|
موارد العنف -7-
جميل حسين عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 5513 - 2017 / 5 / 7 - 17:00
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
موارد العنف قراءة في عقلية الكراهية -7- يتبع وإذا كان العنف ظاهرة ملازمة للعلاقات البشرية التي ينظمها المجتمع بوظائفه التكليفية، لما يكمن فيها من نوازع الاختلاف، ودوافع الافتراق، فإنه يأخذ أنماطا متعددة، وسياقات متنوعة، إذ يتحدد في كونه يعتبر فعلا عدوانيا خاليا من الالتزام بروح الضمير الأخلاقي، أو ممارسة متعالية عن القيم الإنسانية، تقتضي إلحاق الضرر بالآخر، وإرغام ماهيته لغرور ذات المتعنف. وذلك مما لا يتشكل في مظهر واحد، أو في منحى معين، بل تختلف المؤثرات التي تفرض مقدمات استدلالات قيام ضرورته، وتلزم بنتائجها التي تثمرها أوضاعها القابلة لمخالفة الاستناجات الخلقية التي دأب العقل على احترامها في كل تموضعاته التاريخية، إذ هو إفراز حقيقي لاعتلال يحدث في جوهر الذات، وتوازنِ نسب مكونات حقيقتها، وطبيعتها، واعتلال يقع في معنى الأخلاق، وضرورتِها في تحديد المفاهيم، والتوجهات، لأن تضمنها لهذا الخلل الذي يؤدي إلى سلوكات منحرفة في ظواهرها الخارجية، هو الذي يجعل العنف إجراء يقوم به الفرد أو الجماعة لتدارك ما يعتريهما من خوف، وجبن. إذ ما نعنيه به في التحديد الذي يميزه عن غيره، ليس هو ما يجعله الطب مرضا عصابيا، أو اضطرابا نفسيا، يجسده الميل الذهني إلى كل ما يقهر الآخر بدون داع منطقي يطلب وجود نوعه في السياق العام، لأن مآل وضع ذلك إلى المشفيات التي تعتمد في دراستها التحليلية على نظريات علمية، تجريبية، إذ هو عندها؛ نوع من السلوك الذي يظهر خصائص الذات، وسماتها النفسية، ومكوناتها العقلية، بل نعني ذلك السلوك العدواني الذي يرتبط بأجواء باطنية مترعة بما يفرزه الواقع فيها من ألم، وكمد، لأن صيغته التي تحرر مفهومه مما عداه من المفاهيم المتضمَّنة فيه، أو المقابلة له، تلبي حاجيات في الذات العاجزة عن ربط صلاتها بعالمها الخارجي؛ وهي ما تنتجه العلاقات المشتركة بين المسارات المختلطة الموارد من ألوان الارتباط بالآخر، والاختلاط معه في نطاق المشترك الطبيعي، والإنساني، إذ ما تقتضيه عملية التكيف من صناعة أسيجة تقي الإنسان من مخاوفه المجهولة، لاسيما في واقع مرتبك المعاني، وممتزج الدلالات، ومختلف العناوين، هو الذي يدبر المشاعب المتباينة بصراع يمنح كل واحد حصته في مطلوب الوجود بقوة، وعنفوان، لأن اقتضاء السرب في ناموس المصلحة لنمط خاص من الأخلاق الشخصية، ولو جانف الحقيقة، وجانب الطبيعة، يكون لازما في ضرورة التعايش مع ما يقع في مخاض الحياة من أحداث ضخام، وأرزاء جسام، تزري بالخلق الجميل، والفعل النبيل، لأن ابتغاء جعل هذه الغاية ضرورة لازمة لبناء مصير العلاقات الإنسانية في القضايا المصيرية، هي التي تحدث العنف المتواصل بين الفئات المتكتلة في ظل نظام يحدد نوع الرابطة التي تربط بين الإنسان، وذاته، وبينه وبين غيره، وطرقَ تفاعلها مع بعضها، ووسائلَ تحقيق ما فيها من رغبة، ولذة. إن نزوع الإنسان إلى الاستعداء على الغير بمقتضى ذاته المنغلقة على عقد أنانيتها الاستعلائية، قد لا يتم في إطار المرض فحسب، بل قد يكون نتاج صراع قائم بين الوحدات المكونة لكلية