|
متى يتحرر العقل العراقي ؟
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5478 - 2017 / 4 / 1 - 19:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو عنوان المقال غريبا ، وهو على شكل سؤال ، راودتني هذه الفكرة منذ سنوات ، حين ألتقي بعض العراقيين ، وأستمع للبعض الاخر عن بعد ، وأكتشف أن العقل العراقي مصادر ومختطف ومخدر ، ولاتوجد إرادة للانسان العراقي الا قليل منهم ، يعدون بالاصابع من بين ثلاثين مليون أو أكثر . تزداد حيرتي يوما بعد أخر ، وأنا أتابع حركة المواطن العراقي ، وأجده بين متناقض وخائف ومتردد ، وأخر لايدري وواقف على التل ويعبر عن حيرته . منهم من يأتي عندي ويشخص الخلل كما أشخصه أنا ، لكنه عندما يلتقي أتباع السلطة الدينية ، يتغيير وينقلب خلال لحظات ، ويتنكر لي ولكلامه الذي لم تمض عليه دقائق ، ويظهر عداءه لي ولامثالي أمام من يخشاهم ، على طريقة ( إشهدوا لي عند الامير ) . وقبل سنوات كنت أتحدث مع مجموعة من أتباع المذاهب ، وكان ممن يشتم رموز معينة حاضرا ، واذا به وبدون طلب من الالهة وأتباعها بالتصدي لاعداءها ، تصدي لي ولحس كلامه قبل أن يصلوا بدقيقة ، وعندما ذهبوا وشعر بالاطمئنان قال لي : إسمع أنا أعرف أن ماتقوله هو الصحيح والحق ، وأن هؤلاء ( أولاد كلب ) لكني جبان فلا تعول على نصرتي . قلت له : لماذا لاتقف على التل وتتركني في مواجهتهم ؟. قال : أخشى أن يقولوا : لماذا لاترده وتنصرنا وأميرنا ؟. أخر قبل عقدين من الزمن همس في أذني وهو إمام مسجد ، يأم الناس في الصلاة ، قال : والله عندي رغبة أن اسافر للغرب واكون نفسي لكني خائف .... سألته : هل خوفك من الله ؟. أجاب : لا ... الله رحيم غفور ، خوفي من ألسنة الناس ، سيقولون : لقد إنحرف ويشوهون سمعتي . الامثلة كثيرة على العبودية والاختطاف وعدم إبداء الرأي ، بسبب التبعية للموروث والمحمول الاجتماعي القديم وهو عشائري وسياسي وديني مذهبي . من العراقيين من يخشى يوما أن يحاسب فيه اذا دخل العراق ، هذا بالنسبة إلى من هم خارج العراق ، ويخشى على ( إرويتبه ) ان يقطعوه ، والاخير ربما نجد له عذرا ، لان سياسة التجويع والتركيع التي تتبعها السلطة السياسية والدينية في العراق هي القيد والسوط الذي يرعب الناس . هناك دعوات كثيرة لتحرير المرأة في الشرق الاوسط من ظلم الرجل والعشيرة والدين ، وكيف تباع النساء في بلاد العرب ، وإغتصاب القصر من الفتيات ، تحت ذريعة ( زواج النبي ص ) من ذات التسع سنوات ، والفصلية وهي التي تعطى مثل الفدية او الدية لمن قتل شخصا من عشيرة أخرى ، وتساق كالنعجة ووووالخ . سألت : كيف نحرر المرأة في عالمنا العربي ، ونحن الرجال لم نتحرر ؟. الرجل العربي وخصوصا العراقي ، لايستطيع أن يقول كلمته ، ويبدي رأيه ، خوفا من غضب المجتمع والعشيرة ورجال الدين ، وغالبية رجال العراق غير قادرين على إختيار زوجة بدون علم الاباء والامهات والاخوال والعمام ، فضلا عن آراءهم السياسية . حملات تجيهل الانسان العراقي مستمرة منذ قرون من الزمن ، خوف رعب إرهاب ، ومن الصعب أن تجد عراقيا أو عربيا ، يدلي برأيه بحرية بدون خوف . حتى على مستوى ( الكتاب ) هذه الايام على مواقع التواصل الاجتماعي ، لايجرأون على قول الحقيقة ، نجدهم يجتهدون في كتابة بعض السطور التي لاتخرج من قناعاتهم ، يحاولون إرضاء السلطة ، والسير في قطارها ، ولكل زمان كتابه ، ولكل حرب ومعركة أدبها . التوجيه الاعلامي خطير جدا ، التحكم ببوصلة الناس ، وصناعة الرأي العام ، وضبط إيقاعه على مسطرة وهوى القوى التي لها حاجة في توجيه الناس في الاتجاه الذي تريد ، وهو هذه الايام مشروط بشتم ( الصداميين والبعثيين والدواعش ) . وعندما تحاول أن تنصح من تعتقد