|
صرخات و طلقات
شريف مانجستو
الحوار المتمدن-العدد: 5487 - 2017 / 4 / 10 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما يدور فى خُلدى من أحزان و أوجاع فكرية ، بسبب غياب هدف قومى حقيقى للشعوب العربية فى الفترة الراهنة . فلقد أصبحت معظم عواصم العرب فى حالة من البؤس والشجن . – فى سوريا الوضع يندى له الجبين . حيث يوجد نظام بعثى أقرب لأساطير القتل والتنكيل والتعذيب المُستمدة من عصور أوروبا الوسطى ، المليئة بالقسوة والكراهية ، و يوجد أيضاً فى هذا البلد الزاخر بتاريخ عريق ، جماعات من القتلى ، ترفع لواء الإسلام ، وهى تفعل كل شىء مُناقض لهذا الدين السماوى الحنيف . وما القصف الأمريكى لمطار الشعيرات ، إلا تعميق لصراع دموى يعصف بالشام ، لصالح الإمبريالية الأمريكية و لصالح الدُب الروسى الشرس . – فى اليمن نجد عصابات الحوثى وهى تقتل و تحرق وفقاً لأجندة إثنى عشرية قادمة من إيران ، وذلك لفتح جبهة صراع مع السعودية فى حدودها الجنوبية . ولا أُخفى سراً ، فالسعودية أيضاً تورطت فى هكذا صراع بشكل مرفوض . فالشعب اليمنى يرزح فى حالة سيئة تحت وطأة الهجمات السعودية الجوية ، وذلك لتمكين شخص لا دور له سياسياً ، و هو عبدربه منصور هادى من حُكم اليمن . بينما الحوثى يستند إلى بعض القبائل الموالية لعلى عبدالله صالح ، والذى أطاحت به ثورة اليمن منذ سنوات قليلة . وكأن الماضى حريص على ألا يُغادر مضاجع القوم أبداً !!!. – فى العراق تجد قلوب القوم تتمزق خوفاً ورُعباً بسبب القتل الدائم والمتواصل بلا انقطاع ـ بين قوى رفضت التعايش و عاشت على الرفض . فالموصل أصبحت أشبه بمدن فرنسا التى حطمها النازى فى الأربعينيات . حيث رائحة الدماء تُحاصر الجميع ، و جماعات دراكولا المُسماة ” تنظيم الدولة ” حرقت ونهبت ثروات الموصل و غيرها من المُدن العراقية ، وذلك بعد سلسلة من التطورات الفكرية والتنظيمية حدثت لهذا التنظيم ، صعوداً من حيث مواجهة الاحتلال الاستعمارى الأمريكى ، و نزلاً لمطاردة الفتيات المُنتميات للطائفية اليزيدية ـ و استغلالهن جنسياً بشكل شهوانى لا يعرف للإنسانية طريق . و إن تحدثنا عن العراق فعلينا أن نبكى على وطن أُهدرت كرامته بفعل فاعل . فالعراق عاش الاستبداد و عاصر أسوء الأنظمة الديكتاتورية . وعاصر الاحتلال و من قبله عاصر الانقلابات و الحصار . و عاشت الطائفية بكل أشكالها القبيحة فى بلاد النهرين . و الآن نرى ونسمع يومياً عن مئات القتلى فى تبادل إطلاق رصاص وقصف و قصف مُضاد بين الحشد الشعبى ( المتورط فعلياً فى عمليات إبادة ) و بين العصابات التكفيرية ، ودائماً يدفع أثمان كل هذه الخطايا الشعب العراقى المسكين والبائس . و للأسف هذا البلد أصبح مرتعاً للصراعات الإيرانية - السعودية . فإيران فعلياً تحتل 4 عواصم عربية بلا منازع ، والسعودية تنشر فكرها الوهابى فى كل الأقطار العربية . وهذا الفكر يصادر الحريات و يُعادى الأقليات و يُمهّد لبقاء الانظمة الشمولية والملكية إلى الأبد . – فى مصر الوضع صعب ، ولكنه أقل صعوبة من عواصم عربية أخرى . فالصراع السياسى بين السُلطة الحاكمة وجماعة الإخوان المسلمين مازال مُستمر ، والجماهير مازالت بعيدة عن المُشاركة السياسية من بعد فض اعتصام رابعة العدوية و ما تبعه من أعمال عُنف و إرهاب . و الحالة الاقتصادية فى غاية الصعوبة ، والسبب هو حالة التضخم التى تُعانى منها البلاد ـ بالإضافة إلى أن السياسة النقدية التى اتبعتها الحكومة تنفيذاً - تطبيقاً لروشتة صندوق النقد الدولى ، دفعت البلاد دفعاً إلى محرقة