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ألم تعِ الجهات المسؤولة حجم المتطلبات والبلاد واقعة تحت نير الأحتلال ونير الأرهابيين؟
• فهذه الظروف تحتاج الى وسائط نقل الشهداء والجرحى، سوائل وريدية، أدوية ضد الالتهابات،مواد تنظيف وتعقيم، أدوات جراحية، مواد خاصة بالكسور،مواد منقذة للحياة، مصارف دم وكذلك ثلاجات للشهداء.الحال يقول هناك نقص في كل هذه العناوين والمسميات وخصوصاً مصارف الدم،ورغم حرص العاملين في مصارف الدم من أجل توفير دماء مفحوصة(فحص ألتهاب الكبد الفيروسي نمط B والأيدز وغيرها)إلاً إن الواقع وبسبب الزخم الكبير هذا مضاف أليها الدماء التي يتم طلبها في الحالات الجراحية الأعتيادية(أي ليست جراء الأعمال الأرهابية والعسكرية والطارئة الأخرى)، يعكس النقص الحاد في توفير الدماء أضافة الى الآلية المعقدة في الحصول عليه،والملفت إن العديد من المسترزقين أتخذوا من بيع الدم وسيلة لتوفير بعض المبالغ والتي يستخدمونها لأغراض شتى، منها المعيشة.
• ولابد من التطرق الى حالة الفوضى والهلع والتجاوزات على الطاقم الطبي والصحي من قبل بعض الجهات الأمنية حينما يتعرضون الى حادث أجرامي ويبدأون هم بالأعتداء على المنتسبين بدافع من العصبية والتهور.
6. كل المستشفيات مزودة بمولدات الطاقة الكهربائية، ولكن هذه المولدات تعاني من :
• الأهمال وعدم الصيانة مما يقلل من كفائتها وحصول العطلات المتعددة بها .
• أغلبها مكشوف أمام هطول الأمطار مما يلحق الأضرار بها .
• مادة الزيت السائل(الكاز)التي تشغلها عرضة للتلاعب والتجاوز.
7. ما هو وضع ثلاجات المتوفين بالمستشفيات؟
• لاأعتقد هناك متوفٍ تعرض للمهانة كما المتوفي العراقي، فقسم منهم يترك لساعات طويلة وأحيانا يتجاوز اليوم أما لغرض وضعه في الثلاجة أو يأتي ذووه لأستلامه،هذه الثلاجات حتى وإن توفرت فمنها عاطل أو لاتصلها الطاقة الكهربائية فتنبعث منها روائح التفسخ !وهذا ماعانى منه معهد الطب العدلي.
• وحتى في الطب العدلي وثلاجات المتوفين، يعمل ذوي القلوب المتحجرة على أبتزاز المواطنين وتشتغل ماكنة الطحن اللاأنساني حينما يساومون المنكوبين بضحيتهم على أستخراج المجني عليه أو المتوفي وشهادة وفاته بسرعة من أجل الأسراع بدفنه!!
• وهناك نقص حاد بالأطباء العدليين وكذلك بالطاقم الطبي والتكنولوجي والخدمي المرافق لهم مما يزيد من أسباب التأخر في أنجاز تشريح ومعاملات الأعداد غير القليلة من المغدور بهم أو المتوفين،هذا أضافة الى محدودية بناية معهد الطب العدلي التي لم تصمم على أستيعاب هكذا أعداد!
8. المستشفيات بشكل عام غير مكيفة أو توجد أجهزة التكييف (التدفئة والتبريد) ولكنها عاطلة أو مستهلكة،ولذلك ترى العديد من العائلات الميسورة تجلب معها بعض وسائل التبريد أو التدفئة وأحياناً حتى أجهزة التلفزيون في حالة يتطلب بقاء المريض فترة طويلة بالمستشفى،وهذه الحالة تلاحظ في غرف الحجز الخاص.
9. يجب وضع ضوابط جديدة لنظام الأحالة بما يضمن صحة المواطن وأنقاذه وبين أنسيابية العمل في المستشفيات.
10.في كل المستشفيات تجد أكشاك بيع المواد الغذائية(الحلويات،المشروبات الغازية،الجرزات ...الخ)وياليت تكون بمستوى من الأهتمام الصحي !!!
11.ظاهرة التدخين!وعدم أتخاذ تدابير رادعة ضد هذا المنظر غير اللائق بالمستسفيات والمراكز الصحية، والمدخنون سواء من عامة الناس أم من منتسبي هذه المؤسسات لايبالون بل وغير مكترثين،والأدهى من كل ذلك فالأكشاك في (10) أعلاه تبيع أنواع السكائر!!
12. وهناك العديد من منتسبي المستشفيات لايرتدون الصداري أو ملابس العمل،وفي أغلب الأحيان فملابس عمال المستشفى وسخة جداً!
13. الألتزام والأنتظام بالدوام يعتريه الكثير من حالات التأخر والتلكؤ وأحد أهم الأسباب الكامنة وراء ذلك الأختناقات المرورية والعطل الأجبارية !

