|
23 مارس ، بين ذاكرة الحاضر وعمق خلود تاريخ الماضي
ناصر إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 21:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في القراءة الأركيولوجية من منظور سياسي لمضمون العلم الذي يهتم بالظواهر التراتية ، والتنقيب في تراثيتها وأسباب تطورها عبر التاريخ، سنبتعد من تلك النظرة الرومانطقية، الى تصور منطقي جدلي ينجلي في عمق ذاكرة شعب بصم بمداد من فخر في قلب التاريخ بتضحيات جسام ، تتجلى في انتفاضات شعبية عارمة ، تتخد في غالب الأحيان طابع العفوية وإن في حد ذاتها تبلور جنيني للوعي الثوري بحد وصف الرفيق لينين. والجلي للذكر أن وقفة التاريخ لهذه المحطة التي إعتبرت خطا فاصلا بين قطع فيه الشعب المغربي الحبل السري لبعض الأمساخ الفكرية والسياسية التي كانت تتغنى بالثورية في تمظهر زمني معين، لتنقلب على أعقابها في مرحلة أخرى عكس ما كانت عليه من ذي قبل. ليتخذ التحليل مساره العلمي الجدلي ، لابد أولا في أول من سرد كرونولوجي لمسار الإنتفاضة المجيدة 23 مارس 1965، وتحين القارئ على الجذور التاريخية للمسار العام لهاته الخطوة البطولية المجيدة التي خطى فيها الشعب خطوات كبرى في مساره التحرري وإن والها الفشل، لكن كما يقال يشاع فالفشل ليس نهاية الطريق، لكن بتعبير سياسي محض إن هذا الذي يمكن وصفه بالفشل ليس إلا تقيم مفصلي لمسار الحركة الجماهيرية من دون بوصلة سياسية وأيديولوجية تستند إليها،وبطبيعة التحديد الحزب الثوري المستند للنظرية العلمية والعملية الماركسية اللينينة. فالهيكلة التنظيمية والسياسية للبنية التي كان النظام القائم بالمغرب في تلك الفترة والمرحلة الجنينية التي كان يعيشها فرضت عليه عدة خطوات ، كان الهدف منها إستكمال البناء التنظيمي للنظام القائم وكذلك تجسيده العملي للأوامر المملات عليه من طرف أسياده الإمبرياليين بوصف مجرد كلب حراس أمين على مصالحها السياسية والإقتصادية في النقطة الإستراتيجية التي يتمركز جغرافيا فيها المغرب. فأبرز خطوة في مسار إنتفاضة 23 مارس ، كانت بعد إعتلاء الكمبرادور الحسن السفاح العرش سنة 1961، والفكر الدكتاتوري الغاشم الذي جاء به ، والمستند فقط إلى منطق الحديد والنار كحل لأي مسألة تهدد حرمة النظام القائم . ونذكر في هذا مسلسل الإغتيالات التي دشنه الحسن السفاح في حق ما بقي من شرفاء هذا الوطن، بدءا من أعضاء المقاومة المسلحة وجيش التحرير، ليليه مسلسل التجويع والتفقير في حق الجماهير الشعبية مما سيخلف عواقب وخيمة . ولأنها حتمية جدلية فتراكم التناقضات في قطب معين بدهي من أن يفضي إلى قفزة نوعية يمكن أن تتخذ عدة أشكال، كان لها الشكل التعبيري في إنتفاضة 23مارس 1965 بصورة سخط عارم على واقع الإضطهاد الذي يعيشه الشعب المغربي في كافة المجالات، فالبوادر الأولى للإنتفاضة بدأت من الطرد التعسفي للعديد من عمال معامل السكر أزيد من 10000عامل، أضف إليه النقطة المفصلية في كل ذلك وهي القرار المجحف لوزير التربية والتعليم أنذاك ، وهو عباس تعارجي المفضي الى حرمان العديد من أبناء الشعب من حقهم المقدس في التعليم وذلك بتحديد بمنع من تجاوز عمره 17سنة من التعليم الثانوي، و14 سنة من التعليم الإبتدائي. لتجابه الجماهير التلاميذية هاته المخططات التصفوية بالإحتجاج كشكل تعبيري يبن مدى السخط على هذا الأخير، لتكون مدينة الدار البيضاء بؤرة الإنطلاق للإنتفاضة في شكلها الجنيني لتعم بعد ذلك النار في الهشيم ويتخرج كافة المدن المغربية من تلاميذ ، طلبة ، عمال، فلاحين لتعبير عن مدى السخط العارم على الواقع المعيشي المتردي ، مما سيقض من مضجع النظام النظام القائم ، ويجعل الرصاص الحي في وجه الجماهير الشعبية الإجابة الوحيدة لوقف زحفها، مما سيسقط عنه ألاف الشهداء والشهيدات، أزيد من 1500 شهيد/ت، كان فيها الإبن والأب لترتوي الشوارع بدمائهم الزكية وتنبت سنابل الحرية لغد الفجر الآتي. لكن في ذاكرة إنتفاضة 23مارس كان هناك درس نقش على صفحات التاريخ وهو تخاذل أحزاب البورجوازية الصغيرة التي كانت تتغنى بالثورية وتتبجح بالجمل الثورية ، لتكون ، أكثرما تكون ، مرض الأحزاب الثورية عندما تحقق هذه الأحزاب بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، الإتصال ، الجمع، الدمج بين العناصر البروليتارية والبورجوازية الصغيرة وعندما بين مجرى الأحداث الثورية إنعطافات كبيرة وسريعة. وكما يصفها لينين في هذا الإقتضاب البسيط من أحد مؤلفته تحت عنوان ‘‘بصدد الجملة الثورية‘‘ وهو ما أشرنا به سالفا. وكما أشرنا إليه بخصوص تخاذل أحزاب البورجوازية الصغيرة (الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ، الحزب الشيوعي المغربي…) والتي ذهبت لحد المساومة على دماء الشهداء لغاية في نفس يعقوب، لكن غاية يعقوب تلك كانت إطلاق سراح معتقليهم الذين اعتقلوا في مقاطعات ‘‘دستور‘‘ 1961. ومن هذا يتضح بجلي العبارة مدى تذبذب الممارسة السياسية للبورجوازية الصغيرة ، والتي تتكف بين كفتي ميزان القوى مركزا تترنح فيما بينهما. وليكون للحديث منحى آخر عكس منطق السرد الكرونولوجي ، لابد من يدري سعد كيف تورد الإبل، وهي أنه ضروري من تجاوز وضعية الشطط الذي تعيشه الحركة الشيوعية المغربية خاصة، والعالمية عامة. ولنفتح باب النقد والتوجيه لمسار الفكرة المشار إليها في المساهمة الفكرية المتواضعة هاته.
#ناصر_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|