كهلان القيسي
الحوار المتمدن-العدد: 1443 - 2006 / 1 / 27 - 09:57
المحور:
حقوق الانسان
مسلمون مثل الدّكتور رافل ظافر يجب أن يكرموا كخيرين رائعين، وليس تحويلهم إلى أهداف سهلة في الحرب على الإرهاب.
في السابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام 2005، وبعد اعتقال دام 31 شهرا، - منع حتى من الوصول إلى أوراقه الخاصة، - حكم على الدكتور رافل ظافر بالسجن 22 عاما وأودع في السجن الاتحادي.الدكتور ظافر هو طبيب عراقي مسلم العقيدة، يحمل الجنسية الأمريكية، متخصص في علم الأورام يسكن شمال نيويورك، منذ عام 1974 أي انه مواطن أمريكي منذ حوالي 30 عاما.
أسس الدكتور ظافر جمعية لمساعدة المحتاجين مختصر اسمها (HTN).، كان يحاول من خلالها مواجهة الكارثة الإنسانية التي خلقتها حرب الخليج والعقوبات الأمريكية على العراق، و على الرغم من العديد من الصعوبات، بضمنها المقاطعة الأمريكية و دكتاتورية وحشية في العراق، فان HTN وفرت الغذاء والدواء لملايين العراقيين الجائعين لمدة 13 عاما، وساهمت في التقليل معاناة الأطفال، حيث بلغت وفيات الأطفال تحت سن الخامسة 5,200 طفل يموتون كل شهر حسب إحصائية الأمم المتّحدة .
في 26فبراير/شباط, 2003، وهو اليوم الذي إعتقل فيه الدكتور ظافر، أعلن المدعي العام جون آشكروفت بأنه تم إلقاء القبض على احد مساندي الإرهاب، ومنذ ذلك الحين أضفى كبار المسئولين الحكوميين صفة الإرهابي على الدكتور ظافر، وقد رفض القاضي الأمريكي نورمان مورداي طلبا بالكفالة له ولأربع مرات متتالية. بالرغم من أن الحكومة الأمريكية تواصل وصف الدكتور ظافر كمجرم مساند للإرهاب، فان إجرامه الوحيد هو إحساسه بالأزمة الإنسانية الساحقة التي خلقتها العقوبات الأمريكية الوحشية على بلاد العراق
تقول كاثي كيلي من منظمة أصوات في البريّة (VITW)، عن التغطية السائدة في أجهزة الإعلام الأمريكية، قبل أن تبدأ حرب العراق" أود أن أبين لهؤلاء الصحفيين بأنّهم نجحوا جدا في إعلام عامة الشعب الأمريكي، عن الرعب الذي ارتكب من قبل نظام صدام في العراق وعن كل عمل بغيض ينتهك حقوق الإنسان. بينما يهملون الجزء الأكبر من الرعب الذي ارتكبته الولايات المتّحدة. فالرأي العام الأمريكي لم يفهم وسوف لا يدرك تلك الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان في العراق منذ أن حدثت حرب الخليج والعقوبات الاقتصادية للأمم المتّحدة بقيادة الولايات المتحدة ضدّ العراق، في الحقيقة، استقال ثلاثة من كبار مسؤولي الأمم المتّحدة عاشوا وعملوا في العراق لأنهم اعتبروا تلك العقوبات كانت عبارة عن سياسة إبادة جماعية.
تحدّثت عن عودتها إلى أمريكا بعد زيارة إلى العراق في عام 1998، وقالت: قام موظفو الجوازات بتحويل جواز سفري إلى وزارة الخارجية، ربما لاستخدامه كدليل طبقا للقانون الأمريكي، بأنني ارتكبت عمل إجرامي بسفري إلى العراق. أعرف بأنّ جهودنا كوننا أصوانا في البريّة ليست إجرامية نحن نحكم بالشفقة، وليس بالقوانين التي تقتل الأطفال الأبرياء بشكل عديم الرحمة. الأطفال العراقيون قد يستفيدون إذا استطعنا عرض قصتهم في قاعدة المحكمة، أمام هيئة المحلفين
العراق تحت العقوبات
أثناء سير إجراءات المحاكمة بذلت الحكومة الأمريكية أقصى ما يمكن من جهود لمنع أية مناقشة كجزء من المحاكمة عن العراق كدولة تحت العقوبات. المستخدمون الحكوميون، بضمن ذلك سوزان Hutner، من مكتب مراقبة الثروة الأجنبية (OFAC)، شهدت بأنه ليس لها أي معرفة بتأثيرات العقوبات. بينما هي المحامي الحكومي الذي يطلع على الوضع في العراق، وساعدت على صياغة التوثيق القانوني الأولي لتطبيق العقوبات وبعد ذلك عملت على استمرار العقوبات لمدة 12 سنة. عندما حاول الدفاع إستجواب Hutner حول برنامج النفط مقابل الغذاء، اعترضت المحكمة على الأسئلة مدعية إنها ليست ذات علاقة. وعندما يتكلم الشهود من اصوال عراقية عن تأثير العقوبات على أهاليهم في العراق يقاطعون من الادعاء العام.
