|
العشيرة أو القبيلة من أهم مظاهر التخلف
أحمد السيد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5524 - 2017 / 5 / 18 - 00:37
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العشيرة أو القبيلة من أهم مظاهر التخلف
في الغرب ثقافة اللقب بأسم الابن أي الجيل الجديد Svensson _ Karlssons_ Andersson
أي ابن سفين أو ابن كارل او ابن اندرياس وهكذا، لكن في بلداننا ما تسمى بالعربية ، تنتمي الى ثقافة الاب ، اي ثقافة الماضي...ابا عمر ، ابا سعد وهكذا. ربّما فقط الخليج العربي هم عرب ، وقد شكك طه حسين في كتابه الشعر الجاهلي قبل ما يقارب القرن ، ان الشعر الجاهلي كتب في عهود لاحقة سيما كان في اليمن من لغات سبئية ومعينية ومهرية وغيرها قبل الاسلام كذلك بوجود لهجات غير اللهجة القريشية.وكل ما كتب عن الشعر الجاهلي كتب متأخرا في العصر العباسي . ربما اللقب بإسم المدينة ، هو تيمننا بالمدينة ، وهو الاصح لتأكيد الانتماء للمدينة التي ولد فيها او عاش فيهاـ هو شكل من أشكال الاعتزاز. في العهود المظلمة وخاصة العصر العثماني وصلت الأمية الى99% وكان في العراق الذي يجيد القرآءة والكتابة يسمى بالافندي، ويلبس الافندي في العراق السدارة وتسمى الفيصلية نسبة لملك العراق الاول فيصل هو أول من إعتمرها
، أما في مصر فأعتمروا الفينة أو الطربوش ، وكانوا قلة في نهاية القرن التاسع عشر ، ربّما جلب الطربوش المصلح محمد علي ، او والولاة العثمانيون الذين سبقوه. في العراق كنت لا أهتم بالعشيرة أو القبيلة ولازلت ، وأ ذكرأن عالم الاجتماع علي الوردي حينما كتب ...إن العشيرة والقبيلة ولاءهم أنوي ، اي يستغلون الظروف لمصالحهم الذاتية ، تارة مع الدولة وتارة ضدها، وليس لهم ولاء وطني، والعشيرة تحكم يأحكام جائرة في صراعها مع العشائر الاخرى ،منها الدية أي التعويض مثلا بفتاة من القبيلة وكأنها سلعة دون أخذ رأيها ولا عن فارق العمر بينها والزوج المجهول من قبيلة اخرى، كذلك ( الكصة بكصة) وتعني أن اتزوج اختك وانت تتزوج اختي أو أبنتك وإبنتي. والعشيرة تتناسب بشكل عكسي مع الدولة، فإذا كانت الدولة ضعيفة ومؤسسات المجتمع المدني ضعيفة فتقوى العشيرة، واذا كانت مؤسسات المجتمع المدني قوية والدولة قوية فيضعف دور العشيرة كمرجع لأفرادها. حدثني احد الاشخاص من الخالص في مطلع الثمانينات ونحن في المعتقل ... اننا من عشيرة الربيعي ، وشيخنا بلاسم الياسين في الكوت ، ومن فخذ المياحي . تصوروا إنه يستدعي التاريخ ليقول * مسيلمة الكذاب * وبالطبع هو ليس بكذاب ( ولايمكن من يدعي النبوة ، ويتكلم بلغة ركيكة ...الضفدعة نقي ما تنقين ، نصفك في الماء ونصفك في الطين) ، المنتصر وحده يكتب التاريخ ويٌلَفِقْ للمهزوم، ولو حدث العكس وإنتصر مسيلمة ، لكتب التاريخ بشكل مختلف تماما، لان النبي محمد لم يستطع هزيمة مسيلمة وقضي عليه في زمن( أبو بكر)*. وقال لي بأن مسيلمة اليمامة هو من بني ربيعة، نهب سجاح بمعنى إغتصب سجاح التميمي، وبني تميم يطأطؤن رؤسهم امام بني ربيعة لانّ أحد اجدادنا إن صح النسب إغتصب سجاح من بني تميم، وتصوروا الى اي مستوى من الجهل والتخلف وصلنا.
