أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى معروفي - قراءة في قصيدة:تابوت القيامة للشاعر فيصل قرقطي















المزيد.....

قراءة في قصيدة:تابوت القيامة للشاعر فيصل قرقطي


مصطفى معروفي

الحوار المتمدن-العدد: 1442 - 2006 / 1 / 26 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


نص القصيدة:
تابوت القيامة
شعر:فيصل قرقطي
----------------
رفعتْ عقيرتَها الرياحُ ،
وغصَّتِ الأرضُ الطهورةُ بالمنى ،
نَسَكَتْ قوافي الأولينَ ،
تَهَوْدَجَ الجرحُ المقاولُ ،
غادَرَتْ سُفُنٌ معبَّأةٌ نبيذَ الاعترافِ
تمايلَ التلُّ الغفورُ . انشقَّ صدرُ القافية .

وتَجَمْهَرَ الجُنْدُ الطغاةُ على نوافذِ روحيَ ،
الذكرى مخزَّنَةٌ بتابوتِ القيامةِ /
والسلاحُ هو السلاحُ /
يجنُّ أو يَرْغِي /
ويبصقُ ما تبقَّى من حياةٍ في جبينِ القافلة .

هَتَكَ الطغاةُ وصيَّةَ الأبناءِ / فانْكَسَرتْ زجاجاتُ الخلودِ /
كَبّوا دلالَ العاشقاتِ / ونصَّبوا الإيقاعَ رهناً للسؤالِ ..
ومالَ أفقُ الخطوِ مالْ /
صَخْرٌ ضَلَّ ميثاقَ التمنِّي/
قهوةٌ نعسَتْ على شفتينِ باكيتينِ/
فجرٌ غارقٌ في صحْوهِ /
مُرٌّ يُزَغْرِدُ في الذهابِ وفي الإيابْ .

رفعتْ عقيرتَهَا الرياحُ /
تنادمَ المتوجسونَ على ظلالي /
أرَّخَ الحكماءُ دمعي /
واستفاقَتْ ذكرياتُ مواقعي ومواجعي /
صُلِبَ الصليبُ على جراحي /
فاستفاقَ النزْفُ /
لَوَّنَ قامةَ الحنَّاءِ في صَبَواتِها /
أرضٌ تحنُّ ولا تخون
دمعٌ يجفُّ ولا يهون
جسدٌ يعبِّئُه الردى في محنَةِ الطقسِ الجنون .

حرسٌ وراءَ البابِ
متراسُ شوكٍ في الدروبْ
عرباتُ موتٍ في الطريقِ إلى الإيابْ

جنودٌ أشقياءٌ طاردوا سرجَ الخطى /
انسكبوا على جرحِ الحياةِ /
يُمَارِسونَ الحبَّ بالذكرى /
وينْفَجِرونَ في زَخَمِ الرجولة .

حرسٌ وراءَ البابِ
يمنعني العبور
عد
فأعودُ من ثقلِ الزنازينِ التي تتشفَّعُ
ومصبراً عيْنَاً
لاحسرةً مِنِّي إليهِ
بل حسرةً مِنِّي عليه
وعُدْ كما كانَتْ جِرارُ الأولينَ
تنامُ في طَقْسِ الظلامِ .

أُحِسُّ مَشيْئَةً هَتَكَتْ بكارتَها ،
تنادي الأولينَ على صقيعِ الأزْمِنةْ
فاسودَّ وجهُ الماءِ ! ..
كانَ الجنْدُ يَكْتَمِلونَ بالحنَّاءِ والفحمِ الطريِّ / وأسلحة
كنْتُ الفلسطينيَّ منهزماً ومنتصراً بإنْسَانيَّتي والأضرحَةْ
أحدٌ يُكوِّنُنِي ليشْقَى
أحدٌ يُفَتِّتُنِي ليبْقَى