المجتمع في الحد الأدنى، أو العالم البشري في الحد الأعلى، لأنه كما ينشأ من خلل نفسي، أو من زلل عقلي، فإنه يتولد من تصور فاسد للحقيقة، وما تستتبعه موضوعاته من مهاد في الفكر، والنظر، والممارسة، وإن كان ذلك في بعض الدراسات التي تهتم بالإطار المرجعي لكل أسباب العنف، ومهما كانت ألوانها مختلفة، وأعراضها متباينة، قد يعود بكليته إلى مطلق المرض، لأنه لا يبدو فعلا عرضيا في كثير من النوازع التي تدفع إلى العدوان، أو التخطيط لتحقيق الهدف بما يقهر الآخر، ويجبره على قبول الاضطهاد، والاستعباد، بل يكون ذلك عملا مرغوبا، لاسيما في بعض الموارد التي تطفح بالصراع حول تحديد القصد من وجود الإنسان بين سلسلة من الأشياء المشتركة الطبيعة، والمتعاقبة حركتها في الصيرورة الإنسانية. ومن هنا، فإن تأطير العنف كممارسة ضد الآخر، لا يتحقق إلا إذا أدركنا ما فيه من أسباب مادية، ومضمرات معنوية، إذ وعي ذلك بالاستدلال على مكمنه النفسي، ومجثمه الاجتماعي، قد يلعب دورا إيجابيا في معالجة كل القضايا المتسمة بالتخويف، والترهيب؛ على اعتبارها مصدرا لجملة من الجرائم الأخلاقية، وسواء كانت فردية، أو جماعية. لكن اعتماد ما هو مادي في تحليل ظاهرته التي تتألف من أنماط مختلفة، يلغي جزءا كبيرا من كوامنه التي تسكن ذاته، وتختزن فيها كل آليات حركته في المباني، والمعاني، لأن ما يحتدم صراعه في النوازع الجونية، هو الأعلى في الاعتبار الديني، لكونه يرد بالأثر على الخارج، فيفصح عما فيها من مفاهيم الاستقامة، والمراقبة، والعفة، إذ الفعل في بروزه مرتبط بالناموس الذي يضبط الأواصر بين مكونات المجتمع البشري، لكن ما اختفى عينه، ولم يبرز ظاهره، ولم يكن له وجود إلا في صورته المتخيلة سعادتها بين مستجنات العمق، هو الذي يحرك كثيرا من السلوكات التي تؤدي وظيفة معينة في الذات الجماعية، وتقوم بدور التأسيس للفعل البشري المشترك، لأن فصل الفعل عن مكنونه الذاتي، وما يعرض عليه من رغبات الإنسان الباطنية، وغرائزه، وشهواته، وما يتخيله في جوهر معانيه ومفاهيمه من ظلال، وأفياء، هو التحريف لصورته التي تتضمن كل محاضن شخصيته، وأبعاد حقيقته، وسواء ما كان محل خفاء النيات، أو ما كان واضحا في الغايات، وراسخا في الوشائج التي تربطه بالأشياء المتصفة بحكم من أحكامه، والمتجهة نحو هدف من مقاصده، إذ فصلها عما يعيش به غورها من روح تميزها عما سواها، وقطعها عن حدود محيطها الذي يخصها بحيز يفصلها عن غيرها، لن يجعلها في الاعتبار العقلائي قيمة معنوية، ولا حقيقة مدركة ببعدها الإيماني الذي يجسد مناط اليقين في الكون، والكيان، لأن النظر إلى مطلق ماديتها في تحقيق مفهوم المتعة، لا يتأتى منها ما نريد تحصيل معناه، إلا إذا حصرنا الذات الواعية بين أقفاص ما تكتشفه من صلات ظاهرية مع الحقائق التي ترغب في امتلاكها، واكتسابها، إذ لا يتجه قصدها عند الشعور بصراع الإرادات على الموارد، إلا إلى ما فيه نزوع قوي نحو الاستقواء، والاستيلاء. وهكذا، فإن دراسة الإنسان في حدود بعديه الروحي، والمادي، هو الذي يبين لنا كثيرا من المناحي التي يسلكها الفعل البشري العاقل بإدراكه، ووعيه، لأنه ومهما كان ظاهره محل المساءلة، ومقام المراقبة، فإنه إلى جانب ذلك، يصير موئلا قابلا للنظر في مجاله القلبي، ومداره