أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمه يجيب على اسئلة الصحافة















المزيد.....


حواتمه يجيب على اسئلة الصحافة


نايف حواتمة

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:07
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاوره: أسعد عزوني
س1: من المعروف أنك أول من دعوت إلى الجنوح للسلم والتفاوض لحل القضية، إلا أن الوضع وحتى يومنا ما زال في الربع الأول رغم توقيع أوسلو وبناتها، ما تفسيرك لذلك ؟
المرحلة الراهنة التي ما زلنا نعيشها جميعاً، هي مرحلة التحرر وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، ومن تجربتنا في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ومن المخزون الثوري والنضالي والفكري لشعبنا والشعوب العربية وحركات التحرر الوطني في العالم أقول:
كل حركات التحرر الوطني التي نجحت اعتمدت قوانين في عملها، وفي مقدمة هذه القوانين أن تتوافق جميع التيارات والقوى على برنامج قواسم سياسية مشتركة، يستمد عناصره من فحص واستيعاب موازين القوى المحلية الإقليمية والدولية للتأثير فيها في خدمة تحرر الشعب والوطن، مرحلة بعد مرحلة. هذه هي فلسفة البرنامج المرحلي الذي تقدمت به الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وأصبح في حزيران/ يونيو 1974 برنامجاً لمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية والممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وتم إقرارها بقمة الرباط العربية (أكتوبر/ تشرين أول 1974) وعبرنا إلى الأمم المتحدة ودول العالم، بالسياسة التي تقوم على الحل المرحلي دون إسقاط أي من الحقوق الأساسية والمشروعة للشعب الفلسطيني، يتم حل التعارض بين إرادة وطموح الشعب الفلسطيني لإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة، وبين حركة موازين القوى المحلية والدولية.
هذه الخبرة التاريخية تؤكد بأن لكل برنامج مرحلي مهمات يلبيها، وفي اليوم التالي بعد إنجازه نجد أنفسنا أمام أوضاع جديدة تتطلب فحص الأوضاع، واستخلاص برنامج مرحلي جديد، هذه هي السياسة الناجحة التي أخذت بها كل حركات التحرر الوطني في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، من فيتنام إلى الجزائر وصولاً إلى الأمس القريب في جنوب أفريقيا.
وهذا يحتاج إلى درجة من النضج والتطور والثقافة الديمقراطية التي تنتج برنامج الوحدة الوطنية في مراحل النضال، وما زلنا نفتقدها في برنامج أكثر فصائل العمل الوطني على اختلاف تلاوينها.
وبالمباشر أقول أن أية عملية سياسية يعاد من خلالها بناء المفاوضات بعيداً عن مرجعية الشعب، والبرنامج الوطني المشترك، تصب في النهاية في خانة السياسات والإيدلوجيات المغامرة (الحلول الجزئية والصغيرة) والمقامرة (كل شيء أو لا شيء)، أو العبثية والتفريطية (حركات وجبهات الرفض العدمي)، وهذا زاد وسيزيد من معاناة شعبنا، ومن مظالم الاحتلال، ومن نهب الأرض الفلسطينية.
في حين أن انطلاق أية عملية سياسية، وبناء العملية التفاوضية على أساس برنامج القاسم الوطني الفلسطيني المشترك سيمكننا من تصحيح الأوضاع الداخلية الفلسطينية ـ الفلسطينية، وتقديم مشروع سياسي فلسطيني موحد له مصداقية أمام شعبنا أولاً، والمجتمع الدولي، والرأي العام العالمي، ويستطيع أن يفعل داخل المجتمع الإسرائيلي وداخل قوى السلام الإسرائيلية.