ماردٌ / صنَمٌ خجولٌ / نازفٌ من صمتِ أسلحَتِي
وأسلحتي كلامٌ في صفاءِ الروحِ تتْبَعُنِي شظاياها
وأمْسِي سُلَّمٌ للحَرْقِ هل تُجْدِي وصاياها ؟!
أحبُّكِ ما استطعْتُ منَ الحياةِ .. وما استطعْتُ منَ المماتِ فكَيْفَ لي
وهْجُ النشيجِ على نزيفٍ للنشيدِ

وأقْتَفي إثْرَ المدى
كانتْ حكايتُنا سدى
كانَ السلامُ على سجيَّتِهِ يخونُ
وكانت الدنيا جراحاً في العيونِ
وكنتُ وحدي أرسمُ الأملَ الحزينْ.

من أينَ تأتي زلفةُ الخطْوِ اللعين؟!
أبارحُ التسآلَ يوماً
أتَّقي شَرَّ الظنونِ
فينكفئ فينا سموِّ الأوَّلين

ترابٌ جائعٌ للسطْوِ
أحجارٌ تؤرِّخُ مبتَدَاها
ترابٌ جارحٌ في الدربِ
أحجارٌ تؤرِّخُ مُنْتَهاها
هل مَرَّتْ براكينُ العذارى من هنا
وهنا جراحُ الكادحينَ
هنا دموعُ الفاتحينَ
هنا هيامُ العاشقينَ
هنا سبايا أدْمَنَتْ غزلَ الشبابِ
وطقسَ ميثاقِ الجنونِ
هنا صبايا ملَّتِ التسآلَ عن رَعْشٍ بصمتِ العاشقينَ
هنا البنادقُ والجثثْ..
---------------------------------------
القراءة:
قراءة الشعر عمل عسير ،و الكاتب يتهيبها ،فقراءة الشعر لا يوازيها صعوبة إلا قوله أو كتابته ، الشاعر نفسه لا يستطيع أن يقرأ شعره قراءة مقنعة ، قراءة جامعة مانعة ، فما بالك إذا كان هذا القاريء هو شخص آخر ، فكما يستعصي الشعر على الشاعر قرضا كذلك تكون قراءته مستعصية ، فالفرزدق مثلا كان يقول :"يمر علي وقت لقلع ضرس أهون علي فيه من قرض بيت شعر " ،والمفضل الضبي على علو قامته في الشعر رواية ودراية كان يتهيبه، إن الشعر صعب قولاً وهو أصعب قراءةً ،لذا تبقى كل قراءة له هي عبارة عن مقاربة أو مناولة قد تمس بعض جوانبه لكنها بكل تأكيد لن تتمكن من الإحاطة بمضمونه أو على الأصح بمضامينه .
أجمل ما في قصيدة الشاعر الفلسطيني فيصل القرقطي - وهوشاعر متمكن من خلال قصيدته هذه - هو انفتاحها على كل الإحتمالات ، قابلة لكل تأويل ، إنها بتعبير آخر قصيدة مركبة من أصوات متعددة ، كل صوت فيها يشي بمضمون ما ، وأكاد أقول إن كل قراءة جديدة لها ستكتشف شيئا جديدا فيها.وبالتالي فهي ليست قابلة لتفسير أو شرح ، الشرح يقتل الشعر والتفسير يودي به.
النبرة الغالبة على القصيدة هي نبرة الرفض ، الشاعر يعيش واقعا أليما ، وهو داخل في صراع معه ، الشاعر يريد تغيير هذا الواقع ،والواقع يأبى أن يسير وفق رغبة الشاعر،
لنستمع إليه يقول:
حرسٌ وراءَ البابِ
متراسُ شوكٍ في الدروبْ
عرباتُ موتٍ في الطريقِ إلى الإيابْ
يتبدى الواقع المأساوي هنا بكل مكوناته، واقع لا يبعث إلا على شيئين اثنين هما:
1- الارتكاس والنكوص واللجوء إلى المسالمة والمهادنة.
2- المواجهة وعدم الرضوخ ومن ثم السعي إلى تغيير الواقع من واقع سيء إلى واقع أفضل.
