أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ..جولة ليلية للليل














المزيد.....

قصة قصيرة ..جولة ليلية للليل


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1441 - 2006 / 1 / 25 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


نزل الليل بخفين من هسهسة نائم . يسير كما أقدام الضوء بنحافة لامعة وخجل مستتر بتأوه سرير عشيقين . يغمض عينيه كما جناحي فراشة وهما يستريحان من تعب الطيران . يسير الهوينة كما دراجة هوائية في مرعى لنساء يدركن في الخضرة عطر العشب فيصبحن رقيقات كما لغة الهمس في قاعة لتبادل القبل ، وحين يتعثر بدمية رماها سأم طفل قبل النوم ، يعتذر من أنفاس الطفل الغارقة في أرصفة المستقبل .
إذا سيصبح جنديا وتكسبه الحرب إليها وسيكتب لحبيبته رسائل تفضحها رغبة أن يكون صدره النحيف بداخل صدرها المكتنز مثل كومة قش في نهاية بيت ريفي عطش وشرب من المساء أبخرة أباريق الشاي وأدخنة مواقد البرد . لحظة يأتي ليكتشف إن التي يهم باغواءها بقصائده الركيكة هاجرت إلى المدينة مع أهلها الذين داهمهم فقر يباب هذا العام وقرر الأب أن ينتحر في مهنة عتال بمكبس تمر .
وحين يعود ستدركهُ منية ما ، ويذهب إلى فردوس من نوع تقول عنه المقدسات : عالم من انهار اللبن والعسل وموسيقى لا تعزفها سوى أعواد البلابل وكمانات طيور الكناري ..
إذن . سيكبر هذا الطفل ويدرك من شغف الوجد الذي ينام ببراءة الدمى تحت أجفانه الصامتة كما صمت الطفل الذي لا يملك جوابا لسبب غروب وشروق الشمس . يدرك : إن الذي سيكبر . سينتظره قدر . وهذا القدر لم يحمل شكل وردة بيضاء يانعة كما رقصة سمكة . بل صندوق من خشب رطب سيتمدد فيه من دون وسادة وسيعاني في نومته من مطبات الطريق وسيذرف دموعا كثيرة لأنه نسى راتبه في بدلة الإجازة وربما هي الآن في حوزة من اعتقد إن أحدا لن يطالب بملابسه ، لأنه لن يعود مثل كل مرة يصفر كما الرعاة بناي فمه ، ويشبع أصدقاءه احاديثا مغرية عن جمال النساء اللائي تمتع بمشيتهن الساحرة في حدائق المدينة وعن تلك اللعوب الغجرية التي شاركته متعة الشد والأخذ وإطلاق بريق أحشائه في جوفها المعتم بسبب عدم معرفتها من كان والدها أو والدتها وان الذي يهجس إليها بشغف متعة النقود ليس سوى رقما من أرقام هذه القذارة الروحية التي يجبرها فيها النهار لتكون ممدة على فراش من قطن متحجر وفي الليل راقصة ثملة .
حزن الليل لقدر الطفل الذي يلتقط بهدوء أنفاس أحلامه البريئة فيما نهضت أمه لتصلي الفجر .
في كل ليلة . كان على الليل أن يمر على محطات كثيرة . سطوح بيوت ، حكايات جدات ، سمر سكارى ، صافرات حراس الليل ، مسافرون بقطارات ليلية وبنعاس شتوي ، نساء يفترشن أرصفة يبعن الشاي والسجائر وداعبات يكسبن بها ود رجال الشرطة ، سعال مرضى ، وغناء أمهات يهدهدن قرب مهود خشبية نشيد مناغاة الأطفال الذين يمنعهم الم غازات البطن عن النوم ، فيما يشكو الكثير من البشر الم حصاة المثانة . أو ضيق في التنفس بسبب الربو المزمن .
فقط هذه الليلة قضاها ساهرا قرب نومة الطفل الذي ابتعدت عنه دميته وهي تطلق كآبة لها معنى عميق .
لا يدري لماذا أرغمته الأجفان الصغيرة أن يظل يحنو على هدئة هذا الكائن الذي سيشعل أحلامه بأفران الحرب وهو الذي يمر كل ليلة على آلاف الأنفاس وهي تحتضر أو تغمض اغماضتها الأخيرة .
ظل يبحث عن سبب ، عن دافع غير رغبة مشاعر غامضة ، عاد إلى أعماقه كما تعود النجوم إلى أبراجها . أغمض عينيه ، فابتعد القمر ، إلى طيات ثياب السماء ، تبعته النجوم كما جنود يتبعون قائدهم المنكسر في ارض المعركة .
حل على الأرض ظلام دامس لم تألفه من قبل . في حلكته الكحلية ، جمع الليل هواجس ليعرف سر ارقه الطويل قرب أغماضة هذا الطفل فاكتشف أن عشقا طارئا كما سهم الضوء اخترق قلبه اللامع مثل شعلة أزل مقدسة.
لحظتها قرر أن يفعل شيئا .
ومثلما يفعل مارد ألف ليلة وليلة . حمل الليل الطفل والبيت بكل ساكنيه ليسكنهم في هاواي ..
أذن لن يموت الطفل بحربٍ حين يكبر !

أور السومرية في 24 / 1 / 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة ....كلبة فوق سطح القمر ....
- ِيوم في حياة وزير الموارد المائية العراقي
- خواطر كونكريتية
- قصائد معتقة كخبز وجدوه في كهف أثري
- قصة قصيرة ..الحرب وذاكرة موزارت
- قصة قصيرة...الخرافة ..هي أن لاتكون قبل أن تكون
- قصة قصيرة ......لماذا يموت البلبل ؟...................
- قصة قصيرة ...كلب القرية لا ينبح بل يغني .
- من يضيف إلى عينيك الكحل غير أصابعي
- قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...
- قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة
- قصة قصيرة ...الشراكسة ومدحت باشا ومدينتي
- قصة قصيرة.. شارب دالي ودولة مالي وردود أفعالي .
- البصرة دمعة نخلة وتوابل قبلة خضراء
- قصة قصيرة ..البرتقال وام اولادي
- قبعة مكسيكية .. وموسيقى موزارتية .. وقصائد سريالية
- قصائد كتبتها نيابة عن أندريه بريتون
- عام مندائي آخر .. وسيغطيني النور برداءه الأبيض
- أمنيات 2006..العراق في حاضنة الورد وليس في حاضنة المفخخات
- قصة قصيرة ..الليل ومدونة القلب


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ..جولة ليلية للليل