وبهذا نستطيع أن نضغط من أجل إعادة بناء العملية التفاوضية على أساس قرارات الشرعية الدولية، وإعادة التوازن والتزامن لخطة خارطة الطريق الدولية، ومنع أثقالها بالشروط الأربعة عشر الشارونية. نستطيع هذا مشروطاً بإعادة تأسيس الحالة الفلسطينية، وتدعيم البيت الداخلي الفلسطيني بأعمدة الوحدة الوطنية، وتوحيد مجموع طاقات الشعب الفلسطيني، لنعبر نحو مفاوضات جديدة تؤدي إلى سلام شامل ومتوازن، يقوم على بناء دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وإيجاد حل عادل لمشكلة الشعب الفلسطيني اللاجئ تطبيقاً للقرار 194، حتى نصل إلى حل شامل ومتوازن لكل عناصر الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. (راجع كتب حواتمه "أوسلو والسلام الآخر المتوازن" و "أبعد من أوسلو … فلسطين إلى أين ؟!" و "الانتفاضة ـ الاسعصاء ـ فلسطين إلى أين" الذي صدر الآن).
لقد سقطت أوسلو وغرقت في وحول السياسات الجزئية الإسرائيلية ـ الفلسطينية، لأنها لم تستند إلى أسس البرنامج المرحلي الموَّحد ولا إلى قرارات الشرعية الدولية، ولا إلى المظلة الدولية، ولا إلى إجماع واسع شعبي وسياسي فلسطيني، وبالتالي كان مرئياً لنا منذ البداية بأنها ستصل إلى طريق مسدود. نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة، أوسلو لفظت أنفاسها منذ ست سنوات، وهي كانت في حالة موت سريري منذ العام 1997، وبدل أن تنقذها الاتفاقات التكميلية زادت في بؤسها بؤساً.
المطلوب منا أن نتعلم من دروس خمسة عشر عاماً من السياسات الأوسلوية الظالمة والمجحفة بحق شعبنا، وخلاصة التجربة تقول: إن وقوف جميع القوى الوطنية والديمقراطية والسياسية والإسلامية الفلسطينية على أرضية برنامج القاسم الوطني المشترك، برنامج آذار/ مارس 2005 وتطويره الآن بعد الانتخابات الفلسطينية والأخرى الإسرائيلية (يناير/ مارس على التوالي)، وبناء المؤسسات التشريعية والتنفيذية الفلسطينية على أساس الائتلاف الوطني، هو ضمانة نجاح إعادة بناء العملية السياسية ومنها التفاوضية، بهدف تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية وخارطة طريق متوازنة بعيداً عن سياسة القنوات الخلفية للمفاوضات والاتفاقيات الجزئية والمجزوءة التي جربت عشرة سنوات هي عمر الرحلة الأوسلوية البائسة قبل أن تنهار، وبعيداً عن السياسة العبثية المقامرة كل شيء أو لا شيء، والتي جرى تجربتها 74 سنة فأعطت الكوارث من النكبة حتى ضياع الهوية الوطنية، والآن تطل برأسها من جديد تحت شعارات وإيديولوجيا مذهبية تفكك نسيج المجتمع الفلسطيني والعربي.
س2: رغم كل المستجدات والبراهين الدافعة ألا زلت ترى أنه بالإمكان إقامة سلام مع المحتلين الإحلاليين؟
الاستعمار الإحلالي جرى في الجزائر، جنوب أفريقيا، وتم تفكيكه بالجمع بين المقاومة والحلول السياسية العملية. هذا يتوقف على عدة عوامل للأسف هي غير محققة حتى الآن في الحال الفلسطينية، أولها العامل الذاتي الفلسطيني في إعادة بناء العملية السياسية والتفاوضية، وأساس ذلك استراتيجية فلسطينية موحدة تجمع بين خطي المقاومة والانتفاضة، وقيام مفاوضات ببرنامج موحد جديد وعلى أسس متكافئة، برنامج قاسم وطني مشترك، ومؤسسات ائتلافية تعبر عن التعددية السياسية الفلسطينية، وتحفظها كتعبير عن الديمقراطية ركيزة وحدة نضالات وحقوق شعبنا في الوطن والشتات، والعامل الثاني دعم عربي ودور فاعل ومؤثر على أرضية التمسك بمبادرة السلام العربية التي أقرها مؤتمر القمة العربية (بيروت ـ آذار/ مارس 2002، وأكدتها قمة تونس أيار/ مايو 2004) والجزائر (آذار/ مارس 2005)، وتفعيلها كأحد أسس الحل الشامل والمتوازن لقضايا الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، والعربي ـ الإسرائيلي.
