|
مهلا أيها السادة ... دعوا الرئيس يتكلم !
كفاح محمود كريم
الحوار المتمدن-العدد: 1444 - 2006 / 1 / 28 - 06:15
المحور:
كتابات ساخرة
منذ أكثر من أربعين عاما انقلب البعثيين على عبد الكريم قاسم في أكبر سرقة سياسية عرفها التاريخ العراقي المعاصر وأخرجوه من عرينه في وزارة الدفاع مباشرة إلى مبنى الإذاعة لتبدأ هناك مراسيم محكمة البعث الأولى في تاريخ العراق . هناك يتذكر الباقون على الحياة تفاصيل ذلك الدراماتيك الذي لم يستغرق إلا سويعات من النقيق ألغرائزي الذي انتهى كالعادة بذبح الزعيم والانتصار للأمة المجيدة (!) ، وهنا لا أريد أن أسوق معلوما ت تاريخية بقدر الإشارة والاستدلال وربما الاستذكار بعض الشيء ، والشيء بالشيء يذكر ! عبدا لكريم قاسم لم يكن عريفا بالجيش أو مفوضا في الشرطة ، بل كان رئيسا للجمهورية العراقية الخالدة (!) وقائدا لجيوشها التي لم تك جرارة بعد ، وحافظ أسرارها , وأسرار مخابراتها ، وأين كانت تعمل مخابرات الدول الصديقة والشقيقة وحتى العدوة (إن وجدت ) على أرض السواد ، لم يكن ( قاسمنا هذا ) مجرد موظف بسيط بل كان يعرف أسرار الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات مع الدول التي ( تحبنا ) والتي ( تحسدنا ) بحكم مسؤوليته وكونه زعيمنا الأوحد (!) . وبالتأكيد كان يعرف أشياء وأسرارا لا يعرفها (ألرفاق ) من فرسان دولة الضفادع ؟ المهم سواء كان عريفا أو مفوضا أو رئيسا قرر المجتمعون من فرسان الأمة ومحرريها إرسال الزعيم إلى الجحيم مع أسراره وأسرار دولته الشعوبية أو ربما إلى ( القمر ) لتظهر صورته ليلا للعاشقين ولتنتهي دولة (قاسم العراق) كما كان يشتهي أخوتنا المصريين آنذاك بتسميته (!) . ولكي نكون منصفين لم يك الآخرون قبل خمس سنوات من ذلك التاريخ بأفضل كثيراً من فرسان (الأمة) مع ( الهواشم) حينما تم ذبحهم جميعا دون سؤال أو جواب (!) دونما اتهام لقاسم أو لغيره (والله أعلم) .
بعد أكثر من أربعين عاما على دراما محكمة ( البعث) الأولى مع رئيس الجمهورية الخالدة وما يقارب النصف قرن على مذبحة ( ألملوك) يقف رئيس جمهورية ألعراق وأركان دولته ( ألعظمى ) وراء ألقضبان للمحاكمة ! ولكن دعونا نتروى قليلا أيها السادة الكرام . ألرئيس صدام حسين ( السابق والحالي كما يشتهي هو ) لم يكن موظفا لدى أحمد حسن ألبكر بل كان مبرمج سياسته وفيلسوف دولته و(خزنة) أسراره ومؤسس دولة ( ألبعث ) على أرض العراق ، وهو الذي يقول( إننا استلمنا العراق أرضا يباب وشعب من الحفاة والعراة والمتسولين ) . وهو ألقائد العظيم لدولة ألقادسيات وأم المعارك والأمين العام لحزب زرع أعضاؤه في مشارق الأرض ومغاربها ( في السفارات والجامعات والنقابات وأينما يكثر تجار السياسة والأهواء والشعارات وحثالات البروليتاريا-على وصف المرحوم لينين- وهواة المغامرة في عواصم العروبة والسوفييتيات ) . وهو مهندس الحكم الذاتي( لمنطقة) كوردستان ( واحدة من نعائمه الممنوحة للكورد ) وهو أبو التأميم وأبو ألاشتراكية البعثية ألعتيدة ,هو ألذي ألغى ألطبقة ألعمالية بكاملها في أحدث تعريف للطبقات في المجتمع ، وبعد ذلك فهو أبو الطاقة الذرية والنهظة العلمية الكيماوية والجرثومية والمدفع العملاق وصواريخ العابد وطائرات أواكس عدنان وهو أيضا عم( أبو) ألتصنيع ألعسكري شهيد ألغضب حسين كامل وأبن عم ( ألفريق أول أركان حرب المبدع) علي كيمياوي وشقيق رئيس المخابرات العراقية العامة ، وهو وزير كل وزارات الحكومة ورئيسها في آن واحد ، هو إذن صانع أمجاد العراق