|
(( اللادينية : أسباب - تاريخ ))
حسناء الرشيد
الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 10:41
المحور:
الادب والفن
يمكن تعريف اللادينية بأنها الاعتقاد ببشريةالأديان بغضّ النظر عن الاعتقاد بفكرة وجود إله أو آلهة او عدم الاعتقاد بذلك ، وهي اتجاه فكري يرفض مرجعية الدين في حياة الأنسان ويؤمن بحق الأنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو الألتزام بشريعة دينية وترى أن النص الديني هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يُعبر عن الحقيقة المطلقة .. واستناداً إلى كتاب ثقافة اللادينية للمؤلفين كابورالي Rocco Caporale وجروميلي Antonio Grumeli التي طُبعت عام ١٩٧١ فأن اللاديني هو الشخص الذي لا يملك أيماناً بوجود الخالق الأعظم ( بمعنى آخر هي مرحلة وسطية بين الأيمان والألحاد وهناك البعض ممن يُعرّف اللادينية كألحاد ضعيف ) وانطلاقاً من هذا المفهوم فاللادينية تختلف عن المفهوم التقليدي للألحاد والذي يتخذ من قضية إنكار وجود الخالق منطلقاً وركيزة أساسية إذ تُقدّم اللادينية تصوراً أكثر شمولاً واتساعاً للدين فلا تختزل الدين بمجرد إلهية وإنما تطرح الإلهية باعتبارها جزء صغير من منظومة فكرية واسعة ومن هذاالمنطلق فإن كل ملحد هو لا ديني ولكن اللاديني لايكون ملحداً بالضرورة بل تحمل اللادينية أطيافاً متعددة لفهم الإلهية من الإنكار الكامل لها مروراً ( باللا أدرية ) أو عدم الأكتراث أصلاً بوجود إله وانتهاءً بإيمان خاص بوجود إله وفق فهم محدود لعلاقته بالإنسان ( وسأتكلم في ما بعد عن اللا أدرية بصورة أوسع ) ..
يجدر الإشارة إلى أن بعض اللادينيين يعتبرون السؤال الأزلي حول وجود الخالق سؤالاً غير مهم من الأساس ويُفسر علماء النفس هذه الظاهرة بأنها إما أن تكون تعبيراً عن شك داخلي عميق بالمرحلة الأنتقالية التي يمرّون بها من الأيمان إلى الإلحاد أو هي محاولة من اللاوعي للتخلص من الجدل الداخلي العميق بالركون إلى تجنُب التعمُق في إيجاد جواب لهذا السؤال الأزلي الذي حسمهُ أهل الأيمان وأهل الإلحاد كذلك منذ قرون .. وهناك على الأغلب التباس بين مصطلح الإلحاد ومصطلحات أخرى مثل اللادين واللا أدرية ويرجع هذا الألتباس إلى تداخل هذه التيارات مع بعضها وعدم وجود حدود واضحة تُميّز تياراً مُعيناً عن الآخر ..
