حافظ خليل الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 5517 - 2017 / 5 / 11 - 23:11
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
ارقد في غرفة صغيرة ، نافذتها تطل على اكوام الانقاض ومخلفات الابنية ، التي تعرضت للقصف بعد ان احتلها مسلحو داعش ، و غرفتي جزء من واحدة من هذه العمارات التي بقي هيكلها واقفا وهي بالاصل مستهلكة لعمرها الافتراضي ، قبل ان تتعرض لظروف الحرب ، وهي عارية من زجاج النوافذ وتفتقر لابسط مقومات العيش ومع هذا ادفع بدل ايجارها وهو ليس بالقليل .
في الليل يلفها ظلام دامس لفقدان خدمة الطاقة الكهربائية واي منفعة بلدية .
انا ووحدتي وسريري والظلام ، وهذا البرد اللئيم تأخذني افكاري بعيدا ، فارجع الى ايام خلت ، كان البيت يضج بحركة واصوات الاولاد وزوجاتهم ومن معهم ، كل في شأن ، وكثيرا ما كنت اطالبهم بالهدوء ، لاجل ان اخلد الى النوم ، اليوم السكون المطبق هومن يقض علي مضجعي ، بين الاطلال .
بعد رحيل الاحبة ، وتدهور اوضاعي من كل الوجوه ، انفض الكثير من حولي ، ولكل منهم سبب وعذر يقنع ذاته به ، اضافة الى اني فاقد لاي بريق جاذب للصداقة نتيجة ما لحق بي وما تعرضت له ، من اهمال الدولة وتنكر الرفاق ، وضعف الحال ، وفتك الامراض ، التي تعاونت مع الزمن البغيض ، ورمت بي على هذا السرير البائس ، في غرفة الشقاء وسط هذه القفار .
لم يبق لي الا ارواح الاحبة تعاودني أطيافهم ترفرف فوق رأسي وتخبرني بأنها لا تستطيع الرقود مستريحة لما تراه من بؤس حالتي وشقائي حتى باتوا لا يطيقون العيش في الجنان تلازمهم الحسرة لعدم تمكنهم من مساعدتي وفك اسري من بين براثن الوحدة والعوز والمرض والحزن .
في ليلة من تلك الليالي العجاف ، المترعة بالهموم ، اخذتني غفوة كنت اتمناهها ، واذا بالاحبة يزوروني طيفا في المنام وهم على شيء من التوتر والحزن ، معاتبين لي قائلين :
_ انت سبب كل هذا الشقاء !
_ لماذا وما ذنبي انا ؟ هكذا اجبتهم ..
_ بلى انت من كان السبب !
_ ولماذا ؟ كررت تساؤلي ..
_ الم تقل لنا اياكم و المهادنة وتحذر من التفريط بكل ما من شأنه الانتقاص من الكرامة ؟ أولم تزرع فينا حب الوطن ؟
_ بلى !
إن لهذا ثمن باهظ دفعنا نحن له اعمارنا من قبل وها انت تكمل دفع ضريبة هذا الحب .
#حافظ_خليل_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