ويمكن لهذا إذا تحقق أن يفتح على موقف دولي ضاغط على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل موقف أكثر توازناً حيال قضايا الصراع، ليكون ممكناً بعدها محاصرة السياسات التوسعية والدموية الإسرائيلية. هذا كله يؤسس لإعادة بناء العملية التفاوضية على أسس تكفل تطبيق قرارات الشرعية الدولية الداعية إلى حل في هذه المرحلة شامل ومتوازن، يحفظ حق شعبنا في دولة مستقلة كاملة السيادة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها القدس المحتلة، وتقرير المصير، وعودة اللاجئين تطبيقاً للقرار الدولي 194. مما سبق يستنتج بأنه لا يمكن الحكم على الأمور من منظار التفاؤل والتشاؤم، لأن المطلوب تثبيت أسس نجاح هذا النضال ضمن الإطار الذي ذكرته سابقاً.
س3: هَبْ أن أمريكا ضغطت على إسرائيل وخرجت صيغة حل ما، فهل تعتقد أن بقاء ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات يعمل على استدامة هذا الحل ؟
إن أي حل لا يمكن أن يمر وأن يكون شاملاً ومتوازناً بدون رحيل كل قوات الاحتلال من الضفة الفلسطينية، وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على كاملة الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 بما فيها عاصمتها القدس، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194 الذي يضمن لهم حقهم في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها في العام 1948.
شعبنا يعلن على الملأ بأنه يرفض كل مشاريع التوطين والوطن البديل والتجنيس والتهجير، وبأنه لا حل شامل بدون حل مشكلة اللاجئين من أبناء شعبنا، وتحصيلهم لحقوقهم في أرضهم وأرض أجدادهم، كما تنص على ذلك قرارات الشرعية الدولية، مع ملاحظة مفصلية حتى لا يكون هناك أي التباس، لأن تحقيق وتحصيل كامل الحقوق الوطنية المشروعة لا يعني التزامن بالضرورة، بل الترابط والتكامل، بل نناضل من أجل الدولة الفلسطينية المستقلة كي نبني عليها ولوجنا إلى مرحلة النضال القادمة، باستكمال انتزاع ما يتبقى من حقوقنا وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين، وهذا يدخل في جوهر وصميم مرحلة النضال على أسس ثورية وعلمية. الشعب الفلسطيني اللاجئ يريد حق التنقل والعمل، ولكنه يرفض التخلي عن وطنه وعن حقه في أن يحمل هوية هذا الوطن، ومن أجل هذا قدم كل التضحيات على مدار أكثر من مئة عام من الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني في فلسطين.
س4: المشهد الفلسطيني لا يرضى عدواً ولا يسر صديقاً، فما سبب هذا الوضع ؟
نحن ما زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني، ومشروع تحررنا الوطني هدفه انتزاع حقنا في بناء دولتنا المستقلة، وتقرير مصيرنا بحرية، وعودة اللاجئين من أبناء شعبنا إلى ديارهم تطبيقاً للقرار الأممي 194، ونخوض صراعنا في مواجهة أعتى دولة توسعية احتلالية.
إن غياب التحليل العلمي بروح العقل والعمل للحقيقة السابقة هو الذي أعاق مبادرات توحيد الصف الفلسطيني، لأن أي مدخل لأي عملية توحيدية فلسطينية يجب أن تبنى على حقيقة أن الحال الفلسطينية لا ينطبق حالها على حال ما بعد الاستقلال "سلطة ومعارضة"، بل يجب على الكل أن ينخرط في إطار السياق العريض لحركة التحرر الوطني، وضد التناقض الرئيسي الجامع للجميع، تجاه كل الشعب بكل حساسياته، أي ضد الاحتلال والاستعمار الاستيطاني للأراضي المحتلة، ونشير هنا بأن الوقوع في وهم أننا تخطينا مرحلة التحرر الوطني كما جرى من قبل قيادات الذين استحوذوا على السلطة أدى إلى سياسة انقسامية إقصائية، خاطئة ومدمرة على مساحة عشر سنوات عجاف من اتفاق أوسلو 1993، حتى اندلاع الانتفاضة الثانية في 28 أيلول/ سبتمبر عام 2000، وهذا يتطلب التصحيح لأن سياسة هيمنة الحزب الواحد أدت إلى فساد أجهزة السلطة الفلسطينية، وأكثر من ذلك إلى الانقسامات التي لا زالت تتوالى فصولاً سياسية ودامية في حزبها الحاكم، وعليهم أن يدركوا قبل فوات الأوان أن الاستحواذ على السلطة لا يشكل حلاً، ولن يشكل حلاً، والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة، وآخرها انهيار الدولة العراقية التي بنيت على الحزب الواحد، وكذلك مصير المحاولات الأخرى الانقسامية النازعة نحو احتكار آخر، وتحت شعارات إيديولوجية مذهبية مغامرة، فلن تقود إلاّ إلى النفق المسدود والمجهول المميت.
