أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح كنجي - عن الرحلة الى الوطن















المزيد.....


عن الرحلة الى الوطن


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 5464 - 2017 / 3 / 18 - 19:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عن الرحلة الى الوطن
الى صديقي حكمت ..

1
في الثالث من شباط الماضي شددت الرحال من جديد للسفر نحو الوطن .. كنت قبل ان اقطع تذكرة السفر من كوبنهاكن الى اربيل مباشرة افكر بما يمكن أن احققه في هذه الزيارة.. التي فرضت علي فرضاً بحكم استدعاء الكثير من العراقيين لعمل بطاقة ذكية..
هكذا يسميها رسمياً اللصوص المتنفذون.. الذين يتحكمون ليس بالسلطة وحركة رأس المال بل حتى بمفردات اللغة المتداولة.. التي تفسح لهم حرية اختيار واطلاق التسميات الجديدة على الأشياء المتداولة.. واحياناً تتعداها لتسميات ماضوية .. يجري خلالها استخدام مفرادت جديدة لها.. كما هو الحال مع الدفتر ..الشدة ..الطابوكة ..البلوك.. التي اصبحت تحمل مضموناً جديداً يعبر عن قيمة اقتصادية رقمية متداولة في الأوساط المالية والتجارية والشعبية .. ناهيك عمّا تفرزه الثورة العلمية التكنولوجية من مفردات تدخل في قوام لغات الشعوب ..
في كل مرة ازور فيها العراق اشعر بالمزيد من الحرج في الدوائر الرسمية امام مفردات يستفسر عنها الموظفون وهكذا كان الحال معي في هذه المرة ايضاً ..
في بغداد العاصمة التي وصلتها براً بعد فراق دام أربعة عقود بسيارة تكسي ليلاً من دهوك عبر اربيل .. كركوك .. طوزخرماتو ومن ثم ديالى مروراً بتكريت .. وبعد استراحة قصيرة في احد المطاعم مع رتل من شاحنات كبيرة تنقل الاسمنت وهي تتجه لبغداد.. التي دخلناها دون عوائق او منغصات في السادسة صباحاً.. تسير بنا نحو فندق المنصور الذي اختاره شقيقي كفاح بحكم معرفته وخبرته بأجواء بغداد.. بالإضافة لقربه من محلات الأصدقاء الذين يعملون في بغداد من اصحاب النوادي والمشروبات الذين تكفلوا بتسهيل مهمتنا قدر المستطاع..
ها نحن في بغداد .. بغداد التي وصلناها مع الساعات الأولى من الصباح.. حيث حركة السير السلسلة دون زحام او توقف اوسيطرات تفتيش .. ما عدا التي كانت في مدخل ديالى ـ بغداد .. التي نزل منها السائق لدقائق حاملا وثائقنا وبعد اقل من خمس دقائق عاد ليواصل قيادته للمركبة دون توقف نحو الفندق المتفق عليه ويغادرنا فوراً بعد ان استلم اجوره من كفاح ..
بعد الاستحمام قررنا ان نستثمر الساعات المتبقية من نهار ذلك اليوم.. مشينا رغم صعوبة السير بالنسبة لي من جراء آلام الروماتيزم بين المحلات ..دخلنا مطعماً كانت ملامح النظافة تبدو عليه.. في الليل دعانا الصديق حكمت الى جلسة سمر في احدى محلاته في البتاوين .. كانت الصالة السفلية معبأة .. في الطابق الثاني جلسنا معه بمشاركة اصدقاء آخرين.. كان حديثنا الاول عن البارات والمشروبات والصعوبات التي تكترث العاملين فيها ..
حدثنا بحكم معرفته.. بالأرقام ان بغداد فيها الآن اكثر من (250 ) باراً ومحلا للمشروبات .. كان الرقم صاعقاً لي .. كنت اعتقد بحكم ما يترشح من معلومات عن بغداد ان عدد النوادي والبارات لا يتجاوز عدد اصابع اليد .. لكن حكمت ايقظني من الوهم.. وأكد لي انّ مجتمع بغداد لن يتقبل مهما كانت الضغوطات وضعاً لا يفسح للحرية الشخصية فيه مساحة تتناسب مع الكأس وضرورته للناس في اجواء بغداد .. واضاف ان عدد البارات والمحلات والنوادي في ازدياد .. قلت هذا مؤشر ايجابي يعكس اصراراً من البغداديين على التمسك بذيول الحرية .. هذا هو المطلوب وهذا ما يجب ان يكون .. كنا في ليلة الاثنين ..
قال لي حكمت.. سترى يوم الجمعة القادم ما لا تتوقعه سأصحبك الى المتنبي .. بين الاثنين والجمعة كانت لنا ثمة نشاطات تجسدت في مراجعة دوائر الدولة للحصول على وثائق عراقية التي لا املك منها اية وثيقة ..