الظروف الصحية
لشغيلة الورش في العراق


تنتشر بطول البلاد وعرضها آلاف الورش الصناعية ، الحكومية منها والأهلية ، وكل هذه الورش بلا أستثناء تتعامل مع الجهد العضلي الذي يبذله العاملون فيها.
في العراق تتنوع الورش بين صغيرة وكبيرة ، بين أنتاجية وأستهلاكية، بين خفيفة العمل و ثقيلة، بين صناعية أولية وكمالية ، بين حديثة وقديمة ، بين التي تعمل تحت ظروف سهلة وظروف صعبة، بين التي تتعامل مع الحديد والنار وبين تلك التي تتعامل مع الخشب والماء.
ولكن ما يهمنا هل يعمل هؤلاء الشغيلة تحت ظروف صحية مناسبة للعمل ولهم ؟
أن هذه الورش والمعامل الصغيرة لم تنشأ جميعاً في فترة زمنية معينة أو حقبة محددة بل تفاوتت فترات أنشائها وبالتالي تفاوتت أوضاعها العمرانية والصحية والبيئية ولكنها جميعاً تشترك بميزات عديدة حيث يبدو من أهم هذه الميزات الظرف الصحي الذي يسود ويحكم ويتحكم بهذه الورش وأشباهها من المعامل، وبدأت تتراكم السلبيات الى أن وصلت في بعض المواقع الى وضع ينذر بالخطر الحقيقي على صحة المجتمع ككل.
نحن ننظر الى الأهمية الكبيرة التي يجب أن تتمتع بها ظروف العمل المكانية والزمانية وعلى الحقوق التي يجب أن تتوفر في العمل ومنها الحقوق الصحية التي يجب أن تأتي بالأولوية منها.
أن أجراء مسح ميداني لهذه الورش سيبيّن الوضع المأساوي الذي يكتنف واقعها، سواء من الناحية البيئية أو الصحية، أنها لاتمتلك أبسط مقومات السلامة المهنية، فمنها ورش بيتية، ورش وراء الكواليس، ورش غير مرخصة، ورش الغش الصناعي، ورش تتعامل مع المواد السامة، ورش وقتية ....الخ.
أن(عِلم) السلامة المهنية أصبح من أحدث العلوم التكنوـ طبية المنتشرة في العالم، والسلامة المهنية تعني حماية الشغيل في موقع العمل من أي أضرار محتملة، وعلى التساوي سواء من جرّاء العمل أو ليس من جراؤه لأن العامل هو عنصر منتمٍ الى الهيكلية العامة للورشة أو المعمل الذي يعمل به، وبالتالي فأن الضمان المهني ـ وهذا ما نطالب به ـ أمر في غاية الأهمية لتحقيق أهم ما يضمن ديمومة عطاء العامل حينما يتأكد ويتوثق من السند القوي الذي يسند حياته وحياة عائلته.
وجميع(أو أغلب) هذه المواقع تشترك بالصفات التالية:ـ
1. أنها غير مرخصة لاصناعياً ولا تجارياً.
2. وغير مرخصة صحياً.
3. البنايات غير صالحة للعمل.
4. تراكم النفايات والأوساخ.
5. عدم وجود صرف صحي لبقايا أو لفضلات الأنتاج.
6. خلوّها من أدوات أو مواد الأسعافات الأولية.
7. عدم توفير الوسائل التي تمنع تأثير المواد السامة على العاملين حين أستعمالها.
8. عدم أخضاع العاملين الى الفحص الصحي الدوري.
9. تشغيل الأحداث، وهو ما يعارض الأعلان العالمي لحقوق الأنسان، وكذلك القوانين والأعراف الدولية والمحلية.
10. أوقات العمل مفتوحة بلا تحديد لساعات العمل.
11. أن ظروف العمل في غالبية هذه الورش تتقاطع مع أبسط الشروط الصحية والمهنية للعمل بمثل هذه الأعمال.
وخلاصة القول أن الغالبية العظمى من هذه الورش والمعامل الصغيرة لاتتوفر فيها الحدود الدنيا من شروط العمل ولا شروط السلامة المهنية ولا الحد الأدنى من الظروف الصحية.
ولهذا فنقترح ما يلي من أجل النهوض بالواقع المر الذي تعيش فيه هذه الورش :ـ
أولاً ـ تشكيل هيئة عليا(مؤلّفة من مسؤولين رسميين ومن أصحاب الورش ومن نقاباتهم)لأجل مناقشة وضع وواقع هذه الورش من خلال تسليط الأضواء عليها من الزوايا التالية:ـ
1. جرد الورش ونوعية العمل فيها.
2. جرد العاملين وخصوصاً أهليتهم للعمل.
3. بيان مدى صلاحية بنايات تلك الورش للعمل.
4. بيان موقع هذه الورش مع التأكيد على عدم تقاطعه مع المحلات السكنية وتأثيرها على صحة المجتمع.
5. بيان شروط السلامة المهنية.
6. التأكيد على ما تصدره هذه الورش من تلوث للبيئة،علماً أن الضوضاء تعد من ملوثات البيئة.
ثانياً ـ أعادة العمل بشكل جاد بالشروط الصحية التي من الواجب توفرها في هذه الورش ووفق قوانين وزارة الصحة.
ثالثاً ـ القيام بزيارات دورية لهذه الورش من قبل لجان غير ثابتة العناصر مشتركة تؤلف من وزارة الصناعة،وزارة الصحة،وزارة البيئة،ومن نقابات العمال.
رابعاً ـ تقوم وزارة الصحة بندوات ودورات صحية واسعة ومتكررة للعاملين في تلك الورش، مع مراعاة أستخدام كل الوسائل التوضيحية والتعليمية.
خامساًً ـ أستخدام أسلوب الحوافز والتشجيع وبأي طريقة كانت مع الورش التي تؤدي الشروط المطلوبة بطريقة سليمة.
سادساً ـ أستصدار القوانين الصارمة لمحاسبة الورش التي يتعارض واقعها مع الشروط العامة كالسلامة المهنية والبيئية والصحية وغيرها.


