|
مغادرة المغرب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5482 - 2017 / 4 / 5 - 20:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بسبب ما تعرضت له من اعتداء عدواني وغاشم ، حيث أُدْخلت السجن بملف مزور ومطبوخ ، عنوانه " اهانة الضابطة القضائية " ، في حين انه ملف سياسي يصفي حسابات سياسية ، بسبب كتابات سياسية درجت على نشرها بانتظام ، وحيث أنّي تساءلت عن ما هي العلاقة السببية بين تهمة " اهانة الضابطة القضائية " ، وتضمين ملفي لكتاباتي السياسية ، لان السؤال . هل أنا أمام المحكمة بسبب تهمة " الإهانة " ، ام بسبب مقالاتي السياسية ، كاتبني بعض الإخوة عبر الميسانجير ، وبعض الإخوة الآخرين والأصدقاء الذين إلتقيتهم في الشارع ، حيث طلبوا منّي المغادرة فورا الى أوربة ، حماية لحريتي ، وتفاديا للاعتداءات العدوانية التي أتعرض لها على أيدي عبداللطيف الحموشي ، والشرقي ضريس . إني اقدر مواقفهم ، واشكرهم جزيلا على خشيتهم عليّ ، من أيّ مكروه قد أتعرض له حالا او مستقبلا . لكن السؤال : هل الخروج من المغرب هو حل ؟ نحن أبناء المقاومة وجيش التحرير ، حين كان آباءنا يناضلون ضد الاستعمار الذي احتل المغرب ، فذلك لكي نعيش فيه نحن كجيل ، وتعيش فيه بعدنا الأجيال اللاحقة ، والى أن يرث الله الأرض وما عليها . ان الخروج من المغرب ، وبهذه الطريقة ، سيكون خيانة لما ناضلوا من اجله ، وضحوا للبلوغ إليه آباءنا ، كما سيكون جُبنا وخوفا ، من مجابهة العدوانية ، والظلم المستشري في البلاد ، بدون حسيب ولا رقيب . لماذا أغادر المغرب وارحل عنه ؟ هل هو مغربنا ام مغربهم . إن أنا غادرته ، وغادرته أنت ، وغادره الآخر و الآخر .. فلمن سنتركه ؟ لهم وحدهم ؟ المغرب مغربنا ، هو لنا ونحن له ، هو منّا ونحن منه . نحن المغرب والمغرب ألنّحْنُ . فلماذا نتركه لهم ؟ ان الخروج من المغرب ، او مغادرته ، لن تؤثر فيهم بشيء . بل ستسعدهم ، وستدخل عليه الفرح والبهجة والسرور ، لأنه بمغادرتنا ، سيكونون قد تخلصوا منّا ، وممّا يسمونه بمشاكلنا . ان غادرنا مغربنا فارين مثل الأرانب ، سنترك لهم مغربنا ليعيشوا فيه لوحدهم بدون مشاكل ، لأنهم حين ينظرون إلينا باحتقار وازدراء ، يعتبروننا أصل المشاكل . إنهم حين يشاهدوننا نسير بأرجلنا فوق تراب مغربنا ، ونشغل حيّا من ترابه ، واقفين او متنقلين ، او ماشين على الأقدام ، ونحن ببساطتنا وطيبو بتنا نضحك ، ونتبادل الأفكار والتحية والسلام ، يستغيضون ، ويتنرْفزون ، لأنهم يكرهوننا حد التخمة ، لأنهم يعرفون انّ كرهننا لهم ، كمفترسين ظالمين ، وفاسدين ، وعدوانيين ، و حكّارة ، اكبر ، واكبر بكثير من كرههم لنا . إنهم الأقلية والقليلة ، ونحن الأغلبية الغالبة ، لأننا نحن الشعب . فهل هناك ارض بدون شعب ؟ . ان غادرنا ، ومغادرتنا ستفرحهم ، وستسعدهم ، سيكونون قد نجحوا في حرماننا من تنفس هواء مغربنا ، واستنشاق نسيمه العليل ، وسيكونون قد نجحوا في إبعادنا عن هموم شعبنا ، وهموم مغربنا . لذا يجب التمسك بالأرض ، بأرض المغرب ، ارض الآباء والأجداد ، لأنه بلدنا ، وليس بلدهم لوحدهم . نعم حياتي هنا في خطر ، لكن لكل اجل كتاب ، ولكل بداية نهاية ، ودوام الحال من المحال . لقد كنت مشروع تصفية جسدية من قبل مجرمين بسبب كتاباتي ، وبسبب رفضي للظلم والانبطاح ، والمجرمان هما ، المدير السابق لمديرية مراقبة التراب الوطني ، الغير المأسوف عن ذهابه ، عبدالعزيز علابوش ، و العامل عبدالسلام الزيادي الذي كان يشغل الشخصية الثالثة بوزارة الداخلية . لكن إرادة الله كانت ولا زالت أقوى وأعظم . مات المجرمان موتة ندعو الله ان يحفظنا منها ، وادعوه ان يُنزّل عليهما اشد العقاب ، وهما الآن في الآخرة ، أمّا أنا ، فالله أرادني أن استمر في الحياة ، وها أنا لا أزال مستمرا ، مناضلا ، لا أخاف في قول الحق لومة لائم ، وما بدلت تبديلا ، ولا لحست رجل احد ، أو ركعت لآخر . الموت حتمية وقدر ، وان كان سيأتي ، سيأتي بأجله ، وسيلاحقني حتى ولو غادرت المغرب فارا من الخوف . فإذا كان لابد منه ( أي الموت ) ، فمن الأفضل الموت فوق تراب المغرب لا خارجه ، ولأدفن في ترابه الذي ضحى من اجله آباءنا المقاومين ، وضحينا نحن من اجله لفائدة أجيالنا القادمة واللاّحقة . إننا نفضل ان نموت موتة الشجعان لا موتة الفئران ، كما نفضل ان نموت شامخين رافعين رأسنا إلى الأعلى ، مثل موتة الشجر ، لا ساجدين راكعين ، لان الركوع والسجود ، هو لله وحده الجبار القهار ، الذي سيقهرهم في الحياة قبل الممات . من هنا أدعو كل المناضلين الغيورين ، وأحرار وشرفاء الشعب المغربي ، التمسك بالمغرب ، والارتباط به ، وعدم مغادرته إلاّ للظروف القصوى ، كالتطبيب والعلاج ، او الدراسة . أما ما عدا ذلك ، فالمغادرة ستفرحهم وستسُرّهم ، وستُخلصهم من رؤيتنا ، كمشهد يشغل حيّزا من التراب الوطني ، ويتنفس هواء لو وجدوا القدرة ، لفرضوا علينا ضرائب من اجل استنشاقه . ان البقاء في المغرب ، والتشبث بالأرض ، والذوبان وسط الشعب ، هو فرض عين ،ف وواجب وطني ، لكل مناضل ، ووطني غيور ، ولكل شريف حر . النضال خارج الحدود ، لا ابخسه ، ولا اقلل منه . إن لكل مناضل ظروفه الخاصة . انه نضال له أهميته وقصويته ، وبفضل مناضليه ، يتم تعريف الرأي العام الأوربي والأمريكي ، بقضايانا وهمومنا ومشاكلنا ، وبالاعتداءات العدوانية المسلطة علينا ، والظلم الذي يتعرض له المناضلون بمختلف مشاربهم السياسية والإيديولوجية ، ويتعرض له شعبنا ، الذي يعيش في الفقر والظلم واللاّمساواة في الحقوق والواجبات . ان أفضل خدمة تقدمها المعارضة المغربية خارج الوطن للشعب المغربي ، هي تجنب التسطيح والتشكيك ، وتبادل السب والقذف ، والنقاشات العقيمة التي لا فائدة ترجى منها ، والتي تُباعد المواقف ، وتباينها ، بين الفرقاء السياسيين . ان أهم خدمة تسدد للشعب المغربي ، هي ان تحصل وحدة ، او على الأقل تنسيق بين المكونات السياسية بالخارج ، على ان يكون الهدف المشترك الإستراتيجية ، والاختلاف التكتيك . ان معارضة الخارج ، هي تكملة لمعارضة الداخل ، ومعارضة الداخل ، هي جزء من معارضة الخارج . الجميع من اجل الدولة الديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الإنسان ، والمساواة بين جميع المواطنين .
