أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شادية الأتاسي - صديقتي كريستين














المزيد.....

صديقتي كريستين


شادية الأتاسي

الحوار المتمدن-العدد: 5488 - 2017 / 4 / 11 - 15:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


صديقتي كريستين

في كل المرات التي كانت كريستين ، تأتي فيها لعندي ، كانت غالبا تبكي
وعندما تبكي كريستين يحمر وجهها ، وترتسم في عينيها نظرة حائرة ، كطفلة تعاقب على ذنب لاتدري ماهو
هي ليست طفلة ، هي امرأة كبيرة الآن
قد تكون حكاية كريستين /هنا/ حكاية عادية جدا ،ما بين أب أدمن الكحول وأدمن ضربها ، وأم اختارت اللامبالاة واكتفت بالصمت
وعندما بلغت كريستين الرابعة عشر ،أشهرت السكين في وجه والدها الذي اغتال طفولتها ،وغادرت المنزل .
وعندما عرفت الرجل ، لم تعرف الحب ،
وعندما عرفت الأمومة لم تشعر بها ،
وعندما ماتت والدتها ،التي لم تراها منذ غادرت المنزل ،قرأت خبر موتها من الصحف
تقول كريستين المدمرة نفسيا وعاطفيا ، وهي تبكي بحرقة ، انها لا تدري إن كانت تحب ابنتها كباقي الأمهات ،ولا تدري إن كانت تشعر بالحزن على رحيل والدتها

لكن الحياة ليست دائما على هذه القتامة ، أشرق الحب ذات يوم وقلب حياة كريستين ، أسمته الرجل الحقيقي ، اقتلع كل السموم التي التي عششت في قلبها وروحها ، وأعادها إلى المكان اللائق بها من الحياة ، وعندما سألتها ماذا يعني لها ،أجابت ببساطة أنه توأم روحها .
هذا الرجل كان عربيا ، وببساطة سوريا من ابناء بلدي ، يحمل الجنسية الأميركية ، من ضحايا هذه الحرب المجنونة التي تدور رحاها على أرض بلدي .
لكن هذا الرجل الذي أسمته كريستين بالرجل الحقيقي ، اختفى فجأة ، بحثت عنه في كل جهات الأرض ومغاربها ،نادت كل من تعرف لمساعدتها ، خاطبت كل المنظمات الدولية والإنسانية ،حتى استطاعت أخيرا أن تعلم أنه يقبع سجينا /سياسيا/. في أحد السجون الأميركية
تركت كريستين عملها ،وتركت كل شيء، و جندت نفسها من أجل مساعدة رجلها الذي أحبته،وجدت نفسها وحيدة ،الجميع تخلى فجأة عن هذا الرجل ، الجميع نصحها أن لا تقترب ،هو خط أحمر ، ممنوع الاقتراب منه ، ولكن مع دهشة محاميه أمام دأبها و قوة اصرارها ،أشفق عليها وأعلمها أنه قد حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات ،و ما عليها إلا أن تنتظر
ومن أجل هذا الرجل ، هي تتعلم العربية ،وتدرس القرآن ، وتعد الأيام لتكون معه وله ،

وفي كل مرة كانت كريستين تأتي لعندي ،كانت تحمل في حقيبتها بعضا من الأوراق المطبوعة ، هي رسائلهما الالكترونية ، الشيء الوحيد المسموح لهما ،تفردها كريستين أمامي باعتزاز ، تبتسم تلك الابتسامة المواربة ،فأعلم فورا الى ماذا تشير ، ارى التماعة عينيها وتورد وجهها ،وأشعر بنبضات قلبها ، رسائل أشتم منها رائحة حب تعبق مع رائحة المداد الأسود ، أكاد أرى ذلك الرجل الذي أشعر /بجيناته تكاد تتحرك في دمي/ ، في ظلام سجنه المرمي في براري مجهولة ،منكبا في زاوية مظلمة باردة ، ليكتب كلمات عشق رومانسية لامرأة بعيدة ، تنتظر على الطرف الآخر ، كلمات حب مجنحة ، تعبر سماء المحيط الحر ، تجتاز المسافات ،تتطاير منها الفراشات الملونة ، تفوح منها رائحة الحب ، ، كلمات صغيرة،كافية لأن تأوي إليها أحلام كريستين وتطمئن ،لأن تعطي تلك المرأة الشجاعة ذلك الدفق لتستمر في معركتها بالدفاع عن رجلها ، يقول لها:
صغيرتي ، وجودك يهبني الحياة ، ولولاه كنت انتهيت،
أنت من يعطيني القوة ، لأبقى مستمرا ،في هذا الظلام الدامس ،ابقي معي ، دعمك يدفئني

هذا الصباح ،أتتني كريستين ،وجنون الألم يصرخ في عينيها ، هو في /المنفردة/. الآن وربما يبقى بها ،حتى نهاية محكوميته
لم أكن أملك أي قوة ، لكي أهدئ من ألمها ، تركتها تتحدث وتبكي ما شاء لها الحديث والبكاء ،وذهبت بأفكاري بعيدا ، تخيلت هذا الرجل/ومثله الآلاف سواء أكان من بلدي أو من أي مكان آخر من العالم / ، محشورا في مساحة أقل من المتر ،يأتي عليه الصباح ،ويتعاقب الليل ،وتمر الأيام تليها السنون ، وهو هكذا ، ينتظر
افكر وأطرح أسئلة ربما هي بدون جواب ،
ليس أقلها تلك العناوين الجوفاء ، والمفردات الغبية ، الخالية من المعنى ، لكل كلمات العدالة والحق والحرية
ومضاداتها من مفردات الظلم والقهر والذل والغربة والاقتلاع ، وكل متعلقاتها
ذلك الشتات غير المتناهي ، الذي يهوم في أتونه أبناء بلدي ،باحثين عن خبزهم ونارهم في دهاليز ذلك العالم المتحضر /المعفن /
تلك الطرقات الوعرة التي / انبحتوا/. في مجاهلها ، تطويهم المسافات ,ويترصدهم الموت على أرصفة المنافي ا،يواجهون العالم بأحلام صغيرة ، و مشاريع مؤجلة ،وإيمان بريء
من بقي هناك ، وهوليس هناك
ومن جاء الى هنا وهو ليس هنا
سنبقى دائما بين، بين
ولن نعود أبدا كما كنا ،ولن نصبح أبدا كما نريد
وسيبقى العالم ، ينظر إلينا ، يشرب نخبنا ،متوجا على عرش من الدم



#شادية_الأتاسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتشكرني كثيرا
- سورية عبر السنين ، مقال مترجم
- نساء من سورية
- عيد حب مغمس باليأس
- ترجمة ،دير مار موسى
- في أعالي الجبال
- حكايتنا
- أحن الى هذه الوجوه
- في انتظار الربيع
- نحن الحالمون بالديمقراطية
- مابيننا أجمل
- حديث الغربة
- نحو حياة افتراضية حارة
- إيقاع المدينة
- حين يهطل المطر في باريس
- غربة
- حلم
- أطلال


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شادية الأتاسي - صديقتي كريستين