الصحة الطلابية


معاناة الطلبة معاناة مركّبة، فهي مزيج لمعاناة المجتمع وبكل الاتجاهات ولمختلف القطاعات سواء الإجتماعية او الإقتصادية او الثقافية او الصحية،وهذا ما باتت عليه أوضاع الطلبة عشية زوال النظام.
إن الواقع الطلابي عانى ويعاني من تخلف على كافة الصعد والمجالات، فالواقع العلمي ليس بأفضل من الإجتماعي والإجتماعي ليس بأفضل من الصحي، حيث نجح النظام البائد بجعل الطلبة يواجهون ازمة بل ازمات خانقة.
الوضع الطلابي مدمر ومهمة أعادة بنائه كجزء من ستراتيجية إعادة بناء الوطن ليست سهلة او بسيطة انما هي صعبة ومعقّدة ومترابطة مع اعادة بناء باقي قطاعات وشرائح المجتمع.
وارى من المفيد ان نعطي لكل قطاع او شريحة حقها بدراسة واقعها المر وإيجاد الستراتيجية الخاصة للنهوض بها نحو بناء عراق متطور و متقدم.ولذلك فالواقع الصحي للطلبة لاينفصل عن الواقع الصحي للوطن ككل.
الواقع الصحي الطلابي يعاني من إهمال شديد يصل الى عدم توفر ابسط المستلزمات الصحية بل ان مايجري الان دون الطموح ولايختلف عما كان عليه خصوصا" ان الواقع الطلبة الصحي يعني:-
1. البنايات(الكليات، المعاهد، المدارس، رياض الاطفال ودور الحضانة)يجب ان تكون مبنية وفق أسس هندسية تخدم سلامة الصحة.
2. متابعة الوضع الصحي لكل طالب وطالبة.
3. تنفيذ الحملات التلقيحية.
4. إنشاء مراكز الطبابة الميدانية في المجمعات الطلابية.
السؤال الذي يطرح نفسه ـ أين الواقع الحالي من هذا ..؟
وللأجابة، علينا عرض مايعانيه الطلبة اليوم على ضوء المعطيات أعلاه، من:-
1. غالبية البنايات تعاني من عدم توفر الشروط الصحية(وقسم منها لايتوفر فيها الحد الادنى من تلك الشروط)لكونها مبنية منذ زمن بعيد ومهملة الصيانة وهي تعاني من احوال غير صحية بسبب:ـ
• غرف قليلة فيكون عدد الطلاب مرتفع بالصف الواحد.
• وجود الرطوبة وحشرة الآرضة فيها.
• فقدان وسائل التكييف.
• مرافق صحية بدائية ومتخلفة بل هي غير صحية.
• مصادر مياه الشرب غير صحية وأغلبها ملوّث.
• الغالبية من البنايات ليس فيها فضاءات أو قاعات للرياضة.
• المطاعم والكافتريات إن وجدت فهي تفتقر الى الكثير من الشروط الصحية، ويكفي القول أن الكثير من تلك المطاعم قد أغلقت لـ (عدم توفر الشروط الصحيّة).
هذا في مراكز المدن فكيف هو الحال في المناطق الريفية والنائية؟أضف الى أن الكثير من تلك البنايات لم يتم بنائها على أنها مدارس.
2ـ ما يؤسف له أن مؤسساتنا التعليمية وعلى كافة المستويات و المراحل لم تنعم وفق الأساليب العملية بتغطية علمية للوضع الصحي لكل طالب وطالبة، فلا يختلف أثنان على أن العقل السليم في الجسم السليم،والموجود هو سجل(أو دفتر)صحي يملأ بشكل روتيني أمام حقل اللقاح وأمام حقل فحص النظر(بلا فحص علمي للنظر طبعاً)، وأيضاً أمام حقل فحص الأسنان وبنفس الأسلوب.
3ـ أما الحملات التلقيحية فتجري وفق أسلوب توفر اللقاح، وفي كثير من المناطق النائية والريفية لايطبق برنامج اللقاحات بشكل كامل.
4ـ أما مراكز الطبابة فهي وإن وجدت في بعض المؤسسات التعليمية الاّ أنها فقيرة بالكادر وبالفحوصات والعلاجات والإسعافات ..الخ ولابد من الإشارة الى أن المدارس الإبتدائية والمتوسطة والإعدادية تهتم بها وحدة الصحة المدرسية الموجودة في مراكز الرعاية الصحيّة الأولية في المناطق السكنية، ولكن هل تؤدي تلك الوحدات خدماتها كما يجب أم إنها مجرد عنوان…؟نعم إنها مجرد عنوان وحتى الطلبة أنفسهم وكادرهم التدريسي مقتنعون بأن وحدة الصحة المدرسية في مراكز الرعاية الصحية الأولية وجدت لأجل الحصول على إجازة يوم أو يومين وأصبح الطبيب المسؤول عن تلك الوحدة مجرّد(منفّذ) رسمي ـ إن صح التعبيرـ والغاية تأجيل إمتحان أو إعفاء من واجب ليس الاّ..