وبالرجوع إلى الحديث عن ( اللا أدرية ) تحديداً لضرورة توضيحها بصورة أكثر تفصيلاً لأجل إلقاء الضوء على هذه الفئة ومعرفتها بصورة أفضل فإن اللا أدرية أو الأغنوستية ( Agnosticism ) هو مصطلح مشتق من الأغريقية وهي توجُه فلسفي يؤمن بأن القيم الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة ولا يمكن لأحد تحديدها خاصة في ما يتعلق بالقضايا الدينية من وجود الله أو عدم وجوده وما وراء الطبيعة والتي تُعتبر أموراً غامضة لا يمكن معرفتها ، وتختلف الأغنوستية عن الغنوصية فالأولى تعتبر نفي وجود يقين ديني أو إلحادي بينما الثانية هي نزعة فكرية صوفية عُرفت في القرنين الاولين من العهد المسيحي بخاصة وهي تمزج الفلسفة بالدين وتستند إلى المعرفة الحدسية العاطفية للوصول إلى معرفة الله .. و اللاأدري كمايقول الفيلسوف ( ليونارد روي ) هو الشخص الذي لا يؤمن ولا يكفر بالذات الإلهية بينما المؤمن هو من يؤمن بها والملحد هو من يكفر بها ، كذلك فإن اللا أدرية تختلف عن الكفر حيث أن الإلحاد هو الكفر بالإله في حين تُعتبر اللا أدرية تعليق للإيمان .. والجدير بالذكر أن عالم الأحياء البريطاني توماس هنري هكسلي هو أول من صاغ مصطلح اللاأدرية عام ١٨٦٩ ولكن قبل ذلك كانت هناك بوادر عدة لبعض المفكرين بالترويج لوجهات النظر اللا أدرية بالأعمال القديمة مثل الفيلسوف الهندي سانايا بيلاتابوتا في القرن الخامس قبل الميلاد في ما يتعلق بوجود أي شكل من أشكال الحياة البرزخية والفيلسوف الأغريقي بروتاغوراس في القرن السادس قبل الميلاد ورأيه حول (الديفات) ونشأة الخلق وهي جزء من النص المقدس ريجفدا ( وهو أحد النصوص الهندية القديمةالتي تعود إلى الفترة من ١٥٠٠ الى ١٢٠٠ قبل الميلاد حول نشأة الكون ) وقد كتب العديد من المفكرين بتوسع في هذا الموضوع منذ وضع (هكسلي) لمصطلح اللا أدرية .. ومن المهم أن نذكر أن اللا أدرية كما عرّفها هكسلي هي ليست عقيدة بل طريقة يكمن جوهرها في التطبيق الدقيق لمبدأ واحد وهناك منظوران في ما يختص بمسائل الفكر أولهما الأيجابي الذي يشير إلى مبدأ ( إتبع عقلك ) لأبعد مدى بغضّ النظر عن أي اعتبار آخر والثاني هو السلبي الذي يؤول إلى أنه لا تُسلم بصحة ثبوتها من عدمه .. ومن تفسيرات اللا أدرية هي أنها موقف فلسفي يؤكد أن الإنسانية تفتقر للأسس المنطقية الضرورية لتبرير أي معتقد وهي المتعلقة بإثبات الذات الإلهية أو نفيها .. وهناك عدة أنواع من اللا أدرية : * اللا أدري الملحد ، وهو الذي لا يؤمن بوجود معبود ولكنه لا يدّعي معرفته من عدمها .. ** لا أدري مؤمن ، هو الذي لا يدّعي معرفة إله ولكنه يؤمن به في ذات الوقت .. *** لا أدري غير مكترث أو ( براجماتي ) : وهو من يؤمن بأنهُ لا يوجد دليل على وجود أو عدم وجود إله ، حيث أنه يمكن لأي إله أن يتصرف بلا مبالاة تجاه الكون أو رفاهية سكانه وبالتالي يكاد يكون وجوده منعدماً في القضايا الإنسانية والتي يجب أن يكون بنفس درجة الألوهية .. **** لا أدرية قوية وتُسمى أيضاً باللا أدرية الصارمة أو المنغلقة أو الدائمة : وهي التي تعتقد بأن التساؤلات المتعلقة بوجود أو عدم وجود إله أو آلهة والطبيعة النهائية للواقع هي أمور مجهولة نتيجة عدم قدرتنا الفطرية على التحقق من تجربة ما إلا من خلال تجربة ذاتية . ***** لا أدرية ضعيفة : وتسمى أيضاً التجريبية أو المنفتحة ( المؤقتة ) ، وهي