أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - الزبير فردوس البصرة ونجد المفقود















المزيد.....

الزبير فردوس البصرة ونجد المفقود


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1445 - 2006 / 1 / 29 - 12:32
المحور: الادب والفن
    


الزبير، والأثل، وسفرات المدارس، والشبيبه ، والكشافه، وجمع الفطرالبري "الچمه"، والرمال الناعمه، وغزلان البراري ، وبيوت الشعر، والصقور. الصبار، والعاگول، وسحالي البر. مضارب خيام البدو، خرافهم، وماعزهم النحيفة الرشيقة ، ومواقدهم، ودلالهم، وعبق قهوتهم، وحسن ضيافتهم، وكرمهم، وسيوف "العرضة" تلمع في وهج المواقد المشتعلة. زيارات اهل البادية، وعزف الربابه طمعآ بعيديه العيد. جمال، وناقات اهل الباديه، وهم يتسوقون من اسواق البصره القديمه، بصرة عتبه
بن غزوان، والزبير بن العوام. بيوت الگشته، وخيام البر، وهوادج الاعراب، وبرد الليالي، الذي لاينفع معه، الا النارالمشتعله، والتدثر، بالكسوة الصوفيه "الفروه" او "البشت". ليالي السمر، وفرق الطرب، وجلسات الكيف، والغناء الشعبي الأصيل، والصفقات المنتظمه "شدة الخشابة"، وتناوب، وتقافز، وتمايل الراقصين بملابسهم، وحركاتهم، وايماءاتهم الخاصة . الدرابين المظله، والسراديب البارده. هواء الصحراء الجاف، وطلعات العصر، والنسيم العذب عند المساء. المقاهي البسيطة، وتخوتها الخشبية المفروشة بالحصران، والبلال. تحلق الاجيال، وتداولهم لعبة "الدامة" شطرنج الزبير المبتكر، يقتلون به وقت فراغهم، ويتنافسون ببراعة اللاعبين البارعين.

قضاء الزبير، ومواقع معركة الجمل، وسوق المربد، والفراهيدي، وقبور الصحابة، والاعلام، والعلماء طلحه، والزبير بن العوام ، والحسن البصري، وابو الاسود الدوؤلي، مالك بن دينار، وحليمة السعدية، والقاضي احمد الانصاري، و حتى المعاصرين منهم مثل طالب النقيب، وبدر شاكر السياب. وبقايا جامع البصره القديم . مدينة الزبير التاريخيه، وبيوتها الطينيه، واسوار دورها العاليه لخلق الظلال، ومقاومة الحر الشديد. خصوصية البناء، والهندسة، والمعمار، وعدم اطلال الشبابيك على الشوارع. نوافذ، وابواب في غاية الفن، والزخرفة . شوارعها المرمله، وسراديب البيوت التي ينزل اليها اهالي الزبير ايام الصيف اللاهب، للتمتع بالقيلوله، وبرودة يحسدهم عليها من يسير في شوارعها التي تحرقها الشمس. فناء البيت الواسع "الحوش" تتوسطه نخلة، او سدرة يرقد قربها اناء الماء الكبير"الحب" تحيطه الانية الاصغر "الشراب"، يتبرد مائها بطريقة الترشيح. تتجمع حولها العائلة مستعينة بالمهافيف لتلطيف حرارة الجو.