في الشرق الاوسط وخاصة العرب المسلمون، تسود ثقافة الاب، والاب يريد إبنه أن يكون مثله متناظر معه ، رغم إختلاف الزمان والتطور، والاب أول شخص يأكل من المائدة ومن ثم الابناء من الذكور ، ثم في النهاية تكون المرأة والاطفال، انها ثقافة ذكورية ، تزدري المرأة ، كذلك الاطفال الذين هم صناع المستقبل والاكثر حاجة للطعام وعدم قدرتهم على الصبر. وإذا توفيت المرأة لا يذكرون إسمها في النعي، فيقولون انها أم فلان، وزوجة فلان، وأخت فلان وابناءها من الذكور، ويتحاشون ذكر إسمها( المرأة عورة) رغم إن اسمها سيكتب على شاهدت القبر.
في الغرب الحضاري تتجسد ثقافة الابن ، فالابن سيولد كجيل جديد وحضارة أكثر تطور، و يمتلك ثقافة ابيه مضاف اليه ثقافته الشخصية، فالابن يرى أكثر من أبيه ، بمعنى إنه يجلس على كتف أبيه، فيرى أبعد من أبيه. فالطفل له الأولوية في المجتمع الغربي عكس المجتمعات العربية ،فالاب هو السيد والقائد في العائلة.
كذلك بالنسبة للتلميذ المجتهد يجب أن يكون أفضل من أستاذه،لانه يجمع معلوتات أستاذه ومعلوماته الاضافية ، وكما يذكر المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد ...إن لم يكن التلميذ المُجِدْ أفضل من أستاذه فهذا يعني استاذه فاشل في توصيل المعرفة لتلميذه. التوثيق والتدوين في الغرب بدأت الكنيسة بتدوين الاسماء وتعميدها منذ القرن الخامس عشر، ولهذا أغلب العوائل الاوربية تعرف أصلها ان كانت قادمة من هولندا او ايطاليا او من الدول الاسكندنافية أو ايرلندا أو غيرها. أما في العالم العربي ، في بداية القرن التاسع عشر الأمية تسود بحدود 99% ولا يوجد تدوين أو توثيق ، فمن أين يعرف أو يؤكد انه من قبيلة فلان أو عشيرة فلان، فلا أحد يستطيع ان يدون أجدادة في القرون الوسطى، ولا يوجد تدوين، فالمساجد لا تدون أو تُعَمد البشر، فكل هذه القبائل والعشائر لا تمتلك سجلات للقرون المتأخرة ، ولذا الانتساب للنبي محمد هي من قبيل الادعاء ، اي هم السادة. والمرأة التي ينسب أجدادها الى النبي محمد تسمى بالعلوية. كما فعل الدكتاتور صدام برسم شجرة له يرجع أصله الى النبي محمد، وهو من عشيرة البيجات. في الوقت هناك دراسات مهمة تشكك بالقرن السابع والثامن، وقد كتب متأخرا في القرن التاسع الميلادي، لا أحد يستطيع ان يجزم بذلك سوى أهل الكهنوت، رغم انه لا يوجد رجال دين بعد وفاة النبي محمد، وانما أصحابه الذين تخاصموا من أجل السلطة وتاريخهم كله حروب ودسائس وقتل. بعد عودتي الى العراق سمعت من أحد اقاربي ان عشيرته الانصاري ، بعدما كان يردد سابقا انه خزرجي، اي يريد ان يضفي عليه صفة دينية، وان اجداده ناصروا النبي، اي التشبث بالماضي حتى ولو كان زائفا. ان جلّ العشائر والقبائل... ماضوية بأمجادها الغابرة، أي أن الشعوب المتخلفة تتكأ على أمجادها الغابرة ، لايعنيها الحاضر والمستقبل بشي، وإنما كان أبي وأجدادي.
