يزيد القرطاجني
الحوار المتمدن-العدد: 5501 - 2017 / 4 / 24 - 04:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
« Sans doute, avait-il ajouté en souriant, était-ce d’un instant comme celui-là que l’épileptique Mahomet parlait lorsqu’il disait avoir visité toutes les demeures d’Allah en moins de temps que sa cruche pleine d’eau n’en avait mis à se vider. » Dostoïevski, L’Idiot, deuxième partie, chapitre 5.
وأنت تجادل المسلم الصميم أحادي النظرة والتفكير- شيخا أو إنسانا ساذجا مسلما بالوراثة أو شابا متحمسا لمعتقده- حول مسألة التبنّي وحقّ بعض من حرمتهم الطبيعة من الإحساس بالأبوّة أو الأمومة في تعويض هذا الحرمان ولو "اصطناعيا"، (ودون التعمّق أكثر في الفوائد النفسية والاجتماعية للتبنّي...)، تصطدم بقصّة نبي الإسلام ومتبنّاه زيد بن الحارثة وبنت عمّته زينب بنت جحش:
"وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا" (الأحزاب 37)
الكائن العاقل الذي قرأ هذه "الآية الإلهية الكريمة محكمة التنزيل"، وقد تجرّد من جميع رواسب الطفولة وانفعالات الخوف والرهبة، تتبادر إلى ذهنه جملة من الأسئلة: أيّة عبرة وأيّة صورة إنسانية يمكن استخلاصها من هذه القصة؟ وما الشيء الذي كان يخفيه نبيّ الإسلام في نفسه ولا يكاد يبديه؟ وما معنى "لمّا قضى زيد منها وطرا زوجناكها"، أهي دابة يستطيع أن يركبها كل ذكرذي آلة عتيد، لا قرار ولا إرادة ولا اختيار لها؟؟
الإجابة، بطبيعة الحال، حاضرة جاهزة جليّة بيّنة، لدى شيوخ الإسلام، منذ زمن الخلافة السحيق: أسباب النزول؟ تحريم التبنّي؟ لماذا؟ لا نعرف.
أمّا ما كان نبيّ الإسلام "يخفيه في نفسه"، فهو بلاغ جبريل الذي ينصّ على ضرورة تحريم التبني؛ وأما الحكمة من ذلك، فهي ختام النبوّة، وآية ذلك حكمة الله اللامتناهية في قبضه أبناء محمد من الذكور حتى لا يرثوا النبوّة ويصبح كلامهم رفعا للخلاف («ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" الأحزاب 40)؛ وأما قوله تعالى: "فلما قضى زيد منها وطرا"، فالوطر يفيد الحاجة أي لما "عافها" لأنها كانت متسلطة، فهي من أهل قريش وذات حسب ونسب وهو من الموالي (عبد) ولا أدل من ذلك قول الرسول الكريم متمّم مكارم الأخلاق "خير من ركبن المطايا نساء قريش" (إله يشرّع للعنصرية و التمييز العرقي والطبقي؟)؛ وأمّا ما كان من أمرها هي (زينب بنت جحش)، فكانت تفاخر عائشة (التي كانت تقول لمحمد "ما أرى ربك إلا يسارع في هواك")، فتقول "أنا التي نزل تزويجي".
جميع هذه التبريرات واهية واهنة، "أوهن من بيت العنكبوت"، قائمة على خلط بدائي طفولي بين السبب والنتيجة على الـرغم من أن المصادر الأولى تعطينا السبب الرئيس لما حدث: "حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زوّج زيد بن الحارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يريده وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم..." (تفسير الطبري)، فهل أن إعجاب محمد بها هو السبب في زواجه منها وبالتالي تحريم التبنّي أم أنّ تحريم التبني هو السبب الذي دفعه الى الزواج منها؟
لم يجد نبي الإسلام "والشبق الشرقي في عينيه" حلاّ لذلك سوى نفوذ السماء وقانون إلهي يحرم التبني، ما اضطره فيما بعد إلى تشريع عادة تثير اشمئزاز السّامعين المتعقّلين، وهي "إرضاع الكبير". كان سالم مولى أبي حذيفة بن عتبة (شقيق هند) قد أقنع سيّده وزوجته بالدخول إلى الإسلام وكان الأمر كذلك، فاعتبراه ابنا وتبنّياه، وبعد تحريم الله من علياء سمائه التبني استجابة لإيروسية نبيّه، اشتكت زوجة أبي حذيفة من دخول سالم عليها فأفتى لها بإرضاعه ("سمعتُ أمّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول لعائشة: والله ما تطيب نفسي أن يراني الغلام قد استغنى عن الرضاعة. فقالت: لم؟ قد جاءت سهلة بنت سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله والله إنّي لا أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرضعيه"، فقالت: إنه ذو لحية !! فقال: "أرضعيه يذهب ما في وجه أبي حذيفة"... (رواه الصحيحان)
نأتي الآن إلى قوله تعالى: "فلما قضى زيد منها وطرا"، الوطر هو الحاجة المهمّة والنهمة أي الرغبة الجامحة، ولا أدلّ من ذلك قول النابغة:
فمن يكن قد قضى من خله وطرا فإني منك ما قضيت أوطاري
والمرأة التي كرّمها الإسلام لا تعدو أن تكون سوى آلة جنس تشبع رغبة السيد وعبده، إنّه حقّ الدخول المتغلغل في التفكير القروسطي الإقطاعي منمقا ومغلفا بوحي إلهي؟؟
لقد تمثلت الإضافة الكبرى للفيلسوف الألماني لودفيغ فويرباخ في تأكيده على أنّ ما نسميه إلها ليس شيئا آخر سوى كينونة الإنسان وقد تحرّرت من روابط وحدود الفرد، أي من روابط الواقع... "فالكائن المطلق، إله الإنسان، هو كينونة الانسان ذاته" (ماهية المسيحية الصفحة 27 من الترجمة الفرنسية) وإله الإسلام لا يعبّر سوى عن كينونة نبيّ الإسلام ونفسيّته المضطربة. إن المفكّر التونسي العفيف لخضر كان محقّا في مقدّمة كتابه "من محمد الايمان الى محمد التاريخ"، حين أكّد على ضرورة التعامل مع النص القرآني كما لو كان وثيقة طبية وشهادة على مرض محمد النفسيّ واضطراب شخصيّته نتيجة طفولة قاسية، شهادة أيضا على مرض "أمّة" أنهكها الوهن واستحكمها العصاب.
مسلم جحود، لا يرغب في مجد او شهرة او ثروة.
#يزيد_القرطاجني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