|
الهندسة و المنتج
علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 1440 - 2006 / 1 / 24 - 08:15
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
يستند تغير المجتمع الصناعي على التطور العلمي و الهندسي، أي على الإنسان بقدراته و كفاءاته التشكيلية الإبداعية الخلاّقة. من الفنون ذات النفع نشأ نظام الإنتاج المعّقد و القادر/ بصفته أداة مساعدة للطبيعة/ على التوليد البنّاء والهادف للمواد (البضائع). يتألف هذا النظام الموجّه تقنياً من حالة ثلاثية مركبة هي: المادة و الطاقة و المعلومة بهدف الاستثمار الفعّال للطبيعة....نتيجة الخلق هي المنتج. يستكمل الإنسان إبداعات الطبيعة من خلال استخدامه و تطبيقه للهندسة و التقنيات. من تفكيره تنشأ الفكرة التي لم تكن متواجدة، من تخطيطه تّتولد الخطة و من بنائه ينتج المبنى الهيكلي. تحتوي الهندسة كل الوسائل الصنعية من أجل الاستغلال الأمثل للطبيعة و عليه فإنها تشترط التنظيم الموّجه ببلوغ الهدف للطاقة الإبداعية. تعتمد عمليات التطور الهندسي على العلم و المعرفة و الاستطاعة في محيط من الحكمة و التعقل و الوعي و الملاحظة و الإحساس. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه العمليات مسبوكة من خلال الصدفة و المراقبة و التجربة. تظهر هذه العمليات من جهة شيئاً من التقارب للتشكيل الصنعي و من جهة أخرى إحاطة متزايدة للتفكير العلمي التحليلي و الممنهج. و بسبب التأثير المستديم لعمليات التطور التقني على كل من المجتمع و المحيط البيئي فإنه من المطلوب الإتقان الآمن و الموثوق للهندسة. على ضوء و جهات النظر التكنولوجية و الإيكونومية و الإيكولوجية و الموثوقية التقنية تتم إجراءات تقييم المنتجات و العمليات الإنتاجية. تم اشتقاق مصطلح (منتج) من اللغة اللاتينية (أثمر، تمخّض، أنجب، أحدّث، خرّج، أنتج، صنع). يتم استخدام هذا المصطلح بمحتواه بشكل متباين و متفاوت و ذلك ضمن نطاق واسع يمتد ليشمل انطلاقاً من البضائع (المواد، السلع) من النوع النباتي ( المنتجات الزراعية) مروراً بالمنتجات من النوع البنائي (مواد البناء) و كذلك المنتجات الصناعية وصولاً إلى القطاع الخدماتي و انتهاءً بالإبداعات الروحية (الإنسانية). في علم الاقتصاد، في المراجع الاقتصادية يتم استعمال مفهوم المنتج بمحتويات غير موحدة و يتم ربط هذه الكلمة بكلمات أخرى لتعطي بالنتيجة ثنائية كلامية ذات معاني مختلفة مثل وظيفة المنتج، تنوع و تمايز المنتج، خلق و تشكل المنتج. من الأوائل اللذين ساهموا بتعريف كلمة منتج كمصطلح في الاقتصاد المعملي كان الباحث نيكليش و ذلك عام 1939 في القاموس الاقتصادي الذي وضعه مع آخرين حيث يوضح بأن المنتج هو كل الثمار و المواد التي يتم الحصول عليها من الطبيعة و التي تنشأ قيمتها من خلال عملية إنتاجية بما يتناسب مع الوضع الأولي و المحدد بشكل ضيق للإنتاجيات. يفهم الإنسان المنتج بأنه جملة البضائع المادية و غالباً لا ينطوي تحت هذا الفهم المواد الأولية و التي هي بالأصل نتائج لعمليات إنتاجية أولية بالكامل. تنشأ المنتجات نتيجة لتغيرات في المادة و الشكل و كل من هذه التغيرات يخضع في الأساس لمواد بدائية و أساسية محددة. مقابل المنتجات المبنية على بضاعة مادية يوجد الأمور الخدماتية و التي تطرح نفسها كبضائع غير مادية (معنوية) و التي هي نتاج لعمليات خدماتية خاصة. كما هو الحال مثلاً في حالات إنتاج البرمجيات و تقديم الاستشارات الشخصية و خدمات النقل (و التي تصنف كخدمات متقطعة أو لمرة واحدة) وكذلك صناديق حماية التأمين و منح القروض (و التي تصنف كخدمات مستمرة). في الوقت الراهن و كنتجة للجهود و المساعي المبذولة بشكل متواصل من أجل تصريف البضائع من معامل الإنتاج بدأ فهماً أكثر شمولية لمعنى الإنتاج يفرض نفسة بشكل متزايد. و بحسب هذا الفهم يتم النظر إلى المنتج كحزمة مترابطة من الخدمات و التي تضم جملة المكونات المادية و المعنوية