إن أعمدة نصر حركة تحررنا الوطني ترتكز على "الوحدة الوطنية وركيزتها: برنامج قواسم مشتركة، جبهة تحرير وطنية متحدة/ منظمة تحرير ائتلافية موحدة، المرحلية في النضال، الجمع بين "سلاح السياسة والمقاومة وسياسة السلاح"، "سلاح النقد ونقد السلاح"، بين الحلول السياسية المتوازنة والمشتقة من برنامج القواسم المشتركة، وكل الوسائل الممكنة، سياسة ومقاومة راشدة مسؤولة أمام شعبها والعالم في مواجهة نير قوات الاحتلال، وميليشيات الاستيطان، تحالفات إقليمية ودولية مع قوى التحرر والدمقرطة والتقدم وحقوق الإنسان، كما فعلت حركات التحرر من فيتنام إلى جنوب أفريقيا، بالاستناد إلى القرارات والقوانين الدولية" .
وتدلل الخبرة التاريخية بأن الثورات وحركات التحرر الوطني والاستقلال والتقدم التي ابتعدت وتراجعت عن قوانين النصر الأساسية المذكورة، حصدت الكثير من الأخطاء والتراجعات والتنازلات والكوارث، ووصلت إلى الجدار والنفق المسدود، والعديد منها وصل إلى الانهيار والفشل التام، وفي تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة منذ مطلع القرن العشرين (مسار ثورة 1936 ـ 1939 بدون برنامج ملموس وموحّد، رفض مشروع الدولة الموحدة ثنائية القومية 1939، النكبة الوطنية القومية الكبرى 1948، ضياع الهوية الوطنية الفلسطينية 1948 ـ 1964 وتشكيل منظمة التحرير، غياب البرنامج المرحلي حتى عام 1974، التدخلات العربية في الأوضاع الداخلية الفلسطينية، اتفاق أوسلو وتداعياته …) وحتى يومنا. وكذلك في تاريخ الثورات وحركات التحرر العربية، وفي بلدان العالم الثالث أمثلة صارخة موجعة ومأساوية على مصير الشعوب والأوطان.
س5: وافقتم على التهدئة في قاهرة المعز والتزمتم بها، لكن شارون واصل إطلاق النار، ما معنى ذلك ؟
نحن وبمبادرة الجبهة الديمقراطية في حوار القاهرة، وصلنا بالجميع وبين الجميع إلى برنامج وطني موحّد (17 مارس/ آذار 2005)، وليست فقط الهدنة كما أراد الذين اتفقوا ووافقوا على التهدئة منذ 8 شباط/ فبراير 2005 (ثلاثة فصائل برعاية الأجهزة المصرية).
