حسنين قيراط
الحوار المتمدن-العدد: 5460 - 2017 / 3 / 14 - 01:49
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقداعتَنَى الإسلام باليتيم عنايةً خاصَّة، وأَوْلاَه من الاهتِمام ما يكفل حقَّه في العيش الكريم، ويستَعِيضُ به عن فقدان سنَد الأبوَّة أو الأمومة وحنانها، حتى إنَّه أنزَل في شأنه سورةً كاملةً سمَّاها بعض العُلَماء: "سورة اليتيم"، "الماعون": ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ .
حالة الأيتام في هذا العصر الذي يضجُّ بالمشاكل والمشاغل، أنسَتِ الناس حقوق اليتيم خاصة الأب الذي يتوهم أن القيام بالأنفاق علي ابنه اليتيم هو أكمل الفروض ونسي ان ابنه في أمس الحاجة لحنان أم تعوضه عن حنان أمه التي فقدها وفقد معها معني الحنان والعطف والمحبة ....بل للأسف أن بعض الأباء يصابوا بداء الأنا ولا يفكرون إلا في أنفسهم وتتغلب عليه أهواءهم فتضيع منهم صفات الأبوة من رعاية وبحث عن ما يفيد الأبناء خاصة في تعويضهم عن أم تعوضهم عطف وحنان أمهم التي توفت وهم صغار .
"ومن العَوامِل الأساسيَّة في انحِراف الولد: مصيبة اليُتْمِ، التي تعتَرِي الصِّغار وهم في زهرة العمر، هذا اليتيم الذي ماتت أمه وهو صغيرٌ إذا لم يجد اليد الحانية التي تحنو إليه، والقلب الرحيم الذي يعطِف عليه ويعوضه عطف وحنان الأم ،- فلا شكَّ أن هذا اليتيم سيدرج نحو الانحراف، ويخطو شيئًا فشيئًا نحو التمرد ورفض اي يد تحاول ان تمده بالمساعدة....بل انه قد يكره كل من حوله وأولهم الأب الذي لم يعوضه بأم في سن مبكرة من اليتم .
وقوله - تعالى -: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) ....فكيف يكون الإصلاح سوي بالإنفاق علي اليتيم وتعويضه بأم في سن مبكرة فكلما كبر اليتيم كلما زاد رفضه لوجود أم بديلة ....
قَالَ الصَّغِيرُ وَدَمْعُهُ مِدْرَارُ
أُمَّاهُ أَشْعُرُ أَنَّنِي أَنْهَارُ
أُمَّاهُ أَيْنَ أَنتِ؟ فَمَا حَلَّتْ بِنَا
إِذْ كَانَ يَعْمُرُ بَيْتَنَا أَضْرَارُ
أُمَّاهُ أَيْنَ أَنتِ؟ فَمَا عَادَتْ لَنَا
مُذْ غَبتِ مَنْزِلَةٌ وَلاَ إِكْبَارُ
أُمَّاهُ أَيْنَ أنتِ ؟ وَأَيْنَ حَنَانُك؟
قَدْ كَانَ نَهْرًا دُونَهُ الْأَنْهَارُ
لاَ زِلْتُ أَذْكُرُ كَمْ حَبَوْتُ لِحِجْرِهِ
فَتَلَقَّفَتْنِ يَدَاكِ وَالْأَبْصَارُ
لِلَّهِ نَشْكُو مَا نُعَانِي إِنَّهُ
بَرٌّ رَحِيمٌ فَضْلُهُ مِدْرَارُ
#حسنين_قيراط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