الأسعار القاسية و المرعبة . حيث ازدادت الطبقات الفقيرة فقراً ، و غابت التنافسية الإنتاجية ، وذلك بسبب تدهور التصنيع فى مصر منذ 20 عام تقريباً . و للإنصاف لا أستطيع أن أتجاهل المشروعات التى تقوم بها الدولة من شبكات طرق و شبكات كهرباء ومدن جديدة و غيرها من المشروعات التى خففت نسبياً من وطأة البطالة ، وفتحت آفاق جادة أمام المُستقبل ، بالإضافة إلى الدور المقبول لهيئة الرقابة الإدارية فى محاصرة ومطاردة الفاسدين . لكن مازالت البلاد تعانى الغياب الحقيقى للسياسة فى التعامل مع الواقع . فالسُلطة ترفض المعارضة و تطارد أى صاحب رأى بشتى الطُرق ـ وهذا صنع احتقان واضح فى الشارع السياسى بدون شك . بالإضافة إلى حالة الضعف التى تعترى كل القوى السياسية فى مصر ، والتى استسلمت للسُلطة الحاكمة و لم تُقدم أوراق اعتمادها حتى الآن من بعد 30 يونيو . وهذا الاستسلام والتوارى داخل مقرات الاحزاب ، أراه سبب رئيس فى ضياع أهداف الثورة المصرية فى العدالة الكرامة . لأنه بدون عقول سياسية واعية وناضجة ، لن تنجح أى ثورة ـ ولن تتحقق أى مطالب . ومع استمرار استهداف الأقباط فى مصر ، من قِبل الجماعات الظلامية التكفيرية ، و استهداف رجال الشُرطة والجيش ، ستموت السياسة ، ولن نجد أى أمل فى التغيير و التنوير والتثوير . لأنه فى حال موت السياسة .. لا أمل مُنتظر حتماً . فالواقع الآسن يُحيط بعالمنا العربى . فالصومال تتألم من سيطرة جماعات أقرب لقراصنة البحار الهمج على المشهد السياسى هناك .
وفى لبنان هناك تشرذم حقيقى ، نتيجة تداخل الجغرافية السياسية مع الوضع فى سوريا .
وفى ليبيا الاحتراب الأهلى مازال على أشده ، ولا أمل فى حل سلمى قريب حتى الآن .
علينا أن نتفهم واقعنا بحرص . وعلينا أن نعلم أننا فى حاجة إلى التنوير وفلسفته . لكى نواجه صعوبات الواقع ، وننبذ التطرف والعُنف والقمع والإفساد . و أن نجعل فكرة التعايش هى الحاكمة والقائدة فى كل وقت . لكيلا يتحول مستقبلنا إلى قطعة من جهنم .
#شريف_مانجستو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يحتفل الإخوان المسلمين ببراءة مُبارك ؟
-
سيف البرادعى المكسور
-
الأغبياء
-
حقائق تأبى الغفلة ( 1-2 )
-
عالم عيال عيال
-
الحب من غير أمل
-
سماء سوريا مُحرقة
-
إسرائيل كيان إرهابى
-
لحن الأمل
-
طنط سامية شنن
-
شاطىء الحقد
-
عصام حجى .. بين الرغبة والهذيان
-
جمهورية تركيا الإخوانية المُتحدة
-
الصحة المصرية فى خطر
-
الإجابات السبعة لأسئلة يسرى فودة (2-2 )
-
الإجابات السبعة لأسئلة يسرى فودة (1-2)
-
المكارثية فى مصر
-
دونالد ترامب والمعسكر الديمقراطى
-
و انتصر القضاء المصرى على ثورة الشك
-
جماعة الإخوان المسلمين و بئر الخيانة
المزيد.....
-
عشية لقائه بنتانياهو.. ترامب: لا ضمانات لصمود وقف إطلاق النا
...
-
كيف ستكون سوريا الجديدة حسب الرئيس الشرع؟
-
سوريا.. رسوم جواز السفر مرتفعة
-
رحلة مصطفى جرّي من السودان إلى باريس
-
لبنان يشكو إسرائيل لدى مجلس الأمن بسبب القرار 1701
-
-حادثة معقدة وصعبة-.. عملية إطلاق نار شرق جنين تسفر عن إصابة
...
-
الصين تعلنها حربًا مفتوحة على واشنطن وترفع سورها العظيم في و
...
-
خطة ترامب لإنهاء حق المواطنة بالولادة: ما هي القوانين في بقي
...
-
ترامب يعلق تهديده بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا مع استم
...
-
الصفدي: جاهزون للعمل مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام العاد
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|