"هاتو"، تومان الزبير، ومقالبه، التي يعرفها، ويخشاها، ويحذرها الجميع. ونكاته التي يحفظها، ويرددها اهل المدينة، فهو جحا الزبير، وشعيب البصره، وثعلب البر. غادر الى الكويت، ومعه اختفت المقالب، وضحكات "دگاته" ومفارقاتها من طرقات الزبير، ودرابينها، ومجالسها. غابات الأثل التي يدعي ألأنجليز انهم زرعوها من اجل شجرة عيد الميلاد، لكنهم، ولوا، وظلت، واتسعت غابات الأثل لتستقبل سفرات المدارس، وحفلات الأعراس، والسفرات العائليه، والحزبيه، والطلابيه، والنسائيه، والگشتة "النوم في البراري" وليالي السهر، والسمر، والخشابه، والصيد "القنص" ، وعيون النسور اللامعة، وألأبار العميقه المدروسه، والجديده التي تشكل حول بعضها مزارع للطماطه، والبصل، والبطيخ الشهي، والخيار، وانواع الخضروات. الدريهمية، والبرجسية اشهر المتنزهات، والمنتجعات الشعبية في عمق الصحراء، وقبلة السفرات الاجتماعية للعوائل، والمنظمات، والمدارس البصرية، قبل ان تلوثها دماء القتلى، وتشوهها حراب الحروب، والفاشية. اما شيوخ الزبير فيؤكدون ان النازحين الاوائل من نجد، والسدير، هم من زرعوا اشجارالاثل البرية لحماية مدينتهم، ومزارعهم من عواصف الصحراء الرملية. وحطبا للبيع اذا شحت مواسم زراعتهم، وهذا مايشير له التاريخ، وتؤكده الروايات المتوارثة. وبذا تكون اشجار الاثل اول حزام اخضر في التاريخ. انه سورالزبير العظيم. ولكن متى انصفنا الاخرين، او انصفنا انفسنا؟

اهل الزبير بملابسهم التقليديه، وقاماتهم الرشيقه، وعاداتهم، ولهجتهم المحببة، واخلاقهم العربيه ألأصيله، وتميزهم بالتسامح، وعدم الغلو الديني او الطائفي، وعلاقات مسالمه متجانسه مع بعضهم، او محيطهم. عرفوا بالزهد، والتواضع، والتقوى. ازدحمت مدينتهم بالجوامع الشهيرة كالرشيدية، والذكير،والصوالح. ومثلما اشتهروا بالورع عرفوا بحسهم الموسيقي الرفيع "اغلب مطربي الكويت من اصل زبيري". ومن اقدم المطربين خالد الربيب من اواخر القرن التاسع عشر،وحميد ياسر، وعشرات غيرهم. وقد غنوا انواع الابوذيات، والمقامات البصريه، والبستات. ظهر بينهم ادباء، وشعراء يشار لهم بالبنان، ولا يستقيم تاريخ للأدب العراقي دون ألأشاره الى الزبير، ومساهمات اهلها، ومكتبات رجالاتها الخاصة التي صارت منابر ثقافية لكل المنطقة. فيها اسست اولى المدارس في الخليح، ودرس فيها رجالات صار لهم وزنهم في كل مجالات الحياة، من الاحساء حتى عمان. لاتوجد مدينة في المنطقة زارها الملوك، والامراء، والشيوخ، والاعيان، والعلماء، والسفراء، وكبار المسؤولين متل الزبير. شعرائها المحدثين محمود البريكان الذي شابه المتنبي في ابداعه، وموته. الاثنان قتلا على يدي قاطع طريق. وكأن اسطورة الخير، والشر تجسدت في حياته، وموته. خالد الخشان الشاعر الانيق المرهف المهاجر. ومئات من رجال العلم، والثقافة، والصحافة، والادب. زيارات المستشرقين، والرحاله، واول مقر لشركة الهند الشرقية في المنطقة كلها . وهو للاسف بداية التغريب، والاغتراب للمدينة الصحرواية المحافظة الهادئة المطلة على الخليج بلا سفن، ولا سفانة. من منا لا يتذكر ألأغنيه الشعبيه عن البصره: "البصره بيها الزبير، بيها النخل بيها الخير".

