|
يا زارع الورد ..
فاتن خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 5511 - 2017 / 5 / 4 - 01:07
المحور:
الادب والفن
الأمثال الشعبية عالما بأكمله.. هذا العالم ليس فقط شبيها بالبشر.. بكل تجاربهم وحياتهم .. ولكنه أيضا يعكس أفكارنا.. نحن... وأذواقنا .. الجمهورالمتلقى ... " إن دبلت الوردة ، ريحتها فيها " مثلا قديما ..مدهشا.. فمن الأمثال ما يفيض بالحكمة الظاهرة .. أوالكامنة.. بالروح والجمال .. بالغزل والشغف .. فى غطاءات محكمة من الصياغة والكلمات .. ومنها ما هومسلوبا.. أوسريعا ..أومعكوسا.. أو انعكاسا .. لصورة الإنسان .. وقناعاته عن نفسه .. بأنه من المحتمل جدا.. أن يكون وعاءا خالصا .. للشر .. فى ذات اللحظة ...ينسى .. أنه كثيرا ما يكون مجردا.. من كل طاقة ، بل مجرد أداة ... فتخرج أمثاله ظاهرية ساذجة ... تماما كالمثل الشائع .. " إن خرب بيت أبوك خد منه قالب " ... حتى هذا المثل الرهيب.. يحمل بذرة من الخيرالمستتر.. بالرغم من ظاهره الأنانى الفظ .. لكن الفكرة فعلا تكمن فيمن يسمع ويعى ... بمعنى أن المثل هو جزءا من ذاتك.. الفاعلة.. المنعكس عليها نفس المثل ... هو عقلك الناقد ..النافذ.. هو روحك وكيانك المشرق الخفيف جدا .. للمرة الثانية ، إن دبلت الوردة ريحتها فيها ... يا لعمق وبدع هذه الكلمات ..! إنها حتما نبعت من زارع.. متفانى .. أومن قلب فنان.. عاشق.. مولع .. بالجمال ..فقدسه.. خلده.. بكلمات تحمل فعلا سرا.. مقدسا ... سرالحياة ..والخلود .. معا . كيف تبقى روائح الأزهار ؟.. بل كيف تصورالإنسان ذلك؟.. على الرغم أن الكثيروالكثيرمن الأهار..شفافة .. من روائح معينة .. بالمعنى الدقيق للشفافية .. كيف قدست البشرية الورد بهذا الشكل الجليل .. وجعلت منه رمزا للنعومة والأنوثة والجمال ... بالرغم أن الأزهار قطعا، حاملة.. لفكرة .. التزاوج .. تأملت الأزهار .. كل الأزهار.. ليلا ونهار... تأملتها.. حتى طارمنها زيتها .. فتجلت فى رداء ، قديم ، منحوت باللون .. والشكل البديع.. المحدد جدا ... المتعدد.. باتساع هذا العالم ... تماما.. كالحرف .. أو فكرة النور.. والظل .. أو الأبيض .. والأسمر.. التى بمقدورالصانع .. أو الفنان .. أو الموهوب .. أو العبقرى .. تشكيلها ..بما يفوق .. الخيال .. بل حتى تعلوعن كل تصور .. تزرع فى نفسك.. يقينا .. بأن هناك أمرا ما .. قادما.. يتحرك خلف هذه الأوراق.. الجافة .. نزعت وريقة .. وغمرتها فى الماء .. الدافئ.. شيئا فشئيا .. ضمت على نفسها .. وسكنت القطرات .. كل الثغور.. فانتعشت الورقة.. وعادت إليها الحياة .. وماهى إلا لحظات وتشرب الماء .. العظيم ..بلون الزهرة .. بصبغتها الخفيفة .. وفاح بنسيما .. رائعا.. الماء والورد .. سرا ثنائيا من أسرارالحياة.. والخلود معا .. تلك الثنائية ... القائمة فقط على ...الحب .. الحب الذى يبقى سرا .. ورمزا للأزهار.. وجمالها.. بألوانها وبهجتها .. وفنونها.. وعنفوانها .. وسرا لخلود وبقاء الروح .. سربقاء الروح الدائمة الفياضة .. حتى فى الجفاف .. أو الخريف.. يكون أكثرسحرا وبريقا .. الماء.. الأصل لفكرة الحياة ..والنماء.. والخير .. الماء الوحيد القادرعلى إطفاء.. لهيب ونيران .. كل البشرية.. الماء الجارى قطرات من الأنهار .. لمقل العيون .. فبقى للأبد .. دموعا مقدسا .. هذا الماء العظيم .. الذى لا يقاوم لحظة .. بل يتقبل .. ويتشرب بكل ذراته الخفيفة .. والخفية .. التوحد مع لون الورد ..بخفة.. تفوق ذوق المتأمل .. هذا هوالحب .. وهوسرالحياة ،، .. والخلود .. معا .. الذى يفوق كل التصورات الحسية .. للعقل البشرى ... وبرغم ذلك لا يكون إلا فى مقام من القرب .. يفوق حتى القرب نفسه .. يسمى .. الإنغماس .. الماء والورد شبيه جدا .. بالبشر .. البشرالتى قد تلتقى .. تتزوج .. تنجنب .. تختفى .. بحكم طبيعة الحياة .. لكن هذا العبق .. الباقى .. الخالد .. لا يكون حقا إلا بوجود هذه الثنائية .. التى نتعجب نحن معشر البشر .. أحيانا .. لمعجزة بقائها .. كيف يصمد هذا السيل النقى.. أمام ..ركاما من العفن المترامى .. على هذه الكرة الأرضية .. بل كيف يصمد هذا المخلوق الرقيق .. المسمى .. بالورد .. أمام الطائرات ..والعجلات .. والألات .. والرصاص .. والضجيج المفرط .. ربما لأنهما ..فقط ..المانحين .. لعالمنا جزءا كبيرامن نقاءه .. وجماله .. ومنهم سر الحكمة .. كرمزا للخلود ..الجميل .. وتأتى الشمس ..المانحة .. تنشر الدفء .. والضوء.. ع الأنهار.. والأزهار.. وبهم جميعا ... تنمو..وتبقى .. دورة الحياة الإنسانية .. القائمة هنا.. وفقط .. على الجمال ..والحب ..والخلود.. والبهجة المتأملة ..أوالمتفجرة .. فيا أيتها الشمس .. الطيبة ..النقية .. امنحى النور ... والدفء .. والبركات.. لهذا النهرالعظيم .. كى يروى أزهار ..العالم .. بالعذوبة .. مانحا للبشرية ... النسيم الساحرالمنعش .. ولوللحظات إضافية .. من عمرالعالم .. نحيا فيه بين السكينة .. والسلام .. الذى ننشده جميعا .. من أول النهار .. وحتى الإستسلام .. للنوم .. فسلاما ..سلام.. يا زراع الورد ..
#فاتن_خاطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-ديزنى يراقص سندريلا- قصة قصيرة
-
نفسى فى كاميرا
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|