التي تعتقد بأن وجود الإله من عدمه هي مسألة في الواقع خارج حدود المعرفة ولكنها ليست بالضرورة أن تكون مجهولة وبالتالي تدعو إلى تعليق الحكم فيها لحين وجود الأدلة فإن وُجدت أصبح الحكم متاحاً .. وقد ظهر الفكر اللا أدري في صورة الشكوكية الفلسفية كموقف رسمي في اليونان القديمة ( وهي مدرسة فلسفية فكرية ومنهج مستخدم في العديد من الحقول الأكاديمية والثقافية ) والشكوكي الفلسفي هو من يتفحص بشك وبعين ناقدة معاني الأنظمة والبنى الموجودة في أي قضية أو زمن وهذا الشك يمكن أن يتراوح من انعدام إيمان كامل في الحلول الفلسفية الراهنة إلى اللا أدرية أو حتى رفض واقع العالم الخارجي . ومن بين أبرز ممثليه ( بروتابوراس ، بيرو ، كارنياديس و سيكستوس امبيريكوس ) وإلى حدّ ما يأتي إلى جانبهم سقراط الذي كان مدافعاً قوياً عن دراسة نظرية المعرفة من منظور تشكيكي .. ومن مشاهير اللا أدريين ( هيوم ، كانت ، كيركيجارد ، ويليام ستيوارت روس ، برتراند رسل ، داروين وغيرهم ممن عبّروا بشكل أو بآخر عن اعتناقهم لهذا الفكر ) . ومن المهم أن نذكر أن هناك نوع من الالتباس الواضح بين مفهوم اللا أدرية والمفاهيم الأخرى كاللادينية والعلمانية وغيرها ويظهر هذا جليّاً في الأحصاءات التي تجرى بين الحين والآخر بغيةالحصول على نسبة مقاربة للعدد الحقيقي لهذه الفئة في العالم حيث كشفت إحدى الدراسات التي نُشرت في الموسوعة البريطانية عام ٢٠١٠ أن نسبة الأشخاص اللادينيين أو اللا أدريين يشكلون نسبة ٩،٦ % من إجمالي سكان العالم وفي دراسة أخرى نُشرت في فايننشال تايمز في نهاية عام ٢٠٠٦ وطُبقت على الولايات المتحدة وخمسة دول أوروبية أظهرت أن معدلات اللا أدرية في الولايات المتحدة كانت ١٤ % بينما ظهرت بنسبة أكبر في أوربا ففي أيطاليا قُدرت بنسبة ٢٠ % ، إسبانيا ٣٠ % ، أما في بريطانيا العظمى فقد كانت النسبة ٣٥% ثم تضاءلت في كل من فرنسا لتصبح ٣٢% وألمانيا لتصبح ٢٥ % وأظهرت الدراسات التي أجراها مركز بيو للدراسات عام ٢٠١٠ - أن ما يقارب نسبة ١٦% من إجمالي سكان العالم هم ممن ليس لديهم انتماء ديني وبذلك تحتل المركز الثالث من حيث الترتيب بعد المسيحية والإسلام . وكذلك عن ذات الموقع أظهر أحد الأستطلاعات الدينية أن ٥٥ % من اللا أدريين يُعبرون عن الأيمان بالله أو الروح الكونية بينما أعلن نسبة ٤١ % ارتيابهم من كونهم لادينيين في مجتمع غالبيتهُ متدينة ، ووفقاً للدراسات الأقصائية ( ليورو بارومتر ) عام ٢٠١٠ فأن ٥١ % من دول الأتحاد الأوربي يؤمنون بوجود إله بينما يؤمن٢٦ % بوجود نوع من الروح أو القوة العليا وهناك ٢٠ % ممن لا يؤمنون بما سبق في ما بقيت نسبة ٣ % ممن لم تتضح لديهم الرؤيةبشكل كاف .. ووفقاً للمكتب الأسترالي للإحصاء عام ٢٠١١ ، فأن نسبة ٢٢ % من الأستراليين صُنفوا على أنهم بلا دين وهي الفئة التي تشمل اللادينيين أيضاً كما أن ٦٤ - ٦٥ % من اليابانيين و ٨١ % من الفيتناميين صُنفوا كملحدين ولا أدريين ..
من المهم أن نشير إلى تعرُض هذا الفكر للعديد من الانتقادات من قبل الموحدين وكذلك من قبل بعض الفئات الأخرى حيث انتقد بعض علماء الدين مثل لورانس بي براون سوء استخدام المصطلح مشيراً إلى أنه أصبح واحداً من أسوء المفاهيم المستخدمة في الميتافيزيقيا وتساءل براون أنت تدّعي بأنه لا يمكن معرفة شيء على وجه اليقين فكيف تكون متأكداً لهذه الدرجة إذن ) !!