الروحي، لاسيما في السياقات التي تتبنى عقيدة دينية واضحة الملامح، وبارزة المعالم، وتعتمد في نظرتها الفوقية إلى العالم على مقتضيات قوة الوحدة المتكاثرة مصاديقها بالفعل التنجيزي، لأنها ترتبط بقضايا التكليف الإلهي للإنسان في الكون، والطبيعة، إذ مفعولها في المكلف بما يقتضيه واجب التشريع، والتقنين، هو ما تمنحه نظرتها للأشياء من معان متعالية، ومفاهيم متسامية، لأنها في ماهية تصورها الكلي للحقائق التصديقية، تحول الأفعال الاعتيادية إلى مناط يتحقق به عشق الذات لطي مسافاتها الجونية نحو عالمها السماوي، وشوقها إلى محاورة مكونات الطبيعة، والحياة، والإنسان، وتنقل السلوك من مظهر إصطلاحي، يتغيى تحقيق ما تم التعارف عليه من مشترك المصلحة، والمنفعة، إلى صورة للجمال الذي يتضمنه الوجود في كليته المنتهية إلى نقطة الفيض الإلهي. وهكذا، فإن العنف كممارسة واعية، أو غير واعية، وكعلاقة منبثقة عن الذات الفاعلة، والمنفعلة، كما قد يكون مرضا داخليا، فإنه يصير بحكم الارتباط بالصيرورة الملتبسة بأعراض حركتها عرضا خارجيا، لكن المقصود به في تحديدنا الذي نستلهم فرادته في نظرنا، هو ما يعنيه توظيف الذات الفردية في محل الكيان الجماعي، لأن الفقز على الحدود التي رسمت للمعاني، وحددت لفضاءاتها في التداخل، والتقاطع، هو الذي ينتج الأنانية المفضية إلى كل أشكال العنف المقصود بالإشارة، إذ بهذه العملية المتوهم كمالها، والمتخيل جمالها، تتجاوز نقطة ضعفها إلى محطةٍ تحس فيها بمعنى الامتلاك للأشياء المغرية، والمغوية. ولذا، فإن الذاتية المتضخمة بأناها المرضي، لا تستوعب كيانها إلا في بؤرة رغباتها، ومضامين شهواتها، إذ هي التي تمنحها القوة على الفعل، والكسب، لأنها في صريح غربتها الأنطولوجية، تشعر بأن تمام قوتها في استدراك نقص أعراضها الخارجية بما تبديه حدتها من سلب، وعطاء، إذ لا تطيق أن تندمج بين خطوط دينامية محيطها إلا بهذه العقدة المتحكمة في جهازها المعرفي، والسلوكي، لأنها بدون الانطواء إلى كامن ذاتها، والانزواء إلى ضابط عقلها، لن تكون حقيقة متجلية في واقعها المتصارعة حدوده، ورسومه، إذ هو لا يثمر فيه الفعل، ولا يكون منظرا بهيا في التقدير، والتدبير، إلا إذا كانت عائدته تحقق النفع الشامل لكل طبقاته المختلفة، وألوانه المتنوعة. ومن هنا، يكون حضوره في هزالة ظهوره باهتا، وشاحبا، لاسيما إذا أخلص المجتمع لمبادئه التي تحرك جزئياته في وحدة الغاية، واشتراكِ النتيجة، إذ ما تقوم به العلاقات مع بعضها في نظام كليتها الجامعة، هو ما يجعلها مجتمعة على كسب الحقيقة التي تسعف الإنسان في لقائه المباشر مع الحياة بمنتهى السعادة، والهناءة. وإذا كان العنف محلا للالتباس الذي يظهر الذات العاجزة غير قادرة على الفعل الإيجابي في كلية المجتمع المتآلف البنى، والمنتظم القوى، فإنه يبدي حقيقة العلاقة القائمة بين الذات العاقلة، وعرضها الخارجي، وسواء فيما له صلة بالكيان المزدوج التركيب، والتكوين، أو ما فيما له ارتباط بالآخر، ونواميسه، أو فيما له اتصال علائقي بالفعل الجماعي، لأن تحديد هذه الرابطة بين الأنا، والغير، وحصر مدارات فعلها وانفعالها في مجالي الرفض، والقبول، هو الذي يُحوِّز لنا كيفية بناء النسق الشخصي بحدود معلومة، وقيود مفروضة، ويبين لنا طريقة تفاعله مع