الباسبورت لم احصل عليه لحد اليوم بالرغم من دخولي العقد السادس من العمر .. الجنسية العراقية الصادرة عام 1974 من الموصل باتت قديمة لا تعترف بها دوائر الدولة.. كنت قد ارسلتها للتجديد لكن الدواعش اخذوها .. فيما اخذوا من ممتلكات ووثائق من بيت ابن عمي في بحزاني و بعشيقة بعد سقوط سهل نينوى في السادس من آب 2014 .. هوية الاحوال المدنية هي الاخرى قديمة تحتاج للتجديد ..
توجهنا صباح الاثنين مبكرين بالتنسيق مع صديق له معرفة بدوائر الدولة.. مصطحبين معنا الصور وبقية المستلزمات المطلوبة.. في المقدمة منها هوية الاحوال المدنية العتيدة.. التي كانت الوحيدة تثبت شخصيتي وتؤكد عراقيتي.. بالتالي تفسح لي الطريق للحصول على بقية الوثائق المطلوبة.. كنت أأمل اخراج الباسبورت والجنسية العراقية وفقاً للاتفاق الذي ضمنه صديقنا مع أحد الضباط العاملين في جوازات الاعظمية من اهالي الموصل .. كانت المفاجـأة الأولى.. استفساراً لم افهم منه شيئاً بحكم المتغيرات اللغوية التي تحدثت لكم عنها في المقدمة ..
سألني الضابط الذي استلمَ الملف .. اين سجلت دخولك الأمني؟ .. لم افهم شيئاً منه.. بقيت كالغبي يضرب اخماساً في اسداس امامه.. وهو يتطلع فيَ كالأبله منتظراً الجواب .. حينما كرر سؤاله قلت له اي دخول أمني تقصد؟ .. أنا لا افهم شيئاً من سؤالك!! .. ما المقصود بالدخول الامني؟.. قال لي متشاطراً بذكاء يحسده عليه انشتاين .. حضور امني .. يعني حضور أمني !! .. هكذا فسر الماء بالماء كما يقول المثل ضاناً منه اني سأفهم المقصود بالحضور الامني!! ..
طلبت من الصديق الذي رافقني التدخل وانهاء معظلة الدخول الأمني واوضحت له.. انا لا افهم المقصود منها .. اوضح لي المقصود منها التدقيق .. تدقيق الوثائق والاسماء بالكمبيوتر قبل الدخول الى بغداد من باب التحوط الأمني بحثاً عن الارهابيين ..
قلت له لم اجد شخصاً في السيطرات ..ولم يستوقفنا احد.. ولم اشاهد كمبيوتراً واحداً في المعابر .. كل ما شاهدته طابوراً من الشاحنات التي تنقل الاسمنت متوقفة.. لا يسمح لها بالدخول وحينما يتجاوز السائق السير كان الشرطي او الحراس يكسرون لمبات الشاحنة ويعيدونها للوراء من جديد ..
لكن تذكرت مستدركاً ان السائق نزل لدقائق بعد ان استلم منا الوثائق وعاد ليواصل سيره .. قال هذا هو التدقيق الامني .. إذن هي سيطرة ديالى ـ بغداد .. تجاوزنا اول مشكلة .. قبل ان نصطدم بمشكلة اكبر غير متوقعة .. الجنسية ستنجز ..لكن الباسبورت لنم يمنح .. لأن الأحوال المدنية قديمة لا يعمل بها .. المطلوب العودة الى مركز قضاء الشيخان لتجديدها .. لم ندخل في جدال ..اكتفينا بما قرره الضابط ..بقينا ننتظر وثيقة الجنسية العراقية التي استلم ملفها الضابط المذكور وبدأ يستعجل في اتمامها .. وحال عودته حاملا بين يديه الملف من جديد اوضح انها كملت.. طلب مبلغاً كان متفقاً عليه مع صديقي الوسيط .. لكن تفرسي بها ووجود اخطاء فيها جعله ينكمش ويتردد.. قلت له.. اسم جدي حاجي وليس حاجر.. وثبتم الدين مسلم و لست مسلماً .. تلعثم واستلمها من جديد ليعود بها مصححة بعد دقائق .. وقبل ان نخرج قادنا لغرفة بعيداً عن الانظار.. خالية من الكامرات.. فيها رفوف كي يستلم المائة دولار المتفق عليها بدلاً من 300 دولار للباسبورت والجنسية ..
غادرنا الاعظمية محملين بأول وثيقة رسمية تعود لي تثبت عراقيتي .. لا اعرف كيف أصف حالي حينها.. لقد اختلط علي الفرح بالحزن.. فرح الحصول على أول وثيقة عراقية مغلفة بحزن رشوة فساد .. فساد لم نتمكن من تجاوزه.. جعلنا مع الوثيقة.. التي حصلنا عليها.. شئنا ام أبينا جزء من منظومة .. منظومة فساد تعم العراق .. تغلف مدنه من اقصاها لأقصاها .. يتطلب .. الخلاص منها.. زمناً .. صبراً .. خطة .. جهداً .. جيل غير ملوث.. كما تلوثت ايادينا بهذه الوثيقة الملوثة بالفساد..

