أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عبث في قصيدة -بالطريقة ذاتها- عبود الجابري














المزيد.....

عبث في قصيدة -بالطريقة ذاتها- عبود الجابري


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5494 - 2017 / 4 / 17 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


عبث في قصيدة
"بالطريقة ذاتها"
عبود الجابري
سأستخدم تعبير لا يحبه الشاعر "كثرة الضغط" تجعلنا نتجه نحو العبث، نحو فعل ليس له معنى، لكنه يعبر عن قرفنا من الواقع، مما نمر فيه، وإذا ما عرفنا أن الشعراء يتميزون عنا نحن العاديين، برهافة المشاعر ورقة الاحساس، حتى أنهم يتأثرون بأي خبر/حدث/كلمة بشكل غير عادي، نعلم حجم الألم الذي يتعرضون له، من هنا لا بد من ايجاد طريقة يفرغون/يعبرون فيها عما يمرون فيه، من هنا نجدهم يستخدمون قدراتهم على الكتابة للتعبير/للتفريغ عن ألمهم.
"عبود الجابري" عراقي، وعندما نقول عراقي، معنى ذلك أن هناك إنسان يتماثل مع الشعراء بالإحساس والمشاعر، فهناك أرث ثقافي يعود إلى آلف السنين منذ أن كان العراقي يتألم لغياب إله تموزي، ما زال فاعلا في الإنسان العراقي، ليس على المستوي الشخصي، بل على مستوى المجتمع، فها هو العراقي الآن يقوم بعين الطقوس التي أقامها على غياب الإله "تموزي" لكن بصورة جديدة، خذلان الحسين في كربلاء، وكأنه قدر للعراقي أن يستمر في ابداء الحزن واظهار عاطفة جياشة اتجاه الحبيب، فهذا الحبيب أيضا أخذ معنى الوطن، لهذا نجد العراقي في المهجر رغم ما وصل إليه من مركز ومن رفاهية في الغرب، ما زال العراق هو الهوى، هو البوصلة التي يتجه إليها قلب وعقل العراقي.
يفتتح الشاعر قصيدته:
" بالطريقة ذاتها
سأواصل ترميم حياتي
حياتي التي تشبه شمسا معطوبة"
وكأنه بهذا الفاتحة يشير إلى طقوس الحزن التي ما زالت حاضرة في العقل الباطن للعراقي، اعتقد بأن الشاعر تعمد على إيقافنا عند فعل "الترميم" وتعبير "شمس معطوبة" وكأنه يمارس فعل الألم المستديم، فعل الصراع الأبدي بين الحياة المتمثلة بالإله "تموزي" والموت (العالم السفلي).
بعدها يأخذنا الشاعر إلى الواقع، واقعه الذي يعيش فيه، فنجد تعابير تشير إلى حالة القرف واليأس الذي يمر فيه العراقي، الشاعر:
" سأضع كتبا كثيرة
ووسائد فارغة
وأشرطة فيديو مللت مشاهدتها
وملابس قديمة
وصوراً فاضحة لم تعد تثيرني
سأضع كل هذا
على الطاولة ذات الأرجل الثلاث
الطاولة العرجاء
التي علمتني كيف أرقص
لفرط ما ارتعشت تحت قدمي
سأفعل ذلك كله"
بعد الفاتحة التي أخذتنا إلى الماضي، يعيدنا الشاعر إلى الواقع، فنجده يذكر مقتنياته وكيف أصبح يراها، فهي تشكل عبء عليه، وتشير إلى حالة عدم الرضى، لهذه نجده يستخدم الفاظ: "فارغة، قديمة، العرجاء" وكلها تشير إلى حالة البؤس، ونجد أيضا الأفعال كلها كانت تشير إلى الألم: "مللت، لم تعد، ارتعشت" وإذا ما استثنينا فعل "أرقص" نكون أمام نص مطلق السواد، بمعنى لا نجد أي لفظ أو فعل يشير إلى البياض.
قلنا في بداية الحديث أن الشعراء والعراقي يمتازون برهافة المشاعر، لهذا نجد الشاعر يحرص على عدم إحداث ألم أو عذاب للآخرين، يريد أن يكون أثر فعله مقتصر عليه فقط، بحيث لا يؤلم أي شخص آخر، لهذا تعمد على ذكر الكيفية التي يريد التعبير فيها عن يأسه فكانت بهذا الشكل:
"عندما يكون البيت فارغا
فما من أحد سيصرخ
حين أطير في الهواء
ما من أحد يقيس المسافة
بين الأرض وبين حياتي
حياتي التي تشبه شمسا" معطوبة"