أسباب اللادينية //
الأعتقاد ببشرية مصدر الأديان قد يختلف باختلاف الأشخاص ولكن كثيراً ما يشير الكتاب اللادينيون إلى الأمور التالية والتي جعلت منهم يدافعون عن أفكارهم ومعتقداتهم :
١عدم وجود دليل على إلهية مصدر أي دين وعدم حدوث معجزات برأيهم أو عدم إمكان التحقق من وقوعها ، ويسخر الكاتب( كريستوفر هتشنز ) من ذكر تحويل المسيح للماء إلى خمر كما جاء في الكتاب المقدس المسيحي ويعتبر الكاتب الأمريكي( ألبرت هوبارد ) أن المعجزة هي ( حادثة يصفها من سمعها من أناس لم يروها ) .. ٢ بعض النصوص المقدسة للأديان تتعارض مع العلم والمنطق وتعيق التقدم العلمي وذلك لأنهم يرفضون النظرية حتى تشتهر صحتها بين الناس أو يقتنع رجل الدين بثبوتها كمعارضة فكرة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس من قبل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وكذلك بعض علماء الأسلام الذين ظلوا متمسكين بهذا الرأي حتى القرن العشرين مثل ( ابن عثيمين )الذي ساق الأدلة على ذلك من القرآن والسنة حين سُئل ( هل الشمس تدور حول الارض ؟) وكذلك ( ابن باز )الذي قال ببطلان دوران الأرض اليومي والسنوي وهم يؤكدون على دوران الشمس حول الأرض ويسوقون لتأكيد ذلك بعض الأدلة من القرآن الكريم كما جاء في تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الرعد ( وهو الذي مدّ الأرض وجعل فيها رواسيَ وأنهارا ) حيث يقولون هنا بسكون الأرض وهذا هو قول أغلب علماء أهل السنة كما جاء في كلام العلامة عبد القادر بن طاهر البغدادي في كتابه ( الفرق بين الفرق ) .. ويقول اللادينيون أن هناك نصوصاً تتعارض مع كروية الأرض في الكتاب المقدس وكذلك في القرآن وهذا مايعني معارضة نظرية التطور الأمر الذي لازال شاخصاً حتى اليوم ..
٣ التعارض الداخلي بين النصوص المقدسة للدين الواحد ذاته . ٤ تشريع ما يخالف القاعدة الذهبية للأخلاق حيث لا يجوز بحسبها أن تعامل الناس كما تكره أن يعاملوك مثل سبي نساء مقاتلي العدو في الحروب وما يمتهن كرامة الأنسان كالعبودية في نصوص الأديان الأبراهيمية الثلاثة . ٥ وجود تشابه كبير بين أساطير بلاد الرافدين ومصر القديمة والأساطير الأغريقية والرومانية وبين القصص الواردة في نصوص الأديان الأبراهيمية ..
أنواع اللادينية //
تقسم اللادينية إلى ثلاثة أقسام :
١.اللا أدرية ( Agnosticism) : وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان ( أي انها من صنع الانسان وليست من عند إله ) مع التوقف عن الجزم بوجود الأله أو عدمه لعدم كفاية الأدلة على ذلك . ( وقد أسهبت في الكلام عن هذا الموضوع آنفاً ) .
٢ - الربوبية ( Deism) : وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان لكن مع الاعتقاد بوجود قوة أو إله ما وتلك القوة أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون والحياة وتؤمن بوجود خالق عظيم خلق الكون وبأن هذه الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي من دون الحاجة إلى دين . ومعظم الربوبيين يرفضون فكرة التدخل الألهي في الشؤون الأنسانية كالمعجزات والوحي وهم بهذا يختلفون عن المسيحية والأسلام واليهودية وباقي الديانات التي تستند إلى وجود خالق وتستدل عليه بالوحي والمعجزات وهم باعتقادهم هذا يختلفون عن الملحدين أو اللاربوبيين بينما يتفقون معهم في اللادينية وهم يفسرون ما تفسرهُ الأديان السابقة بأنهُ وحي إلهي على أنهُ تفسيرات صادرة عن البشر بدلاً من مصادر موثوقة .. وقد برزت الربوبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر وخصوصاً خلال عصر التنوير ولا سيما في ما يعرف الآن بالمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة وأيرلندا كما يجدر الذكر أن معظم الربوبيين في ذلك الوقت كانوا قد ولدوا مسيحيين ولكنهم تركوا المسيحية بسبب عدة قضايا مثيرة للجدل ووجدوا أنهم لا يمكنهم الأيمان بالثالوث أو ألوهية السيد المسيح أو المعجزات ثم انتشروا في العالم حتى أن الشاعر العربي أبو العلاء المعري كان من أبرز من اعتنق هذا الفكر .. والربوبيون يؤمنون بإله واحد ومما يلاحظ أن الربوبية لم تكُ تُشكل أي تجمعات في البداية ولكنها ( ومع مرور الوقت ) أثّرت على المجالات الدينية الأخرى بشكل قوي كالمجموعة التوحيدية والمجموعة الكونية اللتين تطورتا من الربوبية ولا تزال الربوبية موجودة حتى يومنا هذا حيث نجدها في أشكال الربوبية الكلاسيكية والربوبية الحديثة .