غزا صدام حسين الكويت في 2, أغسطس/آب1990، وفي نفس الوقت طبّقت العقوبات الأمريكية ضدّ العراق. في 17, يناير/كانون الثاني 1991، أسقطت القنابل الأولى لحرب الخليج على بغداد وقبل هذه الحرب، كان الشعب العراقي يتمتع بمستوى معيشة يقارن بالعديد من البلدان الغربية. وبالرغم من الدكتاتورية، فان الحكومة العراقية كان تجهز الرعاية الصحية والتعليم الجامعي لكلّ مواطنيها. كان هناك عمليا نظام جيد من التعليم ونظام الصحة كانا الأفضل في المنطقة.
نتيجة الحرب كانت خرابا شاملا: ففي فترة ستّة أسابيع ألاف أسقطت القنابل على العراق تعادل ما اسقط طوال الحرب العالمية الثانية. ، هذه القنابل أكثر تدميرا بستة إضعاف من قنبلتين ذرّيتين استعملت. العديد من أنواع القنابل بضمن تلك التي تحتوي على اليورانيوم المنضّب (DU)، ومئات الأطنان من ذخيرة DU منتشرة الآن في كافة أنحاء العراق.وهي مصنوعة من مخلفات المفاعلات النووية لقد دخل غبار DU في الأغذية من خلال التربة والماء، وكنتيجة لذلك فان العديد من الأمراض المجهولة سابقا أصبحت سائدة في العراق ألان . العديد من النساء الحوامل يلدن أطفالهم ( بعد ستة اشهر) دون اكتمال النمو والعديد من الأطفال الرضّع يلدون بالعاهات الفظيعة، وارتفعت نسب الإصابة بالسرطان، وإذا تستمرّ الاتجاهات الحالية فان 44 % من السكان يمكن أن يصابوا بالسرطان ضمن السنوات العشرة التالية.
قصفت كلّ الجسور الرئيسية وأنظمة الاتصال، ونظام تنقية الماء، والكهرباء وطوال الخمسة عشر سنة الماضية، طفحت المجاري في الشوارع وتكومت الازبال و تسببت الأمراض في موت الكثير، خصوصا بين صغار العمر، عدا المستشفيات والمدارس القديمة التي لم ترمم وكنتيجة للقصف والعقوبات، فان أنظمة التعليم والصحة في العراق بدلا من أن كانا يعدا من الأفضل في المنطقة هما ألان الأسوأ. والأمم المتّحدة لم تسمح للعراق من قبل لكي يعيدها كما كانت.
يقول روبرت فيسك في كتابه الجديد حول الشرق الأوسط, كان هناك سوطا وحيدا مسلطا على الشعب العراقي, وهو( كوكتيل) كريه أما إطلاق نارنا وعقوباتنا دور شنيع ومقيت، لقد لوّث العراقيين لسنوات قادمة، ربما للأجيال. وان التاريخ سوف لن ينسى جريمتنا القاسية ضدّ الشرق الأوسط، ضدّ العرب، ضدّ الأطفال.فقد ظهرت تلك الآثار على شكل الدمامل، والأورام الهائلة، وفي الغنغرينا، وفي النزف الداخلي وفي عمليات إزالة ثدي ، أطفال برؤوس وعاهات منكمشة وآلاف القبور الصغيرة جدا. وقد استقال معظم الموظفين ألاميين الذين عملوا في العراق احتجاجا على الإبادة الجماعية للشعب العراقي.
أعمال الإغاثة التي قدمتها منظمة الدكتور ظافر.
على مدار13 سنة، من عام 1990 حتى 2003, قامت HTN بإرسال الغذاء والدواء الذي وصل إلى ملايين المدنيين العراقيين الجائعين. هذه المساعدات أرسلت أولا إلى ماهر زكا في الأردن. الذي كان طالبا في شمال نيويورك لعدّة سنوات قبل عودته إلى الأردن، الذي أدرج اسمه كشريك مع ظافر في التهمة.
في نفس اليوم الذي اعتقل فيه ظافر في أمريكا، إعتقل ماهر في الأردن ووضع في سجن إنفرادي لمدة21 يوما. استوجبوه الأردنيون وأطلقوا سراحه ومنذ ذلك الحين استمر بحياته الطبيعية، بضمن ذلك السفر حول العالم، وبعد اتهام ظافر في فبراير/شباط 2005 تمت مصادرة الأموال الخاصة ب HTN الموجودة في الأردن، وقدرها 138,564.53$ سويّة مع 25,000$ من المال الشخصي لظافر.