المتكررة. مع تواجد مثل هذه الحزمة من الخدمات يزداد التمييز صعوبةً بين المادة و الخدمات المبنية على أساسها أو بين تقديم الخدمات في ارتباط مع المواد كما هوفي حالة الإصلاح مثلاً. للخروج من هذا المأزق تقدم نفسها التعاريف العامة للمنتج في التكهنات النظرية للإنتاج. و بحسب ذلك فإن المنتجات هي كل البضائع التي يتم إنتاجها، أي التي تنشأ عند كل عملية إنتاج اقتصادية داخل المصنع و بالكمية المرادة. بالمعنى الواسع لمفهوم الإنتاج يتم التكلم أيضاً عن تقديم الخدمات المعنوية، الموجّهة والقائمة بشكل مستمر على حالات فردية على أنها منتجات أو أجزاء منتج (متممات منتج). و عليه فإن الإنتاج هو توليد السلع المادية و الطاقة القابلة للاستثمار و تقديم الخدمات من خلال عوامل الإنتاج و التي تعكس جملة العوامل المساهمة في توليد البضائع المستعملة و الخدمات. بناءً على وجهة النظر الاقتصادية تكمن ضرورة الإنتاج في مقاومة و التغلب على قلة بل ندرة البضائع و الخدمات من أجل إرضاء الاحتياجات الإنسانية. في هذا المعنى فإن الإنتاج هو كافة العمليات التي تبدأ بتطوير المنتج و تستمر من خلال عمليات التصنيع و التجميع. في صورة المفهوم التقني يتم استخدام الإنتاج كمرادف لغوي للتصنيع و التجميع. و في هذا السياق يمكن التعبير عن مفاهيم أو استبدال مفاهيم تخطيط العمل أو تخطيط التصنيع من خلال مفهوم تخطيط الإنتاج. انطلاقاً من القدرة الهائلة لتقنية المعلومات يتم اليوم معالجة إجمالي أطوار تطوير المنتج و بشكل متزايد عن طريق استخدام الحاسب. نتيجةً لذلك يتم التكلم في هذا الإطار عن مفهوم المنتج الافتراضي، و الذي يعني المحاكاة الكومبيوترية لكل مراحل عملية تطوير المنتج، والتي يًُشار إليها كهدف استراتيجي لفلسفة التطوير الافتراضي للمنتج الافتراضي. إن تطوير المنتج يتطلب التخطيط الهادف و الممنهج و الشامل لإرشادات العمل و لاسيما إذا كان المنتج المراد ذو صفات معقدة. التطوير هو التقييم و التطبيق الموجهان بالضرورة للبحوث و الخبرات، و هذا يشترط وضع المعرفة الضرورية بشكل مستمر في متناول اليد. إن أساس تطوير المنتج هو مستوى معرفة شامل و دقيق حول الوظائفية و خواص و إمكانيات تشكيل المادة بالمعنى التكنولوجي و الجيوميتري. حيث أن إعطاء المادة شكلها النهائي يتطلب معطيات تكنولوجية و هندسية مفصّلة و التي يمكن تأمينها عبر عمليات الحساب التصميمي أو عن طريق الخبرات الصناعية أو عن طريق النواظم الوطنية و العالمية و كذلك عن طريق الإرشادات و التعليمات الموثقة. يستطيع الإنسان تقسيم التحول الطوري لمنتج ما و الموجه حسب السوق إلى الأطوار التالية: طور تقديم المنتج إلى السوق، طور نمو المنتج في السوق، طور نضج المنتج، طور الإشباع و كذلك طور استبعاد و ترحيل المنتج من السوق. إن الرؤية الإجمالية لأطوار المنتج تشمل بالإضافة لذلك الأطوار الفرعية التالية: بحث المنتج، تخطيط المنتج، تصميم المنتج، اختبار المنتج، تصنيع المنتج، تسويق المنتج، استهلاك المنتج، نشر المنتج و كذلك طور إعادة تدوير أو إعادة تصنيع المنتج.
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المدرسة و فن النفايات
-
تأسيس مصرف للتسليف البيئي
-
الخضر الألماني و تحالف التسعين
-
الاستثمار الأخضر للنقود
-
الكوسموس التكنونانوي و مخاطر التلوث البيئي ـ 3 ـ
-
تطبيقات التكنولوجيا النانوية ـ 2 ـ
-
الكوسموس التكنونانوي ـ 1 ـ
-
ـ 2 ـ الجامعات و الإيكوتكنوايديولوجيا
-
-1- الجامعات و الإيكوتكنوايديولوجيا
-
الأهمية البيئية للطاقة الهوائية
-
عالمية التأهيل الهندسي في عصر العولمة ـ الجامعة الألمانية نم
...
-
حول التعليم العالي في ألمانيا
-
السياسة البيئية ومهامها الأساسية
-
الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض
...
-
الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض
...
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|