نحن أشرنا منذ البداية إلى أنه لا يمكن أن تنجح التهدئة إلا إذا قدمت إسرائيل التزاماً واضحاً ومحدداً يتضمن وقف كل أشكال الأعمال العسكرية والاجتياحات، بما في ذلك وقف التصفيات الجسدية لقادة ونشطاء الانتفاضة الفلسطينية وإطلاق سراح أسرانا ومعتقلينا في سجون الاحتلال، ووقف هدم البيوت وتجريف الأراضي الزراعية، ووقف تهديم المنشآت الصناعية الفلسطينية وتدمير البنى التحتية للاقتصاد والمجتمع الفلسطيني، ورفع الحواجز العسكرية التي تقطع أوصال المناطق الفلسطينية المحتلة في الضفة وقطاع غزة، ووقف بناء جدران الضم والفصل العنصرية، وهدم الأجزاء المبنية منها، تطبيقاً لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، ووقف عمليات الاستيطان، وإلا فإن عدم توقف إسرائيل عن أي من الأعمال السابقة يندرج في إطار مواصلة العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني وأرضهم، وبالتالي يتطلب الرد عليه بكل أشكال المقاومة، ومنها المقاومة المسلحة الراشدة والمسؤولة أمام شعبنا والعرب والعالم، كما كفلتها شرعية الأمم المتحدة والمبادئ والأعراف الدولية. التكتيك الذي اعتمد من قبل الفصائل الفلسطينية كان صائباً وفضح العدوانية والدموية الإسرائيلية، وكان مطلوباً أن نعري هذه السياسة الإسرائيلية أمام العالم، ويهمني أن أؤكد على الفهم الصائب للمقاومة المسلحة، فهي ليست هدفاً قائماً بحد ذاته بل أحد أساليب النضال يخضع لما تتطلبه التكتيكات النضالية في كل مرحلة، المهم أن نبقى متمسكين بمشروعية ممارسة هذا الأسلوب النضالي ما دام الاحتلال الإسرائيلي يحتل شبراً واحداً من أراضينا ويرفض التسليم بحقوقنا الوطنية والمشروعة.
الغائب الأكبر عن برنامج اتفاق القاهرة هو عدم تنفيذ قرارات إعادة بناء مؤسسات السلطة، وإقامة نظام برلماني ديمقراطي تعددي، وإعادة بناء منظمة التحرير بمجلس وطني موحّد بقوانين انتخابية في الوطن والشتات وفق التمثيل النسبي الكامل، وعليه ضاعت على شعبنا وجميع حلفاءنا عربياً ودولياً سنة كاملة ذهبية استثنائية نتيجة لعدم تنفيذ قرارات البرنامج الموحد، والذي بقي حتى الآن على "الشجرة معلقاً بين الأرض والسماء" .
س6: ما تقديركم لغياب الرئيس ياسر عرفات، ولماذا لم تضغطوا للتحقيق في أسباب وفاته ؟
رحيل الأخ ياسر عرفات خسارة كبيرة لشعبنا، فهو أحد المؤسسين لحركة فتح، ومنظمة التحرير، وله إسهاماته النضالية الكبيرة في مسيرة الثورة. لقد اختلفنا في مسيرة النضال كثيراً واتفقنا كثيراً، لكننا لم نختلف على فلسطين. وفيما يخص التحقيق نحن كنا أول من طالب بفتح كل الملفات، وأول من أعلن أن الأخ أبو عمار رحل مسموماً، والضغط من أجل كشف الحقيقة، دعونا الأخ أبو مازن لتشكيل لجنة تحقيق فلسطينية ـ عربية، وأخرى دولية، لكن الملفات والجهات التي تمتلك إمكانية تحريكها معروفة وهي المطالبة بتوضيح الأمر، وهذا واجب عليهم.
س7: فك ارتباط بغزة، وكاميرا على المعابر، وعدم السماح بتشكيل الميناء والمطار، ومواصلة حرب الإبادة، وإقامة منطقة عازلة، ما تعليقكم على ذلك ؟
الخروج الإسرائيلي من قطاع غزة، وتفكيك بعض المستوطنات الصغيرة في شمال الضفة، وضع المسيرة الوطنية الفلسطينية على مفترق طرق، فلم يكن هذا الخروج أحادي الجانب قراراً إرادياً، بل كان خياراً اضطرارياً وجدت حكومة شارون نفسها مجبرة عليه بسبب تعاظم العبء الاستراتيجي والعسكري الأمني والمالي والديمغرافي، الذي كان يمثله القطاع بالنسبة "لإسرائيل". هذا العبء تفاقم في السنوات الأخيرة بفعل تصاعد الانتفاضة والمقاومة حتى باتت كلفة استمرار احتلال غزة أعلى مما تستطيع إسرائيل احتماله، لذلك جاء قرار الانسحاب من جانب واحد مما يجعله إنجازاً وطنياً فلسطينياً هاماً، يشكل ثمرة الصمود والمقاومة. فما جرى ليس نهاية معركة، وليس نهاية مرحلة، إنما بداية معركة وبداية مرحلة، فإيديولوجية الاستيطان الإسرائيلية بدأت تنهار وسقطت إلى الأبد نظرية التوسع الاستيطاني الصهيوني وشعارها "حدود إسرائيل حيث يصل الجنود"، و "إيديولوجيا حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل"، وهذه مكسب وطني كبير للفلسطينيين ولكل العرب، لكن يجب أن لا نبالغ في إطلاق التوصيفات الكبيرة على ما جرى، حتى لا نشيع أوهاماً، فالاحتلال الإسرائيلي انسحب من باطن غزة ليحيط بها من كل الجهات، وليحولها إلى سجن كبير، فالمعابر الحدودية ما زالت تحت سيطرته بالرغم من "اتفاق رايس" حول معبر رفح بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، وتفعيل "الممر الآمن" بين القطاع والضفة الفلسطينية بواسطة وزيرة الخارجية الأمريكية.