٣ الإلحاد أو اللاربوبية ( Atheism) : وتعني عدم الاعتقاد بوجود إله أو آلهة أو أي شيء خارج قوانين الطبيعة وهذا المصطلح يتناقض مع فكرة الأيمان بالله أو الألوهية إذ أن مصطلح الألوهية يعني الاعتقاد بوجود إله واحد على الأقل ولقد تمت بلورة مصطلح الإلحاد عقب انتشار الفكر الحر والشكوكية العلمية وازدياد التيارات الفكرية في نقد الأديان حيث عرّف الملحدون الأوائل أنفسهم باستخدام كلمة( ملحد ) في القرن الثامن عشر خلال عصر التنوير وشهدت الثورة الفرنسية أول حركة سياسية كبرى في التاريخ للدفاع عن سيادة العقل البشري فضلاً عن تيار من الإلحاد لم يسبق له مثيل .. وتتراوح الحجج الإلحادية بين الحجج الفلسفية إلى الاجتماعية والتاريخية حيث أن المبررات لعدم الأيمان بوجود إله تشمل الحجج وأن هناك نقص في الأدلة التجريبية وعلى الرغم من تبني بعض الملحدين لفلسفات علمانية مثل الأنسانية والتشكك إلا أنهُ ليست هناك ايديولوجية واحدة او مجموعة من السلوكيات التي يلتزم بها جميع الملحدين كما أنهُ ليست هناك مدرسة فلسفية واحدة تجمع كل الملحدين فمنهم من ينطوي تحت لواء المدرسة المادية أو الطبيعية والكثير من الملحدين يميلون باتجاه العلم والتشكيك خصوصاً فيما يتصل بعالم ما وراء الطبيعة ويقول بعض الملحدين بأنه ليس هناك خلاف بين الإلحاد والبوذية لأن البوذيون أو بعضهم يعتنقون البوذية ولكنهم لايعتقدون بوجود إله .. وحسب قول الملحدين فأن الإلحاد هو النظرية الأكثر صحة من الألوهية وبالتالي فإن على المؤمن بالله أن يُقدم تبريرات الأيمان بالله وليس على الملحد إيجاد الدلائل لدحض وجود الله .. وقد أجريت عدة استطلاعات عالمية شاملة لأجل تقدير عدد الملحدين في العالم من أبرزها ما قامت به مؤسسة غالوب الدولية سنة ٢٠١٥ حيث شارك في الاستطلاع أكثر من ٠٠٠، ٦٤ مشارك أشار ١١ % منهم إلى أنهُ ( ملحد بقناعة ) في حين كانت النتيجة سنة ٢٠١٢ في استطلاع سابق ١٣ % من أفراد العينة عرّفوا عن أنفسهم أنهم ( ملحدين بقناعة ) وقد وُجدَ أن نسبة الملحدين في العالم حوالي ٨ % من نسبة سكان العالم بحسب المسح الذي قامت به هيئة الإذاعة البريطانية عام ٢٠٠٤ ووفقاً لدراسات أخرى فأن معدلات الإلحاد هي الأعلى في أوربا وشرق آسيا ، ٤٠ % في فرنسا ، ٣٩ % في بريطانيا ، ٣٤ % في السويد ، ٢٩ % في النرويج ، ١٥ % في ألمانيا ، ٢٥% في هولندا و ١٢ % في النمسا حيث أجابوا بأنهم لا يؤمنون بأي أرواح أو آلهة أو قوى خارقة ونسب أعلى لمن عبّروا عن إيمانهم بوجود روح أو قوة ما وهؤلاء يُطلق عليهم لادينيين أو لا أدريين وكذلك بلغت النسب في شرق آسيا ، ٦١ % في الصين و ٤٧ % في كوريا الجنوبية أما في اليابان فقد كان الأمر معقداً للغاية إذ أن الفرد هناك يتبنى أكثر من معتقد في وقت واحد .. أما في الولايات المتحدة فيُعرّف ١٢ % منهم أنفسهم على أنهم ملحدين ، ١٧ % منهم لا أدريين و ٣٧ % منهم يؤمنون بوجود روح ما ولكنهم لا دينيين ..