مكونات السياق العام، وسبل تواصله مع الأنماط الفكرية والثقافية الموجهة للفرد، والجماعة، إذ لا يستقيم منهجيا أن ننظر إلى العنف نظرة أحادية، من غير أن نستظهر تركيب هذه العلاقة المنحازة في بعدها الجوني إلى الذات، وفي بعدها البراني إلى الجماعة، لأنها توضح لنا فاعلية الإنسان في محيطه الخارجي، وانفعاله مع ما يكتنزه الواقع من نظم، ونواميس، وتوجهات في الدين، والفلسفة، والمعرفة. وإلا، فإن العنف إذا كان متَّجهه الآخر، ولا يحمل إلا سمة معينة؛ وهي خصوصية الذات المدنفة، وطريقة تكوينها في محيطها النفسي، والاجتماعي، فإن ذلك مرتبط بما هو في جوهر الإنسان من لازم السمة النفسية التي تحدد كنهه في السلوك الباطني، والظاهري، ومتصل بما هو متراكم في قاعه من كسب لا قدرة له على رفضه، ونبذه، لأنه جزء منقوش في صفحته الماهوية بوساطة التربية، والتنشئة الاجتماعية، والتأثر بالأنساق الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. لكن ما نلمحه في هذا الاتجاه التي يفصل بين المكون الذاتي، والمركب الجماعي، هو تغييب الجزء الأكبر في عملية صياغة مفهوم العنف، وإبعاده عن الفعل المؤثر في بناء التصورات التي تؤهله للوجود، وقيامِ صور التصديقات فيه بحقيقة حركته بين الأشياء الواقعية، لأن العنف كما يتحدد في الفرد بعلاقته مع الجماعة، فإنه يتحدد أيضا بطريقة ارتباطه بثقافة المجتمع، ومكوناته العلمية، والمعرفية، إذ لا يمكن له أن يمارس إضراره باسم ذاته الجماعية، إلا إذا تحصن بما ينظم العلاقات التي تترتب عليها حدود مجالات الحق والواجب والفعل في الطبيعة البشرية، لأن ما وصل إليه الإنسان من عنف في موارد مكاسبه، هو ما نراه ملتبسا في صياغة معنى الحقيقة المرتجاة عنده في المسير، والمصير، إذ ما يبرز عنه من سلوك ملتبس بعمقه، ووضعه، ولو كان سويا في اعتبار طرفي التناقض عند التنازع، يخفي ما كمن في أنانيته الشخصية، ويضمر سر علاقاتها التي تُوري عنها بظاهرها المقبول في نظر السياق المتصارع، لكونه يجسد حقيقة يسوغها تناقض مفاهيم بناته، وقيم حماته، ولو كانت نياته فاسدة، وطلباته الباطنية كاسدة، لأن الأنانية، ومهما كانت ضرورية في صناعة قيمة الذات المتسامية بأنفتها، وأبهتها، لكي تكون لها ملامحها الخاصة بكيانها، ومحددات روابطها مع غيرها، فإنها تلبس في اتصالها بالآخر لباس الجماعية، إذ لا تُقبل في العرف إلا إذا كانت غير منتهكة لحرية الغير، ولو كان ذلك ادعاء يخفي كذبا فاحشا، يستهدي به كل متعنف إلى غاياته الدنيئة، والخسيسة. ومن هنا، فالعنف إذا لبس زورا لبسة الجماعة، ورفع خداعا لون شعارها في وجوب تخليق الموارد بفضائل الصلات المعتدلة، والمتساوية، يتحول إلى سلوك قاس في المبتغى، لأنه لا يتوسط به المتعنف إلا بضميمة الذود عن الناموس المنظم للمجتمع، والدفاع عن سياقه، وأنماطه، ولو لم تكن غايتُه ما تشابكت من أجله همم العقلاء، إذ لا يمكن له أن ينفرد بحقيقته المتخيلة فيما يرفضه غيره، أو يخاله هدما لحوزته، لأن السياق الكلي الذي يسبل على الأفراد إزار الإحاطة، والشمول؛ وهو ما اتحد عليه العرف في المواضعات البشرية، والتنظيمات الاجتماعية، لا يسمح بوجود مجتمع مستقل في كليته، لا تجمع بين أنانياته محددات تُلزم كل واحدة منها بحدود حريتها، وخصوصيتها، من