سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1437 - 2006 / 1 / 21 - 08:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا أفهم لماذا تحب الحكومة أن تضع نفسها - في كثير من الأحيان - موضع الشبهات؟
أقرب هذه الأمثلة حكاية حاملة الطائرات الفرنسية »كليمنصو«.
حاملة الطائرات هذه لا تحمل طائرات كما هو الواضح من اسمها، وإنما تحمل نفايات ومخلفات خطرة تجوب بها البحار والمحيطات من أجل التخلص منها بعيداً عن الأراضي الفرنسية.
أما علاقتنا بحاملة المصائب والنفايات الخطرة هذه فينحصر في أن خط سيرها يمر بقناة السويس.
ورغم أن قناة السويس ممر مائي دولي، فإن هذا لا يعني أنها مستباحة يمر منها من يشاء وقتما يشاء حاملاً ما يشاء.
وبالتالي فإن من حق مصر أن ترفض مرور أي سفينة يشكل وجودها في قناة السويس خطراً علي مصر.
وبهذا الصدد تضاربت التصريحات والمعلومات.. فتارة يخرج علينا »مصدر مسئول« بتصريح يقول إننا في انتظار وصول أوراق تؤكد لنا أن حمولة السفينة لا تشكل تهديداً للبيئة المصرية، وتارة أخري نفاجأ بتصريحات مناقضة لذلك.
وهذا أمر غير مقبول، وسلوك بيروقراطي يسيء إلي بلادنا، ويضع حكومتنا في وضع بالغ الحرج حتي لو كانت بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
والأخطر.. أن حكومتنا ليست مطالبة فقط بطمأنة الشعب المصري علي أن مرور هذه السفينة ليس خطراً عليه، بل هي مطالبة أيضا - بل وقبل ذلك - باتخاذ موقف حازم وحضاري ضد تجارة المخلفات والنفايات السامة التي يسعي الغرب الغني، والأناني، إلي إبعادها عن أراضيه - رغم أنها من صنع يديه - ودفنها في بلاد »الغلابة« في العالم الثالث.
وليست هذه مجرد قضية أخلاقية، بل هي مسألة قانونية أيضا طبقا لشروط معاهدة بازل الخاصة بالنفايات الخطرة.
يضاف إلي ذلك أن أهالي ميناء ألانج في الهند قالوا علي الملأ وبأعلي الصوت إنهم يرفضون استقبال حاملة السموم الفرنسية ويرفضون دفن هذه النفايات الخطرة في أرضهم، ووقف مع هؤلاء الأهالي كل المدافعين عن البيئة في العالم، فلماذا نشذ نحن عن هذا الاجماع؟ ولماذا تكتفي حكومتنا بالتمسح السخيف في المعلومات الواردة في أوراق السفينة الفرنسية، والتعلل بما إذا كانت تؤكد أو تنفي خطورة الحمولة المسمومة.
إن موقف مصر يجب أن يكون أكبر من ذلك وأن يكون رفض طلب مرور »كليمنصو« في قناة السويس ليس فقط من باب الحفاظ علي مياهنا الاقليمية، وإنما أولا وقبل كل شيء، أن يكون من باب الحرص علي التطبيق النزيه لمعاهدة بازل بصفتنا شركاء فيها، وباعتبار أن الحد الأدني لدور مصر الحضاري هو المساهمة في حماية باقي شعوب العالم من هذه السموم وتلك النفايات الخطرة.
هذا هو دور مصر الذي لا نطالب حكومتنا بأقل منه.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