أما في الدول العربية فلمصر والعراق ولبنان وسوريا وبعض دول المغرب العربي تاريخ عريق في مجال نشوء الفكر والحركات اللادينية والإلحادية وقد تعزز هذا الأمر مع تأثيرات المدّ الشيوعي في الدول العربية رغم مروره بفترات إضعاف كثيرة في ما بعد من قبل السلطات الحاكمة بالنسبة لباقي الدول العربية وتحديداً دول الخليج العربي علماً أنهُ وحتى هذه اللحظة لم يتم تشخيص وجود حقيقي لهذه الحركات إلا من خلال الانترنيت وعلى نطاق شخصي ضيق ويمكن إرجاع ذلك إلى سياسات حكومات هذه الدول من منع وتجريم معتنقي هذا الفكر .. ويدعو اللادينيون إلى حق الإنسان في التفكير واختيار مبادئه أو عقائده وقناعاته والتعبير عنها بحرية دون خوف من الملاحقة أو المحاكمة أو التخوين وهذا الدفاع يشمل جميع البشر بما فيهم المتدينون ومثال ذلك ما حصل في دفاع الرابطة العالمية للادينيين والملحدين ( IBKA) عن حق المسلمين ببناء مسجد في مدينة كولن الألمانية أمام تصاعد الأصوات المعارضة لهذا البناء وكذلك وصف مجلس المسلمين السابقين ( اللا دينيين ) لمقترح اليمين المتطرف بمنع بناء المنارات في سويسرا بأنه قرار رجعي يعمل على زيادة صدام الحضارات ويتنكر للمطالبة العالمية بحياة أفضل في القرن الحادي والعشرين مُذكرين بأن حركة التنوير لم تمنع بناء أبراج الكنائس لكي تنجح في جعل الدين أمراً شخصياً لا أكثر مطالبين بفعل نفس الشيء مع الإسلام وذلك مع استمرارهم في إدانة مايدعونهُ انتهاك الاسلام السياسي لحقوق الإنسان كالتمييز مثلاً ضد المرتدّين والمفكرين الأحرار وتهديدهم .
المصادر /
* New York Magazine , April 26 , 2007 . * البرت هوبارد ١٩٩٠ The philistive * The flat earth Bible by Robert J . Schdewald . *Religious Landscape survey .
#حسناء_الرشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- أيما صباح .. قيثارة الناصرية -
-
صالون النواب الثقافي / خطوة في طريق إنجاح الشعر الشعبي
-
إلحاد
-
مهم للغاية
-
(( صرخة ))
-
{ رسالتي الأخيرة .......إليه }
-
{ ترانيمٌ حائرة }
-
{ رسالةٌ ........ في الانتظار }
-
( دموعٌ .... تنزفُ بمرارة )
-
{ موعدٌ ...... معه }
-
{ تراتيلٌ ... لدموعٍ لم تجفّ بعد }
-
{ هواجس ..... قبل الرحيل }
-
{ سمفونية المطر }
المزيد.....
-
تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
-
RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار
...
-
فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد
...
-
حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق
...
-
تقرير حقوقي: أكثر من 55 فنانا قتلوا منذ بدء الحرب في السودان
...
-
-وتر حساس- يثير جدلا في مصر
-
-قصص من غزة-.. إعادة صياغة السردية في ملتقى مكتبة ليوان بالد
...
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|