اسواقها تحمل نكهة الحكايات الشعبيه، وألأساطير القديمه، والصنعه البدويه، النعل، وألأحذيه، البشوت، والصناعات الجلديه، حولوا النخلة الى سوق صناعات كاملة. حياكة العبي، وحياكة، وتطريز انواع الملابس البدويه التقليديه. نسج العقال، والطاقيات المحليه "العرقچين". اسواقها التقليدة باسمائها االشخصية مثل سوق الابراهيم، وسوق سويلم، واسواق باسماء السلع: سوق المسامير، والحزم، والحمام، والحصران، والخبازين، والندافين، والسمك، والحبال. وكل ما ينتجه البشر تقريبا له سوق خاص. تعدد هائل في بقعة صغيرة جدا. سوق البنات، والعيون العربيه الساحره، والشعر البدوي الكاحل السواد المغسول بعصيراوراق اشجارالسدر"النبق". العطور، والديرم، والاساور، والبراقع، والعباءات السوداء. من بين هذه ألأسواق ظهر، وتميز تجار كبار في اسواق البصره، ويغداد، وكل الخليج مستفيدين، ومستوعبين، ومستوحين كل التاريخ التجاري لعرب نجد، التي جاء منها بالأساس اهل الزبير قبل حوالي 300 سنه. الشعيبه، وثورة العشرين، وابار النفط،، واضرابات العمال، ومقالع الرمل، والحصو، ومنتجات الجص، والجبس، والجير، وصناعة متقنه للصنادل، و السروج بالتناغم مع تربيتهم للخيول ألأصيله. معسكرات ألأنجليز، وقواعدهم، ومطاراتهم العسكريه التي طردتهم منها ثورة 14 تموز. وتحت ارض الزبير الرملية، الناعمة يتدفق الذهب الأسود ثروة العراق ألأولى، وسبب كل مصائبه، ومشاكله، ومؤامرات ألطامعين، وغزوات الجيران، وحملات المحتلين، والمستعمرين. شركة النفط الوطنيه، وابارها الغنيه، والرميلة اغنى حقل نفط في العالم، التي لم يستفد منها الزبيريون شيئآ.

في منتصف السبعينات كنت انا وزميلي المنحدر من عائلة نجديه من الزبير في زيارة عمل الى المدينه الصحراويه المستقره بهدوء بين البر،والبحر، وكانها دره في تاج الخليج. وصلنا وقت الظهيره. فحثني صديقي الى السوق القديم . رجوته، ان نرتاح، ان ناكل شيئا، ولكنه اصر على الاسراع الى السوق القديم ساحبا اياي ورائه كمن يقود ضريرا. كان السوق شبه مقفرا، المحلات مفتوحه، والبضائع معروضه، ولا احد هناك غير بعض الصغار، ونحن. فهمت ما يريد ان يقوله لي. تذكرت فيلم الرساله عندما ياتي احد الغرباء الى المدينه ، ويجد الاسواق فارغه فالجميع ذهبوا للصلاة مع النبي. تخيلت انني اقف في المدينه المنوره اشهد ذلك الذي شاهده الغريب. فهل بقيت ياترى اسواق الزبير مليئه بالامان، والاطمئنان الذي جعلني اتصور،يومها، انني اعبر حاجز الزمن.



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة بني امية في الناصرية
- يا مسيحيوا العراق كل عام وانتم في مهجر جديد
- لماذا تناست الخيوط السياسية الحمراء الدم العراقي الاحمر؟؟!
- من يحكم في بغداد، ازلام الطائفية ام السفير زلماي؟؟!
- القتلة يحاكمون الضحايا في محكمة رزگار/ الجعفري
- السيد -عدي- الحكيم يمهد لحرب اهلية وتقسيم العراق
- لا محالة من التوافق الوطني
- العراق بين مطرقة البعث السوري وسندان الاسلام الفارسي
- حرب الاشاعات في شوارع بغداد
- شعارات وتعليقات من الحملة الانتخابية الاسلامية في العراق
- رسالة الى الرئيس الايراني :::بدل ازالة اسرائيل انسحب من عربس ...
- قرآن عمار الحكيم
- رسالة الى اياد علاوي وحلفائه في القائمة العراقية الوطنية
- ايتام ناظم ?زار يتلثمون من جديد
- الاسلام هو القتل والعراق هو الحل
- الجميلة نجوى قاسم افضل من يتناول الشأن العراقي
- الديمقراطيون في امريكا يتحالفون مع البعثيين في العراق
- فرارية الحزب الشيوعي يواصلون استخدام هوياتهم المزورة
- المسلم الوحيد في الصف كان مسيحيا
- الاسلام هو الحل عن طريق القتل


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزاق عبود - الزبير فردوس البصرة ونجد المفقود