فاضل الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1436 - 2006 / 1 / 20 - 09:58
المحور:
كتابات ساخرة
قالت العرب قديماً "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" ويروي تاريخنا الطويل القديم والحديث أدلة كثيرة على تلك الحفر وال"مطبات" التي حفرناها ونحفرها سواء عن وعي وقصد أو عن غير قصد, لكن الحقيقة أننا نقع في تلك الحُفر, ولما كان حفر الحُفر يكلف وقتاً وجهداً وذكاءً وعلماً, فإن الخروج من الحُفر يكلف وقتاً أكثر وعلماً أكبر,
فكم من الخنادق حفرناها لمواجهة بعضنا, وكم مرة تخندقنا أمام بعضنا, وكم نصر حققناه على بعضنا, وكم نظرية أبدعناها لترويض بعضنا, وكم ضحية سقطت من أجل بعضنا.... وكم.. وكم.
باسم الله وكتاب الله, وباسم العروبة, وباسم الثورات الزائفة, وباسم القضية الكبرى... حفرنا المطبات الكبرى لبعضنا.
وكل منّا وله مطبته وجورته التي وقع فيها سواء تلك التي حفرها أو التي حُفرت له... حتى صار تاريخنا مليئ بالجور والحفر وصرنا أمة الحفر والحُفر!
ومنذ أكثر من نصف قرن صرنا نحفر لدول الغرب وشركات الغرب كي ينعموا من ثروات حفرنا النفطية وغيرها من الحُفر! كي نُنعم نحن من رضائهم إن حفرنا جيداً سواءً لهم أو لبعضنا, وسيّان بين حفرنا لبعضنا وحفرنا لهم!
وفي نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات من القرن الماضي قال أحد القادة العسكريين لإحدى الدول العربية الكثيرة "إننا كنّا على شفى حفرة ونتيجة لجهود وحكمة الزعماء السياسيين خطونا للأمام خطوتين على طريق البناء والازدهار",
ولما كان قائدنا العسكري هذا يعرف أن التقدم دائماً للأمام بغض النظر عمّا يوجد أمامنا فقد وقع مع زملائه في حفرة حفرها الآخرون له ولزملائه, وكانوا ضحية من ضحايا الحفر!
وكما يقول معلمي البناء والإعمار أن البناء يبدأ بالحفر, والحقيقة أننا الآن نبني أوطاناً لأننا نحفر!
حفرأ ميموناً ومجداً لحفارينا!
ملاحظة: يستثنى من عمليات الحفر السابقة الحفّارين السوريين الثوريين اليعربيين!!
فحفر مناضلي خدّام في الصحراء السورية, وحفر عنجر وتدمر من قبل ذوي النهي والأمر ما هو إلاّ صور من تلك الحفر التي قامت بها هذه وتلك الزمر, وشعب سوريا ينتظر الفرج من القدر, أو أن المعارضة السورية قادرة على إنهاء هذا الكابوس المرّ, وإحياء الأموات من القبر, لأن الوطن ما عاد ينتظر!
مع تحيات سوري من المهجر.
بودابست 19/يناير/2006 د. فاضل الخطيب
#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