|
مراجعة سياسات الاخوان المسلمين في مصر
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5460 - 2017 / 3 / 14 - 01:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تكن علاقة الجيش المصري تاريخياً مع جماعة الاخوان المسلمين ، مستقرة ، منذ ظهور الفكرة وتبلورها وامتدادها في المجتمع المصري ، شهدت أحياناً ، استقرار ، وعلى الأغلب ، اضطرابات ، وقد تكون الجماعة على مدار السنوات الطويلة ، نجحت في استقطاب الكثير من الأعضاء واضافت إلى رصيدها جزء كبير من الانصار ، لكن ، هناك حقيقة ، لا يمكن الإغفال عنها ، هي ، انتخابات التى جاءت بالرئيس مرسي إلى سدة الحكم ، لم يكن الفارق بين مرشح النظام السابق ومرسي ، كبير ، رغم أن الفريق شفيق ، كان يمثل الطبقة التى انتفض الشعب من أجل خلعها ، وهذا الفارق الضئيل ، لم تأخذه جماعة الاخوان في الحسبان ، بل ، ذهبت في أنكار الحقائق ، إلى أبعد من ذلك ، حيث ، تصرفت مع القوى المتحالفة معها ، بطريقة الاقصاء والإبعاد ، الذي جعل هذه القوى لاحقاً ، الانقلاب عَلَيْها ، الآن ، كل شيء في مصر يتغير باستثناء مراوحة الاخوان المسلمين ، رئيس جديد ، ورائه الجيش وجهاز المخابرات العامة ، لا علاقة له ، تاريخياً ، مع أقطاب الفاسدين من الحكم السابق ، تبنى ، عملية إصلاح شاملة ، من يذهب إلى مصر يجد ، هناك ورشة عمل قائمة في جميع الاتجاهات ، أغلبها مشاريع قومية ، وهذا يشير ، بأن فترة حكم الرئيس السيسي ، الأولى ، يسعى فيها الرجل إلى نقل مصر بالاتجاه الإصلاح ما قبل النهوض ، الذي تبناه عبدالناصر في السنوات الأولى ، مع تعديل جوهري ، حيث، يطبق تجربة ارودغان الإصلاحية في الاقتصاد والصناعة، وايضاً ، السياسة ، يتَّبع أسلوب المهادنة ، وبالتالي ، ستقلل من فرص من يرغب في منافسته في الانتخابات القادمة ، حتى لو كان الاخوان المسلمين في إطار المنافسة .
الحقيقية الأهم ، بالرغم من ثقل وحضور جماعة الاخوان في الحياة المصرية ، وقد تكون استطاعت اختراق الجيش بحالات فرديّة ، لكنها ، عبر سنوات طويلة ، لم تتمكن من اختراقه على درجة من المستوى الذي يصل إلى انقلاب ، وهذا إن دل ، يدل على التقارب الفكري بين أعضاء الطبقة الحاكمة في الجيش والجماعة ، أي ، هذه الطبقة لا ترى أنها بعيدة عن الدين ، ولا تجد أن جماعة الاخوان ، أكثر منها التزاماً ، وكانت ، الطبقة الوسط ، التى جاء منها الرئيس السيسي وكثير من أعضاء مجلس الجيش ، غير راضين عن مسألتين ، التوريث والفساد ، الذي أوصل مصر إلى هذا الانحدار ، لهذا ، الإنجازات التى سيحققها نظام السيسي خلال الخمس سنوات القادمة ، ستحسم أي معركة مع المعارضة المدنية وتقلص مخاطر الجماعات المسلحة ، ولدينا في تجرية عبدالناصر ، عبرة ، لا بد من الاستفادة منها ، شهدت مصر نمواً لا مثيل له ، وكان النمو قريب للعدالة ، استفاد منه الشعب رغم هزيمة 1967 م ، التى كانت سببها ، إهمال ممن أوكلت له مهمة الجيش ، وبفضل النمو ، استطاع نظام عبدالناصر ، تحجيم الاخوان المسلمين ، رغم تنظيمهم والدعم الذي تلقوه من الملك فيصل والخليج عموماً ، لكنها جميعها باءت بالفشل .
يواجه الرئيس السيسي كما واجهها الرئيس مرسي ، ذات التحديات ، هناك حقبتين ، حقبة السادات وحقبة مبارك ، انتقلت مصر فيهما ، إلى تغير كامل ، على صعيدين ، الاقتصادي والسياسي ، انخفضت المساواة ، تدريجياً ، من جانب أخر ، إزدادت طبقة الاثرياء تضخماً ، وانخفضت الطبقة الوسطة ، بشكل هائل ومخيف ، تفاقمت نسبة البطالة وفقد الجنية قيمته الشرائية ، فأصبح الموظف العامل يساوي العاطل عن العمل ، وتعاظم عدد السكان ، دون أن تمتلك الحكومات التى تعاقبت على إدارة البلاد ، حلول أو خطط استيعابية ، فانتشرت العشوائيات وتحولت عاصمة مصر ومعظم المحافظات إلى تجمعات غير مؤهلة للسكن الآدمي ، في المقابل ، كانت مصر قد شهدت في حقبة عبدالناصر ، تراجع للاحزاب ، لكن ، الاتحادات الشعبية ، حلت مكانها ، على الأخص ، اتحاد العمال ، كان الجهة الاقوى تأثيراً ، والمدافع عن سياسات النمو والتطور ، تحول اتحاد العمال ، في حقبتين السادات ومبارك ، من قوة ، جدير في حماية وتأمين حقوق العمال إلى جهة سلبية ، غير قادر على مطالبة بحقوق العمال ، وتم استبدال الاتحادات ، بالقطاع الخاص ، الذي أصبح بديل يفرض سياساته على البلاد ، وقوة يتحكم بالحكومة ، من خلال ، الرشوة والتحالفات ، فأصبح اتحاد العمال ، بدل أن يناضل من أجل تحصيل حقوق العمال ، أصبح يدافع عن ما تبقى من وجوده .