غير إلحاق الضرر بالآخر، أو الاعتداد على حق من الحقوق الفردية، والجماعية، إذ تحوله إلى ذوات متعارضة، وكليات متنافرة، وهويات متباعدة، لن يسعد الإنسان في خاصية نفسه، ولن يسعف المجتمع في عمومه بقوة السير إلى واجب الإنماء، والازدهار، لأن تنافر القصود في المنطلقات المتحدة، لن يُوجد مناخا لولادة الغايات المتساوقة، إذ كل أنانية ستستأثر بما يطيقه محمول طاقتها، ومكسوب لذتها، وستكتفي بما لم تصل إلى سبيل حصول مادته بامتلاك جوهره، وعينه. وحينئذ ستتحول المجتمعات إلى أعضاء منفصلة، وأشلاء متناثرة، لا يجمعها جامع، ولا يضبطها ضابط، لأنها لن تعبر عن صوت الآحاد، وإنما ستكون محصورة بمتعة أعيان الأفراد. وذلك ما تعانيه حضارة الجسد الذي زينت القبيح بما تبدعه ريشتها من زركشة في الآمال، وزحرفة في الآجال، لأنها لم تغو ببريقها إلا فاقد أحقيته، وكاسد أهليته، إذ لو امتلكها بالقوة الفاعلة، والحركة الدائبة، فإن ما تنتجه من سؤرها، وقيئها، لن يكون إلا إحياء لما يرم كنهه من حضارة الروح الخالدة، لأنها ما زالت قائمة الحياة، وقادرة على اختراع ألوان سموها، وعزها. لكنْ هجرها من أرادتهم سعداء، فأبوا إلا أن يحسوا فيها بالشقاء.! إن استعداء الأنانية المفرطة بالعنف، لا يتأثر به المجتمع المتسق الآحاد، والأفراد، إلا إذا عجز عن حماية ذاته من استحواذ قوة الامتلاك العنيفة على موارد العيش، والكسب، لأنها تخالف منطق الاتفاق على الاختيارات، وتنابذ شرعة الاشتراك في الخيرات، إذ العجز عن الوصول إلى منبت السكينة بوساطة الطاقة المتوازنة بين جناحي الفردية، والجماعية، لن يقوي إلا فعل العدوان بين طلاب لذة الرفاه، والثراء، لأنه يقطع الصلات بين الأفراد المتزاحمين على باب المصلحة، ويمنح كل واحد ما يبني به مناعته الذاتية، وإن كانت لا ترتبط بالسياق الذي انبنى عليه المجتمع في كليته، وإنما يتعلق الجزء الأكبر منها بالرغبة في الاستحواذ، والاستيلاء، وهو ما يعبر عنه الطغيانُ بكل أشكاله، وألوانه، لأنه بمقدار ما يتحدث باسم حماية حق الامتلاك المعتدل في المشتركات، فإنه يضمر الأنانية المسيطرة على الرغبات، والغايات. ومن هنا يكون بعض العنف معبرا عن العزلة النفسية التي يعيشها الفرد بين سياق محكم، يقيد الحرية الشخصية، وهو لا يكاد يجد له ملجأ إلا في نقائص الأخلاق، ونقائض القيم، لأن اختلال هذه المعايير في المعاملات البشرية، والسلوكات الإنسانية، هو الذي يثري الأجواء بمناخ غير قابل للاستقرار على مطلقات يتم التحاكم إليها عند التعارض، والتقاضي.
#جميل_حسين_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موارد العنف -6-
-
موارد العنف -5-
-
موارد العنف -4-
-
عطر الصباح (شهادة في حق والدي رحمه الله)-2-
-
عطر الصباح (شهادة في حق أبي رحمه الله) -2-
-
موارد العنف -3-
-
موارد العنف -2-
-
عطر الصباح (شهادة في حق والدي رحمه الله) -1-
-
موارد العنف -1-
-
عقيدة التسويغ -11-
-
عقيدة التسويغ -10-
-
عقيدة التسويغ -9-
-
عقيدة التسويغ -8-
-
عقيدة التسويغ -7-
-
ابن الفقيه (سيرة ذاتية) -5-
-
عقيدة التسويغ -6-
-
عقيدة التسويغ -5-
-
ابن الفقيه (سيرة ذاتية) -4-
-
ابن الفقيه (سيرة ذاتية) -3-
-
عقيدة التسويغ -4-
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|