صباح كنجي
منتصف آذار 2017



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ببلوغرافيا الدم الشيوعي 2
- رواية حب في ظلال طاووس ملك
- مسالك الإجرام في فقه الإسلام ..!
- عزف المرشاوي بالحروف في تقاسيم الوجع
- مسار الأدب والسياسة في ليلة الهدهد
- التواجد التاريخي للإيزيديين في سوريا
- تأملات.. في تشكيل الدولة الكردية المرتقبة
- مبادرة هامبورغ بين عمق المأساة وآفاق المستقبل
- تجريم التكفير ثانية.. حوار مع د. صادق البلادي
- تجريم التكفير .. تحدي لا بدّ من مواجهته!
- حكاية وليد في زمن الطاغية البليد!
- ببلوغرافيا الدم الشيوعي
- تصورات أولية لمستقبل سنجار وسهل نينوى ..
- تقديرات أولية لخسائر بحزاني وبعشيقة على يد الدواعش
- هل هناك من ضرورة لبقاء حزب للشيوعيين في العراق؟..(7)
- العراق استمرار الزلازل و المهازل
- أينَ الله يَا نادية؟!
- بول البعير في مسارح التحرير ! مشاهد سريالية مِنْ تراجيديا سن ...
- سردار المختار يلتحق بالأنصار
- الإصلاح .. أم تحديث الدولة و المجتمع ؟!!


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ- ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
- مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان ...
- ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
- روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد ...
- واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا ...
- المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم ...
- الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات ...
- روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
- العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المتحطمة في واشنطن وإر ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح كنجي - عن الرحلة الى الوطن