|
مقدمات وتداعيات استفتاء أردوغان الانقلابي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5498 - 2017 / 4 / 21 - 14:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيراً بعد سنوات من الصراع مع قيادته الحزبية ، وانشقاقه عنها ، وتأسيسه حزب العدالة والتنمية اليميني ، ذي النزعة العثمانية . وبعد سنوات من التآمر المنهجي ، والقمع ، للمعارضة العلمانية ، والقومية ، واليسارية ، وتواصل الحرب العنصرية ضد الكرد . وبعد أن فتح حرب الإرهاب الدولي ، المجلوب معظم عديده الهمجي من مختلف دول العالم ، بالتعاون مع القوى الاستعمارية والرجعية العربية وإسرائيل .. على سوريا . التي أدت منذ 2011 إلى الآن ، إلى قتل متوحش لمئات الآلاف ، وتدمير الكثير .. الكثير من العمران ، وتهجير متعمد ونزوح للملايين ، والتجارة بهم ، وبعذاباتهم وإذلالهم . وبعد اعتقال وتسريح عشرات آلاف الأتراك ، من العسكريين ، والموظفين ن والصحفيين ، بذريعة محاولة إسقاطه بانقلاب عسكري ـ سياسي .
بعد هذه السلسلة من الغدر والتآمر ، والحرب ، والاعتقالات ، تمكن أردوغان ، من انتزاع الفوز التعسفي في استفتاء مريب انقلابي . وتملك سلطة السلطان الظلامية المشتهاة ، المرفوضة شعبياً ، وإنسانياً ، وأخلاقياً ، وحضارياً . وتوج رأسه بالتاج المصنوع من غضب ولعنة الكرد ، والمطرودين من وظائفهم .. وكذلك من غضب ولعنة عذابات وآلام ، ودماء السوريين .. ذاك التاج المرصع برموز أدوات القتل المتوحش ، والتمير الهمجي ، في سوريا والعراق .
وقد ضخم سيناريو الاستفتاء " الانقلاب " ونتائجه ، ضخم شخصية أردوغان في الداخل .. وزاد من استنكار واندهاش الكثيرين في الخارج . كما زاد من مخاطر استبداده على استقرار ووحدة الشعب التركي ، في مختلف الصراعات القائمة ، وأولها المسألة الكردية ، والمسائل الهامة الأخرى ، المتعلقة بالديمقراطية والعلمانية . والأخطر والأهم من تلك التداعيات ، بعد أن تصور نفسه متمكناً من عرش السلطان ، هي مطامعه التوسعية ، التي بدأ مسار بلوغها بحربه القذرة ضد الشعب السوري ، وسار خلال الحرب على خطى أجداده السلاطين .. بالذبح .. والتهجير .. وتغيير الواقع السكاني .. والاحتلال بالحديد والنار .. بذريعة إقامة مناطق آمنة للمهجرين ، وقواعد ثابتة لقواته المسلحة العدوانية .
وإذ يشعر أردوغان أنه بلغ مرتبة السلطان .. ومجاله الدولي صار مفتوحاً أمامه أكثر ، سيما في زمن صنوه الرئيس الأمريكي " ترامب " . فإن الإقليم ما عدا حليفته " إسرائيل " . صار تحت مرمى حروب ونيران أردوغان ، وأهدافًاً لنهبه وتوسعاته . إذ أن للسلطنة العثمانية ، تجلياتها الصارمة ، وعقليتها العنيدة الجامحة ، التي لا تعترف بحق الشعوب بتقرير مصيرها ، ولا بحدود السيادة للدول ، خاصة تلك الدول المجاورة ، التي لديها ثروات طبيعية .. ومجالات حيوية للاستغلال السياسي والاقتصادي .
ولعلها ليست مصادفة فقط ، أن تتزامن بعض الأنشطة الدولية المستنكرة لمذابح الأرمن في العهد العثماني قبل أفوله بقليل .. مع أنشطة أردوغان بحصار وقمع الآخر ، من أجل الوصول إلى العرش الإمبراطوري . وكأن هناك ربط عضوي ، بين نوعية الحكم السلطاني العثماني ، مع البطش ، والذبح ، والتخلف .. بدلالة أنه بعد الإعلان عن فوزه في الاستفتاء .. ارتفع منسوب الكراهية له والخوف منه .