فهو سيقدم على فعل غير عادي، فعل يخرج فيه كل ما يحمله من ألم وضغط، لهذا نجد هناك شيء من الفانتازيا " حين أطير في الهواء" فهو يريد أن يقوم بفعل الطيران، لكننا نعلم تماما بأن ليس هناك طيران للإنسان، بل هناك شيء آخر، هو السقوط من علو، لهذا نقول بأن الشاعر يعبر عن حالة في غالية القسوة. وعندما أنهى القصيدة بعبارة:
"ولا أعرف طريقاً واضحا للنزول"
يؤكد حالة الاضطراب التي يمر بها الشاعر؟
" بالطريقة ذاتها
سأواصل ترميم حياتي
حياتي التي تشبه شمسا معطوبة
سأضع كتبا كثيرة
ووسائد فارغة
وأشرطة فيديو مللت مشاهدتها
وملابس قديمة
وصوراً فاضحة لم تعد تثيرني
سأضع كل هذا
على الطاولة ذات الأرجل الثلاث
الطاولة العرجاء
التي علمتني كيف أرقص
لفرط ما ارتعشت تحت قدمي
سأفعل ذلك كله
عندما يكون البيت فارغا
فما من أحد سيصرخ
حين أطير في الهواء
ما من أحد يقيس المسافة
بين الأرض وبين حياتي
حياتي التي تشبه شمسا" معطوبة
أحاول الوصول إليها
على سلالم غريبة
اصنعها من بقايا البيت المهملة
وأضحك بجنون
عندما أصل
ولا أعرف طريقاً واضحا" للنزول"



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجتنا للمرأة في -طاغية- عصام الديك
- عقدة اليتم في رواية -وجع بلا قرار- كميل أبو حنيش
- شاعر الحكم محمد داود
- عماء في قصيدة -عماء- محمد لافي
- لصوت الإنساني في رواية -نرجس العزلة- باسم خندقجي
- المنتمي في قصيدة -إله الحرب- منصور الريكان
- العدوان الامريكي
- أثر المكان في ديوان -الجبال التي أحبت ظلي- يونس عطاري
- الرمز في قصة -الرجل ذو العين الواحدة- مشهور البطران
- أنا والأم مشهور البطران
- وقفة مع اللقاءات الثقافية في دار الفاروق
- أثر الأم في قصيدة -أمي- علي بيطار
- السيرة النبوية في قصيدة -نور النبوة- محمود ضميدي
- -هذي دمشق- الملتقى الثقافي العربي
- تعدد الأصوات في قصيدة -فراش- عصام الديك
- لاستعجال في ديوان -همسات على هامش الوطن- مهند ذويب
- بساطة السرد في مجموعة -1986- سعود قبيلات
- الفاتحة القاسية في قصيدة -محاكاة لعينة- سامح أبو هنود
- اللغة الدينية في قصيدة -وقضى أرباب الدولة- مفلح أسعد
- الأنثى والحرب في رواية -لغة الماء- عفاف خلف


المزيد.....




- -أفاتار: النار والرماد-.. كيف غيّر جيمس كاميرون مستقبل صناعة ...
- مدير التراث الفلسطيني: استشهاد أكثر من 130 فنانا وكاتبا بسبب ...
- الدويري: فيديو القسام ترجمة لحديث أبو عبيدة وأداء جديد للمقا ...
- مجسمات ورقية رائعة ينشئها فنان مصاب بالتوحد.. ما قصّته؟
- البرهان: مليشيا الدعم السريع وداعموها سيدفعون الثمن غاليا
- مشاهد صادمة.. فيلم تونسي يثير الجدل بتجسيده قصة آدم وحواء (ف ...
- المسيحيون المشرقيون يشاركون في القداس الجنائزي ويؤدون صلاة م ...
- ندوة فكرية في معرض الرباط للكتاب تبرز عناصر الثقافة المغربية ...
- -أبوس إيدك سيبيني-.. جمال سليمان يعلق بعد ظهوره في فيديو مثي ...
- عصام إمام: الزعيم بخير


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - عبث في قصيدة -بالطريقة ذاتها- عبود الجابري