أن لديه ( خامة من الوعي والثقافة وتظن أن عقله تحرر ) تتورط ، لانه عندما يستلم نصيحة لتقويمه ، وهو المتيقين أنه في الطريق الخطأ ، وسار مجبرا لا مخيرا مع العقل الجمعي ، وغير قادر على التنفيس عما بداخله من أفكار ، بسبب الخوف ، يتهجم عليك ، لانك هيجت ضميره ليأنبه ويوخزه وهنا تحصل المشكلة والقطيعة بإتهامك بإتهامات شتى . النقد مطلوب في جميع نواحي الحياة ، الادبية والسياسية والعقائدية ، ولم ينضج العقل العربي والعراقي خاصة لتقبل النقد ، على العكس من الشعوب الغربية التي تقدمت ونجحت . مسطرة ( الكتاب ) اليوم هي مسطرة القوى التي تسوق الناس كقطيع الاغنام ، ومن يشذ يتحول ( إلى خط أحمر لا يزوجونه ولا يسلمون عليه ولاتتم دعوته في عيد او صلاة جمعة ولا جماعة ) ويوصف بأنه يغرد خارج السرب . وعندما تستمع لعربي او عراقي ، تجده لايتحدث بقناعاته ولا بافكاره ( إن وجدت عنده الافكار ) بل يتحدث بما يمرره الاعلام من سموم تبث يوميا . هذه المواجهة لم تكن جديدة بين الفكر الظلامي وبين الوعي ، حيث واجه الانبياء والمرسلون الناس الذين يستخدمهم الطغاة ( ملوك وفقهاء ) كأسلحة في وجه أي منقذ أو محرر لعقولهم ، ويريد العدل والمساواة ، وكذلك الفلاسفة واجهوا الامعات الذين أرادوا تحريرهم ، قال لهم من يضطهدهم : إن هذا النبي او الفيسلوف ، يريد أن يسلب منكم النعمة التي أنتم عليها ، فتهب العامة لقتله ، واليوم يقولون لهم : حافظوا على نعمة الدين والديمقراطية ، ولا تسمحوا للاعداء أن يسلبوها منكم . واجه الجواهري العظيم الفكر الظلامي عام 1929 ، عندما رفض رجال الدين أن تتعلم المرأة العراقية ، وكتب وأنشد قصيدته ( علموها ) وبعد أن اصروا على تجهيل المجتمع أردف بقصيدة أخرى ( رجعيون ) . وكذلك واجه المرحوم علي شريعتي الفكر الظلامي وكانت النتجية تصفيته جسديا . فمن يريد تحرير المرأة ، عليه أولا تحرير الرجال من الظلم ، وتحرير عقولهم ، مثلما فعلت الشعوب الاوربية ، وتخلصت من سلطة الكنسية . بعد عقود من الزمن أيقنت فعلا ، أن الدين أفيون الشعوب ، بل سلاح فتاك وقاتل ، وليس سهلا التحرر منه ، وهو ليس إلحادا بل وعيا سياسيا ، ولا اقصد هنا دين محمد ص ، بل الاديان والمذاهب التي إختطفت فكرة الله والانبياء وسجنت كل شيء في سراديب رجال الدين ، فهل يخرج في هذه الامة مثل ( مارتن لوثر ) الذي ترجم الكتاب المقدس الى الالمانية ووضع كل أوربا على طريق الحداثة والثورة ؟. ننتظر .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الترحم على الحصة التموينية
-
بشراء الاصوات والذمم سقطت الدولة العراقية
-
ظاهرة دونالد ترامب
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
-
إنقراض الدولة العراقية
-
أبناء بريطانية العظمى في العراق
-
مهندسو الخراب في العراق
-
التبعية
-
( صلاة الواو بين النافورة والجسر )
-
المقدس في حياة الناس
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
المزيد.....
-
ماذا قالت هيلاري كلينتون عن تعرض ترامب لمحاولة اغتيال ثانية؟
...
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
إسرائيل توسع أهداف الحرب بعد تلويح جديد بالخيار العسكري ضد ح
...
-
هذه الأسلحة ستكون أشد فتكا من الأسلحة النووية والعالم يتسابق
...
-
-لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن- هاريس-.. ماسك يحذف منشورا أث
...
-
واشنطن: التحقيقات الأولية بشأن عائشة نور لا تبرئ إسرائيل
-
نتانياهو يوسع أهداف حرب غزة
-
-الاعتراف بحكومة صنعاء-.. مسؤول أميركي يصف تصريحا للحوثيين ب
...
-
مثول المتهم بمحاولة اغتيال ترامب أمام محكمة فيدرالية
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|