طول فترة الحصار الأمريكي كانت HTN ترسل الشحنات من الأردن إلى العراق، وقد عرضت على المحكمة كافة وصولات الشراء لهذه الشحنات، على سبيل المثال، وصل شراء مؤرخ في 29 كانون الثاني 1997 يظهر شراء 25 طن رز تايلندي 35 طن من الطحين، 2000 علبة زيت للطبخ، و وصولات شراء من تواريخ مختلفة تظهر ايضا، رز أمريكي، سكر تركي، طحين إيراني، حمص وعدس عراقي ومواد أخرى كالشاي ومعجون الطماطم, وكان ماهر يرسل هذه المواد وفق الإجراءات الرسمية التي تطلبها الحكومة الأردنية، وعندما لم يكن قادرا على إدخال هذه المواد يسلمها إلى السلطات العراقية كما حدث في عام 1990 عندما أرسل ظافر شحنة دوائية بدون أوراق صحيحة قام ماهر بتسليم هذه الأدوية إلى السفارة العراقية في عمان.وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها إيصال تلك الأدوية إلى العراق وتوزيعها على الناس المحتاجين.
من عام 1996 وحتّى نهاية عام 2003 أرسل ماهر أمولا إلى العراق إلى الطبيب نجم وهو أخ للدكتور ظافر، إضافة إلى شخصين آخرين هما مصطفى وعمار، كان الرجال الثلاثة يقومون بشراء المواد الغذائية واللحوم من السوق المحلية وتوزيعها على المواطنين، على سبيل المثال في كانون الثاني من عام 2003 أرسل ماهر مبلغ وقدره 285 ألف دولار، وتم شراء 4000 خروف وعجل وذبحها بمناسبة العيد وقاموا بتوزيعها على الفقراء في العراق، ومن خلال النظر إلى تلك المساعدات التي كانت تقدم من قبل HTN إلى المدنيين العراقيين ، من السهل الاعتقاد بأنهم كانوا في الحقيقية يغذون أناس في العراق ، أكثر من كل المنظمات الإنسانية مجتمعة.
في رسالة عبر البريد الإلكتروني قرأت في المحكمة اظهر الدكتور ظافر عدم ممانعة الحكومة الأمريكية على إرسال مساعدات إنسانية إلى العراقيين عن طريق منظمته، ومنظمات أخرى كمنظمة أصوات في البرية، وكانوا يعملون بشكل علني عبر الإعلام والانترنت من اجل جمع التبرعات. وخلال الثلاثة عشر عاما اتخذت الحكومة الأمريكية إجراءات بسيطة في معاقبة الناس الذين يرسلون مساعدات إلى العراق، وهذا مما عزز اعتقاد الدكتور ظافر لكي يستمر في عمله.
منذ يوم توقيفه، استعملت الحكومة الأمريكية وسائل غير عادلة وإساءة مبطّنة، واستطاعت تحويل الدكتور ظافر من إنساني عطوف إلى محتال ومؤيد الإرهابيين. عملوا هذه بواسطة الصحافة المتواطئة وبجمهور جاهل بشكل عنيد.
حاولت الحكومة الأمريكية وبكل الوسائل من تلفيق التهم للدكتور ظافر على أساس انه يقوم بإرسال الأموال إلى الإرهابيين، وانه خطر على الأمن القومي، وانه يقوم بغسيل الأموال، لكن إلى يومنا هذا لم يظهر أي دليل على هذه الادعاءات.
أما ماهر فقد اتهم في أبريل/نيسان 2004 من قبل الحكومة الأمريكية باتهامات جديدة عبر الشرطة الدولية، و كان لا بدّ أن يتخلّى عن جواز سفره. ثم أرجع إليه لكي يقوم برحلة عمل إلى سوريا، لكن في 20ديسمبر/كانون الأول, 2005، صادرت السلطات جواز سفره مرة ثانية.
بلا شك إن الدكتور ظافر يدفع الثمن، لخرقه سياسة الإبادة الجماعية للعقوبات الأمريكية ضدّ العراق، لقد أفلس بالكامل وليس لدية المال الكافي لكي يؤكل محامي للاستئناف، أمله الوحيد، إن اولائك الناس الذين يهتمون بالشفقة والعدالة يكونون قادرين على جمع المال الكافي لكي تكون لدية فرصة لتامين استئناف ناجح........ المقال أطول مما ترجم اختصر للإفادة- المترجم
الكاتب: كاثرين هيوز
www.dhafirtrial.net
----------------------------
[1] راسل الدّكتور ظافر على العنوان التالي:
Dr. Rafil Dhafir, 11921-052, FCI-Fairton, PO Box 420, Fairton, NJ 08320. USA
ترجمة: كهلان القيسي
#كهلان_القيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