سامي شقير
الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:02
المحور:
الادب والفن
شُدّت من ثغر أسماها فيروز ، نطقت بشعرٍ على صدى الأنغام تربّع، خط حروفه بإحساسها ،
أغمضت عينيها وأطلقت من نفسها نفساً حياً، تنبض، تتنفس، تعبر بحار الصمم ، تخرق عتمة السكون،
تهمس بصوتٍ، تدغدغ الأجفان بنبرةٍ ، ألقت دموعاً حية، دموع تبكي وتضحك، دموع وأحاسيس هي لباقية
وخالدة في عقولنا ونسج أنفسنا وعمق قلوبنا .
هي غذاء للروح ومتعة للجسد، وارتقاء للنفس ، وحياة للقلب ، تعيش بيننا وتعتاش بنا، تقطر من فمها
السرمدي أنغاماً تصب بأذاننا فتصدع قلوبنا...
هي فيروز، أمُّ الأصوات ، أمُّ أنفسنا ، أمُّ لبنان ...
كزهور على التراب رمت نفسها ، وأصغت إلى أرضٍ تصرخ وتشيد لها ، أرض سقتها أنغامها فأنبتت
صوت عصفور يعزف على الناي بتنهداته، نام على صدرها واعتاد على طهر قبلتها، قبلة غنتها لكل الأرض ،
وكل نفس وكل قلب ، فأثمرت فينا حباً وثورة ، صمتاً وغضباً روحها راسلت أرواحنا ببريدٍ ماهو إلا آثار
صدق نفوسنا، سلام الروح هي ، كلام الصمت هي ، على أعتاب قلوبنا تقف ، لتحرس النقاء فيها...
إنسانة ! إذا ما وقفت في ظل البحر شكا لها مافي دار قلبه من دور قلوب البشر ، فارتمى باكياً دموعاً مالحة
ذنوب المقل. أحاسيس متشعثة تجمع نفسها من أشلاء قلوب ، ومن رفات أجدادٍ صنعت للأرز خلوداً ،
لتنقش نفسها على صخور وتنظم نفسها قصائد أبدية .
قلنا وما قلنا وما شبع الورق حبراً ، لعلّ أبهى ما يمكن أن تفعله أقلامنا هو السجود لها ، والاستماع إلى
شعرها بصمتٍ ، فما الكلام سوى نفحة في أعاصيرها التي تبني صمتاً أبلغ من أبلغ لغات الأرض، صمت النفوس.
وبالحق أحلّفك ياقلمي أنها أمُّ نفسي...أمُّ الأصوات ... أمُّ لبنان
#سامي_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