ولعلها ليست مصادفة فقط أيضاً ، أن تتزامن أيام ذكرى الذبح والتهجير ، والتشريد اللئيم الظالم للشعب الأرمني ( 24 نيسان ) مع الحشد الأردوغاني ، لاستكمال انقلاب الاستفتاء .. ليصبح سلطاناً فخوراً بأجداده المضرجة أياديهم بدماء الشعوب .
ومن خلال البحث التاريخي للعقلية العثمانية الظلامية ، يمكن فهم مهازل وسيرورة السلطنة ، وتعاملها التعسفي مع الآخر ، المغاير لمفاهيمها الشاذة وممارساتها السوداء ، سيما باستخدام إثارة العصبيات الدينية ،والتحريض على المذابح تجاه الأقليات العرقية والدينية ، أو بالتواطؤ معها بالسكوت عنها ، وعدو تقديم المساعدة لإنقاذ ضحاياها . ولذا لم يكن بوارد لدى أردوغان ، المتفاخر بعثمانيته ، أي مسوغات إيجابية ، أو محفزات لطرح الاستفتاء بآفاق إيجابية تشجع وتطمئن الشعب للإقبال عليه . مثل لن : * يعتذر للشعب الأرمني عن المذابح التي تعرض لها إبان ،، وبتشجيع من السلطات العثمانية ، وراح ضحيتها .. ملين ونصف ملين أرمني .. ووضع برنامج شامل سياسي ومادي وأخلاقي ، للتعويض عما جرى بحق الضحايا الأرمن . * أن يوقف الحرب المجزرة التي يذبح فيها الكرد ، الذين يدقون أبواب التاريخ منذ سنين طويلة لانتزاع حقوقهم الإنسانية المشروعة العادلة . * وأن يسهم بقوة وصدق بإنصاف السوريين ، الذين ، أطلق عليهم منذ ست سنوات ، بمشاركة منظومة الإرهاب الدولي ، أطلق جحيم الحرب القذرة لإعادة إخضاعهم للإمبراطورية العثمانية ، بعد أن طرد السوريون أجداده السلاطين قبل مئة عام من بلادهم . وهكذا اتضحت لعبة الانقلاب الأردوغاني الطويل بغطاء الاستفتاء .
لا تهنئة للشعب التركي بإحياء الاستبداد العثماني .
بل طوبى لوحدتكم .. ولنضالكم لاستعادة جمهوريتكم الديمقراطي العلمانية .
لقد قالها أردوغان بنهاية الاستفتاء للشعب التركي .. كش جمهورية .. كش ديمقراطية وعلمانية . لكن ليس غريباً في وقت قريب .. أن يقول الشعب التركي لأردوغان .. كش ملك .. السلطان مات .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد الجلاء .. عيد المقاومة والتحرير
-
عن غير يسار
-
سوريا قادرة على دحر الإرهاب الأميركي
-
الفرات حين يغضب إلى الرقة المحتلة
-
لمواجهة الاعتداءات الامبريالية الجديدة
-
يا أمي .. يا أم وجودي وعمري
-
إنهاء الحرب بالوكالة ومتغيراتها
-
مصباح يسرى إلى يسرى الإبراهيمي
-
يوم تجديد نضال المرأة الاجتماعي والوطني
-
هل يجلب هذا الرجل المختال السلام لسوريا ؟
-
المعارضة في الزمن الأميركي الجديد
-
آفاق معركة الشعوب مع - الترامبية - الأميركية
-
الشعب السوري هو صانع الدستور
-
أخي السوري ارفع رأسك - إلى الفوعة وكفريا
-
هل تنجح - أستانا - وبعدها إلى جنيف ؟
-
فرصة الشرف
-
ثيران بلفات .. وأشياء أخرى
-
كل عام وأنت بخير يا حلب
-
في التحرير والتسوية والطبقات الشعبية
-
الاستحقاق السياسي المطروح بعد تحرير حلب
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|