الآن رغم أهمية الخطوة التي تحققت، لا تلغي ضرورة أن نسجل مجموعة من الملاحظات الناقدة، فالسلطة الفلسطينية وهي تقدم تنازلاً في رفح وقعت في الفخ حين نجح الجانب الإسرائيلي وإلى جانبه الولايات المتحدة في تحويل القضايا ذات الطابع الإجرائي إلى قضايا جوهرية تحتل صدارة الاهتمام السياسي على حساب قضايا الحل الدائم، التي كما يبدو أرجئت إلى أجل غير مسمى، مما ينذر بتحويل الوضع الحالي في الضفة والقطاع ولفترة زمنية قادمة وطويلة إلى وضع دائم، وهذا هو الخطر الذي يجب التنبه له.
الاحتلال ما زال يحتل كل أراضي الضفة الفلسطينية، ويسارع في عمليات تهويد القدس، وتسمين المستوطنات، وفي بناء جدران الضم والفصل العنصرية، التي في حال اكتمال بنائها بجدرانها الثلاث "الغربي والشرقي والعمق" ستسرق أكثر من 58% من أراضي الضفة الفلسطينية، وتحولها إلى ثلاثة معازل مقطعة الأوصال، بما يمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة كما نصت على ذلك حتى خطة "خارطة الطريق الدولية"، معتمداً في محاولته هذه على الوعود التي قطعتها إدارة بوش بموجب الرسائل المتبادلة مع شارون في 14/4/2004، بأن يؤخذ بعين الاعتبار الواقع الاستيطاني الذي فرضته إسرائيل في الضفة الغربية عند رسم الحدود الدائمة، بحجة أن العودة لخطوط الهدنة لعام 1949 باتت أمراً غير واقعي، فضلاً عن شطب حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم وفقاً للقرار الأممي 194.
حين طرح شارون خطة الفصل الأحادية الجانب، حذرنا من الأهداف التي يتوخاها من وراء هذه الخطة، فهو يريد أن يعمي أنظار العالم، ويلهي الفلسطينيين عن مخططه التوسعي، حيث الأطماع الإسرائيلية الحقيقية في الضفة الفلسطينية والقدس.
ومنذ بداية الاستيطان في غزة كان واضحاً لنا بأن المستوطنات المقامة هناك وبعيداً عن الشعارات الشارونية "حكم نتساريم مثل حكم تل أبيب" (راجع كتاب حواتمه "الانتفاضة ـ الاستعصاء ـ فلسطين إلى أين ؟! …" كانت مجرد ورقة للمقايضة سيطرحها الإسرائيليون في مرحلة من مراحل التسوية، حيث أن استيطان غزة كان محكوماً منذ البداية بالغرق في بحر المقاومة والديمغرافيا الفلسطينية، ولذا منذ زمن رابين اكتشف ذلك، وعليه تمنى "أن يصحو يوماً وغزة شعباً وأرضاً قد غرقت في البحر".