وحدة فحص البصر التابعة للصحة المدرسية ليست بأوفر حظاً فالعمل فيها مجرّد عمل سطحي والفحص بالجملة وليس كل طالب على حدة، ولايختلف واقع الأهتمام بصحة الأسنان والفم عن غيره، فصحة الفم والأسنان لاتتعدى(المضمضة بالفلورايد)لطلبة الإبتدائية .ولايفوتنا أن نذكر أن إستمارة الفحص الطبي المرفقة مع مستمسكات الطالب في بداية تسجيله بالمدرسة أو حين إنتقاله من مرحلة الإبتدائية الى المتوسطة ومن الإعدادية الى الجامعة ما هي إلاّ إستمارة متممة للأوراق الثبوتية وحالها حال أي ورقة روتينية تملأ من قبل الموظف المختص لترفق مع بقية الأوراق.
لقد أفرغ المحتوى الأنساني والعلمي والمهني للصحة المدرسية.
وبناءً على ما تقدم فنرى وإتماماً للفائدة أن نعرض التصورات العمومية لتطوير عمل وأهداف الصحة المدرسية والتي بكل تأكيد هي جزء لا يتجزأ من تطوير السياسة الصحية للوطن، مع الدراية التامة بأن هذه التصورات تأخذ وقتاً ليس بالقصير لتنفيذها:ـ
أولاً ـ تشكيل لجنة أستشارية من وزارات الأسكان والتعمير، البيئة والصحة لعمل دراسة علمية وموضوعية ميدانية للواقع الهندسي والصحي والبيئي لكل المؤسسات التعليمية، وتقديم اللائحة البديلة لغرض تطوير ما يمكن تطويره وتعمير ما يمكن تعميره ووضع خطة للقيام بهذه المهمة وفق برنامج زمني محدد، ووضع المنهاج المدروس لإنشاء مؤسسات جديدة مع الأخذ بنظر الأعتبار موضوع صيانة البنايات بشكل دوري، مع استشارة وزارة التخطيط فيما يخص الخطة العلمية في توزيع المراكز التعليمية والصحية مع دراسة أمكانية زيادة المراكز الصحية في المؤسسات التعليمية وتحديث تلك المراكز وفق أحدث المنظومات الصحية الخاصة بالطلبة، وليس من ضير أن تتم الإستفادة من الخبرة العالمية بهذا المجال.
ثانياً ـ النهوض بالواقع الصحي لكل طالب وطالبة إبتداءً من الحضانة والروضة وإنتهاءً بالدراسة الجامعية وذلك من خلال:ـ
1ـ تفعيل دور سجل المتابعة الصحية لكل طالب وطالبة.
2ـ القيام بالفحص الدوري لكل طالب وطالبة في مجال الأمراض الوراثية والجلدية وفحص النظر والأسنان، مع الإهتمام بالصحة النفسية للطلبة خصوصاً في هذه المرحلة المهمة من مراحل إعادة بناء الوطن الذي عانى من الحروب والحصار وإنعكاس ذلك على البناء النفسي
3 ـ القيام بدورات تدريبية وتعليمية قصيرة ومركزّة للطلبة وكادرهم التدريسي بمجال الصحة والطب.
4 ـ تفعيل دور وزارة الصحة بالصحة الطلابية والعمل على تدريب الأطباء والطبيبات وأطباء الأسنان بما يخص صحة الطالب.
5 ـ الإهتمام بوحدة الصحة المدرسية في المراكز الصحية وتدريب الكادر الطبي والصحي على أسس علمية متطورة ومتابعة الأساليب العالمية في التعامل مع الصحة المدرسية.
6ـ القيام بحملات فعّالة في التوعية الصحية وخصوصاً الممارسات والعادات السيئة التي تضر بالصحة التي يكتسبها الطلبة وخصوصاً التدخين.
7 ـ الإهتمام بصحة كل فرد من أفراد الكادر التعليمي، مع توفير التأمين الصحي لهم.
8 ـ الإهتمام بدور الرقابة الصحية بالمتابعة الدورية للمطاعم والكافتريات الموجودة في المؤسسات التعليمية وكذلك الحوانيت المدرسية.
ثالثاً ـ أما الحملات التلقيحية فمن الواجب أن تلحق بالركب العالمي وذلك بمد جسور التعاون مع المؤسسات العالمية كمنظمة الصحة العالمية.