هناك قاسمان مشتركان بين المصريين ، الأول ، أي مساس لدعم السلع ومشتقات البترول ، أو جميع أنواع الدعم ، الذي أسس له عبد الناصر وتعود عليه المواطن المصري ، يعرض الدولة وليس النظام فقط ، للسقوط ، والمسألة الثانية ، يعتبر ، بل بالأحرى ، يُؤْمِن الشعب ، بجميع مكوناته ، أن الخطر الحقيقي ، هي الولايات المحتدة وإسرائيل ، وهما اللتين تمثلان الخطر الحقيقي على مصر ، لكن ، هناك حقائق لا يمكن للمرء الإغفال عنها ، عمق مصر القومي بالاتجاهين ، الأفريقي وسيناء ، منابع النيل ، وسيناء تشكل 30 % من مياه الجمهورية ، وهذا ، يتطلب إلى تعقل وليس تصور ، وهنا التعقل يشير ، بأن الاخوان المسلمين ، ذاهبون ، بسبب الاقصاء والضغوط ، إلى ما ذهبت إليه المعارضة العراقية ، اليوم تركيا وقطر ، بديل لإيران ، بالطبع ، بموافقة الولايات المتحدة ، أصبحوا حواضن للإخوان ، وهذا الاحتضان له مقاصد ، أما الجانب الأخر من الحكاية ، هناك قوة غير مفهومة حتى الأن ، تسمى الجماعات المسلحة ، تستهدف الأقباط في مصر ، الهدف منها ، تحويل الأقباط إلى ما كان عليه شيعة العراق ، لكي يتحول المستهدف إلى طرف ، يشبه ما عليه اليوم شيعة العراق ، وهذا ، يتطلب شطب الصفوف الاولى بين الجهتين ، قيادات الاخوان والأقباط ، كي يتسنى للمخطط ، بالبدء والعمل .
لا بد للأطراف جميعها ، الاعتراف بالحقائق ، اليوم الرئيس السيسي ، يتحرك بشكل كبير باتجاه الإصلاح ، ويهادن سياسياً ، جميع الأطراف الخارجية ، اسرائيل وواشنطن ودول منابع النيل ، وهذا المسار ، سيحقق نهضة سيشعر فيها المواطن المصري ، قريباً ، أي يعني ، النيٍّل منه سياسياً ، بات صعب ، وطالما ، استمر بالتحرك بذات الوتيرة ، الأمور ستنعكس سلباً على الاخوان على الأخص ، والمعارضة بشكل أوسع ، الذي يضعهم بين أمرين ، المراوحة أو التعامل مع من يريد تخريب ومن ثمّ تقسيم مصر ، وهنا تقع المسؤولية على الجميع ، ليس فقط الاخوان ، بل ، النظام المصري أيضاً ، لا بد له ، أن يعي هذه المسألة ، وأيضاً ، على تركيا والسعودية ، عليهما مسؤولية ، من الضروري إيجاد حلول ، على الأقل ، من أجل تفادى سناريو العراق في مصر . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين الأدنى والأعظم ، حروب يقودها الإنسان ضد الحقيقة والمعرفة
-
التعليم والغذاء
-
إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى تكشف عن كسلها الذهني .
-
أشباه مانديلا وجيفارا
-
الشيخ كشك وعادل إمام
-
مقارنة بين مغنيات الماضي والحاضر
-
الصحفي والطوبرجي والمقاتل
-
أسباب تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم
-
القرن الأفريقي ، الصومال نموذج مبكّر ودائم التجدد .
-
الدولتين بين الاحتمال والمستحيل ، مخرجات مؤتمر فتح من السادس
...
-
مائة عام من الفشل والافشال ، جغرافيا مسموح استباحتها .
-
استبدال قطرة النفط بحبة الذرة ، انتقال من مرحلة الاستخراج وا
...
-
فرز محور الشر ، بين نوايا الأمريكية الحسنة والنوايا السيئة.
-
لبنان على حاله ، رئيس الجمهورية والحكومة ، خيبة اللبنانيين و
...
-
أمة المال والاقتصاد ، نقص في البشر وفائض في المال
-
عودة بوتين من برلين للثأر من واشنطن
-
مصير الرأسمالية والليبراليين مقابل اشباه الرأسمالية ومصائرهم
...
-
روسيا تقف على عتبة إعادة المشروع النهضوي ، دون بطاقة مرور .
-
ثنائية عرفات ودرويش
-
الدولة الوطنية ، أمام تحديات المشاريع الإقليمية والدولية
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|