|
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5495 - 2017 / 4 / 18 - 19:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك مثل شعبي يقول ( المرأة القرعة تتباهى بشعر بنت خالتها ) وقيل أيضاً : ( ويل لقوم اذا شيوخهم سادوا ) في رأيي أن المثل الأول أكثر ما ينطبق في هذه الأيام على غالبية الأطر الاصولية الطائفية بمختلف مسمياتها ، خاصة الحركات الاسلاموية الاخوانية ، هنا في الداخل ، وهناك في الأراضي المحتلة ، وبالعديد من الأقطار العربية خاصة في الأردن . بكل أسف نقول بأن هذه الحركات سخرت نفسها فقط للتهليل والتكبير لقوى متآمرة ، هدفها الوحيد تشتيت شمل هذه الأمة وإعادة تجزئتها ، كما أنها ساهمت ولا تزال تحت غطاء الدين في اثارة الحروب والنعرات الطائفية ، داخل الأقطار العربية ، كي تدمرها خدمة لقوى خارجية ، وخدمة لأفكارها التدميرية وشعاراتها الوهابية البعيدة عن الواقع ، والبعيدة عن قواعد وأسس الحضارة والتكنولوجيا الحديثة . هذه الأطر المتأسلمة هي المرأة سافرة الرأس " القرعة " أما أبنة خالتها فهي تركيا اردوغان ، هذه الحركات ترقص اليوم وتهلل وتطبل لاردوغان لأنه استطاع أن يتجاوز نسبة 50% بقليل ، بالاستفتاء الذي أجراه مع بداية الأسبوع كي يكمل قبضته الحديدية ضد الشعب التركي . لا يهم هذه الفئات الغارقة في الضلال ، بما قام به هذا السفاح أولاً بحق أبناء شعبه ، فقد سخر تركيا وشعبها لخدمة الإرهاب ، وحولها الى نقطة انطلاق لتدمير سوريا والعراق ، لا يهم هذه الفئات التي ترقص فرحاً بنجاح مشروع اردوغان الذي سوف يضمه الى قائمة الحكام العرب والمسلمين المتسلطين على رقاب شعوبهم ، مثل علة العرب السعودية ، والمغرب ومصر والأردن وغيرها من أقطار الخزي العربي والإسلامي . لا يهم هؤلاء الجرائم التي ارتكبها سفاح أطفال سوريا وشريك العصابات التكفيرية في نهب ثرواتها من النفط ومن قضبان السكك الحديدية ، ومن آلاف المصانع التي تم تفكيكها من مدينة حلب وغيرها ، ونقلها الى تركيا ، هذا ما فعله هتلر عندما نهب الدول الأوروبية التي سيطر عليها أثناء الحرب العالمية الثانية . لا يفكرون ويتجاهلون بأن الأسلوب الذي يستخدمه اردوغان لتثبيت نفسه وتوسيع صلاحياته في الحكم ، لا يختلف كثيراً عن الأسلوب الذي استخدمه هتلر ، خاصة أسلوب إقامة المليشيات وأسلوب الاستفتاءات الشعبية ، وتزييف نتائجها . لا يهمهم طبيعة ونوع الحكم في تركيا ، المهم أن يكون اردوغان وزمرته ، شعارهم ، يكفي أنه يؤدي الصلاة ، وهل صلاة اردوغان يجب أن تكون سبباً لهذا الردح وهذا التهليل ؟ وهل صلاته سوف تحرر الأقصى ، ما هي قيمة كل عباداته ما دامت أياديه ملطخة بدماء أطفال سوريا ، وأطفال العراق ، لا يهمهم اذا كان الحكم في تركيا رئاسياً كما يريد اردوغان ، المهم أن يحكم تركيا حديد ، لأن الحكم الرئاسي حسب الدستور التركي المتوقع ، سوف يجعله ينعم بصلاحيات غير محدودة في الحكم ، وهذا يقلل من قيمة البرلمان ، ويضعف الجهاز القضائي ، هذا ما فعله السيسي وقبله مبارك ، لأن هؤلاء الفئويون فقدوا مصداقية نتائج الاستفتاء ، ولم يقرأوا تقارير لجان مراقبة الانتخابات المحايدة ، التي اعترفت بأن الانتخابات لم تتم حسب مقاييس دولية معروفة ، واعترفت هذه اللجان التي راقبت سيناريوهات الدعاية التي سبقت الاستفتاء ، فقد ذكرت في تقاريرها بأنه لم يكن هناك انصافاً أو عدلاً أو مساواة في استخدام مؤسسات الحكومة الإعلامية ، فقد استغل اردوغان كافة وسائل الاعلام لخدمة مشروعه ، مانعاً المعارضة من هذا الحق ، ، كما انه استخدم الشرطة ، والى جانبها فرق من المليشيات التابعة لحزبه ، لتشجيع المواطنين على دعم مشروعه ، في حين منعت الشرطة ، وحددت من نشاط المعارضة للتواصل مع المواطنين . كيف يمكن اجراء استفتاء نزيه وموضوعي في مناخ ديمقراطي ، في ظل أحكام عرفية ؟ تحدد تحركات ونشاط المعارضة ، أي استفتاء هذا وغالبية قيادات المعارضة تقبع في الزنازين ، عدد المعتقلين يزيد عن السبعين الف معتقل سياسي ، كما تم طرد وملاحقة حوالي 150 الف من كبار الموظفين وضباط الجيش من أعمالهم ، رغم ذلك ، فشل اردوغان من استقطاب غالبية المواطنين في تركيا الى نسبة ضئيلة للغاية . هناك تزييف واضح كما ذكرت تقارير المراقبين ، خاصة في المناطق الكردية ، فقد ادعت لجنة فرز الأصوات ، بأن اردوغان حصل على غالبية الأصوات في المناطق التي يسكنها الاكراد ، وهم ألد أعدائه ، بعد أن أدعى اردوغان بأن الاستفتاء جاء لصالحه ، سارع لزيارة ضريح أحد رؤساء الوزراء السابقين في تركيا ، وهو " عدنان مندريس " لأن جهلهم يحول دون معرفتهم من هو " مندريس " . لقد خرج " مندريس " من معطف مصطفى كمال أتاتورك ، لكنه انقلب عليه وأسس حزباً جديداً فاز في الانتخابات وشغل منصب رئاسة الوزراء من سنة 1850- 1960. كل ما قدمه " مندريس " للاسلام أنه سمح للآذان أن يكون باللغة العربية ، بدلاً من اللغة التركية ، كما أنه سمح بإعادة فتح احدى المدارس الدينية التي أغلقها أتاتورك ، في نفس الوقت وقف على رأس القوى في تركيا التي قاومت حركة التحرر العربية الحديثة ، التي قادها جمال عبد الناصر ، كما حول تركيا الى رأس حربة ضد الاتحاد السوفياتي ، وسارع الى ضم تركيا الى أكبر حلف استعماري عرفه التاريخ ، وهو حلف الأطلسي ، كما سارع بارسال قوات تركية للقتال في كوريا الى جانب قوات أمريكا وحلفائها ، كما كان من السباقين الذين سارعوا لاقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، وتوج أعماله في خدمة الإسلام بأن ساعد بريطانيا بإقامة حلف رجعي عرف " بحلف بغداد " ، كانت تركيا أول عضو فيه ، الى جانب ايران الشاه ، والعراق والباكستان . هذا هو عدنان مندريس ، الذي رفع الجهلة التكفيريون صورة من جديد ، على اعتبار أنه مرجعية دينية لخليفة المسلمين اردوغان . أما تاريخ اردوغان وعلاقته الوطيدة مع إسرائيل والدول الأوروبية وفتح حدوده أمام جحافل عصابات التدمير للأراضي السورية ، وحدها تكفي لإزالة القناع عن حقيقته التي لا يغطيها شمس نسبة الاستفتاء (51%) أو كما أطلقوا عليها (انتصار المهزوم).
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
-
الاعلام الإسرائيلي يُسقط نتنياهو بحفرة الشبهات
-
حُلم عثمنة تركيا تبدد تحت وقع الإرهاب الاردوغاني
-
الأصابع المرفوعة في السجلات المختومة بالقبلة الامريكية
-
جدل عقيم وحمى الاتهامات
-
الربيع العربي أدخل اسرائيل العصر الذهبي
-
صفق أنت فلسطيني
-
فيدل كاسترو البصمة التي أوجعت امريكا
-
بين فكي كماشة بلفور والتقسيم يعيش الشعب الفلسطيني
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|