الشاعر اختار خيار المواجهة ، والحقيقة أن الشاعر الأصيل لا يميل إلى مهادنة الواقع الرديء ،وإنما يعمل بكل ما أوتي من قوة على تغييره نحو الأفضل.
يسرد علينا الشاعر بعض معاناته ، و يسعى من وراء من ذلك لتبرير موقفه المناويء له ، يسرد علينا هذه المعاناة بعبارة حزينة تدعو القاريء إلى التعاطف معه وإلى مساندته في كفاحه ضده:
حرسٌ وراءَ البابِ
يمنعني العبور
عد
فأعودُ من ثقلِ الزنازينِ التي تتشفَّعُ
ومصبراً عيْنَاً
لاحسرةً مِنِّي إليهِ
بل حسرةً مِنِّي عليه
وعُدْ كما كانَتْ جِرارُ الأولينَ
تنامُ في طَقْسِ الظلامِ
هكذا يبدو الواقع المأساوي للشاعر ، فالجند الطغاة يتجمهرون على نوافذ روحه ، ويهتكون وصية الأبناء ،والقهوة تنعس على الشفاه الباكية ، لكنه أمام هذا كله يبقى دائما متسلحا بالأمل ويحلم بالغد الأفضل، يقول:
كنْتُ الفلسطينيَّ منهزماً ومنتصراً بإنْسَانيَّتي والأضرحَةْ
الذات الشاعرة تحمل متناقضين معا في لحظة واحدة هما النصر والهزيمة ، الهزيمة هنا ليست مبعث إحباط وتخاذل ،وليست هزيمة أبدية ،كما أن النصر هنا إحساس معنوي ، نابع من تصميم الشاعر على المواجهة حتى النهاية ، نهاية سيكون النصر فيها حليفه بكل تأكيد ، لأنه مليء بالحب لأرضه :" أحبك ما استطعت من الحياة ..الخ.."
شكلا تجمع القصيدة كل مقومات الإبداع ، فهي حافلة بانياحات كثيرة ، تكسبها قدرة على بعث الدهشة لدى القاريء ، كما أنها مكثفة في غالبيتها ، أقول في غالبيتها لأن بعض المقاطع أحيانا يخونها التكثيف ، فتنساق في الانسياب ، كهذا المقطع:
"وهنا جراحُ الكادحينَ
هنا دموعُ الفاتحينَ
هنا هيامُ العاشقينَ
هنا سبايا أدْمَنَتْ غزلَ الشبابِ "
لكن هذه الانسيابية هي عفوية ، وتأتي كآلية لتخفيف وطأة التكثيف الذي قد يدفع بالقاريء إلى نوع من التأفف والملل أحيانا.
والقاريء للقصيدة سرعان ما يلاحظ لجوء الشاعر إلى الإيحاء ،وعدم الإرتكان إلى المباشرة والتقريرية ، كهذا المقطع :
"ترابٌ جائعٌ للسطْوِ
أحجارٌ تؤرِّخُ مبتَدَاها
ترابٌ جارحٌ في الدربِ
أحجارٌ تؤرِّخُ مُنْتَهاها
هل مَرَّتْ براكينُ العذارى من هنا "
بقي أن نشير إلى أن القصيدة تجري على تفعيلة بحر الكامل ،والذي فيه إمكانية تعطي الشاعر مقدارا كبيرا من الحرية في التعبير عما يخالجه ، وهذه الإمكانية تتمثل في "الإضمار"، وهو زحاف يدخل على التفعيلة "متفاعلن " فتتحول إلى "مستفعلن".
هذا انطباع أولي على قصيدة:"تابوت القيامة "للشاعر فيصل القرقطي ، وهو إطلالة سريعة عليها.أرجو أن أكون قد وفقت شيئا ما في ملامستها ولو من بعيد.
مصطفى معروفي
شاعر من المغرب



#مصطفى_معروفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى معروفي - قراءة في قصيدة:تابوت القيامة للشاعر فيصل قرقطي