يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5524 - 2017 / 5 / 18 - 15:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أزمةٌ اقتصاديةٌ عالميةٌ برزت في الآونة الأخيرة ، فأفرزت ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات البطالة . وسط حروبٍ متفشيةٍ في بلادنا التعيسة بجمود اقتصادها ، و تقهقرها الاجتماعي من استبدادٍ داخليٍّ ، و أزماتها المفتعلة من الخارج ، فبيروقراطيةٍ بغيضةٍ ، و فسادٍ مستفحلٍ ساهمت كل تلك العوامل الشنيعة في خلق جيوشٍ من العاطلين يبحثون عن العمل بعقولٍ شبه معطلةٍ ، و انسدادٍ فكريٍّ .
وظائفٌ شحيحةٌ تُعرَضُ لِكَمٍ هائلٍ من الطالبين لها و بإلحاحٍ رغم أنها لا تناسب الكثيرين منهم .
الولاءُ الحزبيُّ يضيق الخناق على المحرومين من الفرص الضئيلة للعمل ، و التبعية لذات الشأن تضطرب النفوس المتعبة للمهمشين .
المسؤولون يتجاهلون كلياً مسألة البطالة لضيق رؤيتهم ، و غياب مشروعات العمل في قاموسهم تماماً . فلا يرون الحياة إلا مالاً و سطوةً و نفوذاً .
البطالة تكتسح فئاتٍ واسعةً من الشباب تتسكع شوارع مخيمات المهجرين على غير هدى ، فالمضيُّ خلف سراب الغد الذي قد لاينقذهم من الضياع ، و تأسيس أسرةٍ ، أو المساهمة في بناء الوطن الجريح ، و انتكاساتٌ نفسيةٌ تقتحم دواخلهم .......
أزماتٌ تداهم هشاشة أوضاع معيلي الأُسر ، لإقفال العمل أبوابه في وجوههم .
إفراطٌ في الحساسية للمبعدين الذين هم أولى من غيرهم في اصطياد الوظائف التي تتناسب مؤهلاتهم و قدراتهم العالية ، فيفقدون توازنهم في عالمٍ سوداويٍّ مكتئبٍ .
وساوسُ الحيرةِ تنخر جسد العاطلين ، و تنهك عقولهم ، فتفتك العزيمة ، و تغتال بسمة الأمل من ثغورهم للعجز عن تأمين موارد يسد الرمق داخل مخيماتٍ غارقةٍ في عتمة البؤس ، تائهةً في دهاليز غربةٍ موحشةٍ تسلب العزة من الأعماق ، و تنزع الكرامة من النفوس الأبية الراقية التي كانت أحلامها توازي حجم الوطن . فإما الإرباك إلى مصيرٍ مجهولٍ ، و إما البحث عن العمل خارج الحدود .
مجموعاتٌ ضبابيةٌ تتقاضى أموالاً تكفي لإنشاء أضخم المشاريع التي تلتهم البطالة و تقضي عليها ، لو توفرت النيات الصادقة ، و وضعوا مصلحة المواطن و الوطن فوق كل اعتبارٍ . فناهيك عن عاملٍ يتنحى من عمله مكرهاً ، أو موظفٍ يُسْتبعدُ من دائرته لأسبابٍ لا تمت إلى الكفاءة أو النزاهة بصلةٍ .
هذا لو استمر العاطل في البحث طويلاً عن العمل قد يشعر بتدني ( أناه ) و يرتمي في حضن الانكماش ، فينسحب من ذاته ، أو قد يبحث عنها فلا يجدها . بدلاً من أن ينخرط في ميدان العمل لضمان أولويات العيش الكريم ، ثم الاجتهاد و شحذ الذات تفاعلاً مع دينامية مجتمعه لبلوغ الرقي و الأفضل .
فينفض عنه غبار الارتياب و الإحباط . ثم السعي لإثبات ( أناه ) في فضاء روح الإبداع و التجديد .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