إن الهدف الأبعد لخطة "فك الارتباط الإسرائيلية" هو أن يفرض على الشعب الفلسطيني بالأمر الواقع مشروع شارون السياسي الذي يعرف "بالتسوية الانتقالية بعيدة المدى"، وجوهر هذا المشروع "إقامة دويلة فلسطينية مؤقتة الحدود" تتشكل من عدد من المعازل المطوقة بالجدار والمستوطنات من كل جانب، هي أشبه بالبانتوستانات في ظل نظام التمييز العنصري البائد في جنوب أفريقيا، وهذا المشروع يتقاطع مع خيار ما يسمى "بالدولة ذات الحدود المؤقتة"، وتأجيل حل القضايا الجوهرية كالحدود الدائمة والقدس واللاجئين والمستوطنات والمياه، فالاستهدافات الخبيثة سواء المباشرة أو بعيدة الأمد لخطة "فك الارتباط" الإسرائيلية التوسعية، ليست رغم ذلك قدراً محتوماً مفروضاً على شعبنا، وكما اضطرت حكومة شارون إلى تفكيك مستوطنة نتساريم، رغم إعلانها مساوية في الأهمية لتل أبيب، فإن إحباط مخططاتها لعزل القدس وتمزيق جسد الضفة هو أمر ممكن ولكنه يتطلب أداءً فلسطينياً مختلفاً يستند على الإنجاز الذي تحقق في غزة، ويبنى عليه لإطلاق زخم متنامٍ لعملية نضالية وسياسية تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة، بما فيها القدس، وتفكيك المستوطنات والعودة إلى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967.
بهذا المعنى نحن نقف اليوم على مفترق طرق، فالظروف المعقدة والتحديات والمزالق الخطيرة المترتبة على الإخلاء الإسرائيلي لغزة وخطة "فك الارتباط"، والزلزال السياسي الكبير الذي حصل في الخارطة السياسية الإسرائيلية، كلها تملي تغيراً نوعياً جديداً ومختلفاً في الأداء الفلسطيني، يضمن مغادرة حالة الفوضى والتفرد والاحتكار والازدواجية في القرار، وعدم الوقوع في خندق الاحتكار الآخر بانتخابات 25 كانون أول/ يناير 2006، وضرورة انتخاب برلمان تعددي ديمقراطي، فهذا طريق النصر لكل حركة تحرر وطني ببلدنا وفي العالم، وبلورة استراتيجية وطنية موحدة، تكفل تناسق الفعل الوطني في مختلف المجالات، سواء على صعيد إدارة الصراع مع العدو المحتل، أو على صعيد البناء الداخلي، وهو ما يتطلب توحيد مركز القرار الوطني الفلسطيني، وتجديد شرعيته على أساس المشاركة الفاعلة لجميع القوى السياسية في عملية صنع القرار وفقاً لمبدأ "شركاء في الدم شركاء في القرار".



#نايف_حواتمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس سنوات على انتفاضة الحرية والاستقلال ..
- نايف حواتمه في حوار شامل مع صحيفة -الثوري- اليمنية :
- إعادة بناء وإصلاح مؤسسات السلطة ينقل شعار -شركاء في الدم شرك ...
- نايف حواتمه : المشهد الفلسطيني امام تحدٍ خطير
- شارون يقايض غزة بالقدس.. و قيادات حماس والسلطة مسؤولتان عن ف ...
- حواتمة في حوار شامل حول آخر التطورات في الساحة الفلسطينية
- الصهيونية و صناعة الكارثة
- يـــــوم الأرض وعد النضال المتجدد
- شباط الذكرى السادسة والثلاثين للانطلاقة المجيدة 22
- حواتمه في حوار يناقش الراهن الفلسطيني
- نايف حواتمة : اصلاحات أبو مازن تواجه امتحانا عسيراً
- المطلوب … خريطة فلسطينية موحدة لشعبنا
- نايف حواتمه يتحدث عن مرحلة ما بعد عرفات
- حواتمه ينعي عرفات
- - أرض أكثر ، عرب أقل -
- أيلول والوجع الفلسطيني المقاوم
- التحايل على الإصلاح الفلسطيني لعبة -روليت روسية-
- نحو حل وطني يوقف مسلسل أزمات السلطة الفلسطينية
- رسالة مفتوحة إلى الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائي ...
- الانسحاب الإسرائيلي من غزة


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمه يجيب على اسئلة الصحافة