في الغرب تتجذر فكرة المواطنة ، دون التفكير في اللون أو العرق أو الدين أو الطائفة ،فكل هذه المسميات هي فرعية ، والاديان والطوائف هو شأن شخصي ، فحرية الفرد مصانة ومقدسة على ان لا تمس حرية الاخرين. الاصل في المواطنة، فأي أجنبي حصل على الاقامة ومن ثم جنسية البلد وقد لا تتجاوز الاربع سنين ، يكون مواطن عليه نفس الحقوق وله نفس الواجبات كالمواطن الاصلي . في العالم الذي يسمى الوطن العربي ، ربما فقط دول الخليج هي عربية ، من الصعب الحصول على الجنسية حتى لو ولد أجدادك في اي بلد عربي، بإستثناء صدام جنّس المصرين لحاجة البلد لأيدي عاملة سيما جل شباب العراق كانوا يخوضون حرب ظروس لا نا قة فيها ولاجمل مع ايران . أما الفلسطينيون فمأساتهم جسيمة ، بحجة الحكام العرب أفتوا بعدم إعطاءهم الجنسية حتى يستطيعوا العودة الى أرضهم قبل حدود 67، وكأنهم لا يعرفون قانون مزدوجي الجنسية ، والتخلي عن الثانية بإرادتهم، لكي يحصلوا على حقوقهم في اي دولة كمواطنين حقيقين. فالكويت مثلا هناك ثلاث درجات للجنسية ، فالأولى للأمراء والشيوخ ، والثانية لعامة الكويتيون ، والثالثة للبدون من البدوالرحل وغيرهم المشكوك في جنسياتهم. في العراق هناك الجنسية العراقية العثمانية ، والجنسية التبعية اي من اصول فارسية رغم هناك أجيال ولدت في العراق ومنهم شاعر العرب الاكبر الجواهري** ، ولم يكتف العراق في الجنسية وانما وضع شهادة على الجنسية، وهو البلد الوحيد في العالم الذي يضع شهادة على الجنسية حسب علمي ، ولازال معمول بهذا القانون حتى اليوم.
في علم الجينات الحديث يفضح أصول البشر من خلال DNA فنسبة هائلة من العراقيين يرجعون لأصول أسيوية وخاصةالفارسية وهذا يكشف زيف العشيرة والقبيلة والقادم أعظم. . فالعرب عندما دخلوا بلاد فارس كانت فارس حضارة والعرب بدو ، على العكس عندما دخلوا الاتراك العثمانيون العراق ، كان العراق حضارة والاتراك شركس متخلفين، هذا ما نوه به الكاتب حسن العلوي في كتابه ... الشيعة والدولة القومية.
* مسيلمة قتله وحشي بن حرب بعد إسلامه ، هو نفسه الذي قتل الحمزة عم النبي في غزوة أحد. * * ذكر لي الاستاذ الاديب الراحل عبد الغني الخليلي وهو من مريدي الجواهري وأحد أصدقائه وتلامذته منذ أربعينيات القرن المنصرم ، انه تحدث مع الاخ الاكبر للجواهري في سفراته الى العراق أو في أيران لا أذكر على وجه الدقة ، أعتقد إسمه عبد العزيز ، وقال له إن اصولنا من اصفهان قبل 400 سنه. وقد كان هناك صراع في الثلاثينيات بين الجواهري وساطع الحصري وكانت نزعته طورانية تركية اي ساطع الحصري وعمل في جمعية الاتحاد والترقي، ثم إنقلب الى عروبي طائفي من رواد القومية العربية، وأصبح وزير المعارف الذي كان يحاول النيل من الشاعر العرب محمد مهدي الجواهري وإنتماءه الطائفي .
#أحمد_السيد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حميد العقابي... الشاعر والروائي الطائر المتشرد
-
عبد الغني الخليلي ذاكرة لا نتنهي
-
لتسامح فكرة عنصرية بغيضة ... الحل في المساواة
-
ماهية الجنة ... هل هي للعاطلين والكسالى
-
أعشاشنا القديمة
-
هادي الربيعي وإرتحالات نورنندا
-
غادرنا المناضل البطل فاخر ... على حين غرّة
-
المبدع المسرحي كاظم السعيدي ...وداعا
-
ينابيع الأقصى
-
هواة الحمام
-
نادي 14 تموزالديمقراطي العراقي في عاصمة السويد (ستوكهولم) ..
...
-
الهروب الاول الى الكويت
-
قصة قصيرة...فرج البقال
-
كاظم السماوي أخر الشعراء الكبار المخضرمين ...وداعا
-
مهمة التوثيق وليس إعطاء الفتاوى
-
محاولة لفهم كتابة التاريخ
-
لماذا لم تنفذ وصية المفكر الراحل هادي العلوي...بالحرق بعد ال
...
-
ضوء على دراسة د. علي الوردي... في طبيعة المجتمع العراقي
-
خياط الفرفوري...أحد المهن الشعبية التي إندثرت
-
مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان تالعراق 2
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|