محمد الذهبي
الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 23:41
المحور:
الادب والفن
قصتان قصيرتان
اعتراف
في الذكرى الرابعة عشرة لسقوط بغداد، وصل معارض بعثي كبير الى وسط العاصمة، وهيأ المسؤولون له جواً ودياً ليقدم اعترافه الاخير، ووسط دهشة الناس جميعا بدأ يعدد الرفيق خطيئات الحزب واحدة بعد اخرى، من موت النخيل الى جفاف دجلة والفرات، ولكنه استغرب بعد ان عاد الى بيته المحاط بالحرس، ان النخيل مازال يموت، وان المياه لم تزل شحيحة، وسمع من اخيه ان سد الموصل لم يعد كما كان، وان النخلة لم تعد تموت بمفردها ، فقد اصطحبت معها كثيرا من الاشجار الاخرى، وان المدن لم تعد فارهة، فقد ماتت المساحات الخضراء هي الاخرى، لم يندم على اعترافه ولكنه قرر ان يعود الى منفاه، فالاعتراف في هذه الحالة لايجدي نفعا.
عمود الكهرباء
اعتدت على رؤيته يوميا، اخرج صباحا فالقي عليه التحية، وفي المساء اتفقده، واحيان كثيرة قبل هطول الامطار الف جزءه الاسفل بالبلاستك، ومرة من المرات رأيته بحالة يرثى لها والدخان يخرج من القير المحيط به، هرعت الى الصيانة وتكلفت مصروفهم فعالجوا الخلل، الدار الثالثة التي يكون عمود الكهرباء ببابها، في القديمة كان صديقي ايضا بالرغم من انني صعقت به عدة مرات وانا طفل، لكنني اعتدت على رؤيته كل يوم، حتى انني حزنت حين ارادت شركة يابانية استبداله في التسعينيات بجعل الكيبلات تحت الارض، كنت افكر في عشرة العمر، في الفترة الاخيرة بردت علاقتي به، فقد تشعبت الكيبلات في رأسه الكبير، واصبح ملكا مشاعا للجميع، بدأ يشعر بالكبر والعجز، فهو يهتز بريح بسيطة، وتهتز معه الكيبلات، وبعض الاحيان النار تلتهب في رأسه، فاهرع الى داخل البيت خوفا من انه سيرمي حممه كالبركان اعتراضا على تصرفات البعض، الذين يرتقونه من سطح الجيران، تغيرت حال عمود الكهرباء، حتى انني ظننت انه يعاني الخجل من ان الاسلاك الصغيرة للمولدة باتت توفر الكهرباء اكثر منه، الخجل الذي يظهره عمود الكهرباء الذي صودرت محولته، فقد بنى عليها الجيران بنيانا، لم يظهره مسؤول في الدولة لان عمود الكهرباء بات بلا عمل هو الآخر.
#محمد_الذهبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