ملاحظة أخيرة / حالها حال باقي المؤسسات العراقية ، فأن وزارة الصحة والبيئة تعيش ضمن المحاصصة الحاضنة والمنتجة للفساد، وبكل تأكيد فلا يمكن بل من المستحيل تحسين واقعها الاّ عن طريق التخلص من هذه المحاصصة وتأثيراتها القبيحة.



#مزاحم_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)       MUZAHIM_MUBARAK_MALALLA#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات ذهبية في سيرة مناضل - ثابت حبيب العاني
- 80 الصبي الشيوعي
- عرض كتاب جاسم الحلوائي -موضوعات سياسية وفكرية معاصرة-


المزيد.....




- خدعها روبوت صغير واختطفها.. فيديو صادم يظهر ما حدث داخل معرض ...
- علامات ترفع مستويات الكوليسترول لديك فى صمت
- فيليبين ليروي نجمة مسلسل إيميلي في باريس تتصدر أغلفة مجلات د ...
- معرض كريستيان ديور في العاصمة السعودية حتى أبريل 2025
- حظك اليوم الإثنين 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
- سلطة الدجاج والملفوف على الطريقة الصينية
- ما تفسير حلم رؤية الدم في المنام؟
- آداب السلوك وأفضل الممارسات لتقديم الهدايا للموظفين
- طبيب البوابة: هل منتجات العناية بالبشرة آمنة للأطفال؟
- طبيب البوابة: 5 عوامل تساهم في السلوك العدواني


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - مزاحم مبارك مال الله - ضوء على واقع الوضع الصحي في العراق