أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بين البتاويين ومقبرة النجف














المزيد.....

بين البتاويين ومقبرة النجف


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 01:28
المحور: الادب والفن
    


مابين البتاويين ومقبرة النجف ثلاث ساعات مع زحمة المواصلات والسيطرات، وهو مشدود على اعلى السيارة، والدموع شحيحة ربما، فقد رحل عن عمر ناهز الستة والستين عاما ولم يتزوج، بقي وحيدا منكسرا وحزينا، كم من القصائد بين البتاويين ومقبرة النجف وكم من الساعات، أتترنم بشيء هنالك في التابوت، ام غادر الشعر الجسد هو الآخر، قطعة الرخام التي خطت على قبرك ستكون الشاهد الوحيد عليك، انت ايضا مقتول ، قتلك من سرق جهدك ورماك بسبب زجاجات الخمرة التي لم تكن تفعل بك ماتفعله بالآخرين، هكذا كان صديقه يرثيه بدموع جارية، صداقة امتدت لاكثر من عشر سنوات، كان بها قليل الكلام معترضا على كل شيء في الجريدة وخارجها ومتذمرا مما وصلت اليه الحال، يعبر الشارع بنقمة كبيرة، شارع السعدون كان الفاصل بينه وبين قدح الخمرة، يخفّ مسرعا ليعود اليه توازنه، اما هؤلاء الصحاة في الجريدة فكانوا يعتقدون عكس ذلك تماما، لم يكن ليخطىء وهو مكتفٍ من الخمرة، يخطىء متى ماكان يشعر بالصحو فقط، فالصحو كان عدوه الاكبر، كان يحاول ان يتخلص من خوف داخله، و يتحسب كثيرا من ان يموت منفرداً ولا احد سيعرف بموته، ربما اتعفن داخل هذه الغرفة ولا احد يدري.
كان صديقه يخفف عنه، ويضحك من تلال الشمع المتبقي على المنضدة الفقيرة، لا اريد ان استغلك، هل قرأت هذه الكتب؟ نعم قرأتها، اتبيعها لي، خذ ماشئت، كلا سأشتري هذه المجموعة من فاوست الى مذكرات الجواهري، وخذ الباقيات هدية مني اليك، ماقيمة بقاء هذه الكتب هنا، هل قرأت قصيدتي الجديدة التي تتكلم عن ابي نؤاس، لقد اتصل بي شاعر كان يقيم خارج العراق واتفقنا ان نلتقي بالمقهى يريد مناقشة ماجاء فيها من افكار، عزيزي خليل لا اتصور انك تتكلم او تدافع اوتثار، الصمت يغطي جميع تفاصيلك، انتبه الى نفسه وهو يعيد شريط ذكريات سلفت وسلفت ايامها، رئيس التحرير اعرفه كنت معه اعمل بنفس الجريدة في السبعينيات وهو صديقي، غادرت الجريدة بعد ان اغلقت، هو يعرفني جيدا، ولكنه ازاحك من رئاسة القسم، نعم بسبب النفاق، يقولون له انني اشرب في اثناء الدوام الرسمي، هؤلاء مالهم ومالي؟ انا مكتفٍ بحياتي ولم ازاحم احدا، هل يفهمون سكوتي ضعفا؟ ربما، خذ هذه الليمونة اجعلها مزة مع العرق، مرة استدرجنا زميلا لنا وهو روائي يعمل في قسم العربية والدولية، وجلس على مائدة خليل، ولم يشرب، تعجب خليل، ولكن زميلنا الروائي اعتذر وقال انه اقلع عنها ولايمكن ان يعود، باستثناء القاص عبد الرزاق، فقد درج كما درجنا، وهو كبير في السن، كان خليل يستدل على كبر سنه بانه بعمر صدام،و يحثني على السكر وهو يردد: اشرب اشرب اشرب، لثلاث مرات، و يخزن الكثير من قناني العرق، لايكتفي بواحدة او اثنتين، لم يغادر البتاويين الا قليلا، يذهب الى اتحاد الادباء لدعوة او رؤية صديق.
غادرها عندما انهوا خدماته في الجريدة، وعمل قليلا في جريدة اخرى، وبدأ يرتب الى ترك غرفته فراتبه التقاعدي نتيجة العوق الذي اصابه في حرب الثمانينيات لم يعد يكفي لبدل الايجار،كيف يستقم الامر مع الخمرة اليومية، لقد قتلوك، نعم الكثيرون اشتركوا بقتلك، الاعداء وبعض الاصدقاء، حتى المعشوقة التي سرقت مرتبك الشهري اسهمت بقتلك، كنت تناديها وتريدها ان تعود حتى مع سرقة المرتب، يا لهذه الايام الموحشة عندما يتحول الشاعر الى قطعة اثاث تتحول من منطقة الى اخرى بدواعي ضرورة العيش، الانسان يتحول الى قنينة عرق فارغة، ينظفون منه المكان ويغادر هو بلا زهو يذكر، ولن تشفع له قصيدة او مقالة ، هكذا كانت الرحلة شاقة، ساعات للنوم، وساعات للسكر، وساعات للعمل تختلط في احيان كثيرة ليكون النوم والسكر الاوفرا حظا، خيط يعقده بعض المارة، العيد زجاجة صباحية ونديم مريح، لايشبه اعياد الآخرين، والعطلة هي الاخرى تمر بزجاجة، ربما تتخلل بعض الزجاجات فترة استراحة لكتابة قصيدة، تكون نهايتها مابين البتاويين ومقبرة النجف.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتان قصيرتان
- سنكون شاعريْن أو أكثر
- أصدقاء الكرسي
- بلا ذكريات
- حزن معدان
- موت في السوق الميّت
- هيّه كوّه
- رجل المطر
- هكذا تبدأ النجوم رحلتها بكف عاشق
- قانون العشائر وقانون البراءتليهْ
- رائحة التظاهرات ورائحة القهوة
- صانع الاحذية
- سائق الكيّا
- ذهول القديس
- الحصان الاعمى
- الحمقى لايرقصون
- سليمهْ
- في الثورة
- الدور الثالث ضربة قاضية للتعليم في العراق
- عيد في العراق


المزيد.....




- سوريا.. سحب الثقة من نقيب الفنانين مازن الناطور
- مصر.. غضب بسبب امتحان -اللغة الثانية- في الثانوية العامة
- نادي السرد في اتحاد الأدباء يحتفي بالروائي حميد المختار
- صراع في نقابة الفنانين السوريين.. مازن الناطور يلغي قرار عزل ...
- نقيب الفنانين في سوريا مازن الناطور يرد على قرار عزله بإقالة ...
- -مين فيهم-؟.. صناع فيلم -درويش- يشوقون الجمهور لشخصية عمرو ي ...
- سوريا.. هل قرار سحب الثقة من نقيب الفنانين مازن الناطور صائب ...
- قداس يتسم بأجواء أفلام -حرب النجوم-.. كنيسة ألمانية تبتكر وس ...
- قبل حوالي 2500.. كيف أسست أميرة بابلية أول متحف في العالم؟
- سناء الشّعلان تفوز بجائزة مهرجان زهرة المدائن الفلسطينيّة عن ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - بين البتاويين ومقبرة النجف