فلكل من يفكر في المغادرة . لمن ستتركون المغرب الذي يغلي ، والشعب الذي يتماوج ، والذي هو في أمس الحاجة إليكم ؟ المغرب يتحرك ، شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا . فأين ما فتحت أعينك ، ستجد الجماهير تتحرك ، رافضة للظلم ، رافضة للحكْرة ، رافضة للاستبداد والفساد ، ورافضة للعدوانية . الجماهير تتحرك في الريف ، قلعة المجاهد عبدالكريم الخطابي ، تتحرك في أقاليمنا الجنوبية ، قلعة المجاهد احمد العينين ماء الهيبة ، تتحرك في سوس العالمة ، قلعة العلامة مختار السوسي ، وتتحرك في كل المغرب ، قلعة الثوار ، المهدي بن بركة ، الفقيه محمد البصري ، عمر بنجلون ، محمد بوكرين ، عبدالله ابراهيم ، عبداللطيف زروال ، أمين التهامي ، سعيدة لمنبهي ، عبدالسلام المؤذن ، جبيهة رحال ، وكل شهداء حركة التحرر المغربية . ان علامات النصر تلوح في الأفق ، والظلم والعدوانية ، والاعتداء على الناس ، مهما بلغ أقسى درجاته ، فهو ساقط لا محالة . فاصبروا وصابرو ، ولا تقلقوا ، ان فرج الله قريب ، وما دامت لقارون ولا لفرعون ، حتى تدوم لغيرهما . لقد فشل كل شيء . فشل مسلسل التحرير ، وفشل مسلسل الديمقراطية . فشل مسلسل التحرير ، حين دخلت أزمة صحراءنا المغربية النفق المسدود . وفشل مسلسل الديمقراطية ، حين قاطعت جماهير شعبنا كل الألاعيب التي قدمت لها . ان مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة . لقد قطعتم الآن 999 خطوة ، ولم تبق لكم إلاّ خطوة واحدة لبلوغ الألف ميل الذي هو الدولة الديمقراطية . النظام مجبر خلال السنتين القادمتين على الدخول الحقيقي الى الديمقراطية ، وإلاّ سيفقد الصحراء ، وسيفقد سبب وجوده ، لأن كل السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء . والصحراء هي التي جنبت سقوطه في سبعينات القرن الماضي ، فهل إذا ذهبت ، واستمر في غيّه الديمقراطي ، سينجو هذه المرة من السقوط ، وخاصة وان الحرب حتمية ، في غضون السنتين القادمتين . فتمسكوا بالمغرب وبالأرض ، ولا تفرطوا فيهما ، لأنهما ملك للشعب المغربي .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رمي المناضلين في السجون بملفات مطبوخة
-
الإنفتاح المشبوه والاجماع المخدوم . انفتاح على الصدفيات واجم
...
-
التخلص من شخص عبدالاله بنكيران المزعج ، وتعويضه بشخص سعد الد
...
-
الديمقراطية ليست لعبة انتخابوية ، ولا مراجعة دستورية لدساتير
...
-
أما حان الوقت لحكومة الملك ان تظهر .
-
الثورة المهدورة والمجهضة
-
النظام الملكي اعترف بالجمهورية الصحراوية
-
تقرير لرصد ما جرى -- حين يطبخ النظام المحاضر البوليسية لتجفي
...
-
مؤسسة الحسن الثاني للشؤون الاجتماعية لرجال السلطة
-
ملاحظات سريعة عن خطاب الملك امام البرلمان
-
خلفيات تعيين البرتغالي انطونيو غويتريس امينا عاما للامم المت
...
-
من الفائز بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات .
-
لماذا يجب مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة ؟
-
الجمهورية الصحراوية ستصوت لصالح انضمام النظام المغربي الى ال
...
-
قراءة لتقرير المدعي العام لمحكمة العدل الاوربية بشأن اتفاقية
...
-
وجهة نظر تُعقّب على وجهة نظر
-
تحليل لخطاب الجلوس على كرسي الحكم - العرش -
-
بين العودة والانضمام وشرط الطرد ، النظام المغربي يجري جرية ا
...
-
هل اصبح النظام المغربي معزولا دوليا ؟
-
رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية السيد
...
المزيد.....
-
سوريا تطالب بانسحاب إسرائيل من مناطق سيطرت عليها بعد سقوط بش
...
-
الخارجية السلوفاكية تستدعي السفير الأوكراني وتسلمه -احتجاجا
...
-
لقاء مرتقب بين مبعوث ترامب ونتنياهو والجيش الإسرائيلي يسقط م
...
-
بسبب اكتظاظ السجون.. السويد تدرس ترحيل المدانين لقضاء عقوبات
...
-
السيسي ردا على ترامب: -لا يمكن أن نشارك- في تهجير الفلسطينيي
...
-
السويد تدرس إمكانية استئجار -سجون- في دول أخرى!
-
كانت في طريقها من دبي لموسكو.. طائرة -بوبيدا- الروسية ترسل إ
...
-
تقرير عبري يثير تساؤلات حول غياب سلاح الجو خلال الساعات الأو
...
-
أنباء عن مقتل ثمانية من أبرز قادة الدعم السريع في السودان
-
نائب روسي: الضغط على موسكو بخصوص أوكرانيا أسطورة من تأليف زي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|