بل وحتى تاريخه وأبا روحيا لكل الكفاءات العلمية وغير العلمية وبعد ذلك كله فهو أبو أسرار العراق العظيمة والعجيبة ابتداء من إعدام عملاء إسرائيل ( بداية الثورة ألبيضاء ) وانتهاء بالدعاية (المغرضة) حول اتصالات نظامه بإسرائيل مروراً باتفاقياته ومعاهداته وبروتوكولاته وقادسياته وأنفالا ته ورماحه البيضاء والملونة ، وأسرار كثير من الدول والأنظمة التي تعاونت معه أو ضده مع إيران والخليج وتركيا ومصر( أبا رغال والخفيف) وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ووو وكل العالم ، ألم أقل لكم إنه ألقائد العظيم . إذن مهلا أيها الســــــــادة : ودعوا الرئيس يتكلم فإنه رئيس العراق لأكثر من ثلاثين عاما ، وليس أي رئيس ، فهو رئيس الجمهورية والقائد العام لأكبر جيش في أكثر من نصف العالم ، وهو الأمين العام لحزب الأمة العربية الواحدة وصاحب رسالتها الخالدة من المحيط إلى الخليج ، وهو أمين أسرار دول العرب حتى غزوته للكويت . ألرئيس صدام حسين ليس شخصا مجردا أو رئيسا موظفا كما هو في الديموقراطيات الغربية أو رئيسا مؤسساتيا لا علاقة له بغير مؤسسة الرئاسة ، إنه منظومة من الأسرار والأفكار والعلاقات والسلوك، يمثل تاريخا خطيرا ومهما للمراحل القادمة من أزمان العراق . الرئيس صدام حسين ليس مجرد رئيس متهم بفضيحة ما كالرئيس كلنتون أو نكسون ، إنه يمثل نمط من التفكيروالتصرف والسلوك لا يزال ينمو ويترعرع لدى الكثير من الأشخاص والأحزاب وحتى الدول التي تنتهج ذلك الفلكلور السياسي والاجتماعي في الجاهلية وعقب اغتيال حكم الراشدين . إذن ؛ طالما إنه بهذه المواصفات ( شئنا أم أبينا) علينا أن نستمع له جيدا ، فلديه الكثير مما نبحث عنه ،وعليهم في محاكمته أن يدعوه يتكلم ، لا أن يقتلوه كما فعل هو ورفاقه بالزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم ، وبالتأكيد فإن أركان دولته وحكمه لم يكونوا أكثر من شهود أو منفذين أغبياء أو أذكياء لا فرق فهم كما يقول العراقيون ( كتاب عرائض يعملون في مكاتبه) . إذن : دعوا الرئيس يتحدث ولا تملوا أو تقلقوا أو ربما .... تخافوا ! ! دعوا الرئيس يتحدث بحريته وملئ شدقيه وكأنه الرئيس الحالي ولا تقلقوا أو تخافوا ففي أحاديثه جزء من مأساتنا وتاريخنا وأسرارنا ونجاحنا وفشلنا وضعفنا وقوتنا . دعوا سيادة الرئيس القائد يتكلم فليس منكم من يعرف أسماء وسمات وعناوين ووصايا أولئك الذين أرسلهم إلى الجحيم أو الجنان من الآلاف المؤلفة من شعب كوردستان مثله. دعوا الرئيس الضرورة أن يتذكر لنا أصوات وآهات وأنين الأطفال والأمهات الذين ( أنفلهم ) في صحراوات جنوب العراق (دفنهم وهم أحياء ). دعوه ... يتحدث لنا عن أصحابنا وأصحابه (وأصحابنا الذين كانوا أصحابه) و رفاقنا ورفاقه (ورفاقنا الذين كانوا رفاقه) وما بين الاثنين (!) لا تخافوا هذه المرة ... ودعوا الرئيس يرسم خريطة العراق الجديد ، وبعدها إفعلوا ما تشاؤون (!) فقط تذكروا إن ( سيادته ) كان يمتلك جمهورية العراق أرضا وشعبا وجيشا وحكومة ، ماءا ونفطا اتفاقيات سرية وعلنية وتحالفات ظاهرة وباطنة ، وهو الوحيد الذي يعرف من معنا ومن ضدنا ، أليس هو القائل ( استلمنا العراق حفنة تراب ولن نعطيه إلا حفنة تراب ) ويكاد يصدق فإنتبهوا ودعوه يتحدث .
#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة النقيق ... وإمبراطوريات القبائل !
-
دولة ألضفادع ... بين حسين كامل وعبدالحليم خدام!
المزيد.....
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|